<font color='#000000'>الفصل السابع:
وقت المغرب، يتحول بيت أبو حصة لأحلى مكان في العالم، والندى على أوراق الريحان والياسمين توه متفتح في الحديقة وأشجار المانجا بشكلها الأسود الحزين...
حمد يحب يمر عند هالبيت في هالوقت ووياه كلاب سالم ، اللي هدوءهم في هالوقت يكون غريب جداً، وكأنهم حاسين حتى مجرد صوت نفسهم يعتبر جريمة في حق هالصمت الرائع..
في معظم الأوقات، يحس حمد انه منعزل عن باجي العالم، بس لما يوصل للعزبة، يحس نفسه صغير في وسط كل هالروعة، شو الفرق بينه وبين ورقة الشجر؟ الورقة، في رايه، أهم بألف مرة عنه لأنه لها هدف في الحياة.. ومهما حاول حمد انه يعرف شو هدفه في الحياة يوصل دايماً لنتيجة وحدة.. ولا شي، حمد ما منه فايدة، مجرد عقبة..مثل ما يقول سالم.. لكن أكيد في سبب لوجوده في الحياة غير الهم والعيشة المرة اللي هو عايشها، أكيد&#33;&#33; ولاّ ليش بالضبط هو موجود هني؟؟ بس عشان يحس اش كثر هالمكان حلو وسط الشجر ويشم نسيم الهوا البارد في وقت المغرب في أول أكتوبر؟؟

ساعات، لما ينسى انه مجرد يتيم عايش على شفقة سالم. وينسى انه ولد سعيد الخمار، يقتنع حمد انه أكيد في شي مميز بداخله.. يمكن محد يشوف الدنيا مثل ما هو شايفها.. محد يقدر يحس بروعة وجمال اللي حواليه مثله.. ولما يفكر حمد بها التفكير، يحس انه كل الأبواب انفتحت جدامه وانه عنده فرص وايده عشان يعيش حياته. حمد في النهاية شاب عمره 17 سنة بس ، وجدامه العمر بطوله، والكلاب منسدحة على الحشيش حذاله وكل شي هادي ومسالم، مثل الهدوء قبل العاصفة.. وحس حمد فجأة إنه شي راح يصير اليوم بيغير حياته كلها.

هني.. في هالعزبة، كانو يربون 12 فرس. ومن بينها شاهين اللي اشترك وفاز في سباقات دولية. حمد لقى صورة طايحة في الاسطبل تحت الحشيش، ولما شاف صورة شاهين لابس شال حرير أبيض مع أزرق، دمّعت عينه، وتمنى لو كان عايش هني على أيام عايلة الكندي. عمته مريم خبرته إن الأرض كانت تهتز لما تركض الخيول كلها وقت المغرب.. الفريج كله كان يحس بالأرض تهتز تحته.
من بين كل الخيول اللي تربت هني، شاهين بس اللي بقى. كانت المرحومة أصيلة مدلّعتنه لآخر درجة. كانت تأكله مكعبات سكر وتهمس له في إذنه بكلام غزل وكانت دايماً تتمشى وياه قبل المغرب بشوي.. وعشان جذي شاهين، ولين ألحين، يتوتر في هالوقت .. إذا كان برّى في العزبة، يركض مثل المجنون. وإذا كان في الاسطبل، يرفس وينط في مكانه. ولما يكون في هالحالة، أحسن شي الكل يبتعد عنه.

مدرب الخيول اللي كان هني خبر حمد ان شاهين قبل لا يستخف، كان واحد عارض يشتريه عن عبيد الكندي بمبلغ مليون وثمانمية وخمسين ألف درهم.. ولين ألحين، شاهين بعده يساوي ثروة.. رغم انه كبير في السن، عمره 22 سنه. بس محد يصدق انه كبير لهالدرجة لما يشوفونه. وأكيد هالشي صار لأنه محد ركب على ظهره من سنين، وهذا بعد سبب عناده ومزاجه الصعب. الكلاب يموتون من الخوف لما يشوفونه، خصوصاً عقب اللي صار الشهر الماضي لما رفس واحد من الكلاب اللي اتجرأ واقترب من الاسطبل.. الكلب المسكين انكسر عموده الفقري واضطر سالم انه يقتله عشان يفكه من الألم اللي هو فيه.

