<font color='#000000'>صمتك ( المتظاهر ) يذكرنا .... هُــنـا ....
فالصمت لا يتحمل .. والصورة .. تتكــلم وتقول:
شتان ما بيني وبينك يا رفيــقْ .!
ضدان نحن على المدى
في واحدٍ يتصارعانِ ،
وهذه رغباتك الدنيا تفرق بيننا ،
وتظل نفسُك دائماً ،
أمَّارةً بالسوء تتبعها إلى ما لا نهايةَ ،
أيها العبد الرقيــــقْ .!
ما زلتَ تحلم ،
أن تكون " الدونجوفاني " في زمانكِ ،
أن تمثل دور نجم الفيلم أو ،
شخصيةَ البطل العشيـــقْ .!
ما زلت تهوى عالم الأزياءِ ،
تلبس آخر الموضات في الدنيا ،
كأنك في مسابقةٍ ،
يفوز بكأسها الرجلُ الأنيـــــقْ .
ما زال وقتك ضائعاً وموزعاً ،
بين المسلسل والمباراة التي سيخوضها
أو خاضها ذاك الفريـــقْ .
ما زلتَ تزعجني برغبتك الشديدة والملحةِ ،
للقيام بكل شيء ليس من طبعي ،
ولا هو بالذي مثلي يليــــــقْ .
ما زلتَ أنت كما عهدتكَ ،
منذ أن ولدتك أمك لا ترى ،
من هذه الدنيا سوى لمعانها ،
وبريقها الفتان والمغري ،
ويفتنك البريـــــقْ
شتان ما بيني وبينك يا رفيـــقْ .!
في كل شيءٍ ، نحن مختلفان تقريباً
أرى ما لا تراه وقد ترى ما لا أراه أنا ،
وفيما بيننا وادٍ سحيـــقْ
هل يستوي من يطفئ النيرانَ عن بُعدٍ ،
ومن هو مكتوٍ بلهيبها ،
ومحاصرٌ وسط الحريـــقْ .!؟
هل يستوي من يلعب الشطرنجَ ،
فوق شواطئ البحر الجميلة والغريــقْ .؟
هل تلتقي المتوازياتُ ، ولو مددناها ،
بمنتصف الطريـــقْ .؟
كلاَّ .. !
ولا يتشابه الصقران هذا بيته قفصٌ ،
وذلك في السما حرٌ طليــــق .
شتان ما بيني وبينك يا رفيــقْ .!
فأنا هنا ..
ما زلتُ مسكوناً بروح الأمسِ ،
أبحث عن مكاني فوق سطح الأرضِ ،
فوق الشمسِ ,
ما زالت يد الماضي تسيِّرني ،
وتحكم كل أفعالي ،
وأقوالي ولو بالهمسِ ،
حتى ما أحب ولا أحبُّ ،
وما أطيق ولا أطيـــقْ .
ما زلت أذكر يوم مات أبي ،
على أيدي اليهودِ ،
وكيف عشت طفولتي ،
أيامَ كان الناس في فقرٍ ،
وفي عوزٍ وضيــــقْ .
ما زلت أذكر أنني
في ذات يومٍ جُبت قريتنا ،
لأبحث عن رغيفٍ زائدٍ ،
أو ما تيسَّر من دقيــــقْ .
ما زلت أذكر كم مشيتُ ، على شواطئ بحر غزةَ ،
حافيَ القدمينِ ، أنظر علَّ صياداً مضى مستعجلاً ،
ومخلفاً بعضاً من الأسماك آخذها لوالدتي ،
فتحضنني مربتة على كتفيَّ تعبيراً ، عن الشكر العمـقْ
ما زلت أذكر كل شيء جيداً
وأرى بعين الطفلِ مأساتي التي ،
قد لا يراها المجهر العصريُّ ،
بالشكل الدقيــقْ.
ما زلتُ مسكونا بروح الأمس ،
أكتب قصتي شعراً ،
كطفلٍ عاش عنف الاحتلالِ ،
وما كتبت قصيدةً متغزلاً
بعيون إمرأةٍ ،
ولا بقوامها الغض الرشيــقْ .
أواه .. يا شعبي العريـــقْ .!
لو كانت الأشعار تفعل فعلها في الأرضِ ،
كنتُ جعلتها ناراً على المحتلِّ ،
تأكله وتحرق جلدهُ ،
وتسومه سوء العذابِ ملوَّناً ،
وبه تحيـــــــقْ .
لو كانت الأشعار تفعل فعلها في الناسِ ،
كنتُ نثرتها ،
في الشارع العربي حتى يستفيــقْ .
شتان ما بيني وبينك يا رفيــقْ .!
في كل ثانية وكل دقيقةٍ ،
وطني معي ..!
ومع الزفير إذا زفرتُ ،
وإنْ شهقتُ مع الشهيــــقْ .
وطني .. هواياتي وأحلامي ،
وموضوع انفعالاتي ،
ومبعث فرحتي وتعاستي ،
وصديقيَ الغالي ،
وأكثر من صديــــقْ .
وطني هو الدنيا
ونافذتي على الأشياء من حولي ،
وسرُّ علاقتي بالكونِ ،
والزهرُ الذي منه الشذا الفواحُ ،
يعبق مالئاً قصبات صدري
والرحيـــــــقْ .
وطني .. هواىَ وأغنياتي الرائعاتُ ،
وما قرأت وما سأقرأُ ،
ما كتبت وما سأكتبه غداً ،
من أعذب الكلمات والشعر الرقيـــقْ
وطني هو البيت الذي ،
أهفو إلى أركانه ،
وأظل أدعو أن يطيل الله في عمري ،
وألقاه بخيرٍ ،
كي أصلي ركعتينِ على ثراهُ ،
مسبِّحاً ومكبِّراً ،
وكأنه " البيت العتيــــقْ " .!
وطني أمامي .. حيثما وليت وجهي دائماً ،
فانظرْ أمامكَ ..!
لن ترى إلا سراباً يا رفيــــــقْ .!
<span style='color:Red'>بـقـلـم: أحد شعراء دمعة فلسطين!</span></font>
مواقع النشر (المفضلة)