<font color='#000000'>درس أمريكي لنسائنا فقط...!!
أميمة أحمد الجلاهمة - أكاديمية سعودية ، جامعة الملك فيصل
يبدو أن المحبين لنا كثر، يا لحظنا العظيم، فها هي ابنة نائب الرئيس الأمريكي تشيني، تتحول بين ليلة وضحاها لمعلمة أولى، وكيف ذاك اسمعوا القصة من بداياتها.
نشرت منذ أيام بعض من صحفنا الوطنية عن مسؤول أمريكي، خبراً مفاده إن درسا أمريكياً سيعقد، ولا أعظم، درس لعظم أهميته أشرفت عليه ابنة نائب رئيس الولايات المتحدة المبجلة، بل تكفلت برعايته وزارة الخارجية الأمريكية... بل ورصدت لتنفيذه 52 مليون دولار فقط...!!
أما المحظوظات بدراسة هذه المادة، فلا يخرجن عن نساء من أربع عشرة دولة إسلامية وعربية هن، 4 من الجزائر، 5من مصر، سيدة واحدة من الأردن،4 من الكويت، 5 من لبنان، 5من المغرب، 3من سوريا، 4 من فلسطين، وسيدتان من سلطنة عمان، 3من الإمارات، 4 من اليمن، وسيدتان من السعودية، وواحدة من قطر، و3 من تونس، نساء مسلمات عربيات تم اختيارهن بعناية، ومن ثم توزيعهن بعناية فائقة لمجموعات صغيرة، ولا يخفى ما لهذا التقسيم من غاية.!!
ويمكن وبحسبة بسيطة إدراك أن دراسة كل واحدة من هؤلاء السيدات ستكلف خزينة الولايات المتحدة الأمريكية ما يزيد عن المليون دولار، أي ما يقارب أربعة ملايين ريال سعودي..!!
حقيقة، إنه مبلغ يتضاءل وسمو أهداف هذا الدرس المفخم، ثمنه يتضاءل تماما أمام عظم هدف الدولة الفاضلة التي ارتأت أخيراً لعب دور المصلح لنا كأمة إسلامية وعربية... ولو بالإكراه...!!
إصلاح من نوع آخر... ذاك الإصلاح الذي يسعون لتصديره إلينا، إصلاح لا يتوقف إلا ليسمع صدى صوته، وكل ما عداه في حكم النشاز لا قيم له، حتى لو كان صوتاً نابعاً من أمم لها من التاريخ، ولها من العراقة، ما ليس لدولة كانت لعهد قريب منفى للخارجين عن القانون...!!
أما مفردات المادة التي تم لها هذا الإعداد الهائل، وجندت لها أعلى مستويات الدولة، ليست علوم التقنية الحديثة ولا أسرار التكنولوجيا المطورة، ولا الطب... ولا علم الأحياء، ولا غير ذلك من العلوم التي اتهمتنا الولايات المتحدة الأمريكية في مناهجنا التعليمية إننا نغض الطرف عنها، ترجيحا منا لمفاهيمنا الإنسانية من دين ولغة، وما يتبعهما من نظم وتقاليد وعادات.
إن المادة المحظوظة بهذا التشريف هي مادة الديمقراطية والحرية بمفهومهما الأمريكي الحديث..هذه هي المادة ليس إلا...!!
لا شك أن مفردات مادتهم تلك - كما يظنون - أهم من ذلك كله، أهم من ديننا، وأهم من لغتنا، وأهم من نظمنا.. وتقاليدنا، بل أهم من التقنية الحديثة والعلوم الطبيعية التي طالبونا بالاهتمام بهما على حساب علومنا الإنسانية.
وحتى لا أطيل على القارئ الفاضل، أضع بين يديه ما قاله مسؤول أمريكي في شأن أهداف هذه المادة: ( إن الهدف من البرنامج إطلاع النساء العربيات على الدور الذي تقوم به المرأة الأمريكية في عملية الانتخابات على وجه التحديد سواء لجهة الترشيح للانتخابات، أو لجهة تنظيم الحملات الانتخابية وأدارتها، وخوضها كمرشحة،)..
