الأربعاء 21-1-2009
كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف..كنت أسأل نفسي هل هذا موعد الأستيقاظ؟ نعم هو فلا مجال للعودة والنوم مرة أخرى.. صباح بارد يتجمد فيه شعورك قبل أوصالك .. وصلت أرض المخيم الذي كان لايزال ينام .. ولا حراك فالجميع لايزال يتنازع مع التعب والأستعداد ليوم طويل.. وقفنا في البرد بين الوفود وبين المتطوعين الذين كانوا ضمن الحاضرين لطابور الصباح.. في حلقة دائرية الكل يحي العلم ويبتسم ليوم جديد في مخيم الأمل .. بدأ الأطفال بالانطلاق وبدأت تسري ذبذبات النشاط.. الحافلات فتحت أبوابها ورويدا رويدا بدأ تستقبل الأطفال.. كنت أصعد وأنزل وأفكر في أي حافلة سأصعد اليوم ليأتي القرار من "عامر" بأن يحلف علي أن أكون معهم وإلا " راح يزعل" .. حملنا أغراضنا وجلسنا .. كنت أوزع " خيوم وأمولة" الشخصيات الجديدة التي استحدثناها لمخيم الأمل 19 .. " خيوم من المخيم وأمولة من الأمل" .. في سلسلة تستمر خمسة أيام.. في كل يوم قصة وفكرة بأسلوب يتناسب قليلا مع الطفل.. قصة مصورة تشبه تلك التي كنا نقرأها في "مجلة ماجد" كان تجاوبا جميلا من الكل .. فالفكرة استشعرت من المخيم وللمخيم .. خيوم وأمولة معنا في كل يوم وفي كل حدث..
موكب المخيم انطلق .. وبدأ الأطفال يظهر عليهم التعب.. بدؤوا ينامون .. كانت اللقطات المتكررة للمصور في الحافلة هي صور النوم الكثيرة .. لا شعوريا تراهم ينامون .. متعبون ومرهقون وبعد أن ينطلق " فلاش" الكاميرا تجده يصحوا ليكتشف أن أحدا ما قد انتزع منه لقطة بريئة.. كنت أعتقد أن الرحلة ستكون جدا طويلة ومملة .. لكن الأختلاط بالأطفال والتحدث معهم يجعل الوقت يبدو قصيرا.. جلست مع المجموعة التي في الخلف.. مجموعة من الصم .. وفي الزاوية كان هناك طفل يبتسم لك دائما .. لم انتبه له من قبل بدأت اتحدث معه بلغة الأشارة الضعيفة لدي.. حاولت أن اتذكر ماتعلمته في يوم لعلي أستطيع أن اتجاوب معهم والحقيقة وكما يقول استاذ الأشارة نستطيع أن نوصل لهم مانريد وأن نخترع لغة خاصة بنا تتجاوب معهم " فقط كأساسيات" .. لكن أن تتعمق معهم فهذا يحتاج إلى تمرس ونحن وأن تعلمنا فأننا لا نمارس هذه الأشارات فيكون مصيرها النسيان وأن كنا نملك الشهادة بها ..
وصلنا بعد ساعتين أو ثلاث .. لم يكن الجو باردا معتدلا .. والشمس تبرز نفسها.. كانت الأستراحة في حديقة لا أذكر اسمها في مدينة خورفكان مقابل فندق" الأوشيانك" .. في جلسة سريعة وألعاب خفيفة انطلق الأطفال بعدها ومع موكب المخيم للفندق.. هناك حيث كنا ننتظر " مستر نك" .. حيث أننا أحببنا أن نجرب تجربة جديدة باستخدام الكراسي العائمة التي تساعد المعاق حركيا في الدخول للماء والأحساس به دون صعوبة .. كانت التجربة مختلفة لهم .. كنت أسألهم عن شعورهم فتقول لي هديل " أتمنى لو أبقي في الماء دائما" .. كنا نرى تجاوبهم مع الموج وتلك الأبتسامة البادية عليهم .. لم يكن الخوف ليعرف قلوبهم فهم أرواح .. أحببت البحر وصار الكرسي في بعض الأحيان حاجزا .. واليوم كرسي أخر أصبح وسيلة لدخولهم البحر .. "مسترنك" بريطاني الجنسية .. له طفل ذو اعاقة نادرة لا اعرف تفاصيلها ومن هذا المنطلق يقول بعمل أنشطة وبرامج توعية للمجتمع .. لا يتوانى عن المساهمة وقد كان متفاعلا ومندمجا مع الأطفال وهو يأخذهم على الشاطئ.. ذلك عمل تطوعي نشكره عليه..
