السـلام علـيكم ..

.

كان يوم روتيني جداً يشبه ما سبقه من الأيام، ولكن الخبر الذي وصلني جعل هذا اليوم محفوراً بتفاصيله في ذاكرتي..توجهت إلى المكتبة بعد انتهاء محاضراتي ومكثت هناك حتى أذان المغرب وبعد الصلاة انتظرت أختي كي تصطحبني إلى المنزل، وبينما أنا أقلب الصفحات في محاولة لاستغلال وقت الانتظار في شيء مفيد إذا بهاتفي يرن، أجبت وكان أبي قد اتصل يبلغني أنه سيأتي لاصطحابي.. استغربت.. !؛ فقد اعتدت أن تصطحبني أختي في هذا الوقت..فسألته عنها وقال إنها ذهبت لتؤدي واجب العزاء .. ارتعبت و سارعت بسؤاله بخوف جعلني أتمنى أن لا يكون قد أصاب أحبائي مكروه " منو اللي اتوفى؟!" قال : "صديقتها فلانة! "كانت الصدمة كبيرة .. رددت مستهجنة ما أسمع "أمس كانت عندها ..مافيها شي!"، لا أعرف كيف أنهيت المكالمة بعدها وتوجهت إلى المنزل لأجد أختي التي اعتدت على ابتسامتها أن تسبق كل أحاديثها عن تفاصيل يومها.. وجدتها صامتة بحزن عميقٍ تخبئه في عينيها ، تريد اليوم من عبراتها أن تتولى مهمة الحديث عن تفاصيل حزنها! وأن تكتفي هي بالصمت..

اليوم أختي فقدت الصديقة و الأخت والأم التي لم يخلو حديث من أحاديثنا من ذكرها، وعلى الرغم من أن صداقتهما دامت 4 أشهر إلا أن قوة هذه الصداقة كانت أكبر من عمرها .. كانت شيئاً مختلفاً...تقول أختي،أن اللقاء الأخير الذي جمعهما كان في الليلة التي سبقت رحيلها، حيث أنها أجرت اتصالاً سريعاً لثلاثة من أصدقائها و رتبت موعداً للعشاء معهن في المطعم الفلاني..لم تكن تعلم أنه العشاء الأخير!.. تخلل هذا العشاء الكثير من الأحاديث والأماني إلى أن جاء موعد الرحيل.. تقول أختي أن نظراتها في ذاك المساء مازالت تلازمها في أحلامها.. كانت عميقة جداً و متعبة..!
هذا الموقف ترك بصمة في حياة أختي ..
هذه الفاجعة خلقت من أختي إنسانة أخرى،أكثر إدراكاً و وعياً بأن الأشياء لا تبقى وإن طال مكوثها، وأن زائرنا الأخير ..الموت..لابد وأن يطرق الأبواب يوماً ليسلب منا حياتنا وكل ما نحب..

نظرتي للموت تغيرت بعد هذا الموقف ..
.
.