السبت 17-1-2009
حين يلج المرء في أولى الساعات الصباح يحس أن المكان لايزال يعيش الكسل المبيوت في ليلة الأمس.. لازال العاملون يحملون كل الادوات والمعدات ويحاولون أن يتسارعوا لينهوا كم الأعمال المتبقية في جدول اليوم الطويل. . كان الحديث ذو شجون عن تلك الأيام الأولى لمشاركتي في المخيم وكيف أن السنوات تأتي ليهدأ في نفسي ذلك الوهج المتألق في روح المخيم .. كنا نحس أن الهدوء هذا غير طبيعي وأنه لايزال ينكر أعلاننا بأن المخيم بدأ وبدأت تظاهراته .. لايزال صمت النفوس يخيم ولا تسمع إلا لأمنيات بأن يتجمع المتطوعون بسرعة ليبدؤا كل أنواع الحياة والحركة في هذا المكان الذي لايزال يحتاج لصراخ ..!
كنت اتجول في محاولة لنسيان ذلك الهدوء .. لم يكن في خاطري سوى أن أنظر للسيارات القادمة وأرتقب وصول الأطفال .. كانت البوابة مرمى لعيني وكان الكل يرقب أن يمتلئ المكان بوجودكم لنسعد بهم فهم من لأجلهم نحن هنا..!
وفجأة ..!
تذكرت السنة الماضية بدخولهم .. سلمت عليهم .. كان وفدا من وفود سلطنة عمان التي نافست اليوم على كأس الخليج وأنا أرقب هؤلاء الأطفال الذين جاؤوا من هناك من ذلك المكان الذي تحدى الأعاصير وبنى كل ما خرب لأن نفوس أهله لا تعرف اليأس ولا ترضى بالأستسلام .. سارة طفلة مدت يدها لي قبل أن أمدها أنا .. بدأت تسألني عن حالي وأنا الحرية بالسؤال .. حجزت لها في ذاكرتي مكان كما فعل بشار (من الكويت) في السنة الماضية.. سارة ومن معها من أطفال صم .. جعلوا قلبي ينبض ليحس مرة أخرى بكل مشاعر الأمل.. وبأننا لانزال نحمل تلك المشاعر المغلفة بالشوق لهم .. أطفال يحملون كل ألوان الورد في بسمتهم .. وفي داخلنا يحتلون مكانا لا يقل عن من سبقهم .. هم من يلج إليك دون أن تشعر ولا أن تدري متى أحببتهم .. يتحدثون إليك ويحاولون أن لا يندمجوا إلا معك.. سارة وفريقها .. شعلة من النشاط والأنضباط فهم يسمعون كلام معلمتهم ولا يحاولون أن يتجاهلوها.. جلسوا ووقفوا وأنا أرقبهم.. صباح الخير ياسارة ..!
مضى اليوم وأنا أحاول أن أنظر من حولي لكل من يأتي ولكل من لم يأتي بعد.. كل المتطوعون وكل الوفود.. جميل أن يبدأ المخيم .. أن يدب فيه الحياة فنفوسنا عطشة لأن تعطي وتأخذ الكثير ولا نقولها إلا صدقا فهموم الحياة وضغوطه تنتهي هنا بين هذه النفوس وبين كل الأخلاص المتواجد خلف الكواليس وخلف الصمت المترسب في الذين يعملون في قمة النشاط وهم تعبون .. كانت السويعات التالية من النهار تمضي سراعا رغم غياب الكثيرين وبعدهم عن المكان فالكل ذهب ليشتري حاجة أو لأن ينهي مهمه .. كنت اجلس بين كل تلك الطاولات وكل تلك الأوراق المتناثرة أفكر في كل الأيام التي ستمضي سريعا دون أن أحس بها فهي كالأمس كالغد.. انتهي النهار وبدأ الليل يطرق بابه..بدأ الأزدحام في المخيم وياله من ازدحام جميل يعلمك أننا سننطلق..!