أصبح اليوم ينتصف وبدأت لعبة الكراسي بين الوفود ورؤساء اللجان .. بدأت المقابلات مع الأطفال وكثير منهم يقول لك " أريد أن أسبح" .. هو في النهاية طفل يرى البحر والماء ويريد أن يتجاوب معه .. ولكن بعض القيود قد تحرمهم من أن يجربوا أو أن المشرفين لم يكونوا بالتجاوب المطلوب منهم في بعض الأوقات بحيث يفعلوا مايريده الطفل لا مايريدونه هم .. فلربما كان ذلك متعبا لهم لكنه يساوي الكثير لديه ..!
استمرت المقابلات وفجأة اجد نفسي أحمل "المايكروفون" الخاص بـ " ام تي في " وأقوم بعمل مقابلات سريعة وعفوية مع الجميع .. مع الجالسين.. مع الذين يلعبون . . ومع الكل .. كانت حركة سريعة أحسست فيها بالتغيير الكثير وبأن المذيع أيضا يحتاج أن يعيش معهم ليحادثهم ولايكتفي بالمقابلات الروتينية .. كان تجاوبهم جميلا معي كوني أخالطهم من أيام وكان " المايكروفون" يخطف كثيرا مني من الأطفال ليحاولوا التحدث به .. عفوية نفوسهم ومنطلقة ... يحاولون أن يجربوا ماهو جديد ونحن دورنا أن نعطيهم هذه الفرصة ليجربوا ولا نقف فقط عند ماهو متوفر بل يجب أن نتطلع لما يمكن أن يقوموا به هم .. أروا ح صغيرة منطلقة فلتصعد طموحاتنا نحن وبرامجنا لتعانق السماء..
عدنا.. وجلسنا .. والظلام بدأ يخيم علينا.. كنت أتوقع أن يعود الأطفال للنوم ولكن الوضع انقلب.. فأصبحنا نحن من يشعر بالتعب والأرهاق وهم أصبحوا من فئة " النشاط الزائد" .. يتحدثون .. يصرخون.. أحسست بالصداع والغثيان ولكن الأندماج معهم مرة ثانية كان هو الحل لتلك المشكلة .. كنت أنظر لهم وأفكر.. كم هم حساسون .. كم يملكون من مشاعر الحب ليعطوك الكثير.. كنت أمشي بين الكراسي في الحافلة .. فتضحك في وجهي فتاة من سوريا وتقول لي.. "أنا أحبك" في كلمة عفوية قالتها وطبعت قبلة على خدي جعلتني أنظر إليها وأقول " أنا ايضا أحبك" .. أطفالنا متى ما كنت معهم تتعلم لغتهم فأنك تعيش أجمل مشاعر.. مشاعر عطاء ودفء..
لكل من لم يزر أطفال الأمل هذه دعوة للعودة هنا اليوم وغدا وفي كل سنة..
اليوم طويل وسباق التحدي في الأنتظار.. !
صباح الخير جميعا
الأديبةالصغيرة
مريم البلوشي
22-1-2009
11:00 صباحا
الوصول للحديقة
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_21232797063.jpg
رحلة الخور واستخدام الكراسي العائمة .. تجربة لن تنسى الكل شارك فيها
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_01232797063.jpg
أطفالنا مرحون .. مشاغبون .. فئة الصم المرحين
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_01232797279.jpg
أم تي في عربية.. وثقة في الأطفال ومشاركتهم ..
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_11232797279.jpg
كم تسوى هالضحكة
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_21232797279.jpg
للحافلة أجواؤها الخاصة ..
http://www.almotmaiz.net/vb/upload/523_11232797063.jpg
مواقع النشر (المفضلة)