السلام عليكم



في سنة 1994 ..

لحظت في يوم ما ، تحركات غريبة في الحي السكني ، الذي كنت ألهو فيه ، و كانت تلك التحركات ، عبارة عن مجموعات متفرقة ، من المراهقين القاطنين في ذات الحي ، من بينهم من أعرفه ، أما الآخرون فقد كان لبعضهم ، ألقاب مقززة نفرتني منهم ، أو ألقاب مخيفة أخافتني منهم ، و قد اجتمعوا يحمل بعضهم ، أجهزة لاسلكية و كانوا يرددون "وينك ياللي تنادي ،، وينك ياللي تنادي" ، اقتربت يدفعني الفضول ، معلومة من هذا و ذاك ، لاستبين القصة و أهرول للسوق ، كي لا يفوتني الركب ، اشتريت الجهاز و كان بــ35 درهماً ... الــwalky talky


في عام 2008 ..

كنت أنتظر من موظف البنك ، أن ينهي اجراءات صرف الشيك على عجل ، كي لا أنال مخالفة مرورية ، بسبب عرقلة مركبتي للسير ، لوقوفها أمام الباب الرئيسي للبنك ، بطريقة خاطئة حتماً قد أخالف عليها ، فتبرعت تلك الموظفة الآسرة ، تعاطفاً مع استعجالي ، و تعاطفاً مع الموظف المرتبك ، كي تنهي اجراءات صرف الشيك ، استلمت المبلغ و هرولت لمركبتي .


في عام 2007 ..

كنت في ذات البنك مع والدتي ، و في هذه السابقة كانت والدتي ، صاحبة المعاملة و لست سوى مرافق ، و بما أن لكبار السن وضعهم الخاص ، فقد رفضت أن تنزل معي والدتي للبنك ، فدخلت في سلسلة ميسرة من الإجراءات ، كي أنوب عنها في التصرف ، تعاونت معي ذات الفتاة ، و أنهت الأمور بإجراءات مختصرة جداً ، فنالت مني تلك الآسرة جم مديح ، بكلمات منتقاة بعناية .


في عام 2006 ..

شرنا على الوالدة الكريمة ، أن تنقل ودائعها المالية ، لبنك أو مصرف آخر ، على إثر معاناة عانتها ، بسبب اجراءات البنك المعقدة ، استجابت لمشورتنا بايجاب ، و نقلنا الودائع لذات المصرف ، التي تعمل به الآسرة ، و كانت هي من فتح حساب الوالدة الجديد ، دردشة خفيفة منها مع والدتي ، و استفسارات استعباطية مني للآسرة ، حتى انتهينا من المهمة ، باركتها والدتي مودعة ، من ثم ودعتها شاكراً ..


في عام 2003 ..

عشت أزمة عائلية حادة ، كان الخلاف بها سيد الموقف ، بسبب تلك الأزمة ، قطعت جميع سبل التواصل معي ، انتقلت من منزل العائلة ، استبدلت خط الهاتف ، حتى أني على الفور ، غيرت لوحات مركبتي ، حولتها من إمارة لأخرى ، بطاقة الهاتف التي كنت استخدمها قبل الأزمة ، أنلتها لصديق كي يستخدمها ، بعد سنة و نصف من استخدامه لها ، و بعد انتهاء الأزمة ، و تحديداً في صيف 2004 ، هاتفني ليخبرني عن فتاة ، هاتفته مستفسرة عن صاحب الرقم ، حدث خلاف بينهما ، لا هو يريد أن يفصح عن هويته ، و أبت هي أن تصرح ، بهوية الشخص المطلوب ، أغلقت الهاتف مع اتفاق و موعد ، لاتصال آخر سأكون أنا به موجود ، لتتأكد من كوني نفس الشخص أم لا ، لم يأت ذاك الموعد .


في عام 2008 ..

في آخر هذا العام و تحديداً ، في شهر نوفمبر ، نقلت أموالي من البنك ، الذي أتعامل معه ، لذات البنك الذي أودعت فيه والدتي أموالها ، و لكن هذه المرة في فرع آخر ، بعيداً عن الآسرة ، و اخترت هذا الفرع ، بسبب موقعة الممتاز ، و لقربه من مواقع تنقلي صباحاً ، أما على استمارة فتح الحساب ، فسجلت بياناتي الخاصة بدقة و أمانة ، على غير عادتي في تعاملي مع البنوك ، و ذلك لأني قررت ، أن لا أنتقل لبنك آخر .