تجمع الكل واشتقت لأن أسمع الكل .. دخلت المطعم فأذا بي أرى من رأيتهم في الصباح .. يحادثني بلغته.. ويكلمني باشارته وأنا أحاول أن أفهم بلا جدوى فضعفي في كوني لا أمارس تلك اللغة فأنساها قبل أ ن أنهي تعلمها .. كان يسألني بعد أن أسعفتني زميلتي بالترجمة بأنه يقول لي " هل أنتي أيضا صماء" .. قلت له لأ.. أحببت تلك العفوية فيه وكيف أنه سألني ليحاورني وكيف أنه لايزال يتذكر وجهي .. نحن نرسم في ذاكرتهم صورنا وهم يختمون أوراقنا بالحب والبراءة .. سعيدة بمعرفتك وغدا سأحفظ أسمك..
جاءت ساعات الليل وجاء الأجتماع الأول .. رؤساء الوفود ورؤساء اللجان مع سمو الشيخة جميلة .. تلك الجلسة الحميمية الأولى التي تجمع الكل لأجل أن ينجح هذا العمل للكل .. تلك الكلمات وتلك التوجيهات من سموها لأجل أن يكون هذا الأمل ككل الأمل ولأن يكون في نفوس أهله تجربة تضامنية تعليمية يتبادل الكل فيها خبراته ويخرج من هنا يحمل في جعباته الكثير ليقوله عن هذا المكان ..! مكان ليس بجدرانه ولا بمبانيه بل بنفوس من سكنوا فيها وحلوا عليه أهلا لا ضيوفا..! في تلك الأحاديث لم ينسوا أطفال غزة .. أطفالنا الذين يقصفون ويستشهدون .. أطفال الحروب الذين يعيشون زمنا بعد أن ينتهي كل شيئ بألم الحرب .. نفسيا.. قبل المادة التي يسهل تعويضها.. لهم ومن قلب المخيم دعواتنا بأن ينتهي مايمرون به وأن يحفظهم الله .. تلك دعوة من قلوب لا تعرف إلا أن تتمسك بربها..!
ضيوفنا .. وضيوف مخيم الأمل .. سوريا.. جميل أن تحملوا كل ماعندكم من أصالة وتراث وتحلي بيننا ضيوفا .. بتجاربكم وبأطفالكم الأبطال.. هنا بيننا وبين من سيحب في الأيام القادمة أن يتعرف عليكم .. وقد بدأت أسمع حين سمعت "هذا بيتي" .. تجربة شدتني لأن أسمعها وأسمع كل معان السمو والحب فيها .. كلمات الدفء كانت تنطلق وتشجعني لأن أخاطب قلمي .. "حدثهم وأكتب لكل بيت أن في هذا العالم بيوت فتحت لغيرها .. بيوت أنتزعت كل أنواع الأنانية لتشارك غيرها سر هذا الحياة .." سنكون بينكم وسنكتب عنكم لأنكم اليوم أيضا في بيتكم ..
لكل من ينام الأن في أرض المخيم ولكل من هو باق ِ يسهر ويعمل أقول " مخيم الأمل بيــــــــتي" ...
الأديبةالصغيرة
مريم البلوشي
18-1-2009
1:12 صباحا
صور المخيم (اضغط على الرابط)
تجهيزات أرض المخيم.. الكل يعمل
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_01232551838.jpg
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_11232551838.jpg
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_21232551838.jpg
التجهيز لخيمة حفل الأفتتاح .. حفل السمر
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_01232791734.jpg
ا
لتجهيز للمعرض الخاص بالمشغولات اليدوية للأطفال من جميع الدول
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_11232791734.jpg
ولايخلو الأمر ففي يوم السبت 17-1 كانت المباراة الختامية لكأس الخليج
جوالةعمان ومتطوعون المخيم يتابعون المبارة النهائية ... (وتاركين شغل المخيم!)
ماعلي يستاهلون ..!
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_21232791734.jpg
مواقع النشر (المفضلة)