موضوع مهم جداً ، ويراودنـي بين فينة وأخرى، خاصة عندمـا أرى مناظـر مهوّلة في الأماكـن العامة لأطفال أُنتزعـت منهم البراءة نزعاً ،
والأدهى والأمـر هو تعاون جهات مسؤولة كثيرة ترى وتعي ما تفعل ولكن لا تحرك ساكناً سوى أنها تشجع وتصفق لمزيد من التفاهات
التي بلا شك تشوّه الطفـولـة وتجعـل من لبنتها الأساسية هشّه وضعيفة جداً ...
إذا تطرقنا للمتهمين الحقيقين في جريمة تشويه الطفولة، فأنا أضع الأم في مقدمتهم، فأحرى بالأمهات أن يلتفتن لأبنائهن، فخروج
المرأة للعمل أو حتى جلوسها في البيت تتنقل من مركز تسوق إلى مركز تجميل آخر ، جعل من الطفل لعبة تلهو وتعبث بها أيدي
الغرباء الذين ما تورعـوا ولا اهتموا ببراءة الاطفال الذين بين أيديهم فلا هم تعبوا عليهم ولا هم يريدون منهم صلاحا وبراً في كبرهم!
لا أقول للمرأة لا تعملي ولا تخدمي وطنك، ولكن اعملي في حال كنتِ واثقة بأنك لن تقصري في حق أبنائك، فأنتِ المدرسة التي
يجب أن يتلقى أطفالك تعليمهم الأول منها، فكما قال الشاعر : الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ...
ألقي اتهامي الآخر للأب، الذي يرى هو الآخر ان مسؤوليته مقتصرة على توفير الراحة المادية لأطفاله، فهو يوفر لهم النقود ويشتري
لهم ما يريدون من مأكل وملبس ومسكن وانتهى! وكأنه يربي عجول وليست عقول كما يقولون !!
أين دور الآباء في تنشئة الأبناء على الأخلاق الاسلامية الطيبة ، وأين حق أبنائك عليك؟ هم يريدون من يحثهم على دينهم وأخلاقهم
ويعيهم بأمور أساسية يكونون بها أنفسهم، هم يريدون قدوة صالحة، فكيف لقدوتهم ان يصلي الفجر بعد شروق الشمس؟ أو أن يقضي
معظم أوقاته يلهو من مقهى إلى آخر؟! لكل أب أقول : أين أنت من قوله سبحانه وتعالى " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا " ؟!
في الحقيقة حتى وإن كان الأب مهتم بصلاته وبأخلاقه، إلا أن أطفاله يكبرون بدون أن يكون قد نبههم لأهمية الصلاة، فهو يقوم ويصلي
في المسجد ولكن لا يأمر أولاده بذلك، بحجة أنهم صغار !!!!
اتهامي الأخير يقع على عاتق الجهات المسؤولة، مثل وزارة التربية والتعليم التي تدخل إلى بعض مدارس البنات مثلا فتجد كثير من الطالبات
توجهن لتوجهات غريبة وصرعات شاذة، وعندما تريد أن تستفسر من بعض المعلمات عن دورهن في مواجهة هذه الافكار الغريبة تجدهن
بأنفسهن بحاجة لمن يقومهن ويعدل أسلوب تفكيرهن المراهق !!
فمن رأيي أن يتم تعزيز دور المعلمات وخاصة معلمات التربية الإسلامية، وعدم الاكتفاء بتدريس الدروس من الكتب، فالأطفال في المدارس بحاجة
لدروس في الأخلاق والقيم الحميدة ، بحاجة لمن يشجعهم على ذلك ويحثهم على ذلك باستمرار ، ولا ضرر من إقامة مسابقات يتنافس فيها الأطفال
في حفظ القرآن والحديث وفي تطبيق أخلاق وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بدلا من الإهتمام بالرقص والتجارة وما إلى ذلك من مسابقات
فائدتها دنيـويـة وتعتبر من سفاسف الأمور التي تشيع الفاحشة والفسق !
أيضاً لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية دور يجـب تفعيله ، فبـرأيي إقامة المحاضرات المستمرة في المساجد وحث الآباء على التواجد في هذه المحاضرات
مع أبنائهم له دور في التذكير والتوعية ، وأيضا إقامة محاضرات للأمهات تصحب فيها كل أم بناتها في مراكز التنمية الأسرية لها فائدة عظيمة تظهر مع الأيام
صلاح المجتمع يبدأ بصلاح الآباء والأمهات، الذين سيؤثرون بلا شك على أبنائهم وسيحدون من التشويه العظيم الذي يطالهم، ولكن من الذي أدرك
قول نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : (ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته ،
والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ،
ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) ؟!!
الموضوع طويل ومتشعـب ، أطرافه كثـر والضحـايـا هم مستقبـلنـا ، فوجـب علينـا جميعـا تسليط الضوء على الطفـولة !
أتمنى حقيقة أن أراهـا قضيـــــة وطنيـة يسعـى الجميع لإيجـاد حلول لهـا وتطبيق أساليـب فعـالة للحد من التشـويه المستمر ....
خنفـروش ....
أحيـيــك أخي على الاختيار الموفق والطرح المميـــز ...
دمـت بخيـــر وأعذرني على الإطالـة ....!
مواقع النشر (المفضلة)