<font color='#000000'>الفصل الرابع:
-------------

الساعة 8:30 الصبح، كانت سارة وحصة لابسين وجاهزين عشان يروحون بيت يد حصة لأن العزا هناك. وعقب خمس دقايق وصلت أمل ربيعة حصة في سيارتها الكامري عشان توصلهم.
"مشكورة حبيبتي، والله ما اعرف شو كنت بسوي من دونج." قالت حصة لأن سيارتها بعدها ما تصلحت.
ابتسمت حصة واستغربت اش كثر تحب ربيعتها أمل، يوم كانت صغيرة كانت تتظايج من أمولة وايد. وكانت تعتبرها صديقتها بالغصب لأن أبوها وأبو أمل ربع وشركا في شركة المحاماه، ومع مرور الأيام صاروا يكرهون بعض أكثر وأكثر. ومرة تخاصموا ولمدة سنتين طنشت كل وحدة فيهم الثانية. حتى يوم كانت حصة وأبوها يروحون بيت محمد الكعبي في العيد ، كانت حصة تيلس ساكتة لين ما تروح.. شو كان سبب هواشتهم؟ محد يتذكر.
"تظاربنا لأنج كنت خقاقة." قالت أمل وهي تلف عند الدوار، كانت سيارتها كلها أوراق وملفات وأقلام رصاص.
"لا يا حياتي.. تظاربنا لأنج كنتي ما تعرفين تصكين حلجج وتكتمين الأسرار." قالت حصة.
ضحكت أمل وفكرت إن حصة معاها حق. أمل صحفية في جريدة الاتحاد وهالشي خلاها تعرف كل اللي يستوي في الفجيرة لأن الأخبار توصلها أول بأول. أمل تعرف مثلاً إن علي الشيبة باع أرضه ب300 ألف درهم ورفض يبيعها لسالم مع ان سالم عرض عليه 500 ألف درهم للأرض والسبب إن علي –مثله مثل باقي أهل الفجيرة- يكره سالم. لكن أمل طبعاُ ما بتخبر حصة بهالمعلومات ولا بتخبرها إن نص الحريم اللي هني متخبلات على سالم ومستعدات يودرن رياييلهن وحبايبهن عشان خاطر عيونه. أمل تعرف كل شي، وهالشي يريحها. تعرف ميزانية المدارس السنوية وتعرف كم حادث يستوي كل شهر وهي أول وحدة توصلها أخبار الوفاة والولادات والحوادث والجرايم.
"إنتٍ لو تعصريني عصر ما بتحصلين مني حتى خبر واحد أوكى؟" قالت أمل.
وظيفة أمل خلتها دايماً مستعدة انها تعرف كل شي جديد، ومن الأشياء اللي تعلمتها إن زوجها سلطان الزعابي – مدير شرطة الفجيرة- أحسن ريال في الدنيا.. بس في معلومات تعرفها أمل من زمان-من أيام طفولتها- ومن هالمعلومات إن ربيعتها حصة هبلة وعايشة في نعمة مب حاسة فيها ولا تشكر ربها عليها.. وممكن تضيع كل شي في حياتها عشان واحد ما يسوى.

