<font color='#000000'>
<font face="ms sans serif" size=1>ارهاب الفضائيات العربية ؟؟؟</font>
<font class=bold face="ms sans serif,verdana, arial, helvetica" size=2><font face="simplified arabic"><font size=4><font color=black>ارهاب الفضائيات العربية ؟؟؟
لا نعتقد ان قرار مجلس الحكم الانتقالي في العراق منع قناتي الجزيرة و العربية الفضائيتين من تغطية انشطته الرسمية لمدة اسبوعين والتهديد باتخاذ اجراءات اخري اضافية اذا لم تلتزما بـ شروط العمل الاعلامي يشكلان البداية الديمقراطية التي وعد بها المجلس الشعب العراقي، عندما قدم نفسه كبديل عن الدكتاتورية، والنموذج المشرق للعراق الغربي والمنفتح علي الحريات الاعلامية والرأي الآخر.
فاذا كان المجلس الذي ما زال في مرحلة ما قبل التسنين ، ولم يتجاوز مدة الشهر في الحكم ، ويستخدم العصا الامريكية الغليظة لفرض شرعيته علي العرب والعالم والعراقيين قبل هذا وذاك، يبدأ عصره هذا بتكميم الافواه وممارسة اسوأ انواع الدكتاتورية في منع القنوات والوسائل الاعلامية من ممارسة الحد الادني من واجباتها المهنية في التغطية الصحافية، فكيف سيفعل هذا المجلس لو كان يحكم فعلا، ويتمتع بصلاحيات سيادية حقيقية؟
عراق الديكتاتورية فتح ابوابه لجميع القنوات الفضائية العربية والامريكية، وتواجد علي ارضه اكثر من مئتي صحافي ومراسل، ومعظم هؤلاء من الامريكيين والبريطانيين، رغم ان ظروف الحرب، ومواجهة العدوان الامريكي تعفيه من اي لوم لو اغلق ابوابه، وطرد جميع هؤلاء دفعة واحدة، فالنظام لم يقل في اي يوم من الايام انه ديمقراطي، واي اتهام جديد له بقمع الحريات، والتضييق علي رجال الاعلام لن يضيف جديدا الي سمعته السيئة في الغرب والشرق.
الدكتور احمد الجلبي رئيس المجلس، الذي عاش اكثر من اربعين عاما في الغرب، ويحرص علي تقديم نفسه كليبرالي، اعلن ان مجلسه سيغلق مكتبي القناتين في العراق كعقاب لهما علي التحريض الذي يمارسانه ضد الاحتلال الامريكي وافرازاته السياسية، وتأديب للقنوات الاخري التي يمكن ان تخرج عن الخط، ولكن يبدو ان الحاكم الفعلي الامريكي تدخل في اللحظة الاخيرة وخفف من القرار الفضيحة، وجعل العقوبة مقتصرة فقط علي تغطية اعمال مجلس الحكم وجلساته. فاعضاء المجلس الذين هلكونا بالتغني بالديمقراطية الغربية، وتعطش العراقيين لها، وكتبوا المعلقات في ادانة الديكتاتورية واعلام اللون الواحد، يتعجلون ازالة القناع عن وجههم الحقيقي، القناع الدكتاتوري القمعي، والرغبة الدفينة بالانتقام من كل ما هو عربي واسلامي.
القنوات الفضائية العربية المتهمة بالتحريض، وتواجه مقصلة المنع والطرد والاضطهاد، لم تفعل شيئا لم تفعله القنوات الغربية الاخري، ولم تتجاوز اي خطوط حمراء او صفراء. وكل ما فعلته انها حاولت نقل حقيقة ما يجري في العراق من مقاومة للاحتلال، وما يتمخض عنها من خسائر في صفوف القوات الامريكية الغازية.
وحتي في تغطياتها السياسية لم تبخل علي اعضاء المجلس بالمقابلات، وحرصت وتحرص دائما علي استضافة المسؤولين الامريكيين في برامجها السياسية، وبات السيد نبيل خوري ضيفا ثقيلا علي جميع المحطات، يقول كل ما يريده، دون مقاطعة، بل ان قناتي الجزيرة و العربية بالغتا في استرضاء المحتل الامريكي واتقاء شروره، عندما لم تتركا مؤتمراً صحافياً للرئيس بوش او السيدة كونداليزا رايس مستشارته للامن القومي، او كولن باول وزير خارجيته، او دونالد رامسفيلد وزير دفاعه، الا وعرضته علي الهواء مباشرة وبطريقة مملة، وغير مهنية، وكأنهم من رواد العرب واعلام المسلمين.
انه الارهاب في ابشع صوره، الارهاب الذي يتعرض له الاعلام والاعلاميون العرب، من الولايات المتحدة وحلفائها الطلائعيين الجدد، الذين من المفترض ان يؤسسوا النموذج الوردي الزاهي للديمقراطية والحريات التعبيرية في العراق والمنطقة باسرها.
مجلس الحكم المحلي العراقي يطبق حرفياً تهديدات بول ولفوفيتز، نائب وزير الدفاع الامريكي المعروف بحقده علي العرب والمسلمين، وخلفياته الاسرائيلية المتعصبة، ضد الاعلام العربي، فالرجل هاجم القنوات الفضائية و الجزيرة و العربية منها علي وجه الخصوص هجوماً وقحاً لانها تقدم جزءا من حقيقة ما يجري في العراق وارضه من عمليات عسكرية.
المطلوب من الاعلام العربي ان يزين وجه الاحتلال الظالم، ولا يتحدث عن مقاومة، بل عن ارهاب وتخريب، وان لا ينقل صور الدبابات والآليات العسكرية المحترقة، وان يعتبر مجلس الحكم المحلي هو الديمقراطية الحقة واعضاءه قمة النزاهة السياسية والمالية والاخلاقية والقرار المستقل، وبعد هذا ربما تتاح لهذا الاعلام فرصة في نيل الرضا الامريكي، والتشرف بتغطية المداولات الديمقراطية المبهرة لمجلس الحكم.
بالامس كان اعتقال الزميل تيسير علوني في اسبانيا، وامس الاول كان اغتيال الشهيد طارق ايوب، وقبلهما كان قصف مكتبي قناة الجزيرة في كابول وبغداد، ومحاصرة مكتب قناة ابو ظبي وحتي لا ننسي في هذه العجالة مازن دعنا مراسل رويترز العربي الذي اغتالته رصاصات القوات الامريكية بدم بارد قرب سجن ابو غريب.
واليوم يأتي الفرمان الجديد بمنع الفضائيات من تغطية اعمال مجلس الحكم، والتهديد بالمزيد. ولا نعرف ما الذي يخبئه لنا الغد في هذا الزمن الامريكي السعيد؟!
قرار مجلس الحكم بمنع قناتي الجزيرة و العربية من تغطية اعماله لمدة اسبوعين هو قمة الغباء الاعلامي، ويكشف عن جهل فاضح بابسط اصول العمل السياسي. فهذا المجلس الفاقد للشرعية هو في امس الحاجة الي الاعلام وليس العكس لتسويق بضاعته الاحتلالية الفاسدة للشعب العراقي والمجتمع الدولي، وهو بفعلته هذه كمن جدع انفه .
هنيئاً للعراق بهذه المجموعة السياسية المستنيرة، وقراراتها الديمقراطية الحكيمة. وهنيئاً للاحتلال وسلطته علي هذه الاختيارات الموفقة لرموز العراق في عهده الامريكي الجديد.
(((عبد الباري عطوان - القدس العربى )))
</font></font></font></font></p></font>
مواقع النشر (المفضلة)