المفروض حمد يكون في بيت واحد من ربعه هالحزة.. بدل لا يتمشى هني بروحه . الشي اللي يضحك هو ان الشباب في المدرسة يتحرونه غني. أكيد يتحرونه ألحين قاعد في أحسن المطاعم ولا في واحد من الفنادق.. والله حاله&#33;&#33; فكّر حمد اللي صار يفهم ليش الكل حاسدنه.

سالم غني، والشي المنطقي إن حمد اللي ساكن في بيته لازم يكون بعد غني. بس الواقع غير جذي.. الواقع انه حمد وايد فقير وحاله حال أي هندي يشتغل في المزرعة. ما عنده شي&#33;&#33; حتى الثياب اللي لابسنها، سالم اشتراها حقه. الشباب في المدرسة متأكدين انه حمد يلبس نعال جديمة جي بس حركات. ومتأكدين انه ما يرضى يسير وياهم يتحوط في المقاهي والاسواق ليلة الخميس لأنه عنده وايد أشيا أحسن يسويها. ما يدرون انه ما عنده بيزات يصرفها إذا ظهر وياهم.

حمد ريال ما عليه كلام.. عنده ربع اش كثر والكل يعزمه في الحفلات والمناسبات مثلاً: اليوم حفلة عيد ميلاد ربيعه مبارك.. أهل مبارك رايحين العمرة ومبارك استغل الفرصة وعزم ربعه كلهم يباتون عنده الليلة ويسهرون على الأفلام الحلوة..
بس حمد بدل لا يروح، تم هني في المزرعة يفكر بالخيول ويفكر بمصيره وقدره.. كان يفكر بعمق شديد لدرجة انه ما لاحظ في البداية انه في حد يمشي وياي من الصوب الثاني.. اللي تمشي هاذي بنية لابسة جاكيت أسود طويل.. هي نفسها البنت اللي شافها في العزا..&#33;&#33;

بالرغم من انها صغيرة وكتكوته بس مشيتها قوية وخطواتها ثابته.. راقبها حمد وهي توقف وتطلع علبة جيكارةوتاخذ حبة وتولّعها. وحس حمد بالذنب لأنه يالس يراقبها من دون ما تحس. البنية وايد حلوة بس مب هذا هو اللي جذبه حقها.. حمد حاس انه يعرف البنية وحتى في العزا حس بالاحساس نفسه.. وكأنه كان يترياها حتى قبل لا يشوفها. كانت متظايجة وايد هذاك اليوم.. كانت تصيح.. بس لما بدوا الناس يطلعون من الصالة والميلس.. خلت عمرها طبيعية جداً.. هذا اللي أثّر فيه.. انها ما تسمح لأي احد انه يحس بألمها.. وهو هذا اللي حمد يالس يسويه طول حياته..

وألحين يالس يسأل عمره إذا لازم يخبرها انه موجود هني ولاّ لأ.. يكح ولا يتحرك؟ أو أحسن له يروّح من هني خير شر؟&#33; بس الفضول اللي فيه وقّفه مكانه..
حذاله.. بدت الكلاب تتوتر.. عشان جذي رفع حمد إيده وأشر لهم ومنعهم من انهم ينبحون..

بعيد عن حمد.. في الشارع اللي كله طين، كانت سارة تمشي يمين ويسار وهي تدوخ جيكارتها عشان لا تتجمد من البرد، كانت لابسة دلاغين صوف فوق بعض وبوت جديم حصلته في كبت الصالة.. بس بعد ما يكفي عشان يدفيها. بكل بساطة، سارة مب متعودة على هالجو البارد.. وهذا بعده لين ألحين شهر أكتوبر&#33;&#33;
كيف الناس اللي عايشين هني مستحملين هالبرد؟ فكرت سارة .. أكيد هالجو مسوي فيهم شي&#33;&#33; أكيد لما الواحد يتعود على البرد هذا، يخليه يوصل لأعماقه وينظفه وينقّيه تماماً من كل الهموم اللي فيه.

رغم البرد، حست سارة براحة لأنها طلعت من البيت الكئيب اللي يالسين فيه. من يوم ما وصلوا لين ألحين وبعدهم ما خلصوا شغلهم اللي يايين عشانه، أمها طول الوقت يالسة توزع أغراض عمتها مريم.. وباين انها ما ترقد طول الليل وهالشي تعرفه سارة لأنها ترقد في الصالة وتسمع أمها يوم تفتش في الأغراض في الصالة اللي فوق أو تسوي لها شاي في نص الليل..