"إنتٍ متشايخة علينا عشان عايشة في أبوظبي." قالت أمل لحصة. "لكن في وحدة ثانية يحق لها تتشايخ علينا.. ابتسام.. تذكرينها؟ عمرها 39 سنة وبتتزوج للمرة الثالثة الاسبوع الياي.."
"احلفي؟" انصدمت حصة. "ابتساموه ما تضيع وقتها." حطت حصة شيلتها على كتفها ولفت شعرها بمشبك فضة من تصميمها هي.. حصة عندها محل مجوهرات وهدايا في أبوظبي وهالمحل يكسب في الشهر الواحد أكثر من 10 آلاف درهم، ومعظم المجوهرات والهدايا اللي فيه من تصميم حصة اللي تحب تسلي وقتها ويا الذهب والفضة والأحجار الكريمة، وأمل لابسة سلسلة ذهب أبيض هدية من حصة في عيد ميلادها، حصة قعدت تصمم هالسلسلة شهرين لين ما ضبطت التصميم وودتها المحل يجهزونها حقها.
"ابتساموه مب سهلة. إنت بس لو تعرفين شو سوت السنة اللي طافت." قالت أمل، وطالعت حصة بطرف عينها وقالت: "بس تعرفين شو اللي يقهر أكثر؟ إن ريلها يجنن وأصغر عنها ب 10 سنين. أكيد ماخذنها عشان بيزاتها.. أنا متأكدة."
ابتسمت حصة لربيعتها الحلوة وقالت في خاطرها.. أمل ما تغيرت، بعدها قمر. "وشو اللي يخليج متأكدة يا مدام أمل؟ يمكن يحبها." قالت حصة.
"لأنه رقمني يوم الخميس في كورنيش كلبا." ابتسمت أمل.
ضحكت حصة وقالت: "ما قدر يقاوم جمالج الفتان."
"أكيد.." قالت أمل. "منو يقدر يقاوم حصة وأمل؟ إحنا كنا نطلع السوق نسوي ضجة&#33;&#33;"
ضحكت حصة وتذكرت أيام مراهقتها ويا أمل.. وقالت: "لا.. كان في واحد يكرهنا يا آنسة أمل.. كان يشوف الموت ولا يشوفنا... تذكرين سلطان؟ ."
ابتسمت أمل وحست بقلبها ينقبض وهي تتذكر ريلها. "صح انه كان يكرهنا في البداية.. بس بعدين اعترف لي انه يحبني وتزوجني."
طول هالفترة كانت سارة تسمعهم وعلى ويهها نظرة احتقار.. أمها وخالتها أمل وايد سخيفات ويوم يقعدون ويا بعض يصيرون أسخف عن اليهال.. أمل تزورهم ويا ريلها في أبوظبي مرة كل شهر. وسارة تكره حياتها يوم تعرف انها ياية بيتهم. "ممكن تسكتون؟" قالت لهم.
طالعت أمل سارة وهزت راسها وضحكت هي وحصة على شكلها. كانت سارة لابسة تنورة وقميص أسود ظيج وايد. ومخلصة قوطي المسكارا على عيونها، وقصتها- اللي مطلعتنها من الشيلة- متروسة جل لدرجة انها تلمع. انقهرت سارة وفكرت في ربيعتها خلود، لما تشوفها بتقول لها: "بس لو شفتيني.. محبوسة في هالسيارة مثل الفار.. وهالعيايز ينصحوني في الموضة.. حسيت اني مخنوقة.. مخنوقة&#33;&#33;"
"ليش تخلينها تطلع جذي؟" سألت أمل حصة.
"أخليها؟؟؟&#33;&#33; " أمل ما تعرف شو معنى انه يكون عندها بنت مراهقة. "سارة إذا سمعت كلامي بتموت."
"ممكن توصلينا العزا وانتي ساكتة؟" قالت سارة بصوتها الخشن. قبل لاتطلع، دخنت جيكارة في الحمام وبعدين ترست عمرها عطر عشان تشيل ريحة الدخان.
"انشا الله عمتي." قالت أمل. "بس أتمنى ما يكون العزا عطّلج عن أشغالج المهمة ومواعيدج."
"لا تخافين.. أشغالي ومواعيدي أجلتهم لين باجر." قالت سارة وطلّعت جامة صغيرة عشان تشوف شكلها واتمنت شيئين عشان تطلع حلوة: عيون أكبر وويه أصغر. وقالت في خاطرها: "أنا وايد خسفة.. مستحيل أي احد في الدنيا ينعجب فيّه؟ يمكن ماما وهالغبية أمل معاهم حق.. بصراحة يوم قصيت شعري استويت خسفة.. شرات الرياييل." اليوم بيكون وايد كئيب وسارة تتمنى لو انها تمت اليوم بطوله راقدة.
"بعدني مب مصدقة انّ عمتي ماتت." قالت حصة. "الله يرحمها ربتنا وعمرها ما اشتكت.. عمرها ما فكرت في روحها.. والله محد كان يسواها."
"أونّه&#33;&#33;" قالت أمل ببرود.
انصدمت حصة من لهجة أمل وكانت بترد عليها بس الشارع كان وايد زحمة وأمل كانت مركزة على الدرب جدامها، وبعدين حصة تعرف أمل زين.. أكيد في شي في خاطرها أو انها بس تبا تظارب.. عشان جذي بتسكت عنها.
"هني وقفت سيارتي." قالت حصة لما اقتربوا من شركة التأمين.
"خل نحفّر عليها.." وفعلاُ طافت أمل صوب السيارة وحفّرت عليها.
"إنتٍ خبلة؟؟&#33;&#33;" صرخت سارة. لكن حصة وأمل اللي أكبر وأعقل عنها طنشوها تماماً ولا كأنها موجودة.. اللي في بالهم خلاهم ينسون كل شي إلا ذكريات هالشارع .. كم سنة مرت على آخر مرة مشوا فيها ويا بعض في هالشارع؟ كانت أمل وحصة من أجمل البنات اللي في الفجيرة وأهلهم واثقين فيهم ودوم يخلونهم يطلعون ويا بعض، تذكر حصة ان أمل كانت دايماً تلبس بناطلين وتحفر بسيارتها على سعيد أخو حصة كل ما شافته في الشارع. كانت أيام حلوة وكانت حصة واثقة ان مستقبلها مضمون : وناسة طول العمر ويا حبيبها.. هذا اللي كانت تباه.. وفجأة حست براحة فظيعة لأنها في الفجيرة وتمنت من كل قلبها اتم هني على طول.
أنا هني&#33;&#33;.. مب يالسة أحلم.. أنا صج هني.. فكرت حصة. أول ما فتحت عينها اليوم الصبح وتذكرت انها راقدة على فراشها الجديم اللي رقدت عليه امية ألف مرة قبل هالليلة، تأكدت انها كانت غلطانة لما رجعت الفجيرة مرة ثانية. لأنه أول شخص فكرت فيه يوم قامت كان سالم. ولما وقفت عند دريشتها تطالع الشارع، حست انها عمرها ما ودرت هالبيت. حجرتها كانت دايماً أبرد حجرة في البيت، بس في اللحظة اللي كانت حصة تتذكر فيها سالم، كانت تنسى البرد وهمومها وكل اللي حواليها..

