<font color='#000000'>تكملة الفصل الثاني أكثر وقت تذكره حصة هو الصيف اللي مات فيه أبوها،
لما كان عمرها 14 سنة.
في الليل كان القمر دايماً يحيرها. كبير، فظي، وكله غموض وكانت تقعد عند دريشتها كل ليلة بس تطالع القمر وتفكر فيه.
وفي هالوقت، كانت حصة تعرف إن سالم برّى، فوق السطح، يترياهاتطلع له عشان تقعد وياه للفجر. يخبرها وتخبره اش كثر يحبون بعض، بكل هدوء عشان لا يقعدون أي أحد في البيت. محد كان يعرف عن حبهم. ولا حتى عمتها مريم اللي ما كانت حصة تخبي عنها أي شي ولا أمل اللي كانت تغصب حصة إنها تخبرها بكل تفاصيل حياتها وأسرارها.
في هالصيف، كانت حصة عايشة في حلم، وكان من المستحيل تلاحظ أو تحس بوجود أي أحد غيرها هي والإنسان اللي تحبه. وعشان جذي كانت صدمتها أكبر لما قعّدها أخوها سعيد من الرقاد وخبّرها إن أبوها توفى.

ورث سعيد البيت والمزرعة والشركة وورثت حصة بيت إيجار وثلاث محلات وتنازلت عمتها مريم عن كل اللي ورثته لسعيد وقالت إنها ما تبا شي غير انها تقعد في بيت أخوها.
وطبعاً طرد سعيد سالم من البيت وسمح له إنه يسكن في الملحق.
واستغل سعيد الفرصة عشان ينتقم من سالم، وبدا يكتب فاتورة كل اسبوع فيها مصاريف أكل سالم وغسيل ثيابه وقعدته في الملحق.
ولما خلص سالم الثانوية، اشتغل سنتين ونص لين ما قدر يسدد الديون اللي عليه حق سعيد. لكنه في النهاية، سدد كل فواتيره وكانت أكثر البيزات اللي حصلها من شغله في دبي عقب ما خلص ثانوية عامة.
--------------------------

في اليوم اللي طلع فيه سالم من حياة حصة للأبد، كان الجو أكثر من رائع. وكانت حصة باقي لها شهر وبتخلص الثانوية العامة. وكانت قاعدة في الصالة ويا عمتها مريم يخططون وين بتدرس حصة يوم بتخلص.
وقامت حصة تفتح الدريشة وتنظفها وفكرت بمستقبلها. كانت متأكدة ساعتها، إن أي قرار تتخذه وأي مكان تروحه لازم يكون سالم وياها. سالم بيتزوجها، هذا اللي كانت متأكدة منه.
ولما دخل سالم وخبرهم إنه سدد ديونه كلها واستقال من شغله، حس لأول مرة في حياته بطعم الحرية. لكن اللي خلاه يحصل كل هالبيزات مرة وحدة ما كان شغله وبس. كان سالم توه بادي يتعامل مع يوسف – رجل الأعمال اللي كان ماسك كل المشاريع الصناعية في الفجيرة، وشغله وياه هو اللي خلاه يصير غني بهالسهولة. وألحين عقب ما حصل حريته، كان سالم مستعد يبدا حياته من أول ويديد.
كان هذا أهم يوم في حياته وكان يبا يكلم حصة عشان يخطبها من سعيد. لكن حصة كانت تفكر بأشيا ثانية ولا انتبهت ان هاليوم راح يغير حياتها للأبد.

في الفترة اللي اشتغل فيها سالم في دبي، تعودت حصة على غيابه. وتعودت انها تشتاق له. وعشان جذي دوّرت ربع في مكان ثاني غير بيتهم.
واليوم بتسير تتعشى عند جيرانهم قوم الكندي. لأن صديقتها ألحين صارت بنتهم أصيلة . وكان كل اهتمامها في هاللحظة هو شو راح تلبس اليوم لما تروح بيتهم. ويا على بالها فستانها الأزرق وهذا هو اللي شغلها عن سالم.

"شو إللي يهمج أكثر؟ تروحين عندهم ولا إتمين ويايه؟" سألها سالم بعصبية.

