آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مـا أحلى طعـم المـوت

  1. #1
    عضو فعال الصورة الرمزية درة الشرق
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    306
    قوة التمثيل
    283
    <font color='#000000'><p align=center><img alt="" src="http://www.wadinet.com/forum/images/icons/a24.gif" border=0><font color=#0000ff><font face="arial black"> <font size=4>مـا أحلى طعـم المـوت قصة بقلم إسلام شمس الدين</font></font></font><font face=tahoma size=1 <font><font color=#0000ff size=4> </font></font></p>
    <p align=center><font face="arabic transparent, arabic transparent,arabic transparent" size=4>عقارب الساعة تكاد تتجاوز الثانية ظهراً . .
    يلملم ( عبد السلام ) حاجياته مسرعاً ؛ فلم يتبق على بدء حظر التجوال سوى ساعتين . .
    يجب أن يخرج من المكتب قبل أن تزدحم الشوارع بالعائدين إلى بيوتهم ؛ فمازال أمامه المرور على طفليه لإحضارهما من المدرسة ، ثم شراء مستلزمات البيت حتى الغد ، ثم السير لأكثر من عشرين دقيقة فالباص لا يمر إلا بالشوارع الرئيسة . . إنها معاناة كل يوم .
    يخرج ( عبد السلام ) من المكتب متعجلا ؛ يتجاهل حتى رد السلام ؛ فربما يجره رد السلام إلى ثرثرةٍ لا طائل منها سوى التأخير و إضاعة الوقت .
    - الحمد لله لم يتأخر الباص ؛ سأصل إلى المدرسة قبل خروج الأطفال .
    - ما شاء الله . . مقعدان خاليان بالباص . .
    أعتقد أن الجلوس بجوار هذا الصبي الصغير سيكون أفضل من الجلوس بجوار السيدة .
    تفحص ( عبد السلام ) الصبي سريعاً . . فلم ير إلا جسده النحيل ؛ إنه لا يتجاوز الخامسة عشرة ؛ ولكن لماذا يدور ببصره من خلال النافذة و كأنه يبحث عن شيء ما ؟ إنه حتى لا يشعر بوجودي . .
    بماذا يتمتم ؟ . . لعله يهمس لنفسه بكلمات إحدى تلك الأغنيات الغريبة التي يسمعها الصبية هذه الأيام . .
    أفضل شيء أن أحاول الاسترخاء قليلاً ، فمازال الطريق طويلاً ، وأنا أشعر اليوم بأنني منهكٌ تماماً .
    التفت الصبي إليه فجأة ، وكأنه يتساءل : منذ متى وأنت هنا . .
    بادله ( عبد السلام ) بنظرة ترحاب ؛ تجاهلها الصبي ؛ ليعود إلى النافذة
    - من الواضح أن هذا الصبي غريب الأطوار . .
    ربما يمر بأزمة عاطفية ؛ أو ربما هي أعراض الحب الأول . .
    و قبل أن يهمّ ( عبد السلام ) بالضحك في أعماقه . . التفت إليه الصبي فجأة . .
    - هل ذقت طعم الموت يا سيدي ؟
    - ماذا ؟ . . طعم ماذا ؟ . .
    قالها ( عبد السلام ) متعجباً فزعاً من هذا السؤال المفاجئ
    - الموت يا سيدي . .
    شعر ( عبد السلام ) بأن كلمة ( غريب الأطوار ) كانت مجحفة لشخصية هذا الصبي . . و لكن لا بأس ؛ فالحوار يقتل دقائق الانتظار للوصول إلى المدرسة . .
    - و ماذا يعرف صبيٌ في مثل عمرك عن الموت ؟
    - ليس أكثر مما تعرفه أنت يا سيدي . . و ليس أقل
    فماذا تعرف أنت عن الموت ؟
    - الموت يا بني . . الموت هو الموت
    - هل رأيت يا سيدي ؟ نحن لا نعرف شيئاً عن الموت ، فمن منا يستطيع أن يصف ملامح الموت ؟
    وكذلك الموت . . لا يعرفنا . . فهو لا يميز صغيرنا من كبيرنا ، ولا ضعيفنا من قويّنا ، ولا فقيرنا من غنيّنا .
    يا سيدي نحن و الموت كمسافرين في قطارين متعاكسين . . لا نلتقي إلا للحظاتٍ معدودة ؛ لا تكفي للتعارف.
    - صدقت يا بني ، ولكن من في مثل عمرك لا يتحدث عن الموت
    - ولماذا يا سيدي ؟ الموت سلعة بائرة لا يشتريها الكبار عندما يجب عليهم ذلك . . لذا يجدها الصغار في الأسواق بأرخص الأثمان .
    - ربما &#33; &#33;
    قالها مفضلاً قطع هذا الحوار السخيف ، و متعجباً من هذه الفلسفة الغريبة التي ورطته الصدفة في الإنصات إليها.
    أعاد الصبي النظر من النافذة ، ثم ما لبث أن التفت ثانيةً إلى ( عبد السلام ) . .
    - لم تجبني يا سيدي ؟
    - بماذا يا بني ؟
    - هل ذقت طعم الموت ؟
    - يا بني : الموتى فقط هم من يذوقون طعم الموت ، أما الأحياء فلا .
    - يا سيدي : الموتى لا يتذوقون . . إنهم موتى ؛ ألا تفهم ؟ إنهم موتى . .
    - يا بني : إذا كان الموتى لا يذوقوا طعم الموت ، فكيف تدّعي أن الأحياء يذوقونه ؟
    - لأن الأحياء هم من أنعم الله عليهم بالإدراك . . لذلك فهم يتذوقون
    - و لكن . . ألم تقل يا بني أننا لا نعرف شيئاً عن الموت ؟
    - صحيح يا سيدي . . و لكننا نستطيع أن نشم رائحته ؛ أن نذق طعمه
    - كيف ؛ و نحن لا نعرفه ؟
    - يا سيدي : عندما تخرج من بيتك كل صباحٍ تتلمّس الموت . . تذوق طعمه
    عندما تجوب الشوارع و الطرقات تفتش عن الموت . . تذوق طعمه
    عندما تطارده بجسدك الضعيف غير مبالٍ . . تذوق طعمه
    عندما تشعر به يفر من أمامك مذعوراً . . تذوق طعمه
    عندما تجده أجبن من أن يحصدك . . تذوق طعمه
    عندما تعود إلى دارك آخر النهار مهموماً لأنك لم تمسك بالموت . . تذوق طعمه
    يا سيدي . . عندما تخرج لسانك للموت . . تذوق طعم الموت

