الحقيقة أعتذر لأنني بدأت أكتب بشكل مستمر وربما أخذت مساحة غيري من الأخوة والأخوات لكن ما يبرر موقفي هذا هو حبي الكبير لهذه الواحه فليس سرًا أن المنتديات كثيره والصحف والمجلات أكثر إلا أن للواحه طعم آخر .......وسوف يقف هذا النثر المزعج لمدة أيام بداعي السفر
بائع الأيس كريم
فيما مضى كان بائع الأيس كريم ينادي بصوت عال (( بريد )) مع تشديد الياء ويكررها إلى أن يخرج الأطفال فينادونه (( حجي حجي )) ويقف بعربته الصغيرة فيفتح الصندوق الخشبي ويبيع ماشاء الله أن يبيع ثم يرحل فلا يبقى إلا صدى صوته الثقيل يردد (( بريد بريد )) وكنت ممن يغريهم بائع الأيس فما أن اسمع صوته حتى تجدني أخرج إلى الشارع وأقف في عز الظهيرة ألوح له بيدي من أجل التوقف وكل ذلك من أجل أيس كريم .
دارات الأيام والليالي وكبرت ومن عاش فلا بدّ أن يكبر وجاءني زمن نسيت به صوت بائع الأيس كريم ولم تعد عربته تهمني ذاك الإهتمام القديم ورأيتها بعد تقادم العهد مجرد عربة خشبية تجول الطرقات من أجل البيع وهي وإن كانت كذلك فإن فيها من قديم الذكريات أشياء لاتنسى وهي مهنة كباقي المهن فبائع الأيس كريم لا يختلف عن بائع الذهب والمجوهرات إلا أن الأول يسوق بضاعته للأطفال بينما الثاني يسوقها للنساء وإذا كان الأول يبيع بضاعته بأبخس الأثمان فإن الثاني يبيعها بكثير المال وهذه أرزاق والحمدلله بلا إعتراض .
دارت الأيام من جديد كما دارت من قبل ويا عجبـًا للأيام عندما تدور فبينما كان وجه المساء يستعد للظهور كنت مترجلا أمشي في رطوبة الجو وحرارته ثم صاح المنادي الله أكبر الله أكبر فكان النداء لصلاة المغرب وصلاة المسلم لا تؤخر ولا تؤجل أمرها عظيم وشأنها خطير ففيها النجاة والخلاص وفيها الملآذ من كل كرب عظيم دخلت الطيور أوكارها ونامت عيون النهار فدخلت أصلي مع جموع المصلين لعل الله يغفر لي ذنوبا لست أدريها ثم انتهت الصلاة فخرجت من المسجد منشرح الصدر مرتاح البال عائدًا إلى حيث يجب أن أعود وفي طريق العودة وجدت عربة الأيس كريم وقد أنهكني المسير فتوقفت عندها وقلت للبائع اعطني (( برد وماي )) ثم تراجعت وقلت له (( خلاص بس برد )) فما كان من البائع إلا ان قال لي وعلى الفور (( وجعلنا من الماء كل شيء حي )) فذهلت من سرعة بديهته وبادرته قائلاً هل أنت مؤمن بصحة هذه الآية ؟ فنظر إليّ كأنه يريد قتلي وبصوت عال كصوته القديم صرخ بوجهي نعم فقلت له ولماذا أنت مؤمن بها كل هذا الإيمان ؟ فتصبب وجهه من العرق وقال أخي ماذا تريد ؟ أنا مؤمن بها لأنها من عند الله فقلت له لا تحزن يا أخي فكلانا نؤمن بصحتها ولكن الذي يؤمن بهذه الآيه عليه ان يؤمن بكل آيات القرآن والله الذي أنزل هذه الآية في كتابه العزيز أنزل في آية آخر يقول فيها (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابـًا موقوتا )) فأين أنت عن الصلاة ؟ وأخذ ينظر لي نظرة استغراب فبتسمت له واشتريت منه الماء والأيس كريم وانتهينا بعد حوار طويل لو لم انهيه لما انتهى .
مثل بائع الأيس كريم الذي قابلته كمثل كثيرًا يستشهدون بآيات قرآنية في قضاياهم التي يردونها ويتجاهلون كثير من الآيات القرآنية الواضحة البينة التي تفسر نفسها بنفسها وسبحان الله إن دارت عجلة الإختلاف على آية من آيات الله وسبحان الله إن اتفقنا وسبحان الله إن اختلفنا .
مواقع النشر (المفضلة)