أمس الفجر، قامت سارة من الرقاد وشافت أمها على الدري تطالع برى الدريشة وتركز بشكل فظيع لدرجة إن اللي يشوفها يقول القيامة قامت برى... وحاولت سارة تفهم سر نظرتها او شو اللي يالسة تفكر فيه.. بس ما قدرت..

والحين بعد عندهم القطوة. حصة صارت فجأه خدامة للقطوة. وكأنها تعاقب عمرها لأنها نستها من البداية. كل يوم تأكلها معلبات تونا ودياي مطبوخ، رغم ان هالقطوة وايد وصخة وسارة تكرهها وما تطيق حتى تشوفها.

أمس، لما اتصلت بربيعتها خلود عشان تشكي لها همها، خلود ما كانت موجودة في البيت.. أم خلود تقول انها تذاكر بيت ربيعتهم عذاري، بس سارة تعرف ان خلود مواعدة حبيبها سيف. "أونّج بيت عذاري&#33;&#33;" كانت سارة ناوية تقول لخلود. "أتمنى تكونين استانستي وارتحتي لأني أنا أكيد هني ميتة من الملل."
لو كانت سارة في بوظبي ألحين، كانت أكيد بتكون في المارينا مول هالحزة. على الأقل تقدر تصرف شوية بيزات وتحس براحة. اهني، لما تبا تبتعد عن أمها، ما تلاقي جدامها غير الشوارع الظيجة والبيوت الجديمة والهنود في كل مكان.

محد يعرفها هني.. ولا احد مهتم فيها.. من اول ما وصلت هني.. وهي بتمووووووت عشان ترد بوظبي.. تبا تسوي المستحيل عشان تروح بيتهم.. بس بصراحه.. ترد لشو بالضبط؟؟؟ وترد لمنو؟؟ سارة تكره المدرسة وتكره كل ربيعاتها .. ما عدا خلود... وبصراحه خلود مملة بس سارة تعودت عليها.. وفوق هذا كله.. سارة كرهت نفسها عقب ما تعرفت على شاب من التقنية.. هالشاب كان ربيع خلود.. ويوم ملت منه عرفته على سارة.. اللي انجذبت لرمسته واسلوبه الحلو في البداية.. وتظاربت ويا امها امية مرة عشانه.. بس وهي هني.. تمشي في هالجو البارد.. حست سارة بالذنب.. وقررت انها ما ترد ترمسه مرة ثانية.. عشان جذي فكرت... ليش انا وايد متحمسة اني ارد بوظبي.؟؟؟ لو انتهى هالعالم الحين .. في هالثانية... ما اظن راح تفرق ويايه..

" أحسن لي اموت قبل لا ادمر حياتي بإيدي.." فكرت سارة.. وهالفكرة بدت تتكون عندها من يوم العزا.. وهالفكرة هي اللي معيشتنها في هالكآبه.. شو هدفها في الحياة؟؟؟ شو اللي تبا تنجزه في حياتها.؟؟؟ وليش هالافكار تراودها.. ليش ما ترد سارة اللي كانت في بوظبي.. ؟؟ سارة اللي ما يهمها اي شي.. واللي ما كانت تفكر بالمرة..

طفت سارة الجيكارة وفرتها بقرف.. وشافت باب مزرعة سالم مبطل.. ودشت من دون ما تحط في بالها انها لازم تستأذن.. وطبعا ما كانت تعرف هاذي مزرعة منو.. تمشت سارة في المزرعة وعيبتها وايد.. وقفت تعدل شيلتها .. وفجأة.. حست بنفس على رقبتها.. غمضت سارة عيونها وهي حاسة بخوف.. يا ترى هي تتوهم ولا في حد واقف وراها؟؟ وترددت.. بين انها تركض من دون ما تطالع وراها .. وبين فضولها اللي خلاها تلتفت وتشوف شاهين منزل راسه ويطالعها.. وحتى قبل لا تلتفت له.. حست سارة انها دشت في حلم غريب.. وحلو..

يتبع

شمس دبي</font>