فالج طيب أم عبادي
الحلقة الثانيه :
في ذاك اليوم وصلتني رسالة من رئيسي في العمل .. تم انتدابي لتمثيل المؤسسة في مؤتمر ما في احدى الدول الأوربية و بين السطور رأيت ملامح رئيسي مقطباً جبينه .. و سمعت صوته مردداً شئت أم أبيت ستذهبين .. ماذا و إلا .....
جن جنوني يومها بعثت رسالة إلكترونية له شاكية فأنا لم أسافر جواً في حياتي قط و أخشى الطائرات و أرهب التحليق في الفضاء وماذا لو أصبت بالغثيان !! ثم كيف سأتدبر أموري في تلك البلد و كيف سأعرف الوصول وماذا سألبس و كيف سآكل و ماذا لو تعرضت لهجوم لصوص أو عملية اختطاف ! !
هدأ من روعي كعادته كتب .. لي أنه قد زار تلك البلاد عشرات المرات و يعرفها جيداً .. يعرف شوارعها و مداخل مناطقها يعرف أزقتها و مطاعمها و له أصدقاء كثر هناك منهم الشباب و الشابات أجانب و عرب مهاجرون سيوصيهم بي خيراً فلا داعي للتوتر و القلق.
في اليوم الموعود و الموعد المحدد .. ودعت عائلتي و انضممت إلى الوفد المغادر.
و في المطار الآخر.. هناك و قبل أن نلتفت للسؤال كانت هناك شابة في مقتبل العمر ضئيلة البنية .. غربية الملامح .. شقراء الشعر .. لا تكاد تعرف أنها فتاة إلا ان امعنت النظر.. تحمل لوحة مكتوب عليها اسمي الأول و عنوان بريدي الالكتروني ....
عرفت انه هو فهو لا يعرف غير اسمي الأول و عنواني بريدي الإلكتروني ..و ضحكت من صغر هذا العالم أمام ضخامة تلك التكنولوجيا .. و اغرورقت عيناي بالدمع إذ شعرت عندها بالغربه ..
كانت الفتاة من أعز صديقاته في تلك البلاد ...قادتنا إلى حيث يجب أن نقيم و لم تترك لي مجالاً حتى لطرح أي سؤال و كأنها كانت في دورة دراسية مكثفة عني و عن سلوكي و عن مشاريعي و مخططاتي و جدول المؤتمر الذي سأحضره ..كانت تعرف كافة متطلباتي وأي نوع من المطاعم سأطلب كانت تحمل معها قطعاً من الحلوى التي احب رغم انها لا تأكلها .. تعرف حتى قائمة مشترياتي و ميزانية مصروفي .
و كعادتي لم أقاوم فضولي ... الذي تراكم و تفاقم في عام كامل حتى وصل مرحلة التطفل .. أردت أن أراه في عينيها .. أعرفه من خلالها.. ورغم أنها كانت حريصة أشد الحرص على أن لا تدلي بأي معلومات عنه قبل أن تتأكد أنني أعرفها مسبقاً ... لكنها كانت تجهل مكر النساء الذي نتميز به عن غيرنا نحن الشرقيات ..
كنت أطلب منها أن تأخذني لمطعمه المفضل و مقهاه المفضل و شارعه المفضل .. قابلت الناس الذين حدثني عنهم و الأماكن التي وصفها لي و شعرت ببرد الغربة التي أخبرني عنها ... كانت معي فاشتريت له بعض الهدايا التذكارية و قلت لها هذه له سأعطيه إياها عندما أراه حين عودتي ... لم أترك لها شكاً بأني حقاً أعرفه و أعرفه حقاً .. فصرنا نتحدث عنه من حين لحين و أنا و بخبث أقتنص الفرص لأروي ظمأ فضولي .. و أخيراً أخيراً ... دخلت المنطقة المحرمة علي منذ أكثر من عام ..
و ليتني لم أفعل ...
صبركم على .. يتبع في الحلقه الأخيره
مواقع النشر (المفضلة)