أمة الله....يشرفني غاليتي أن تكون كلماتي وجه مقارنة سواء كنتم معها أو ضدها...

عزيزتي طفلة...أنا عكسك برغم شغفي بالأدب العربي...أحب الإطلاع بشكل كبير على الأدب الغربي...وها أنا أتوقف معك عند مي زيادة...فهي كما قلتِ حالة غريبة عاشت الحب على الورق....عاشت مي وماتت دون أن تتزوج‏..بالرغم
من طلب شخصيات لها مكانتها الفنية المرموقة لكنها لم تتزوج أحدا ممن تقدموا إليها‏,‏ ظلت حتي وفاتها دون زواج مكتفية بنوع غريب من الحب حب علي الورق بينها وبين جبران خليل جبران الرجل الوحيد الذي حقق المعادلة الصعبة‏..‏ استطاع جبران ان يحرك مشاعرها كامرأة‏,‏ بالروعة نفسها والعمق نفسه‏,‏ الذي حرك بهما عقلها المبدع‏,‏ وكانت الرسائل المتبادلة بين مي وجبران منذ عام‏1912‏ حتي عام‏1931‏ عام وفاة جبران هي وسيلة الالتقاء الوحيدة‏.

والمطلع علي تلك الرسائل‏,‏ يلمس مدي التوافق الفكري والوجداني نادر الحدوث‏,‏ فيدرك السر وراء هذا الحب المسافر دوما‏,‏ فالقدر لايحتمل قدرا أكبر من الالتقاء بينهما‏,‏ لا أحد يعرف ما الذي كان يمكن ان يحدث في العالم‏,‏ إلا أن التقي هذان الحبيبان المتوهجان حبا وابداعا‏,‏ اكتفت مي بسطور غائب‏,‏ عن الحضور المجسد لأي رجل آخر فضلت الوحدة مع الابداع وخطاب حبيب‏,‏ عن صحبة تنال من صدقها وسعادتها وابداعها‏.‏
وفي السنوات الأخيرة في حياة مي قدر لها ان تشهد موت كل احبائها في فترة لاتزيد علي الثلاث سنوات‏,‏ رحل أبوها الياس زيادة في‏24‏ أكتوبر عام‏1929,‏ رحل جبران في‏10‏ ابريل عام‏1931.‏
ثم رحيل أمها نزهة معمر في‏21‏ فبراير عام‏1932
ورحلت  في‏19‏ أكتوبر عام‏1941.