السلام عليكم
.
.
.
الأنوثة .. أمومة ..
فالفطرة هي الدافع الأساسي .. لغالبية تلك التصرفات ، التي ما أن نجهلها نحن الذكور ، حتى نصفها بالجنون أو المعقدة و لا يعبر هذا النعت ، إلا عن عجزنا ، عن تقصي لب الأنثى و أبعاد أنوثتها ..
.
الأنوثة .. حاجة ..
بل حاجات لا تنتهي و تفاصيل دقيقة جداً و معقدة ، تجتمع كلها ببعضها لتمثل لنا صورة ، من أنثى يصعب على الذكور عادة استيعابها ، أو فهم تصرفاتها و أبعاد حاجتها .
.
الأنوثة .. فن ..
الأنوثة تبقى مجرد أنوثة مجردة ، إذا لم تتدخل الأنثى بذاتها ، لتضيف على ذاتها طابع الأنوثة المرهف الحس ، (وأستأذنكم في مصطلح مختلق) طابع مُرمْـنـَس طابع يقول أن الفن ..... : أنثى .
.
.
.
.
يصعب على الذكور الشرقيين تناول و التطبع ، ببعض الممارسات الدخيلة على مجتمعنا الشرقي البحت ، الذي حاصر الذكر في دائرة الخشونة ، و طابع "سي السيد" ، و أرغمه على النظر للمرأة بعلو و أنفة ، منتهج بذلك موروث قبلي ، أدى في نهاية المطاف ، لخجل يصعب على الذكور التحرر منه ، و بالتالي أدى لحرمان الإناث ، من حاجات و حقوق بسيطة (كتقديس دورها و احترام أنوثتها) و إضعانهن لأمر مسلم ، و هو أن ذكر المجتمع الشرقي ، تقيد تصرفاته نظرة ذات المجتمع ، و تلك النظرة تجرح كبرياءه قبل مشاعره ، فيضحين بلا ضير من تجاهل حاجات بسيطة ، من أجل سلامة هذا المعقد الشرقي ..
.
.
.
.
... لابتسامتها .. تفتح كل الأبواب ... 1
.
من الفروض التي لا نستطيع الابتعاد عنها ، هي زيارة بيت عائلتي كل يوم جمعة كل اسبوع ، و بيت عائلتها كل اسبوع كل يوم خميس ، فتمر بعض الأسابيع ثقيلة ، بسبب بعض الأحداث و المواقف السلبية في تلك الزيارات ، و تمر أسابيع أخرى جميلة ، على إثر تلك اللقاءات و الزيارات الحميمة الودية ، و لكن لكل خميس و جمعة طعم خاص ، أحياناً مر و أحياناً حلو .
ففي إحدى تلك الأماسي ، في بيت عائلتي تحديداً ، كان الموضوع الأساسي (مدى تعلق الأزواج بطهي زوجاتهم) ، و بما أني كنت الذكر الوحيد ، بين أخواتي و أمي و خالتي و بنات أخواتي ، فكان علي التعليق على تلك الموضوعات المتناولة فكاهياً ، فكنت أضع تعليقاً هنا و هناك ، على هذه و تلك ، و حين وصل الأمر لأنثاي ، لم تسلم هذه الأخرى من تعليقاتي الساخرة ، فبكل عفوية قلت :
غالباً ما يدعي الرجال أن طهي زوجاتهم لذيذ
و دائماً غاليتي تصدقني
.
إحمر ذلك الأنف الجميل خجلاً ، من تتابع ضحكات قريباتي ، بسبب ما تفوهت به ، و رمقت نظرة عتب و توعد من أنثاي المعقدة ، كأني سمعتها تقول : حين نصل لمنزلنا ستكون لديك جلسة محاسبة على كل كلمة تفوهت بها ... و هل تستطيع هي أن تنبت ببنت شفة و أمي متواجدة !!
هممنا بالخروج عند انتهاء وقت الزيارة ، و لأننا كنا على وجه سفر في اليوم التالي ، فقد قررن كل النساء في ذلك التجمع ، أن يرافقننا للمركبة بما أنها مركونة في (حوي) المنزل .. و أنثاي المعقدة عابسة لا زالت ، بسبب ما قلت .. و هناك نحن نتثاقل في خطواتنا ، متجهين نحو المركبة كوداع ، و دعاء بالحفظ و السلامة ، لتفاجأ أنثاي أن باب المركبة قد فتح لها ، و هنا ذكرها يقف أمام الجميع ، ينتظرها لتجلس في مقعدها ، ليغلق الباب من بعدها ..
