السلام عليكم

ها أنا أعود من جديد إليكم .... مع قصة منقولة لكاتبة مبدعة متميزه صرت من عشاق رواياتها !

الغدير العذب

أترككم الآن معها ...

قررت سرد هذه القصة من مذكراتي على ثلاث حلقات متمنية ان تنال استحسانكم .. ولكل من يقرأ هذه القصة ويتعرف على هويتي من خلالها أقول .. عسى أن يكون سري في بير

الحلقة الأولي :


منذ كنت طفلة صغيرة و أنا أسمعهم يرددون " الفضول قتل القطة أو الفضول قتل العجوز " ورغم أني و حتى ساعتي هذه لا أعرف حكاية تلك القطة ولا حتى اسم العجوز .. و لكني سأكتب لك عن قطة أخرى و فضول آخر ولربما موت أو قتل آخرين.

عرفته قبل خمسة أعوام ..

كان صديقي .. رغم كل ما يحيط بهذه الكلمة من أشواك و ظنون و شبهات في مجتمع لا يؤمن بصداقة الرجل و المرأة... لكنه .. كان صديقي .
رغم كل تمتمات و سخرية شقيقتي ، رغم كل تهديدات ووعيد أخي ، رغم كل أيمان و قسم و قيود أبي ...لكنه ...كان صديقي..

عرفته على صفحات الأنترنت و في منتديات الشباب التى كنت أرتادها بين حين و آخر حيث لا اسم و لا هوية و لا ملامح لأحد. كنت معه في ذات المجموعة فكلانا صدفة من مواليد ذات اليوم من ذات الشهر و عليه فنحن من ذات البرج و سواء أكنت تؤمن بطالع النجوم أو لا فقد كنا نتشابه في العديد من الآراء و الميول و الهوايات و السمات الشخصية الحسن و السيئ منها. و كنا نتقاسم الكثير من المعارف و المعلومات و الخبرات و الأخبار التافهه أيضاً . كان خبير برمجة لغات الحاسب الآلي فجعل عالم التكنولوجيا و الكمبيوتر و الإنترنت كتاباً مفتوحاً أمام عيني و أثرى حصيلتي من المعرفة في فترة قياسية جداً . كان يراسلني كل يوم باللغة الإنجليزية فإذا ما بعثت برسائلي إليه أعادها لي و قد صحح لي اللغة و المفردات و قواعد استخدامها حتى كونت حصيلة لغوية قوية ، و شككت في صدق هويته. كان كثير الأسئلة، يلح على معرفة أكبر قدر من ملامح حياتي و شخصيتي ... و رغم حذري و حرصي و تنبيهات رفيقاتي إلا أنني وببساطة وجدتني أسلمه مفاتيحي ليقتحم بهدوء عالمي .

لعلني كنت أطفئ نار مخاوفي و شكوكي بحقيقة أننا نتواصل فقط عبر شبكة معلوماتية لا أكثر . .. و نحن نتحادث في أقصى حدود الأدب و اللياقة ... أو لعلني كنت أطمع في أن يلتهم الطعم و يكون عندي كدليل أو مرجع ألجأ اليه كلما ضاقت بي الحيل في أي أمر!! حقيقة لا أدري

كل ما أدريه أنه صار يرسم لي خطوط حياتي من جديد ، بدأ يقف على كل زاوية و ركن في حياتي فينفض الغبار عنه ينزل الصناديق العتيقة لينبشها ...ينظفها ..يلقي بكل ما هو فاسد أو منتهي الصلاحية فيها و يعيد ترتيب محتوياتها من جديد و يعيد جدولتي معها . . لماذا ؟ !! لست أدري و لم أكن أبالي لأدري فقد كان هذا ما ينقصني وقتها فعلا.

تعلمت منه أن لا أحتسب من عمري يوماً ما لم أقرأ فيه كتاب أو جزء من كتاب .. كان يبعث لي بقائمة الكتب و يأمرني بشرائها و قراءتها و اقتنائها ، كان يشتري لي كتباً إلكترونية تصلني بالبريد فأطبعها و أقرؤها ومن ثم يسألني بل و يمتحنني في محتوياتها حتى صارت القراءة عندي شغفاً فوق شغف و صرت ألتهم كل كتاب تقع عيني عليه فقرأت صنوفاً من الكتب من شتى بقاع العالم العربي و الغربي .. تمعنت في شتى الأديان و الثقافات و السياسة .. قرأت الأدب و الشعر وشتى الفنون حتى كتب الطبخ و الحياكة . إلا أنني لم أستخدم الأخيرة قط ، فقد كان صديقي هذا بارعاً حتى في الطبخ تعلمت منه كيف أحضر لنفسي أطباقاً من الصين و الهند و معظم بلاد العالم .. كان يمازحني دائماً بقوله " انتو حريم آخر زمن "

أذكر أنه قرأ يوماً في الصحيفة عن نادٍ للسيدات في منطقتي ينظم دورات في السباحة و الفروسية ، ألح علي حتى انضممت اليه و صرت سباحة و فارسة من الدرجة العاشرة لكنه كان يقول دائماً .. أن الحياة تأخذ طعماً جديداً كلما جربنا شيئاً جديداً كل يوم .
و هكذ حتى صار كالنسمة التي تحرك أغصان حياتي فتنتعش أوراق أيامي، نفض عني الكثير من التشاؤم و الحزن و الخوف و القلق . علمني في عام واحد و على الشبكة الألكترونية ما لم أتعلمه في سنوات عجاف لعلها مرت من عمري سدىً قبل أن أعرفه .

وبرغمه كنت أعلم أن هناك حدوداً لا أستطيع تجاوزها معه و لا أدري لم !!كانت هناك مناطق كثيرة محرمة علي لا يحق لي السؤال عنها رغم تفاهتها .. خطوط حمراء تصدني في كل طريق أحاول أن أسلكه كي أعرفه أكثر فلا أسماء غير الأول و لا حوار أو أجوبة حول التفاصيل الشخصية بتاتاً ... بتاتاً ... حتى أنني كنت أستفزه قائلة : لا أدري من فينا الفتاة التي يجب أن تخاف على سمعتها هنا؟
و لم يبالي قط بأسئلتي و فضولي و لم يبالي بإحساسي بتأنيب الضمير من علاقة أنا فيها المستفيدة الوحيدة ؛ آخذ الكثير و لا أعطي لما آخذ أي مقابل مما كان يشعرني بالقلق أحيانا .. و ظل يتجاهل أسئلتي حتى صدتني كرامتي كامرأة عن طرح المزيد من الأسئلة
و نسيت الأمر أو تجاهلته .

حتى جاء ذلك اليوم .....


يتبع في الحلقة الثانيه .....