نعود لعام 1994 ..

بعد منتصف الليل ، على سطح المنزل ، .. "وينك ياللي تنادي" .. "وينك ياللي تنادي" ، خلت الموجة من المحادثات ، و اعيد و أكرر "وينك ياللي تنادي .. وينك ياللي تنادي" ، الوقت يمر و بدأ السأم ينال مني ، فقررت النزول لأنام ، أتت المحاولة الأخيرة ، قبل أن أغلق الجهاز بنتيجة ، "وياك ياللي تنادي .. وياك ياللي تنادي" ، صوت فتاة ، بعد أربع أشهر من المحادثات ، مع أصدقائي الفتية ، صوت فتاة ينادي و يلبي النداء ، كان من نوادر ذاك الزمن ، أن تنادي فتاة عبر الأجهزة اللاسلكية ...


هتلر .. كان لقبي

هتلر : هتلر ينادي .. منو وياي ؟
الفتاة : وياك حيزبونه
هتلر : كرر النداء غير واضح
الفتاة : حيزبونه تنادي حيزبونه تنادي وياك يا هتلر
هتلر : مرحبا حيزبونه .. من وين
حيزبونه : أكيد جريب

كانت حيزبونه حريصة جداً جداً جداً

صدق أو لا تصدق .. كانت هناك عبر الأثير علاقة .. بين مراهق و مراهقة تستخدم جهاز أخيها عندما ينساه في البيت ..

كنا نتحين الفرص و الأوقات المناسبة .. لتخلو الموجة من المتحادثين .. و لننفرد لوحدنا .. أسخف المواضيع كانت عناوين الأحاديث ، البراءة كانت المنوال ، و الأمل العشوائي كان المنتظر .

عرفتي هي من أكون جيداً ،، إبن من .. أين أقطن .. و كل شيء ما عدى أمر واحد .. و هو شــكــلي ..


في عام 2009 ..

و بأكمله .. قد نلت كفايتي ، من الإزعاجات المتتالية و المتلاحقة ، الآتية من هاتفي المحمول ، رسائل استفزازية يفيد صاحبها ، عن كونه ملم بأدق تفاصيل حياتي ، اتصالات و صمت من الطرف الآخر ، أرعد و أزبد و أهدد ، ما أن أتخذ اجراء تحري ، يتبين أن صاحب البطاقة آسيوي الجنسية ، ضقت ذرعاً ، بعد كل محاولات الاستهبال و الصبر و المماطلة ، و لم أجد أخيراً ، سوى أسلوب التجاهل ، الذي أتى بالنتيجة المتوقعة ، أن يفصح المزعج عن هويته .


نعود أيضاً لعام 1994 ..

في ذات الحي السكني ، كانت هناك ألقاب مخيفة ، لبعض الفتية لها على الصدر وقع مخيف ، و كان هناك من هبته لشهر ، و في هذا الشهر كنت أتمنى له الموت ، لم يأتني بضرر يذكر ، سوى أنه كان الفرد الوحيد ، الذي يبحث عن هوية حيزبونه ، بعد أن سمع نداءها صدفة ، و بعد توالي الأيام ، تبين أنه لا يشكل خطر لنملة ، مجرد لسان لا أكثر و لا أقل ، على العكس من ذلك ، كان في طيات تلك الروح ، إنسان طيب لكن للوقت مآخذه .


فلاش حوار من 2007 ..

كنت أحادث أحد أعضاء المنتدى هاتفياً ، كان يشكي مرارة ، وفاة شخص ما ، كان ذاك الشخص ذاته ، من كانت دعواتي عليه بالموت ، تنهال ليل و مساء ، خوف مني على حيزبونه .


منذ أيام ..


حادثتني الآسرة هاتفياً ..

و أول كلمة سمعتها بعد نطقي لـــ : ألوو ...

جيف حالك هتلر؟






كنت أبحث عنها في ذاكرتي .. و حين كنت أجدها كانت تتلاشى .. أما هي .. فوجدتني على أرض الواقع


ماذا يخبئ هذا الوقت؟






لا تسأل إذا كان فعلاً
واقع من حياة الكاتب

ليكن السؤال

ماذا سيحدث لك أنت غداً؟




اخوكم عايش