    نظر ( عبد السلام ) إلى الصبي مرتاباًً و قد سرت بأطرافه قشعريرة باردة . . ربما يكون به مس &#33;&#33;
    نفض الفكرة عن ذهنه سريعاً . . ربما الحديث عن الموت هو ما يفزعه ، ولم لا ؟ فالنفس البشرية تجزع من الموت . .
    و لكن ما بال هذا الصبي يتحدث عن الموت و كأنه صديقٌ حميم يعرفه جيداً ؟ هل يكون روحاً ؟&#33;&#33;
    ما هذا يا عبد السلام ؟ هل تفقدك عباراتٍ بلهاء يهذي بها صبيٌ مخبولٌ صوابك .

    تمنى ( عبد السلام ) لو يعاود الصبي حديثه ، فربما قطعت الكلمات هذا السيل من الأفكار البلهاء التي تحاصره . .
    و كأن الصبي يتعمد أن يدعه لأفكاره تعبث به . . مكتفياً بالنظر من خلال نافذته .
    حاول ( عبد السلام ) مجاذبة الصبي أطراف الحديث مرة أخرى
    - إلى أين أنت ذاهبٌ يا بني ؟
    - إلى داري
    - هل كنت في المدرسة ؟
    - لا
    - هل تعمل ؟
    - نظر إليه الصبي نظرات استهزاء ٍ . .
    أبي لا يجد عملاً . . و كذلك أخي الأكبر
    - إذن من أين قدمت ؟
    - من بيتي
    - ألم تقل منذ لحظات أنك في طريقك إلى بيتك ؟
    - لا يا سيدي . . و إنما قلت أنا في طريقي إلى داري
    - تراقصت الحيرة في عينيّ ( عبد السلام ) مغلفةً كلماته :
    قادمٌ من بيتك . . و في طريقك إلى دارك ؟
    - نعم يا سيدي . . قادمٌ من بيتي و في طريقي إلى داري . . ما الغريب في هذا ؟
    - لا شيء يا بني . . لا شيء

