أستغرب من وجود جمعيات تطالب بحقوق الإنسان ولعل استغرابي هذا يزيد يومـًا بعد يوم وأنا أرى المآسي والمصائب الإنسانية التي تحل بأرض البدون في كل يوم جديد وتوجعهم على ما بهم من وجع لأن هذه المصائب أصبحت كالإعصار المدمر لا يعرف الرحمة فالمشكلة اليوم لم تعد تقتصر فقط على الأوراق الثبوتيه إنها وللأسف تعدت طالت القلوب حتى أوجعتها بضرباتها القاضيه وأبكت العيون حتى أعمتها بقسوتها وبشاعتها فلم تعد ترى غير الظلام الدامس ولم تعد تشعر بغير الخوف الدائم الذي يطاره مثل الشبح من مكان إلى آخر .....

أطفال البدون اليوم يولدون ولا يمنحون شهادة ميلاد تثبت نسبهم ويكبرون وهم على ما هم عليه من التجاهل والنسيان ولعلك تستغرب من هذا الطفل الذي تمنحه بلاده الجحود والنكران ويمنحها الحب والغفران لكنهم ليسوا سواسية فبعضهم لا يفكر إلا بالإنتقام فسنوات من العمر ضاعت في الظلم والطغيان سنوات وهم يشربون العلقم ويأكلون المر ويتجرعون كل انواع الإهانات في الدوائر الحكوميه والوزارات بل حتى في الشوارع والطرقات لا يجدون قليل من الإحترام وكأنهم شياطين بل لو كانوا شياطين لوجدوا من يدافع عنهم ألا تسمعون عن عبدت الشيطان ؟

المشكلة لم تعد صغيرة كما كانت فاليوم أن تكون بدون هذا يعني أنك تعيش بلا وطن يحميك ويدافع عنك ويمنحك الحياة الكريمة وعليه فإنك لن تجد وظيفة تتناسب مع قدراتك وطموحاتك وكم أنت محظوظ لو وجدت من يوظفك ولو بأقل القليل فالكل يبحث عن البدون ليستغل حاجاته للمال وليس هذا فحسب بل للأسف امتدت يد الظلم لأكثر من ذلك فاليوم لا تصرف للبدون عقود زواج وهذه المحاكم التي أنشئت لأخذ المظالم من أهلها تناقض نفسها بموضوع عقود الزواج وترفض إعطاء البدون هذا الحق وتجبره على تسجيل قضية زنا حتى يثبت أنه تزوج والله شيء مؤسف ومحزن بل إن من نتائج هذه المشكلة أن تجد شعور بالظلم وعدم المساوة قد يولد في صدور وقلوب الكثير فيجعلهم يعيشون في دائرة الحسد والإنتقام...

مشكلة البدون أجبرت الكثير من الشباب من أن يسلكوا طرق متفرقه للعيش مثل ما يعيش الناس فمنهم من انحرف وأضاع حياته إلى الأبد ومنهم من تقاعس وانتحر ومنهم من أثبت نفسه وأبدع وأفاض وأسترسل ومنهم من أختار ان يعمل ولو كان مكان إلا أنه من واقع القصص التي سمعتها يبدؤ أن حتى العمل الحر ممنوع فقد لقي السجن أحد الشبان لأنه قام بعرض بضاعته على الرصيف مع أن بضاعته فاكهة ........

من بين فئة البدون أصحاب خدمات جليله قدموا أرواحهم فداءًا للوطن ، أبناء شهداء ، عسكريون من وزارة الدفاع ومن وزارة الداخليه ، أبناء مواطنات ، مبدعون ومثقفون وأكادميون ، ولكنهم جميعـًا في طي النسيان مع ولادة كل كشف تجنيس جديد ....


أخيرًا أعتذر عن هذه الفضفضة ولكن يجب أن يعرف العالم أكمله أن الكلمات تفعل أكثر مما تفعل البندقية وأكثر مما يفعله السيف وأن الظلم لابدّ أن يجد إنتفاضة الأحرار ..........