انصدمت حصة من سؤاله لأنها كانت قاعدة تختار أي خاتم تلبس من صندوق مجوهراتها. وجاوبته بكل بطءلأنه- ولأول مرة في حياتها- كان يشدها من إيدها بقوة.
"بس عاد&#33;" قالت له.
سالم كان دايماً يغار لما تروح بيت عبيد الكندي. بس حصة عمرها ما اهتمت لهالغيرة. بس اللي قاعد يصير ألحين شي ثاني&#33; لأنه قاعد يهزها بقوة، وبصعوبة قدرت حصة تبتعد عنه وقالت له: "التعن من جدامي&#33;&#33;"

كانت هاذي أول مرة ترمسه حصة بهالطريقة، واللي قالته صدمهم اثنيناتهم. بس حصة كانت عارفة انها مب قاصدة اللي قالته.

"لها الدرجة انت كارهتني؟" سألها سالم.
"أنا ما قلت جذي." صرخت عليه حصة، وحست انها جرحت مشاعره. "إنت اللي قلت."

أكبر خطأ يرتكبه الواحد في علاقة حب هو إنه يطلع من الحجرة في نص الهواشة ويودّر اللي يحبه وراه في الحجرة بروحه. وهذا اللي سوته حصة لما راحت بيت الكندي وخلت سالم واقف في حجرتها يطالع الباب بصدمة. ومن هاذاك اليوم وحصة تفكر شو كان ممكن يصير لو إنها ما طلعت من الحجرة وما راحت عند أصيلة. لو انها حظنته واعترفت له انها من الصبح وهي قاعدة تفكر فيه وبمستقبلهم ويا بعض.

كانت حصة قاعدة تتعشى عند أصيلة لما حست فجأة بالغلطة اللي سوتها وعلى طول قامت وردت ركض البيت... بس عقب شو؟
سالم خلاص راااااااااااح.



عقب ما راح سالم، كانت حصة تقعد جدام دريشتها فوق تترياه، يوم عقب يوم، أسبوع عقب اسبوع. ولا مرة اتصل أو طرش رسالة، ولين ما اتخرجت حصة، كانت خلاص اتعودت انها ما ترد على التيلفون لأنها متأكدة انه ما راح يتصل. بس الحمام اللي يبنون عشهم على شجرة الصنوبر اللي حذال دريشتها كل سنة في شهر مارس كانوا دايماً يردون في نفس الموعد. وكان حصة تفكر إن الحمام علامة ودليل على إخلاص سالم وحبه لها وإنه أكيد راح يرجع في يوم من الأيام. البنات اللي راحت وياهم المدرسة كلهم تخرجوا وياها.. وبعدين اللي راحت الجامعة واللي تزوجت حبيبها واللي اشتغلت، وحصة تمت مجابلة دريشتها، ومن دون ما تحس.. صارت هالدريشة عالمها.. والشارع الخالي قدرها.

عقب ثلاث سنوات، صارت حصة ما تعرف عمرها لما تشوف ويهها في الجامة.
متى صار شكلها جذي؟
جنها وحدة كبيرة.. كانها عيّزت فجأة ..
وأخيراً.. يوم عيد ميلادها الواحد والعشرين،
تخلت حصة عن دريشتها وعمرها ما عرفت إذا كان الحمام رجع هاذيج السنة ولاّلا.
ولا صارت تطالع القمر في الليل وترمسه.
ولا شمت ريحة النعناع المزروع حذال باب الصالة.
كل اللي سوته هو انها حطت ثيابها في شنطتها واتصلت لخالد الكندي وقالت له انها موافقة تتزوجه وتروح معاه أبوظبي،
ومن يوم ما راحت.. ما فكرت أبداً إنها ترجع.

قعدت حصة عند الدريشة 3 سنين وهي تحاول تفهم شو الذنب اللي ارتكبته في حق سالم عشان يودّرها؟

وطاف نص عمرها وهي زوجه وأم ..
وألحين تقدر تقول عن عمرها انها تغيرت.
تغيرت وايد.
هذا اللي كانت حصة تفكر فيه ألحين وهي تنظف حجرة النوم في بيتهم الجديم.
كانت بنت صغيرة لما كانت ترقد على هاذي الشبرية ..
ياهل
كانت تصيح بسرعة وتعد النجوم في الليل لما ما كانت تقدر تنام.
بس ألحين ما عادت تصيح خلاص.
ما عندها وقت للصياح ومشاغلها وايدة.
بس هذا ما يمنع إنها أحياناً تقعد من الرقاد والدموع في عينها.
وساعتها تعرف انها كانت تحلم فيه،
ومع انها ما تتذكر أبداً شو كان الحلم، لكنها تشم ريحة النعناع على مخدتها ، وكأن الماضي ممكن يرجع لها مرة ثانية إذا تمنت هالشي وحست فيه بكل قوتها.

نهاية الفصل الثاني
ترقبوا الأجزاء القادمة

شمس دبي</font>