<font color='#000000'>كانت الزواحف هي الشكل الحيواني السائد لفترة بلغت ملايين السنين، وكانت الديناصورات هي قمة التطور في الزواحف، ولكنها اندثرت منذ 65 مليون سنة مع 70% من أنواع الكائنات. صخور العصر الطباشيري تحمل حفريات الديناصورات، والطبقة التي تعلوها تكاد تخلو من أي أحافير وتخلو تمامًا من حفريات الديناصورات، ثم تعود الحفريات في الظهور أعلى هاتين الطبقتين ولكنها حفريات أنواع مختلفة عاشت في عالم تسوده الثدييات والطيور. فما هو السبب وراء هذا الانقراض الهائل؟

هناك تفسيرات عديدة ترجِّح حدوث هذا الانقراض تدريجيًّا، مثل زيادة التخصص أو بسبب التنافس مع الثدييات، أو بسبب تغير الغطاء النباتي أو بسبب تغير المناخ، وهناك عدد من التفسيرات ترجح حدوث ذلك فجاءة؛ أي بسبب كارثة من الكوارث مثل الانقلاب المغناطيسي، أو مرور النظام الشمسي خلال سحابة من الغبار تبرد مناخ الأرض. وكل هذه التفسيرات لا تصمد أمام النقد، وظل هذا الانقراض لغزًا محيرًا حتى وقت قريب.

مفتاح اللغز

كان مجموعة من العلماء يجمعون العينات من أحد المناجم الإيطالية؛ لاختبار طرق جديدة في تقدير العناصر الثقيلة وأذهانهم خالية تمامًا من هذه القصة، لكنهم وجدوا بعض عينات الصلصال تحتوي على نسبة شاذة من عنصري الإيريديوم والأوزميوم، وكان مصدر هذا الصلصال هو الحد الفاصل بين طبقة أحجار العصر الطباشيري وطبقة الحقب الثالث (باليوسين).

هذان العنصران كثيفان جدًّا، ثقيلان جدًّا، نادران جدًّا، نبيلان من عائلة البلاتين. وهما غير شائعين في النظام الشمسي، وأكثر ندرة في قشرة الأرض والكواكب. عند البحث وجد أن هذه الطبقة الصلصالية موجودة في كافة أنحاء الأرض، وبها نفس الشذوذ المعدني، بل وجد أنها غنية بمختلف العناصر الثقيلة.

كيف يتكون ويتوزع هذان العنصران

المجموعة الشمسية تكثَّفت من سحابة غبار كانت ناتجة عن سوبرنوفا، وكانت هذه السحابة محتوية على نسبة من هذين العنصرين، وطبيعة عملية التكثيف أنها تركِّز العناصر الثقيلة في المركز المعدني المنصهر (لأنها تتم بالجاذبية)، وتبقى المواد الأخف في الخارج، وبذلك تتركز العناصر الثقيلة داخل لب الأرض مع الحديد والنيكل، وتكاد تخلو القشرة منها.

تفسير الشذوذ الصلصالي

لا يمكن تفسير ذلك بحدوث بركان هائل؛ لأن العنصرين موجودان في اللب وليس الوشاح، ولا يمكن لأي بركان مهما عظم أن ينثر مادته بهذه الكثافة على سطح الأرض جميعًا.

لا يمكن لمذنب أن ينقل مثل هذه الكمية للأرض؛ لأن هذه العناصر نادرة جدًّا فيه. ولا بد أن هذه العناصر قد وصلت الأرض مع نيزك قطره 10 - 11 كيلومترًا.

* لماذا تحتوي النيازك على نسبة عالية من العنصرين؟

لأن النيازك إما كواكب فقدت قشرتها؛ أي كتلة من الحديد والنيكل والعناصر الثقيلة التي تكثفت في اللب، وإما كتل صخرية فشلت في تكوين كوكب؛ وبالتالي فإن العناصر الثقيلة لم تتركز في اللب بل ظلت نسبتها مرتفعة في الكل.

موضع الاصطدام

وُجِد أن تركيز العنصرين في طبقة الصلصال حول الأرض تبلغ 20 ضعف التركيز العادي، ويزيد هذا التركيز كلما اتجهنا شمال الأطلنطي، حتى يصل إلى 160 ضعف التركيز العادي في الدانمارك؛ لهذا فمن المعتقد أن الاصطدام حدث في شمال الأطلنطي. وجدير بالذكر أن جزيرة أيسلندة جزيرة بركانية يحدد العلماء عمر صخورها بنحو 65 مليون سنة.

وصف الاصطدام

نيزك قطره 10 كيلومترات ستكون سرعته 20 كيلومترًا في الثانية، أي 60 ضعف سرعة الصوت (سرعة الرصاصة 1كم/ ث)؛ ليصل الأرض بعد ثانيتين. يسخن الكويكب لدرجة 18000 درجة مئوية؛ لذلك فإن البحر يغلي تحته بشدة قبل وصوله. الأثر المعاكس الذي يسببه الغلاف الجوى هو التسخين الشديد وبطء السرعة نوعًا قبل الاصطدام مع فقد كمية ضئيلة من كتلة الكويكب.