تطايرت الــ"واااااااو" من بعض أفواه بنات أخواتي ، و وقفن أخواتي مشدوهات من المشهد ،أما أنثاي فكاد وجهها ينتقل من الحمرة للزرقة من شدة إحراجها ، لكنها تداركت الموقف ، بأن تفاعلت مع الحدث ، كمن اعتاد عليه ، و جلست في مقعدها و لوحت لباقي الإناث بـــ بايات ، بعد أن أغلقت الباب من بعدها .
ظلت مبتسمة في الطريق حتى وصلنا لمنزلنا و قد غفرت لي سخريتي منها ذاك المساء .
.
.
.
.
... قد كانت اللعبة .. Hide and Seek ...
.
قد لا نكون في حاجة للتسوق ، لكن ما أن يمتلئ يومنا بالضير و الملل ، حتى نهرول لمطعم ما أو لسوق ما ، نبدد به ما يعتلينا من ضيق ، تعشق أنثاي بالذات IKEA و السبب في أن ذكرها يختلف هناك ، فيكون هو حراً من نظرة المجتمع ، و تعود هي طفلة ، فغالبية الرحلات لذلك المكان ، لم تكن بداعي الضرورة ، بل كانت لداعي تبديد الملل ، و إن أعجبنا شيء أو حاز شيء على إعجابها ، ابتعناه دون تردد .
فهناك أنثاي تمسك بيدي عنوة ، حين نمشي في تلك الممرات ، اترك يدها حين نقترب من أي جنسية عربية ، لتعاود هي و تمسكها من جديد حين نبتعد ، عن الأنظار المنتقدة شيئاً فشيئاً ، و هناك تبدو واضحة عقد أنثاي حين أنشغل عنها ، في بضاعة نالت على إعجابي ، ففيما أنا أدقق في تفاصيل البضاعة ، برشاقة تنتسل يدها من يدي و تختفي ، فحين أعود لها لا أجدها ، و أبقى أبحث في IKEA ذلك المكان العريض الطويل ، المعقد في ممراته ، و حين أهاتفها لا تجيب ، أبقى كالمجنون أبحث حتى أجدها ، تدعي إنشغالها ببضاعة أخرى نالت على إعجابها هي الأخرى ، فما أن أقترب منها أستغرب ، عدم مبالاتها بالأمر .. لماذا لا تجيب على الهاتف ؟ فيكون الرد تلقائياً "الهاتف على الصامت" و حين أعاود الإتصال لأتأكد .. يرن الهاتف بنغمة خصصتها لي فقط ..
.
Like a flower bending in the breeze
Bend with me, sway with ease
When we dance you have a way with me
Stay with me, sway with me
.
تنتشر ضحكتها المتقطعة الساخرة من حول علامات تعجبي التي انتشرت في حيزنا
تتركني هكذا و تنشغل بالبضاعة من جديد و يدها تبحث عن يدي عشوائياً دون أن تنظر لي أو ليدي لتمسك بها من جديد .
تمسكها من جديد مبتسمة و كأن خوفي عليها و المقلب سد لها حاجة ما .
.
.
.
.
... و يقول نزار قباني .. إني خيرتكِ فاختاري ...
.
يخنقني زحام المدينة (زحام الأماكن العامة ،، الأسواق ،، الحدائق ،، الطرق) و بالذات زحام الجمعية التعاونية ، ذلك المكان الذي يرتبط بالمعيشة ارتباط وثيق ، و كأن عقد القران ، عقد قران أبدي مع الجمعية التعاونية .
كل الأوقات في ذلك المكان زحام و تكاظ ، فالصباح يختصن به سيدات المنزل الكبيرات في السن ، و الظهيرة يمتلئ المكان بالجنسيات الوافدة ، أما العصر فعائلات و صغار يمارسون رياضة التزلج ، المساء من المغرب حتى بعد منتصف الليل ، تتحول الجمعية التعاونية لمقر عشاق و مطاردات .
استنفرت أنثاي في أول أيام زواجنا حين قلت لها حرفياً :
مشاوير الجمعية التعاونية لن تكون إلا قبل الفجر بساعتان
.
كيف و لماذا ،، استنكار و استغراب و تحقيق ، حتى بينت لها عن مدى كرهي للزحام ، و أن هذا الوقت الوحيد الذي تخلو فيه الجمعية التعاونية من المتبضعين ، فما كان قرارها بعد هذه المناورة الكلامية ، إلا أن المشوار هذا ستكون رفيق نفسك فيه و لن أذهب معك .. ابتسمت في داخلي .
.
