السلام عليكم
" قد يختلف معي البعض في مبدأ .. ( أن سر الوئام مع الأنثى .. يكون ناتج إكتشافها و ليس تحليل شخصيتها ) .. تحليل الشخصيات .. مهارة لها بالعادة عائد إيجابي .. لكن الإكتشاف .. رحلة أو مغامرة تتجه عميقاً في الأنثى .. فالمميز ها هنا العبور في تلك المغامرة .. و الوصول لخبايا تجهلها الأنثى في ذاتها .. ليست قضية اختراق .. إنما قضية التأمل في أنوثة الأنثى الوجدانية .. لا النفسية ."
" أؤمن بفكرة .. لا زالت جنين في عقلي .. و هي أن الذكر يجهل في ذاته أمور .. تدركها الأنثى و العكس صحيح إن قلبنا الأدوار .."
....
..
.
اليوم إجازة من كل إلتزاماتي ، أغلقت هاتفي بالأمس ، و لن يزعجني حتى صباح الغد ، أنا و أنثاي و نحن ، فقط هذا عالمي لليوم ، أشعر أني مليئ بالنعاس ، لكني لا أريد النوم ، زيادة عن ما قضيت فيه ، أشعر أنني لو إلتفت خلفي ، لن أجد أنثاي المعقدة ، أشعر بذلك لأن ، أجواء غرفة النوم ، تدل على أنها نهضت من الفراش ، نهضت بتثاقل أبحث عنها ، لم أناديها بسبب فضول اعتراني ، عن أيهُ أمر تنشغل فيه ، تقدمت تجاه غرفة الملابس ، فلم أجدها هناك ، تراجعت لأنظر في غرفة المعيشة ، كان المكان غير نشط ، مما يدل على أمران ، إما أنها في المطبخ ، أو أنها تشتم الهواء ، في حديقة المنزل ، تثاقلت في مشيتي ذاهباً لأنتعش ، - بشاور - منعش ليوم ، أتمنى أن يكون منعش .
فتحت باب الحمام ، فوجدت المعقدة تقابل المرآة ، و تضع بعناية ماكياجها ، تفاجأت بي كما تفاجأت بها و بتصرفها ، نظرت في عيناها ، أتساءل عن سبب الجلوس ، في الحمام بدلاً من غرفة الملابس ، و المكان المعد لزينتها و ماكياجها ، و فيما هي تنظر لي متجمدة ، اكتشف أنها تحب ، أن تكون لها مساحة من الخصوصة ، ليكون جمالها غامضاً .
... ابتسمت لي بخجل .. و ابتسمت فرحاً بها و باكتشافي ...
.
.
.
لا يوجد أجمل من مشهد ، ترى فيه أنثى تتلذذ ، بتناول قطعة من الشوكولاه ، فهما رفيقان يعرف كل منهما ، كيف يعتني بالآخر .
أما مع أنثاي فالوضع يختلف نوعاً ما ، لأني لا أرى عناية ، إنما إلتهام و افتراس ، استغرب بها كيف أنها ، صاحبة برستيج في كل أمر - باستثناء حالات الغضب و العقد طبعاً - إلا أنها حين تكون ، في مواجهة مع الشوكولاه ، تكون بالعادة حرب ، أو مشهد من مشاهد ، للوحوش الضارية في الغاب ، و هي تفترس ولائمها ، بنهم و جوع و شراسة !
لا تكتفي بهذا التصرف ، إنما لو كانت شوكولاه مغلفة ، فللغلاف نصيب من الشراسة ، إذ إنه يعامل بطريقة وحشية ، و لو كان بيدها لحرقته !
نعم هي عادة في أنثاي المعقدة ، إذ صادف يوم ما ، كنت أدخل للمنزل خلسة ، كلصٍ حذر لا يريد ، أن يوقض أهل المنزل ، و شاهدت أنثاي من خلال النافذة ، و هي قد اعترتها ، تلك الحالة الغريبة مع الشوكولاه ، لا مفر فهي ليست نائمة ، يجب أن أدخل المنزل ، و أواجه تذمرها من تأخري ، بحجة مقنعة خالية من الكذب ، لكن هنا قفز لذهني أمر ، ماذا لو استغللت حالتها !
فاجأتها بدخولي السريع ، لغرفة المعيشة التي تجلس بها ، و هي تفترس تلك الشوكولاه المسكينة ، فأربكتها بنظرتي المتصنعة ، التي أدعي فيها استغرابي ، من منظرها و الشوكولاه ، قد غطت قدر لا يستهان به من وجهها ، تجمدت و لم تعرف كيف تتصرف ، فواصلت النظر لها بتمعن ، و قلت : كم أتمنى أن أكون شوكولاه ..
... ضاععت ملامح أنثاي بين ابتسامة و خجل و شوكولاه غطت وجهها .. و ابتسمت فرحاً بما اكتشفت ... (و ما بخبر حد شو اكتشفت)
.
.
.