    شعر عبد السلام بالرغبة في النهوض سريعاً . . بالتأكيد هذا الصبي ليس طبيعياً . .
    تمنى لو يسرع هذا الباص قليلاً لينهي هذا العبث . . تمنى لو لم يستقل هذا الباص ؛ لم يره . .
    أحس بالندم لأنه لم يرد السلام على زميله أثناء خروجه . . ربما شغلهما الحديث حينها فيعمى عن رؤية هذا الباص اللعين .

    - و كأنما أدرك الصبي أنه قد نال من ( عبد السلام ) . . فتحركت ملامحه الجامدة ليمتلئ وجهه لأول مرة بابتسامة مودة :
    هل لديك أطفال يا سيدي ؟
    - نعم ؛ لدي ( نضال ) عمره ثماني سنوات ، و ( جهاد ) عمرها ست سنوات ، و ( صلاح الدين ) عمره ثلاث سنوات .
    - قَرَّ الله يهم عينك
    - و أدامك الله لأهلك سالماً يا بني
    - عندما يكبر أطفالك يا سيدي ؛ عندما ينضجون ؛ عندما يفهمون ؛ عندما يسألونك عن الموت . .
    قل لهم يا سيدي . .
    ما أحلى طعم الموت

    - لم يمهلني الوقت للتفكير في معنى كلماته ، فقد صرخ فجأة مستوقفاً السائق ، ونهض مهرولاً إلى الباب الأمامي حتى كاد أن يزيحني من مقعدي . .

    وقبل أن يهبط من الباص . . توقف فجأة وكأنه نسي شيئاً هاماً ، نظر إلى السيدة التي بجواري ؛ عانقها بعينيه ؛ قبّل يديها و سألها الدعاء . . أطالت النظر إليه و كأنها تحفر ملامحه في ذاكرتها ؛ احتضنته بعينيها ؛ خبأته في صدرها ؛ طبعت على خديه قبلة عميقة . .
    رسم على شفتيه ابتسامة راضية و هبط من الباص مسرعاً . .
    أخذ يعدو في الطريق كالصاروخ المنطلق يخترق الزحام . . لا أدري لماذا أو إلى أين ؟

    إنه فعلاً صبيٌ غريب . . حتى أفكاره و كلماته غريبة مثله .
    انطلق الباص . . نظرت إلى السيدة أفتش في ملامحها عن سر هذا الصبي . . لقد تصلبت ملامحها حتى بدت كالموتى . .

    لم تمر سوى لحظات . . حتى دوى صوت انفجارٍ هائل . . توقف الباص فجأة ، نهض كل من بداخله يتطلعون إلى الخلف . .
    لقد كانت سيارة عسكرية تحترق ككومة من القش . .
    قطع صمت الجميع زغرودة طويلة أطلقتها تلك السيدة . .

    لقد كانت أمه. . أبت إلا أن تصحبه إلى حفل عرسه .</font></p>
    <p align=center>
    <center><font face="ms sans serif" size=1>___

    اتمنى ان تعجبكم درة الشرق</font></center></font>

  2. #2
    عضو فعال الصورة الرمزية العامري
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    المشاركات
    315
    قوة التمثيل
    282
    <font color='#000000'>اختي الغاليه درة الشرق&nbsp; بارك الله فيك وتسلم ايدك&nbsp;</font>

  3. #3
    عضوية الماجستير الصورة الرمزية شماسي
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    2,477
    قوة التمثيل
    391
    <font color='#F660AB'><p align=center><font face="tahoma, arial, helvetica, sans-serif" color=#ff0066>تسلمييين ع المووضوع ..
    شماسي</font></p></font>
    ناضرني بطرف عينه وقال : ( لو تفارقنا أموت ) وافترقنا .. لا رسايل ولا صوت وكنت دايم اسأل .؟ ياترى وش صار فيه .؟! قالووا " مبسوط " وصار اجمل من أول ..ابتسمت ! وقلت هذا اللي ابيه ( لكن مدري ليه صدقته ) يوم قال : لو تفارقنا أمووت .!؟

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •