يرجى إغلاق الهواتف المتحركه
كثيرا منّا من يتفادى الدخول إلى المستشفيـات وأنا أحدهم ، فهو يصيبوني بالوهن فقط عند تجاوزي لبابه الرئيسي ، ولكـن شاءت الاقـدار
أن أمضي إليه ولا علم لي بخفاياه . ترجلت عن العربة وأمسكت بيد صغيري جيدا لأتجاوز الشارع متجهة ً إلى البوابة الرئيسة و تبعتهم لأني غالبـا
ما أفقد نفسي في تلك المستشفيات فتبدأ رحلة البحث عني بدلا من زيارة أحدهم فعلقت ناظري عليهم حتى لا أفقدهم . بعد مضي أقل من دقيقتين
من المشي السريع ، بدأت خطواتي بالتباطئ عند وصولي لـ باب كتب عليه ( يرجى إغلاق الهواتف المتحركة) ، لا أعلم لما أفزعتني تلك العبـارة
ولما أمعنت النظر فيها كثيرا ، ربما هي أشاره لما أعظم .... دفعته بقوة أنثى خايفة بالكاد قدميها قادرة على حملها ، بدأ قلبي بالخفقان سريعا ،
كأنه أحس بشي . تلا ذلك الباب ممر ضيّق إكتظ بالنساء والرجال ،أبعدت غطائي عن وجهي لأرى بوضوح من هم ، ولكن لم أرى سوى عبارة ( العناية المركزة )
بحثت عن أقرب مقعد وجلست عليه وسحبت صغيري إلى حضني ، ليخفي رعشة يدي . إنتظرت تقلص الازدحام في تلك الغرفة ، ثم نودِي َ بإسمي ،
تمنيت حينها بأن أملك إسما غير أسمي حتى لا أكون المعنية بالحضور ، طلبت من إحداهن الامسـاك بـ رجلي الصغير حتى عودتي . تقدمت بخطوات ثقيلة ،
مبعدة عيني عن ما لم تعتد عليه ، ولكني رأيته بين تلك الاجهزة ، كالنار الخامدة ، تقدمت نحوه لأطبع على جبينه قبله إستمرت لثوان ٍ قلائل ومن بعدها
تراجعت للوراء لأمعن النظر فيه ، وكأني أراه للوهلة الاولى ولم ألمح إلا تلك الدمعه الهاربة من عينه لترسى على خده . فقط دمعه منه أصابتني فالمقتل ،
أفقدتني أنا . بدأت فالبحث عن شي يستحق أن أطيل النظر فيه كي أخفي دمعتي عن الموجودين ولكن لم أستطع فقد كان الموقف يفوق مقدار تحملي .
بدا مختلفا ً ،عاجزا ، ضعيفا ... جميع تلك المفردات أرهقتني ،طـُلـِب مني أن أتحدث إليه كونه يَعي مايحدث من حوله ، ولكني إلتزمت الصمت كالعـادة حتى
إنتهاء موعد الزيـارة . إنتهت تلك الزيـاره وخلّدت الكثير من الاسئله في ذهني ، ترى أيتذكرني !! ...فنظراته إلي تنفى ذلك السؤال ، وذلك يزيدني ألما وحزنا .
ترى ما اللون اللذي سـ يسود بعد خروجه من العناية المركزه ؟! أبيض أم أسود ؟!