الدكتور ألكسيس كاريل عالم وطبيب معروف حصل على جائزة نوبل في الفسيولوجيا، وقد مهدت الأبحاث التي أجراها السبيل لصيانة الخلايا البشرية من الشيخوخة المبكرة. وإذا كان العلماء يقولون إن بعض خلايا الجسم لا تنشط، ولا تبدأ بممارسة عملها إلا بممارسة الركوع والسجود، فإن كاريل يرى “أن الصلاة أقوى صور الطاقة التي يمكن أن يولدها الجسم البشري، وإذا ما أصبحت عادة، وجرت تأديتها بصورة صحيحة وخاشعة، فإنها قادرة على أن تملأ حياة الإنسان بفيض من الغنى الملموس، وتحمي الجسم من كل آفة يمكن أن تلحق به، والله هو الخالق الأكبر، وهو الذي خلق الجسم البشري، وهو أدرى بما يكفل استمراره في أداء مهماته على الوجه الأكمل، والصلاة بخشوع هي السبيل إلى ذلك”.
والصلاة ليست عبادة فحسب، إنها قوة حقيقية، كالجاذبية الأرضية، نلمس تأثيرها، وإن كنا لا نراها، وفي مقال نشره كاريل في مجلة الريدرز دايجست قبل مدة، قال: “لقد رأيت، خلال فترة عملي الطويلة في الطب، مرضى فشلت كل طرق العلاج في شفائهم، وكان هؤلاء ينهضون من المرض والكآبة، بمجرد اللجوء إلى تلك القوة الخفية الساحرة التي يطلق عليها الصلاة”.
ويطلق البعض على هذا النوع من الشفاء بالصلاة اسم المعجزة، رغم أنه ليس هنالك معجزة بالمعنى المفهوم للكلمة، وإنما تجليات لسنة الخالق في خلقه، وكما أن الكواكب والنجوم والأفلاك ثابتة في أماكنها بقوة الجاذبية، هنالك قوة كامنة في الجسم تساعده على مقاومة المرض والخلل وكل الأضرار التي يمكن أن تلحق به، وهذه القوة تحركها الصلاة. وقبل أسابيع أعلن العلماء أن بعض أجهزة الجسم، كالقلب مثلا، تحتوي على خلايا يمكن ان تدخل إلى العضو الذي تنتمي إليه وتصلح أي خطأ يحدث فيه. ويبدو أن الصلاة تحرض هذه الخلايا على التحرك.
والدكتور كاريل أمضى حياته في البحث العلمي وممارسة الطب، وهو لا يؤمن إلا بالنتائج المادية، والمعادلات العلمية، ومع ذلك فإنه يقول في مقاله: “إني استغرب بالفعل أن يصدق العلماءُ بأن المجرات والنجوم والكواكب في هذا الكون المعجز الذي يحيط بنا ثابتة في أماكنها بفعل قوة غير مرئية هي الجاذبية، ولا يصدقون أن الصلاة والدعاء والتوجه بنية خالصة إلى الله تعالى يمكن أن يحدث تأثيرا عضويا معينا في الجسم يؤدي إلى الشفاء” ويذكر الدكتور كاريل إن بعض مرضاه شفوا من السرطان وغيره من الأمراض التي يقول الطب إنها مستعصية بالصلاة والدعاء المؤمن.
وكل الأديان تدعو إلى الصلاة بخشوع، ولكن أيا منها لم ينجح في تحويلها إلى “عادة” تملأ حياة الإنسان بالغنى، كما يقول كاريل، باستثناء الإسلام، الذي حدد لها مواقيت معينة، وطريقة توحي بجلال وقوف الإنسان في حضرة عظمة خالقه.
ولا أريد أن ألجأ إلى الشعر في الحديث عن قضية لها علاقة بالعلم، ولكن كاريل نفسه يتحدث بلغة هي أشبه بلغة الشعر عندما يقول: “في الصلاة، تحس بالخالق سبحانه وتعالى كما تحس بدفء الشمس وبعطف الصديق، وتقف أمامه بذل وخشوع، وتسأله الإحسان والفضل وقضاء الحاجة، وعندما تتم الصلاة بخشوع، فإنها تولد ظاهرة غريبة في الجسم، وتحقق ما يطلق عليه الناس “المعجزة”.
ولا تزال هذه الظاهرة التي تولدها الصلاة في الجسم غير معروفة لدى العلماء، وإن لمسوا تأثيرها، تماما كالجاذبية.
م ن ق و ل
مواقع النشر (المفضلة)