مرت الأيام و لم نكمل الثمانية أشهر ، مذ تلك القرارات ، حتى قررت في ليلة ما أن تذهب معي فجراً ، لمشوار الجمعية التعاونية ، و هناك كانت الكارثة غير المتوقعة قد حدثت .
ففي ذلك اليوم ، فقط في ذلك اليوم ، الأمر الذي لم يتكرر سوى نادراً جداً جداً حدث .. فما أن ولجنا من باب الجميعة التعاونية ، حتى تفاجأنا بقهقات فتيات شابات ، قد أخذن حريتهن الكاملة ، بما أن المكان قد خلي ، إلا من الموظفين و العمال ، فرمقتني أنثاي بتلك النظرة ، التي كأنها تتهمني ، بأني أختار هذا الوقت بسبب الذي يجري الآن أمامنا ، من مشهد قد يقلق كل أنثى ، تجاهلت نظرتها و راعيت بذلك ، أنها لم تعرفني بعد حق المعرفة ، بما أننا لا زلنا حديثي زواج ، و المضحك في الأمر أنها أدارت التسوق بنفسها (تعال هنا لا تذهب هناك) و بقت عاقدة حواجبها طول الوقت ، و تنظر للفتيات باشمئزاز ، و حين تمر إحداهن تنظر لي لتتأكد ، إذا ما كنت سأنظر لها أم لا ، و بقيت هكذا كحارس شخصي يريد أن يبعدني عن الأخطار المحيطة (كنت مستمتع جداً) فشكلها كان جداً جداً مضحك و هناك إنفجرت ضحكاً و لم أتمالك نفسي ، حين فرصت بأصابعها خاصرتي قائلة : أما استطعت ارتداء غير هذه الملابس المخلة بالحشمة ..
ما انتبهت لملابسي إلا حين لِحن في الأجواء إناث أخريات .. !!
.
.
.
.
... لابتسامتها .. تفتح كل الأبواب ... 2
.
شيئاً فشيئاً رأيتني أعتاد ، على فتح باب المركبة لأنثاي ، ففي مواقف المركبات تبقى أعين النساء تراقب ، تفاصيل هذا المشهد حتى ينتهي ، و عند أبواب المحلات في مولات التسوق ، يلتفت المارة لهذا المشهد ، شيئاً فشيئاً اعتادت أنثاي عالأمر ، فلم تعد تحمر خجلاً ، بل كانت تنتظرني حتى أفتح كل باب تواجهه ، هكذا بقينا لعام و نصف ، عند كل باب كنت أشعر بحمل ثقيل يسقط مني ، كأني أتحرر من شيء ما ، ذات يوم في أحد الأسواق صادف أن إلتقينا بامرأة مع أبنائها ، في أكثر من محل ، كنا نلاحظ توترها حين نتقابل معها أو ترانا ، كان الأبناء متذمرين من عصبيتها الزائدة و حين هممنا للخروج من المول ، صادف أيضاً أن مركبتنا بقرب مركبتها ، فما أن رأتني أفتح باب المركبة لأنثاي ، حتى لطمت رأس صغيرها تنهره لتأخره في اللحاق بها ، و حين مرت بجانب أنثاي قالت لها : محظووووظة .
ظلت أنثاي تبكي في مشوار عودتنا بحرقة .. و قالت : افتح لي باب قلبك و اترك عنك باقي الأبواب .
.
.
.
.
... أرجووووك .. Sway with me ...
.
لأن الزمن يختلف .. لأني رجل شرقي .. لأن عالمنا يختلف .. لأنكِ أنثى مختلفة .. لأن كل عادة دخيلة مستغربة .. و لأن كل شيء طعمه أحلى معكِ و مختلف .. أرجوكِ إعفيني من هذه .. كل أمر .. كل شيء .. إلا هذه .. أحتاج أن أولد من جديد .. لأقواها .. لأتقنها .. لأشعر بها ...
ظلت في تلك الليلة مادة يداها تدعوني لرقصة غربية كلاسيكية
بعد أن أطفأت الأنوار إلا الخفيفة منها
بعد أن أشعلت بعض الشموع
بعد أن أزاحت بعض الأثاث
بعد أن عم الأجواء أغنيتها المفضلة
Sway
بقيت هكذا تدعوني مادة يداها
طال الوقت
و أنا بين
أنهض
لن أنهض
أنهض
لن أنهض
أنهض
لن أنهض
أ
لـ
.
.
.
.
.
أترككم مع الأغنية المفضلة لأنثاي المعقدة
[rams]http://www.geocities.com/aayesh_wa7at/sway2.mp3[/rams]
.
كنتم مع الحلقة التاسعة من سلسلة ابتسامات
اخوكم عايش
مواقع النشر (المفضلة)