كل هذه المبالغ.. وكل هذا الاهتمام ينصب على تثبيت مفاهيم إنسانية أمريكية للحياة وللنظم، مفاهيم تشابه في جوهرها لا في مضمونها مفاهيمنا الإنسانية الإسلامية العربية التي يطالبوننا بإلغاء تدريسها لأبنائنا.. ومحوها من ذاكرتنا وذاكرة أحفادنا..!!
ولـ(أليزابيث تشيني) وللقائمين على وزارة الخارجية الأمريكية أوجه حديثي، لعلكم تتسمون بقليل من الإنصاف الموضوعي، فتمكنوا المرأة العربية من النظر في الوضع المزري للمرأة الأمريكية، وضع لم تفلح معه شعاراتكم الرنانة.
ليتكم تضعونها أمام البؤس الذي تعيشه المرأة الأمريكية يوميا في بلادكم من انعدام الأمن والأمان..من هتك عرضها، وسفك دمها، وسرقة مالها، وإهدار كرامتها.
ليتكم تضعون أمام يد ابنتنا العربية إحصائيات أمريكية حكومية تتحدث بلغة الأرقام عن حالات الإجهاض التي تتعدى سنويا (13) ألف حالة تقريبا لفتيات دون الخامسة عشرة.
ليتكم تصرحون لها... إن الحالات المسجلة للإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة خلال عقد من الزمان بلغت أكثر من نصف مليون حالة تقريباً، وباء وجد أرضاً خصبة في بلادكم، فترعرع بحرية تامة.. وقتل الآلاف من شعبكم جراء الإصابة به.
ليتكم تعلنون لسيدتنا العربية أن حريتكم ما كانت لتجلب لكم السعادة والاستقرار فحالات الطلاق عندكم كما تقرر إحصائياتكم المعتمدة من قبل حكومتكم، تزيد كل عام عن نصف حالات الزواج.
ليتكم تعترفون أمامها أن الإباحية المفرطة والمقننة، لم تمنع جرائم الاغتصاب، وأن بلادكم تشهد كل 6 ثوان اغتصاب امرأة... ليتكم تضعون بين يديها سجلات إحصائية، لحالات انتحار النساء الأمريكيات والتي تتجاوز سنويا حوالي ثلاثين ألف حالة تقريبا.
ليتها تشاهد، الوافدة إليكم من بلادنا رأي العين حالات الاعتداء الجسدي والنفسي الذي يطبق على نسائكم يوميا، الإحصائيات تؤكد أن 6 ملايين سيدة أمريكية سنوياً يتعرضن لضرب مبرح من رجالكم... وأن قرابة نصف مليون امرأة يقتلن سنويا على أرض الحريات، أمريكا، وأن 85% من نسائكم العجائز بلا عائل ولا راع.
وأخيراً ليتكم تتحدثون أمامها عن نظرة القانون الأمريكي للنساء العاملات، ليتكم تصدقون القول، في أن الديمقراطية الأمريكية لم تتمكن إلى الآن من إنصافها في الأجر، فهي تعمل كالرجل وبنفس المؤهلات لتحصل في النهاية على أجر أقل بكثير مما يحصل عليه.. وضع لم نعهده كنساء سعوديات... وخليجيات وعربيات..
ولبلادي المملكة العربية السعودية.. ولمجلس التعاون الخليجي.. ولجامعة الدول العربية.. ولكل مؤسسة عربية ثقافية غيورة في وطننا العربي أقول: متى سنرى اهتماماً يقابل اهتمامهم ذاك..اهتماماً يهدف لتصحيح صور مجتمعنا المغيبة عن الآخر الذي أخذ يفسر الواقع كما يحلو له...؟؟
الفاروق الاعلام الاسلامي</font>
مواقع النشر (المفضلة)