حكايات الجن والعفاريت .. أو التخاريف ..
يتردد على لسان آباءنا وأجدادنا بأن مناطقنا القديمة ( الفرجان ) كانت سكنا للجن والعفاريت مسلمين ومارقين على السواء .. ولكن – والقول لهم – منذ أن تشعبت الكهرباء وتغلغلت في كل البيوت والأبنية التي هي بدورها كانت تعج بمعدن الحديد الذي شاع عنه بأنه منفر ومؤذي لهذه الأمة الغير مرئية بدأ ظهور وتجسد الجن بمختلف الصور المرئية لبني البشر شبه خرافة لا تصدق ( على الأقل بالنسبة لي ) ..
في يوم ما قبل وفاة جدتي ( رحمة الله عليها ) كنت أسألها عن أمر يحيرني كثيرا ، وهو أن كثيراً من الناس يتحدثون عن الجن ورؤيتهم لها بصور وأشكال مختلفة حتى بعد ظهور الكهربا والحديد في منطقتنا .. بينما أنا لم أشاهد طيلة حياتي ما هو مشابه لما يتحدثون عنه .. أجابتني حرفيا بعد أن قهقهت : (( يا وليدي انت نجمك ثجيل .. واللي نجمه ثجيل ما يشوف الجن )) .. حاولت أن أفهم فحوى ما تفوهت به .. ولكنها لم تعطني فرصة للفهم ، فقد غيرت مجرى الحديث عن الجن الى آخرٍ يحكي بطولات أبيها ( رحمة الله عليه ) وكيف أنه كان يحملها خلفه على ظهور الخيل وهو يحارب على تخوم البلد (( قلت لنفسي يبدو أن جدتي خرفت فعلا .. فهل أنا من سلالة الجوارح ولم يخبرني أحدٌ بالأمر )) .
الأمر المدهش حقا .. هو أنني بعد سنوات طويلة وبعد أن كبرت قرأت كتابا عن فيزياء الجسد وعلاقتها بالروح ( شيءُ من هذا القبيل ) .. وأدهشني حقا بأن هناك صلة فيزيائية ( حسبما يقول الكتاب ) ما بين الجسد والروح والتي هي تمثل الجانب الغير مرئي من المادة الخلقية وينضوي تحتها عالم الجن .. وأن كل انسان منا يحتوي جسده على طاقة كهربائية ( وهي حقيقة علمية ) يتفاوت مقدارها من شخصٍ لآخر .. بينما الجن عموما ( كأرواح ) تعد من المخلوقات ذات الطاقة الكهربائية العالية .. وبإيجاز ( حسب الكتاب ) فان كل إنسان تزيد طاقته الكهربائية عن المعدل الطبيعي تزيد فرصته في مشاهدة الجن والالتقاء بهم ..
إن ما يهمني في هذه الحكاية ليس بالضرورة صدق المعلومات التي يحكيها الكتاب .. انني مندهش فقط !! كيف عرفت جدتي بأن هناك تفاوت ما بين شخص وآخر من حيث رؤيته للجن على أساس خلقه التكويني الفيزيائي .. وما هي حكاية النجم الثقيل التي روتها لي ذات يوم .. أتراها كانت تقصد علم الفيزياء ؟! .. (( غريب !! .. ))
الشيء الآخر الذي لا يقل اثارةً لحيرتي هو أن الكتاب الذي قرأته كان مترجماً عن الإنجليزية .. والا لكان الأمر مفهوما على أن أحد كتابنا الشغوفين بالتقاط ( تخاريف الشواب ) قام بسرقة رواية جدتي وحرفها وزاد عليها بعض البهارات العلمية ونشرها في كتابه الذي لا يعترف بحقوق الملكية العلمية التي كانت قطعاً محفوظة لجدتي ( رحمها الله ) .
بالمناسبة نسيت أن أخبركم .. لجدتي ( رحمها الله ) حكايات مثيرة عن الجن والعفاريت قصتها عليَّ في حياتها .. سوف أحاول كتابتها إليكم في القريب بإذن الله .
مواقع النشر (المفضلة)