أحياناً و بسبب الضغوط ، أو لتشتيت أمور تشغلني ، أبحث في فناء المنزل ، عن أي أمر أصلحه ، أو أرتبه أو أنظفه ، و إن لم أجد ، كان لمركبتي نصيب من الإهتمام ، فتلك ليلة هممت فيها ، لأشغل نفسي بشيء ، بعد أن لحظت نعاس أنثاي ، كانت مركبتي بحاجة لإفراغ ، محتويات تكدست و تراكمت ، على مقعدها الخلفي ، و في صندوقها الخلفي أيضاً ، جلبت بعض من صناديق ، لأفرغ محتويات المركبة فيها ، أخذت وقتاً طويلاً جداً ، مرت ساعتان تقريباً ، و أنا في ذلك الأمر ، حتى فرغت منه ، ها أنا تعب الآن ، و ما بقي سوى أن آوي لفراشي ، قبل أن يعود -ترانزيستور- الضغوط لنشاطه ، و فيما أنا أعود أدراجي ، لداخل المنزل .... رأيت أنثاي المعقدة ، مستلقية على العشب ، و تحتها سجادة صغيرة ، تتأمل السماء غائبة بسرحانها ، و كانت تهز قدم دون الأخرى ، كطفلة سرحانها في لا شيء ، فقط كأنها تستمتع ، بالأجواء الليلية الساحرة ، هذه المرة لم أزعج خلوتها ، فقد جلست بعيداً ، أتأملها و أحرسها و أكتشفها ، سرحت أنا الآخر بها ، و حين عدت من سرحاني ، رأيتها تنظر لي و تراقب سرحاني بها ...
... ابتسمت بمكر .. و ابتسمت حين اكتشفت أن بأنثاي طفلة من عمر الطفل الذي بي ...
.
.
.
لحدٍ ما أنثاي ماهرة في الطبخ ، و لكن هناك ضريبة يدفعها مذاقي ، متى كانت تجرب طبخة جديدة ، أو طبق حلوٌ جديد ، فأنا مجبر أن أقول -وااااااايد حلووووو- متى كان المذاق سيء جداً ، و إلا كانت العاقبة لا تُحمد ، و حينها لن تسلم ، أطباق مكسرات الدنيا ، من التحطيم و التكسير و التهشيم ..!!
ها أنا أعود من عملي ، و لأنه آخر يوم في الاسبوع ، فإن النشاط يعتري ، كل مجهَد و متعَب ، ولجت للمنزل أنادي .. الورد .. الغلا .. عيوني .. ، المعقدة لا تجيب أبداً ، هنا مرت عقدها في مخيلتي سريعاً ، و قلت عساها لا تبكي ، عساها ما بها مكروه ، أتمنى أن لا تكون ، غاضبة مني في أمر ما ، و قاطعت مخيلتي المتشائمة ، رائحة طبيخ تنبعث من المطبخ ، فرحت أهرول فضولاً ، تقودني معدتي أستنكر لمخيلتي ، و هناك وجدت المعقدة ، تتذوق من ملعقة ، تناولت بها اليسير من القدر ، و بعد أن تذوقته ، أتت برصغ يدها على خصرها و تأففت ..
فاجأتها بحضوري و أنا أقول : طبعاً ليس بلذيذ و تعلمين أنه ليس بلذيذ إلا أنكِ ستنكرين سوء طعمه و ستتذمرين إذا بدى عليَ أني لم أستسغه !!!! نطقت بكل ذلك ساخراً لا غاضباً .
... أنهت جملتها بابتسامة تحدي حين قالت : سيعجبك شئت أم أبيت .. فابتسمت لأني جائع ...
.
.
.
ذات مساء و أنا في طريقي للمنزل ، خطر ببالي أن أثير فضول أنثاي ، فقلت في نفسي ، لم لا أرنم أغنية تثيرها فضولاً ، لتشك أن هناك أنثى ، و فيما أنا أبحث بذاكرتي ، لم أجد سوى أغنية ، لمحمد عبدو يقول فيها ..(إنتي نسيتي .. إنتي نسيتي .. و كيف أنا مانسى .. إنتي قسيتي .. و كيف أنا ماقسى).. هكذا أبقيتها على لساني ، حتى وصلت للمنزل ، بالغت في خطواتي ماشياً ، كي تشعر بقدومي ، تعاملت مع الأبواب و أقفالها بخشونة ، و أنا أردد (يا صدى من غير صوت .. مابه حياة من غير موت) و أعيد (إنتي نسيتي .. إنتي نسيتي) أزيد من نبرة الصوت تارة ، و أقلل منها حين أقترب لغرفة النوم ، و أضحك بداخلي حين أخمن سؤالها ، و أتخيل ردة فعلها ، لكن أين هي حتى الآن ؟
(إنتي نسيتي .. إنتي نسيتي)
دخلت لغرفة النوم أواصل الترنيم (و كيف أنا مانسى .. إنتي قسيتي) و حين أزحت ستار غرفة الملابس ، رأيت أنثاي في عالم آخر ، متأزرة بوشاح قماشي ، و تسند ظهرها بيدها ، تمثل دور الحامل ، أو تتخيل أنها حامل ، و غائبة في سرحان بعيد جداً .. فرغم إصراري على إشعارها بقدومي ، إلا أنها لم تشعر بشيء أبداً ...
... ابتسمت حين رأت إنعكاس عيناي في المرآة و هما تحدقان بها .. لكني .................. ...
نلتقي بإذن الله في "ابتسامتي ذات زمان"
كنتم مع الحلقة السابعة من سلسلة ابتسامات
اخوكم عايش
مواقع النشر (المفضلة)