أرواح تصرخ في أجسادها
الثلاثاء 20-1-2009
صباح جميل بدأ مبكرا في أجندتي.. كنت قد قررت وأنا اتكاسل كعادتي الصباحية أن لا أذهب للمخيم باكرا وأقول لقائد فريق المصورين لدي بالأنابة بعد أن أتفقت معه في الليلة الماضية بأن يحضر لي كاميرا خاصة وأبدأ مشواري معه في أن أصبح " مصورة" من ضمن فريق التصوير الخاص بمجموعتي " الأعلام والثقافة" .. حدثت نفسي مرارا بهدا الخاطر فأذا بي أنساه في لحظة فكرت فيها أن المخيم أيام ولن يعود إلا بعد سنة وأن الباقي قليل ولليوم لم أعش حياة الصباح وطابوره ..!
نهضت بسرعة لألحق باليوم قبل أن يدركني .. كنت قد استعدت نشاطي بمجرد أن وضعت بطاقة المخيم وخرجت من الباب .. وصلت رغم كل الأزدحام الذي كنت أراه ورغم أحساس التوتر الصبحي حين ترى أن الخط الذي كنت تسلكه فجأة أصبح بطيئا ..كل الأمور صارت غريبة في هذا اليوم وحتى انطلاقته .. وصلت لأجد كاميرتي جاهزة وأرى نفسي "تلميذة" تستعد لتلقي دروس في التصوير.. كان الدرس بسيطا وكنت أحاول أن اتعلم واستمع "لأحمد" .. ولد المهيري.. شخص سمعت عنه منذ العام الماضي.. وكان من المفترض أن يكون ضمن فريق العمل ولكنه في لحظات تردد .. واليوم أراه امامي من جديد ولا أخفي نفسي سرا أني تخوفت من التزامه كوني لم أره إلا قبل الأفتتاح بيوم .. شخص متفان.. متواجد .. ملتزم بمواعيده .. ولا يرى إلا أن عمله يجب أن يتم في وقته .. كان استاذي اليوم وكم أسعدني أن أكون كذلك .. ففكرة التصوير كانت تجول في خاطري منذ زمن .. كنت أقول في داخلي.. ترى ماذا يرى المصور في المخيم كي يصور.. أو كيف تكون اللقطة التي نرتقبها نحن الجمهور؟؟ لم يكن الأمر بالسهل.. فليس القصد أن تحمل عدسات أو أن يكون في كبر الكاميرا التي تحملها .. بل في نظرتك حين تفكر فيهم وكيف تلتقط صورهم.. هم يحاولون أن يكونوا حولك .. يتجولون.. يتحركشون أحيانا بعدستك.. يشغلهم حب الفضول وتلك النظرة التي تسألك .. وتقول لك "أريد أن أرى".. ركبت الحافلة مرة أخرى وأنا أبحث عن "عامر" و " بدر" .. التقيت بهم .. يتجادلون معي في قضية "عمل المرأة وقيادتها السيارة " مرة أخرى لتختفي المفاهيم وتأتي مفاهيم جدد تقول لي " افعلي" .. أحسست أن الطفل يتأثر سريعا بمن حوله ويلين مهما قسى في البداية بالأرتباط وبالتحاور.. حين تقترب منه ومن عالمه وتصبح جزءا لا يفارقه .. اليوم أصبح عامر صديقي.. يفتقدني ويبحث عني ويحب أن يأتي معي في السيارة.. وجدته شخصا جميلا .. رقيقا.. ولا أنكر تلك النظرة التي رأيتها في عينيه حين خرج بالأمس حزينا .. أحسست أن القسوة وأن الرجولة الكبيرة فيه تبددت وأنه عاد طفلا يريد أن يبكي ويخلو بنفسه .. جميلة ابتسامته وجميلة تحرشاته ببدر .. واليوم وبعد أن أصبحوا مذيعي مخيم الأمل 19 .. تبدد الخلاف وأصبحوا من الأصدقاء.. يتجالسون .. ويحضنون بعضا.. نفوسهم جميلة .. أرواحهم صافية تصرخ بحب أن الحياة لا تحتاج لكل ذلك العناد .. فلايزيل المرء يخسر حتى ينتهي العمر ولا يدرك شيئا ..!
