تخنقني العبرة وتسيل الدموع من عيني وتنحدر انحدرا وأغيب عن الوعي وأركض أفتش في عالم الذكريات أبحث عن الصور القديمة والمواقف الجميلة أسترجعها وحدي مع الشوق وطول الإنتظار أعيشها من جديد وألبسها بعدما نزعتها وأمسك بها بعد أن تركتها وأنادي ليت الزمان يعود فأخبره بما فعل الطبيب .......
اليوم تذكرت صديقي خلف فبكيت مثل الأطفال على أيامنا الجميلة يوم كنا معـًا في الصف الثاني الثانوي نلعب ونضحك ونلهو ونطارد أحلامنا وننتظر الفرصة بفارغ الصبر كان معي فكل مغامرتي شجاعـًا لا يعرف الخوف ورجلاً لا يعرف الرجوع إلى الوراء وانتقلنا من صف إلى آخر ومن مستوى إلى مستوى ثم كانت أحلى الأيام على الإطلاق هي أيام الثانوية العامة فقد كانت ممزوجة بالألم لأننا كنا مثل الأسير الذي ألف المكان نريد الحرية ونخشى الفراق فلم أزل أذكر صديقي خلف وابتسامته الجميلة في طابور الصباح ولقافته في الحصص المدرسية وجرأته وكم خرجنا من المدرسة هروبـًا ذهابـًا بخطى الفرح وإيابـًا بالخوف والوجل .
كنا نتقاسم الخبزه ونتشاطر الضحكه ونرسم الأحلام العذاب ونطوف في حديقة الأمل نقطف أزهار وورودا ونشم ياسمينا وريحنا ونسرينا ونملاْ عبقـًا ونركض كالفراشات ونطيرا وكلنا زهوا واختيلا وما أحلاها أمانيا تؤرقنا دقئق الفراق فما نلبث إلا يسيرا لنلتقي بعدها أخوانـًا متقابلينا على الأرائك نشدو بما يغرينا .
لكنها الأيام أبت إلا أن توجع قلبي بفراق صديقي خلف فأصبته الأقدار بمرض السرطان ليدخل المستشفى بعيدًا عن الأنظار على الفراش الأبيض يمضي الساعات الطوال يكابد الشوق ويقاسي المرض وظل على حالته حتى شاء الله أن ألتقيه في المستشفى فما كنت أصدق أن هذا هو خلف فقد غابت الإبتسامة وصرت وكأني أرى رجل غير الذي كنت أعرفه فضاع الكلام من فمي وتخربطت أحرفي وقلت كلام لست أذكره ولا أدري ما فائده .......
ومضت الأيام حتى جاء الرحيل ليسافر صديقي خلف إلى فرنسا ليتلقى العلاج هناك ولعلك أيها القارئ تسأل مالذي أبكاني ؟ إن الذين أبكاني هو قدرة الله تعالى فسبحان الله من يصدق خلف بلحظة ينها وهو صاحب العضلات المفتولة والجسم القوي ومن يصدق أن يتساقط شعره وهو الوسيم المهذب المنمق كل هذه الأشياء جعلتني أبكي إضافة إلى ألم الفراق ومكابدة الشوق .....
ولعل عزائي في ذاك المصاب هو أن الله أحكم الحاكمين ولكنها عبرة لمن يعتبر ..........
أستودعم الله وألقاكم في فضفضة أخرى
مواقع النشر (المفضلة)