المفروض أن موجات الضغط تتحرك أمام الجسم، وتشق الماء قبل وصوله، ولكن هذا لن يحدث بسبب السرعة الجبَّارة التي تجعله يسبق موجات الانضغاط، فيستقبله الماء دون تحذير، ويكون الماء عندئذ كجسم صلب. إذا اصطدم الكويكب بالأرض الصلبة فإنه يترك حفرة عمقها 20 - 30 كيلومترًا، وقطرها 200 كيلومتر، ولكن ليس فيها من بقايا النيزك شيء، ومثل هذا التلاشي هو نفس مصيره إذا سقط في البحر.

الضغط والحرارة الناتجان عن تقابل الصخر بالماء يفككان الصخر والماء إلى مكوناته الذرية، وتؤين الذرات مكونة سحابة بلازمية (أنوية بدون إلكترونات). يتحول الصخر والماء إذن إلى كرة نار هائلة رهيبة الحرارة كثيفة للغاية، تندفع إلى أعلى لتعري المحيط بقطر 200كم. يرتد الماء في اندفاع جبار ليملأ الفراغ، وعند التقائه في المركز يرتفع على هيئة انبجاس هائل من البخار فائق السخونة.

كتلة الكويكب تبلغ 1000 بليون طن، وحجم المواد التي يقذف بها لأعلى تبلغ 60 ضعف هذه الكتلة، منها 60000 مليون طن على هيئة بلازما.

قوة الانفجار تعادل 100 مليون مليون طن من مادةTNT (14 صفر) أو 5000 مليون قنبلة ناجازاكي فجرت في مكان واحد، ورغم ذلك فلن يسبب تلفًا خطيرًا في تركيب كوكب الأرض، ولن يقلق مداره.

سُمك قاع المحيط 7 كيلومترات، والتصادم سيبخر 3 - 4 كيلومترات من صخور القاع؛ وهو ما يؤدي إلى انفجار بركاني هائل واندفاع مادة الوشاح؛ لتكون جزيرة أيسلندة، كذلك تثور كل البراكين على ظهر الأرض عدا البراكين التي خمدت منذ مئات السنين.

سيهتز العالم كله بالموجات الزلزالية، ثم يتبعها موجات الصدمة التي تحركت خلال الماء؛ ليصل بعدها صوت عصف الانفجار وصداه. أخيرًا تصل موجات المد لتسحق كل شيء، ثم يسود الظلام التام نتيجة انتشار غبار الانفجار.

سيحطم الانفجار شمال الأطلنطي من الناحية البيولوجية تمامًا، أما شرق أمريكا وغرب أوروبا فسيحدث تخريب هائل وتموت معظم الأحياء، ولكن لماذا تنقرض الكائنات في باقي أنحاء العالم؟&#33;

الظــلام

يسود الظلام 3 - 5 سنوات؛ بسبب الغبار العالق في الغلاف الجوي، ويتوقف التمثيل الضوئي وتموت النباتات بدءاً بالأصغر والأبسط، وهذا يفسِّر القضاء على النباتات الأكثر بدائية، وهي مستديمة الخضرة غير المكيفة لدورة سقوط الأوراق، أما المتساقطة الأوراق فإنها تنجو والحفريات تدل على ذلك.

يموت الفيتوبلانكتون البحري (كائنات دقيقة نباتية هي أساس السلسلة الغذائية في البحر)، فيختفي البلانكتون الحيواني؛ وهو ما يفسر الانقراض البحري. وانقراض نباتات اليابس كان أقل حدة من انقراض النباتات البحرية؛ وذلك لأن البذور المغلفة تكون مضادة للماء، وبعضها مضاد للحريق، وتكون مخبأة تحت الأرض، فيمكن أن تبقى حية بضع سنين؛ أي أن النبات يموت، ثم تنبت بذوره بعد بضع سنين، بينما تفشل النباتات البدائية.

اختفاء الكساء النباتي وموت الحيوانات الكبيرة

ماتت الحيوانات الصغيرة بأعداد هائلة، ولكن بقي منها بقية تكاثرت بعد ظهور النباتات ثانية؛ وذلك لأنها أقدر على أقلمة سلوكها، كما أنها تحتاج كميات غذاء أقل من الكبيرة، كما أنها تستطيع التغذية على الحشرات، يرقات، عذارى، ديدان التربة التي تزدهر بوجود بقايا النباتات والحيوانات الميتة.