عدت لأصور.. في الحافلة في الصباح حين انطلقنا .. الكل تعب.. لا تفاعل ولا حركة .. ينامون .. بل ناموا .. وكانت أغلب اللقطات عندي وهم نائمون..من كان ينظر إلى الخارج عاد لينام .. من كان متفاعلا أصبح في دنيا الأموات .. تعب الجميع .. وتعب الأطفال.. ولربما تعب الكل لكنه مخيم الحب والأمل لا يهون علينا أن نترك التعب يغلبه .. في مخيم الأمل الكل أراوح عالية .. همتها سامية .. تعانق السماء وتتشابك مع الكل في ألفة.. كانت لقطاتي تحاول أن تقترب منهم أن تلامس مايفكرون به أو مايشعرون به وهم يمرون بكل تلك الممرات وكل تلك الشاشات التي تعرض الكثير الكثير من الحيوانات والنباتات.. لم تكن تبحث عن التألق أكثر من أن تسجل شعورا جميلا ينطلق منهم .. هم أصحاب كل الصور .. وهم كل الألوان الجميلة ..عدنا..!
عدنا للمخيم .. ليبدأ الكل يستعد لساعات المعسكر.. لورش العمل وأن أحززني أني لم أحضر إلا ختامه لأرتباطنا باجتماعات رسمية .. كنت أحس أن في أرض المخيم هناك أمور تجري جميلة .. تشابك جميل وأندماج أروع بين الكل .. بين مايحصل وبين مايكون .. لم أدرك سوى الأصوات وماسجلته عدسات المصورين.. رأيت بعد كل شيء أن اليوم أنتهى جميلا .. وأن ورش العمل جعلت الأطفال يتلاحمون فيما بينهم ويعرفون بعضهم .. تحسهم متلازمين ويعرفون اليوم بعضهم .. قد تكون أوراق.. وقد تكون أوراق .. لكنها في طيات الزمن قلوب التحمت وارتقت لتصبح روحا واحدا يتغنى بمخيم الأمل ..!
هل انتهى يومي هكذا؟ لم ينتهي.. انتهى حفل السمر .. وبدأت أشعر بالتعب .. حاولت أن أخرج سريعا وأن أعود لعلي أنام قليلا مبكرا.. لكن.. هناك دائما المفاجآت .. كنت أبحث وأبحث .. لم أجد مفتاحي.. الكل يغادر أرض المخيم ولا أزال هناك أبحث .. لا فائدة.. قررت العودة .. وكان الحل أخي عيسى بأن يصاحبني مع احدهم.. عدنا جميعا .. "عيسى .. يوسف وأنا" .. عدت للبيت مشوشة.. متوترة.. وقد نويت ألا أكتب فلا أدري ماذا سأكتب ولكني كتبت .. عدت للبيت وأنا أفكر بأن طفلا أردت أن أريه سيارتي ونسيت فضاع وقتي وضاع "مفتاحي" هو ينام الآن .. ولربما يبتسم كما يبتسم دوما .. ليحتفظ في داخله بأجمل ذكريات اليوم وكل يوم .. مخيم الأمل صباح أخر ينتظرنا وصباح سيكون جميلا بطابوره ونشاطه .. وغدا يتحرك فينا أحساس جديد..
كل يوم وأنتم تتعلمون في الأمل..
الأديبةالصغيرة
مريم البلوشي
21-1-2009
1:00 صباحا
أحمد" ولد المهيري" .. قائد فريق المصورين .. تحية شكر له ولكل من صور مخيم الأمل .. شكرا..
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_01232795595.jpg
تعب الليل .. نوم في الحافلة
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_11232795783.jpg
متحف حيوانات شبة الجزيرة العربية
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_01232795783.jpg
عامر .. صديقي.. مذيع تألق على المسرح مع بدر.. سنشتاق لهم ..
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_21232795783.jpg
ورش العمل
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_11232795595.jpg
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_21232795595.jpg
مواقع النشر (المفضلة)