أول شي سوته حصة اليوم، عقب ما تسبحت، انها نزلت الصالة واتصلت بريلها خالد.. بنتها سارة كانت راقدة في الصالة ومتلحفة بعباة أمها. من التعب ما قدرت تروح ترقد فوق. من الدريشة، كانت حصة تقدر تشوف مزرعة قوم الكندي وحست ان قلبها بيطلع من صدرها من كثر ما يدق. وقالت في خاطرها: إذا رد خالد على التيلفون قبل خمس رنات، معناتها إنها بعدها تحبه وإن كل شي بيتم على حاله.. حتى لو كان حبيب عمرها راقد في بيته اللي جدام بيتهم بالضبط. وحتى لو كانت تتذكر بالتفصيل كل شي عن علاقتهم.. كل شي بيتم على حاله لأنها تحب خالد.. وفجأة تذكرت ان الساعة 8 وان خالد محاظرته تبدأ ألحين، يعني أكيد مب موجود في البيت. بس حتى من دون ما ترمسه، كانت حصة متأكدة من مشاعرها صوبه. وعلى طول راحت تقعّد بنتها وسوت لهم ريوق وشالت هالموضوع من بالها.
بس شو اللي راح يمنعها تفكر فيه ألحين يوم طافت سيارته ال BMW عند الدوار؟؟
"لا تخافين." قالت أمل لما حست ان حصة تظايجت. "سالم مب رايح العزا ولا بيروحه. ريحي بالج، لأنه لين ألحين سالم ما تغير، بعده حقير ووقح."
صدت حصة بسرعة وطالعت أمل بنظرة عشان تنبهها إن سارة موجودة ، بس فات الأوان .
"منو سالم؟" سألتهم سارة.
سارة دومها جذي، يوم تباها تسمع الرمسة اللي تفيدها، تخلي عمرها طرشة وتطنش. ويوم ما تباها تسمع، تكون أول وحدة تلقط الرمسة.
"اسألي أمل.. هي اللي تعرفه." قالت حصة.
"مجرد خيال.. كابوس." قالت أمل. "بالنسبة لي على الأقل."
"لا والله؟؟" ما اقتنعت سارة. "صدّقتج&#33;&#33;"
"ما عليج من أمل.. وايد تحب تبالغ." قالت حصة، بس في داخلها كانت تتمنى سارة تنسى السالفة بالمرة.

