السلام عليكم
بداية .. أنا مع كل مقال أو رأي أو فكر يقول :
اترك الوظيفة
قرأت بعض المقالات في فترات زمنية مختلفة ، مفادها أن الآراء التي تؤكد إيجابية ترك الوظيفة ، بالأصل آراء هدامة و ليست بناءة .
و لن أغالطها فهي بالفعل هدامة ، متى إنساق لها المتلقي بسلبية سعياً للراحة ، و دون نظرة طموح بديلة ، أو حافز إيجابي له دوره القيم كإنجاز ، لكن لو كان المتلقي نبهاً و ذكياً ، بالطبع ستكون النتيجة إيجابية ، كما أتى في الآراء التي تفيد بإيجابيات ترك الوظيفة ، لذلك أنت بحاجة لتتقصى ، عن تناقض هذه المواضيع ، و تفرد وضعك على حدة ، و تنظر في قدراتك قبل أن تتخذ أي قرار ، قد يؤثر سلباً على حياتك .
.. يجب أن تعرف الفرق بين الموظف و رجل الأعمال الحرة ، و أعلم أنك ستفكر بالفرق بينهما عملياً (فلا تستعجل) ، لكن قبل ذلك لنبحث في معاني الكلمات ، فأنت بما أنك تحمل على كتفك مصطلح موظف ، يعني أنك موجه من قبل الغير و مسؤول عن ملك الغير ، و إنجازاتك تقوم على خدمة الغير أو المجتمع ، أي أن جهدك ككل لا يعود لك ، و في نهاية المطاف تكافأ على خدماتك .. ركز معي (خــدمــاتــك) .. و لذلك خاطيء من يظن أن هناك فرق ، بين سعادة الوزير و سائقه ، لأنهما في نهاية المطاف يكافآن على خدماتهما ، و عمر وظيفتهما محدود ، إنما اختلفا في نوعية الخدمة شكلاً و مضموناً ، كلاهما موظف أحدهما يفترش كرسي وزارة و الآخر يفترش مقعد مركبة ، و كلاهما يستطيع أن يسرد كتاب عن سيرته في مجال عمله ، كلاهما لديه الخبرة ، و كلاهما أيضاً وقعا في شرك ، الوظيفة و خدمة المجتمع .
أما رجل الأعمال الحرة ، فيكفينا التأمل في هذا المسمى ، الذي بداية يفيد بأنك حر نفسك و مالك و وقتك و الباقي يحتاج كتاب لشرحه ، فقط تأمل ... و أنتي أيضاً تأملي في .. امرأة أعمال حرة .
و تذكر .. لسنا هنا لنتأمل و نذهب بأحلامنا بعيداً ، فرجل الأعمال أكثر الناس مرضاً و تعباً ، على العكس مما يتخيله البعض ، و هو مستلقي على إحدى الشواطيء ، يرتشف الكوكتيل ببطء و بمزاج خال من الهموم ، فالقولون هو أول أمراض التجارة ، إن ما يعنيناً حقاً هو ..
كيف قررت أن تكون موظفاً ؟
- السؤال الذي تربينا عليه ..؟ شو بتشتغل يوم بتكبر ؟
- نظرة المجتمع السلبية لغير الموظف ؟
- الحاجة ؟
- التحصيل الدراسي و مسيرته ؟
- المنصب ؟
لا تجب على الأسئلة ها هنا ، و لا تجب عليها في بالك ، لكن أبقها رهينة في عقلك ، و ابحث في قرارة نفسك ، عساها تجيبك عن دوافعك في الحياة ، أو ترسم لك لوحة مستقبلك ، أو ربما تمثل قناعاتك ، و أنك راض بما تملك و بوظيفتك ، و تريد أن تعيش باقي حياتك ، موظف يصبو لمنصب فيمر العمر ، تحال للتقاعد بمبلغ مجزي و راتب مستمر ، فإن كنت تحمل هذه القناعة ، اختصر على نفسك الوقت ولا تقرأ باقي المقال ، توقف هنا لطفاً ، و نتمنى لك حياة سعيدة .
حين نتعلم .. لا نعرف كيف نتعلم
حين كنت أدرس التأمين في دولة خليجية ، أذكر استنفار المحاضر منا كطلبة ، حين صرخ بنا متذمراً يقول : لم أسئلتكم محصورة بين موظف في شركة تأمين و زبون ، لم لا تفكرون بأنكم الشركة ذاتها ؟ صمت عم أرجاء القاعة ، و لم يجب أحدٌ منا ، و أردف قائلاً : أنت تتعلم كيف تكون ، شركة تأمين ناجحة ، و ليس موظف ناجح في شركة تأمين !!!!!!
حين كنت طالباً في إحدى جامعات الدولة ، اشترط علينا دكتور إدارة الأعمال ، شرط غريب من أول محاضرة ، فقال : لا أريد أن تسألوني ، عن كيفية تطبيق نظريات هذه المادة ، في الوظيفة الحكومية ، هذه المادة تتكلم عن إدارة الأعمال ، يعني قطاع خاص و شركات ، أنتم تديرونها ... أنتم تديرونها .. أنتم تديرونها . أنتم تديرونها . و لازالت ترن في أذني حتى اللحظة ، و كأن الدكتور متمثل أمامي الآن ينطقها .
في جامعة أخرى كانت لدي دورة طويلة ، في المسح و التصوير الطبغرافي ، و أذكر تذمري من حرارة الشمس ، حين كان لدينا تطبيق عملي ، و أذكر كيف عنفني الدكتور قائلاً : يابني العلم ده ليك أبل ما يكون لأي حاجه تانيه !!
