اتحية طيبة ...
القراءة عرفت منذ قديم الزمان بتهذيبها النفس البشرية و مهما اختلفت أهداف القراء و تطلعاتهم فيبقى للقراءة منزلتها الخاصة و هي إحدى الأسس و الركائز الأساسية في تقدم الحضارة الإنسانية و المحافظة عليها و هي إحدى الوسائل الأكثر فعالية منذ قديم الزمان و إلى الآن في نشر الكلمة المطبوعة و نقل المعلومات على امتداد واسع سواء كان ذلك بغرض سياسي أو ديني.
في البداية يقرأ الإنسان لرؤية شيء جديد يفيض من خلال كلمات الكتاب فيسمو بروحه و عقله مع تراقص الكلمات الرائع لصفحات تلك الكتب و كلما قرأ اكثر قل تراقص الكلمات حتى يستحيل إلى العدم و عندما يواصل قراءته بين الكتب فهو يقرأ يمر الزمن بهدوء و صمت و قلما يقع على شيء جديد و لكن في الواقع هناك في مكان مجهول بين الكتب لا تزال هناك جواهر ثمينة كان ليقايض بها السنوات المتبقية من عمره لمجرد قراءتها و لكنها لن تصل إلى يده أبدا سواء أكانت اللغة هي الحاجز أم ندرة الكتاب و بعده الجغرافي عن القارىء.
و قراء آخرون بروح متأججة يقرؤون ليلا نهارا دونما هوادة لا يعتري نفوسهم الملل يرون الجديد فيما لا جديد فيه لا لشيء إنما لإضافة كتاب آخر إلى ترسانتهم المليئة بمئات و ربما آلاف الكتب و البعض يحصي لأرضاء غروره و من لا يحصي فهو لا يزال منشغلا بالقراءة حتى الساعة لا يدري كم من الوقت قد مضى و ما هو آخر كتاب سيقرؤه و إن قرأه فهل سيكمله؟
مهما بلغت قذارة العالم و الحياة بأسرها فكتاب الروايات المصورة للأطغال يصنعون عالما آخر خاصا بهم حيث يسود الخير و الحب و السلام النفوس و حيث يحارب الخير الشر لينتصر الخير في النهاية و يسود الحب و السلام ذلك العالم و قراء تلك االروايات المصورة ليسوا جميعا أطفال على الرغم من العدد الهائل للأطغال الذين يقرؤون تلك القصص فجموعة من البالغين التي تصر على استعادة إحساس الطفولة و نقاءه الخاص حيث لا يوجد جنس أو قتل حيث لا وجود للتعذيب و الاجرام و تعيش ذلك العالم لحظة بلحظة حتى عودتها إلى عالم الواقع.
و تتطلب القراءة المثمرة تواجد الدماغ على موجات ملائمة و هي موجة بيتا في الأغلب و البعض يقرأ على موجات أخرى و تتطلب القراءة كذلك درجة وضوح عالية فيما يتعلق بالرؤية فالإضاءة الملائمة و سلامة العين البشرية كلها أمور أساسية و حساسة فيما يتعلق بالقراءة و الفهم الصحيح للكلمة المكتوبة.
الفهم الصحيح للكلمات ضمن سياقها في النص موضوع متشعب في الواقع و لكن مهما بلغت المعرفة فيبقى الفهم الصحيح لما هو مقروؤ أهم من أي شي آخر.
و عن أسئلتك أختى الكريمة ..
ـ باختصار لما تقرأ .. ؟
القراءة ليست عملا عشوائيا إنما هي عمل له غاية و هدف معين و تختلف القراءة باختلاف الهدف و الغاية منها فهناك قراءة بهدف العمل و هناك قراءة أساسها الهواية و المضي بالزمن و تثبيت الروح الإنسانية ضمن نطاق معين أما فائدة القراءة كهواية في الارتقاء بالإنسان و تهذيب روحه و نفسه فلا أشعر بها على الإطلاق لأن هذا الشيء لا وجود له في الواقع سوى واقع الحياة نفسها و فهمنا الذاتي لأنفسنا و الواقع الذي نحيا فيه لا بكلمات شخص آخر و وجهات نظره التي نرفضها إن عدنا إلى نفوسنا و سألناها ما هو الواقع؟
ـ ماهو أول سؤال "استفهام" يخطر بفكرك عندما تقتني كتابا جديدا .. ؟
لا توجد في الواقع أسئلة أقوم بطرحها على نفسي عند اقتناء كتب جديدة فما يهمني هو المحتوى قبل أي شيء آخر و القيمة الفنية للكتاب و ما إذا كان موضوع الكتب يهمني في الوقت الحاضر أم لا و قد يكون هذا هو السؤال الأهم هل يهمني موضوع الكتاب أم لا و لكن مع الوقت تعلمت بأن هذا السؤال عديم الأهمية فهو قد يفسد اختيار الأشخاص للكتب التي يودون قراءتها و بالتالي تضيع عليهم جواهر ثمينه لأنه لم يتبعوا نفوسهم و إحساسهم الداخلي.
ـ كم تستغرق من الزمن لإنهاء الكتاب عادة ..
هناك كتب يتمنى القارىء لو يستمر في قراءتها إلى الأبد لروعتها الخاصة و جمال لغتها الخاص و لكن هذا مستحيل فكما أن لكل كتاب بداية فله نهاية كذلك و على القارىء أن ينسى الماضي و يواصل قراءته فلربما صادف شيئا مشابها في المستقبل و الزمن المستغرق في إنهاء كتاب ما يعتمد بشكل خاص على القارىء أولا و مدى اهتمامه بالكتاب و على الكتاب ثانيا من حيث عدد صفحاته و مدى صعوبة أو سهولة لغة الكتاب و الأفكار التي يناقشها فالوقت المنقضي منذ بداية القراءة و حتى الانتهاء منها هو مسألة نسبية في النهاية فقد يستغرقني الانتهاء من كتاب واحد من يوم إلي يومين على الأكثر و قد يمتد هذا الوقت إلى أسبوعين بسبب حبي الشديد للكتاب و قرائتي له في أوقات تركيزي التام و إحساسي بكل كلمة.
و إن كان الكتاب في غاية الروعة و وجدت هناك أخطاء إملائية أو نحوية فاضحة فيتم رميه دون رحمة ضمن قاعدة اليوم الواحد أو اليومين إن كان حظه جيد.
ـ كيف يكون رد فعل الفكر والبدن عندك
بعد أن تنتهي من قراءة كتاب ما مهما اختلف فيض فحواه .. ؟
(كأن تشعر بالارهاق .. ثقل فكرك .. راحة .. تفكر بقراءة كتاب جديد مباشره .. الخ )
لا شيء في الواقع فلا تزال هناك كتب أخرى عالقة تنتظر و لكن هناك كتاب واحد فقط في العالم قراءته كانت شديدة المتعة و عندما انهيته أحسست براحة في قلبي و سعادة غريبة فهي كانت رواية جنونية حول مجموعة من الايرانيين الأوغاد و علاقاتهم ببعضهم البعض و نظرتهم للحياة و هي رواية آلموت و آلموت بالمناسبة تعني عش النسر و هي حصن ايراني منيع.
ـ إضافة تحب نثرها للطرح هنا .. ؟
شكرا لهذا الطرح الرائع أختى أنامل قلب.
مواقع النشر (المفضلة)