لما وصلوا بيت يدهم العود، كانت الزحمة فظيعة عند باب الحوي وما حصلت أمل مكان تبركن فيه سيارتها، وليش لا؟ مريم الشامسي كانت محبوبة من الكل والناس كلهم هني يايين عزاها..
كانت حصة دايماُ تفكر ليش عمتها ما تزوجت؟ ومرة سألتها لما كانت سهرانة وياها في الصالة.
"الله ما كتب لي أتزوج." ردت عليها عمتها هذاك اليوم.
وساعتها ما فهمت حصة شو قصد عمتها ويمكن عمرها ما راح تفهم. هل كان قصدها إن محد خطبها؟ ولاّ يمكن كانت تحب واحد وهو ما يحبها؟ وعلى كل حال، عمتها مريم كانت دوم غامضة ومستحيل كانت تخبرها بالسبب. وكل اللي كانت حصة تعرفه عنها هو انها تحب المطر واليهال والطبخ وتحب تسافر بروحها. وكانت تحب الورد الأصفر، وعشان جذي يابت حصة وياها 16 باقة ورد أصفر وزعتهم في البيت كله. وريحة الورد كانت حلوة وفي نفس الوقت حزينة، ويمكن هذا اللي خلا حصة تحس بدوخة وهي داشة العزا. ووراها بنتها سارة اللي كانت بتدعم في محمد الكعبي أبو أمل.
الكعبي طويل، ضخم وله هيبته.. لدرجة في مجرمين يعترفون بجريمتهم من الخوف أول ما يشوفونه. بس اليوم، شكله كان وايد يقطّع القلب، الشهر الياي بيكمل الكعبي 72 سنة وإيده كانت ترتجف لما سلمت عليه حصة وباسته على راسه، وسلمت على زوجته –أم أمل- شيخة ودشت وياها عند الحريم.
"الله يرحمها، كلنا انصدمنا يوم عرفنا انها ماتت." قالت شيخة لحصة. بس أكيد صدمتهم كانت مب كثر الظيج اللي حاسته سارة وهي يالسة بين الحريم.. حست سارة فجأة انها متجمدة ولما اطالعت في الجامة شافت ويهها أبيض مثل الثلج، ولاحظت ان كل اللي سلمو على أمها تجاهلوها هي تماماً أو طالعوها باحتقار. وعشان جذي لصقت سارة بأمها اللي حظنتها وقالت لها: "شو بلاج حبيبتي؟"
"أحس اني برجّع&#33;&#33;&#33;" همست سارة.
"لا فديتج." قالت حصة. "إنت بس متظايجة من الزحمة هني."
"صدقيني برجّع." قالت سارة، كانت حاسة انها مختنقة.. ريحة الموت تارسة هالبيت وكأنه يالس يقول لها انه دورها ياي.. "برجّع." قالت مرة ثانية وشكلها كان يدل على هالشي.
قامت حصة وطلعت ويا بنتها في الحوي عشان تشم شوية هوا. وعلى طول طلعوا وراهم خمس حريم عشان يطّمنون على سارة اللي كان في خاطرها تصرخ عليهم وتقول لهم يودرونها في حالها. ولما دشت أمها الصالة، تمت سارة برى ويت عينها في عين حمد اللي كان ياي العزا في هاللحظة ويا ربيعه صقر وشافها واقفة عند باب الصالة.

استغرب حمد لأنه أول مرة يشوف هالبنية هني. وحس حمد بنغزة في قلبه، شكلها وايد متظايجة.. ووايد حلوة. كان خاطره يسير يرمسها، بس هالشي صعب لأنه حمد محترم ومستحيل يرمسها هني جدام الكل. وعشان جذي كمّل طريجه وراح الميلس عند الرياييل.. وهو يفكر فيها. ورغم البرد والمطر، حس حمد فجأة انه بيحترق، وعقب نص ساعة، طلع الحوي وهو يدعي ربه انه يشوف البنية الحلوة مرة ثانية. وحمد ربه يوم شافها بعدها واقفة مكانها.. بس باين انها دايخة لأنها كانت يالسة على كرسي وإيدها على قلبها. وسارة كانت فعلاً دايخة ولما سمعت صوت قطوة يت تقعد عند ريولها، ارتجفت من الصدمة كأن حد هزها وقعدها من حلم.
في يوم من الأيام، بيي الدور عليها وبيسوون لها عزا وبيصيحون عليها، وهالشي خلاها تبدا تصيح مرة ثانية.. الحياة لحظة، وسارة كل اللي تهتم فيه هو مكياجها وشعرها وثيابها، وقبل لا تحس بيخلص عمرها وفرصتها في هالدنيا بتروح.. وفجأة حست سارة إن في شي في داخلها يتغير، واختفوا كل اللي حواليها وما كانت تحس إلا بعمرها وهي قاعدة هني.. خايفة.. وحزينة..
ولما ردت تدش الصالة، كان أول شي شافته هو ويه أمها اللي كانت تصيح من خاطرها وشيخة حاظنتنها.. وتمنت في هاللحظة تكون في بيتهم في أبوظبي.. تمنت ترد البنية الأنانية اللي ما تفكر أبداً إلا بعمرها.. البنية اللي مستحيل تخلي أي شي يأثر فيها..

نهاية الفصل الرابع..
ترقبوا الفصل الخامس

شمس دبي</font>