ففي جميع التخصصات ، بالأصل تـُعلمنا المناهج كيف نكون ناجحين ، في مجال أعمالنا الخاصة ، كيف نكون مخترعين أو مصممين ، و كيف نستطيع استغلال مهاراتنا في النجاح ، و تأسيس عمل خاص بنا ، على إثر اهتمامنا و هواياتنا و دراستنا ، فكم منا أتخم عقله بالمناهج الدراسية ، لتروح هباءاً في وظيفة حكومية ، يخنقه بها الروتين و تضيع مهاراته الفردية ، يوم بعد يوم ، حتى يكتشف مؤخراً ، أن الذي تعلمه ذهب مع الريح ، و أنه غدى آلة مطوعة ، تنفذ بمهارة ما يطلبه منها الآخرون ، الآخرون الذين يمثلون أيضاً ، آلة مطوعة تنفذ ما يطلبها منها آخرون بذكاء .
فخريج القانون .. يجب أن يفتتح مكتب استشارة قانونية أو مكتب محاماة ، لا أن ينخرط في وظيفة يتحقق من بنود العقود ، أو يحقق مع الموظفين المنهية خدماتهم ، أو مسشار قانوني لأي جهة حكومية .
و خريج إدارة الأعمال .. يجب أن يدير شركة خاصة به من حر ماله ، لا أن يدير قسم في هيئة حكومية .
خريج الإعلام .. يجب أن يكون مخرجاً أو مصوراً أو معد برامج خاصة للبيع لحسابه الخاص ، لا أن يكون مذيعاً أو مصوراً أو مخرج لحساب قناة معينة .
و غيرهم من الخريجين باختلاف تخصصاتهم ، فالبناء بالأساس كان لعملك الخاص ، و ليس تأهيل لحوز وظيفة ، فمفهومنا غدا اليوم ، أن التحصيل العلمي وسيلة ، لنيل وظيفة محترمة بمنصب راقي ، و تناسينا الدور الأفضل و الأنجح ، و أن القادة و المشاهير و صانعي القرار ، هم الأغنياء و أصحاب الأعمال الحرة ، و لسنا كموظفين غير أداة ، تخدم المصالح الكبرى للمستفيدين الأكبر .
من أين يا عايش .. من أين ؟
الحلم لا يتحقق إن لم تقدم على الخطوة الأولى ، و الخطوة الأولى ستنجزها الآن لو أردت ، فهات ورقة و قلم و حاسبة ، و اضرب دخلك الشهري في الرقم 12 ، و انظر لدخلك السنوي ، بعد ذلك اخصم 60% من الراتب كتوفير على مدار خمسة سنوات ، سيكون الناتج (رأس مال) ضف عليه نهاية خدمة الوظيفة ، و تأمل المبلغ النهائي ، و لديك من الآن حتى خمسة سنوات ، البعض بحاجة لثلاث سنوات ، إن كان راتبه قوي ، فترة طويلة للتفكير في مشروع الحياة ، الذي سيغنيك عن الوظيفة ، هذا لمحدودي الدخل ، أما من أنعم عليه الله بمبلغ وفير في رصيده ، خذ ستة أشهر تفكيراً و بحثاً ، و انطلق في مشروع تحبه ، و لا تستثمر في أسهم و ودائع و محافظ ، يكفي كسلاً و تراجعاً ، إبني .. أسس .. أقم .. اخترع .. أنشيء .. أجر .. بع ، فهذه هي المشاريع لا غير ذلك ، أو إلتم مع أصدقائك أو اخوتك و أسسوا محفظتكم الخاصة ... مفاد هذه القطعة (يجب أن تضع خطة دائماً) .
" الوقت ضيق "
دولتنا مقبلة على عصر عولمة اقتصادية ، و انفتاح أسواق العالم على بعضها ، فمن أخطر شروط صندوق النقد الدولي ، أن يكون لكل مستثمر حرية الإتجار و التملك في أي دولة ، يرأس شؤون اقتصادها هذا الصندوق ، و حينها سيدخل التجار لدولتنا ، بأموالهم الطائلة (اليهود ينتظرون) و سيضيقون ، على المواطنين فرص الإستثمار البسيطة ، فما أن تطبق تلك القرارات ، تكون حينها القوة قوة المال و ليس السلطة ، و المنصب حينها لن يعود عليك بعائد ، ناهيك أن الدولة الآن انساقت في تيار الخصخصة ، يعني ذلك أن قوة الوظيفة الحكومية اليوم ، ستزول مع توابع الإنفتاح على العالم غداً ، و إن لم تأخذ حيزك اليوم ، في عالم التجارة الحرة ، فلن تستطيع بالغد ، لأن محدود الدخل اليوم ، إذا بقي على حاله ، سيكون فقيراً في ذاك العصر ، و الغني اليوم سيكون أغنى ، ستكون هناك فقط طبقتان ، و لك الخيار أن تكون من أي طبقة .
.. الـــخــلاصــة ..
تخصص في أمر تحبه في دراستك
بعد أن تنال الشهادة توظف ليس لأكثر من خمس سنوات
و لا تترك الوظيفة إلا إن كنت جاهزاً و متأكد من قرارك و تبعياته
و الأفضل أن يقوم مشروعك قبل أن تترك الوظيفة
قال لي أحدهم : لم لا تكون موظف و صاحب أعمال حرة في آن واحد
قلت له : من كانت لديه القدرة على ذلك فهو أفضلنا و أذكانا
و أخيراً و ليس آخراً .. لا تسمح لأي شخص محبط .. أن يؤثر سلباً على قراراتك التي درستها بعناية .
فالمحبطين وباء ينال سقمه من سمع لهم بانصات
و من كسر مجاديفنا في يوم ما
هم
.
وهم الوظيفة و المحبطين
و اعذروني على الإطالة
اخوكم عايش
مواقع النشر (المفضلة)