الأمطار الحمضية

وهو تعبير ثبت خطؤه؛ لأن الملوثات ترسب مباشرة إلى الأرض، ولا تزيد حموضة الأمطار، أكاسيد النتروجين والكبريت… إلخ ترسب وتسبب حموضة التربة؛ وهو ما يغير الفلورا على مساحات شاسعة، فتتحول الأرض إلى صحراء قاحلة، حتى تستعيد حالتها أو تستعمرها أنواع محبة للحموضة.

تسمم البحار

لن يبقى شيء حيًّا في شمال الأطلنطي، كما تموت معظم الحيوانات في باقي البحار، وتنجرف الكثير من الجثث والنباتات البرية إلى البحر، فتقوم الكائنات الدقيقة بتحويلها إلى مواد أبسط، ولكن لن تكون هناك نباتات أو حيوانات تكمل الدورة، عملية التحلل تستهلك أكسجين؛ فتموت الكائنات التي تستهلك أكسجين نوعًا بعد نوع، وتساهم بقاياها في إثراء الغذاء، وكل ما سبق يحوِّل مياه البحار إلى حساء غذائي غني جدًّا بالمواد البسيطة. وهذا يؤدي إلى ازدهار الكائنات البلانكتونية التي تنتج سمومًا قوية، وبهذا تصبح معظم البحار سامة. كما هو ملاحظ في البرك العفنة.

التسمم بالكلور

الاصطدام سيدفع إلى الهواء 1000 بليون طن ماء تنحل إلى ذراتها، وذرات الكلور إما تتحد مع الصوديوم والأيدروجين وإما تبقى حرة ولو ظل 1% من الكلور في شكل غاز، فهذا يبلغ 200 مليون طن، وهذا يكفي لتعقيم مساحة هائلة من المحيط (4000 كم بعمق 5 كم). الوجود الدائم للميثان في الهواء سيضمن ألا يتحرك الكلور بعيدًا.

التسمم بالأوزميوم

هو عنصر خامل وغير مؤذٍ، ولكن إذا سخن في الهواء تأكسد إلى رابع أكسيد الأوزميوم الشديد السمية. المواد غير الأرضية غير صحية من نواحٍ عديدة، وهي بعكس القشرة الأرضية غنية بالزرنيخ، والرصاص، والسليثوم، والكلور، والباريوم، وكلها عناصر سامة انتشرت عقب الكارثة.

إن الحياة تجرعت (كوكتيلاً) من السموم، ولم تكن المعجزة في انقراض الأنواع، بل المعجزة في نجاة بعضها.

الاصطدام القادم

القمر وكواكب نظامنا الشمسي تحتفظ على سطحها بسجل لاصطدامات لا حصر لها، والأرض ليست أقل منها، ولكن الحفر تختفي بسبب عوامل التعرية التي تزيل الجبال. الثابت أن الاصطدامات في الأرض والنظام الشمسي كانت كثيرة جدًّا قبل 3.5 بليون سنة، ثم أصبح المعدل ثابتًا حتى الآن.

وُجِد أن الأرض يصطدم بها كويكب قطره :

- 30 كم كل 360 مليون سنة

- 10 كم كل 100 مليون سنة

- 4 كم كل 9 مليون سنة

إذا كان المصدر هو النظام الشمسي، فلا بد أن تنفد الكويكبات، كما أنه من الصعب جدًّا تصور أن يترك أحد الكويكبات مساره حول الشمس ويضرب عشوائيًّا. الحقيقة أن نظامنا الشمسي يدور حول مركز المجرة مخترقًا أذرعها، وقد درنا حتى الآن 25 دورة في 5 آلاف مليون سنة. من غير المستبعد أننا نلاقي على فترات منتظمة أحد الأذرع، وهو غني بهذه الكويكبات فتنجذب إلى الشمس وتوابعها؛ لهذا يجب إعادة النظر في مسألة بصمة السوبرنوفا؛ فقد يكون توزيع النظائر نمطيًّا في كل انفجارات السوبرنوفا؛ لأن القوانين التي تحكمها واحدة.

ومما يقلق العلماء احتمال اصطدام مشابه، ويدرسون إمكانية تفادي هذه الكارثة، ويقولون: إن علينا العمل على الاكتشاف المبكر للحدث قبل وقوعه، ثم تصويب صاروخ كبير ينفجر بالقرب من الكويكب القادم؛ وهو ما يحرفه عن مساره نحونا، أو ببناء مستوطنات تحت الأرض بها نظم حماية كافية، وكميات من الغذاء والماء تكفي بضع سنوات، مع أخذ تقاوي للنباتات والحيوانات النافعة معنا. فهل يجدينا ذلك نفعًا، أم أننا سنلقى مصير الديناصورات؟&#33;&#33;.




<span style='color:Blue'>منـــــــــــــ ـــقول</span> &nbsp;<img src="http://oasis.bindubai.com/emoticons/laugh.gif" border="0" valign="absmiddle" alt=':la:'></font>