السلام عليكم


كنت أبحث عن كتاب ، في مكتبتي الخاصة في المنزل ، و بدى لي فراغ بين الكتب ، المصفوفة بعناية ، و ذلك يكون عادة ، على حسب سماكة الكتب و طولها ، و يعني الفراغ أو تلك المسافة الصغيرة ، أنه يوجد كتاب مفقود ، لعل أنثاي ودت مطالعته ، و ليتني أعلم أي كتاب ، لم هذا الكتاب بالذات .




... لا والله !؟ ...
قبل سنة ..
- شريطة أن لا تزيحي - الغشوة - عن محياكِ ، قبل بدء العرض .
- شريطة أن لا تفزعي ، مرفقة مع الفزع صرخة ، يسمعها القريب و البعيد ، إذا ما كان هناك مشهد مرعب .
- شريطة أن لا تقهقهي ، بضحكات قد تثير فضول الحاضرين ، إذا ما كان هناك مشهد مضحك ، و إن دعاكِ الأمر فهنبصي .
- شريطة أن لا تطلبي الذهاب ، لبيت الراحة خلال العرض .
- شريطة أن نكون ، أول الحاضرين و آخر المنصرفين .
- شريطة أن تعيدي - الغشوة - على محياكِ ، فوراً بعد إنتهاء العرض .

وافقت أنثاي ، على هذه الشروط التعجيزية ، و التي بها تكمن غيرتي ، فمن حقي أن لا يستمتع ، ذكرٌ آخر بوجه أنثاي ، و لا أريد أن يثير فزعها ، مخيلة أي ذكر كان ، ضحكة أنثاي تغريني على الدوام ، فيكيف لو سمعها ذكر آخر !؟ في هذه الأماكن ، إذا أراد المرء أن يعبر طريقة ، فلابد من احتكاك الأجساد ببعضها ، و هذا أمر لا أطيقة ، و إن تخيلته قد أختنق ، لذلك لا أريد منها ، أن تسير ذهاباً و إياباً أمام الحاضرين .

أثناء العرض ، بدرت من أنثاي تصرفات ، كسرت بها حواجز الشروط ، فألقيت تهديداً لا إرادياً كان مفاده أنه - لا سينما بعد اليوم - ؟
كان تعليقها غريباً نوعاً ما .. إذ كان .. : هذا يسمى إبتزاز عاطفي ، و شروطك تخنقني ، ابتسمت متجاهلة نظرتي و تدعي أنها تتابع الفيلم .


... إدمان شراء الأحذية ...
لا أحب أن أحرم أنثاي ، من أي شيء تريد شراءه ، فقد من الله علينا بالخير ، و أحب لها أن تستمتع بالنِعم ، و لو كانت تريد أن تبالغ ، فلتبالغ لا يوجد لدي أي اعتراض ، أحب لها أن لا ترى أية أنثى أخرى ، تحظى بدلال من بعلها و هي لا ، أحب لها أن تتزين و ترتدي ما شاءت ، أريدها أن تواكب الموضة ، و أن لا تزيد عنها إناث العالم بشيء ، فهي أنثاي و ذلك حقها و واجبٌ علي ، في نفس الوقت ، زيادة على ذلك هناك أمور أخرى ، تستمتع بها أنثاي .

في إحدى المرات ، كنا في محل للأحذية النسائية ، و كانت أنثاي تواجه صعوبة ، في إرتداء الحذاء ، على الرغم من أن المحل ، كان يعج بالإناث ، إلا أني لم أخجل من الإنحناء ، و لـَم قدم أنثاي براحة يدي ، كي ألائمها مع الحذاء لترتديه ، و عندما إنتهيت ، رفعت رأسي لأكتشف ، أن الإناث الأخريات يراقبن بتمعن ، و وجه أنثاي قد إحمر خجلاً ، بسبب هذا الموقف ، و بسبب نظرات الإناث الأخريات .

قلت في نفسي : نعم مُتنَ غيضاً ، إنها تستحق أكثر من ذلك .
سمعتها في نفسها تقول : نعم مُتنَ غيضاً ، إنه يحبني و هذا بالنسبة له ، أمر بسيط لا يذكر .



... غلااااااسه ...
كل فرد في عائلتي ، يعلم أن ألذ الحلويات على لساني ، تلك التي تكون ، من صنع يدى إبنة أختي ، و لن يغيب الأمر عن أنثاي ، كي تتوصل لهذه المعلومة ، فهي دائماً تنتهز الفرص ، حين تكون برفقة إحدى أخواتي ، كي تتقصى ماضيَ مع عائلتي ، و الأحداث و الذكريات ، علها تستشف أو تستكشف ، خبايا هذا المخلوق - بعلها - و من خلال تلك المعلومات ، تستطيع أن تسيطر عليَ في أمر ما - نعم تسيطر - و ذلك لأني ذكر ، فيجب عليَ أن أفكر بهذه الطريقة .
في إحدى الأيام ، و أنا أقضي هنيهة نهاية فترة - الوظيفة الرسمية - أتاني إتصال من إبنة أختي ، تطلب فيه إن كان بمقدوري ، إيصالها من الجامعة للمنزل ، أنهيت الإتصال من هنا ، و على الفور باشرت أنثاي باتصال ، أعلمها فيه عن حضور ضيفتنا ، و استغربت من هذه المعلومة ، التي كانت بلا موعد مسبق ، و من ثم قاطعت حديثها قائلاً - ياني خط .. لحظه عيوني - و كان الإتصال الآخر ، من إبنة أختي تعلمني فيه ، باعتذارها عن الإزعاج ، و أن هناك شخص آخر ، سيقوم بعملية توصيلها ، فاعترضت مباشرة مدعياً أني قريب ، من ضاحية الجامعة و سأكون في حرمها بعد دقائق ، لأني لا أريد أن أفوت ، فرصة الضيافة ، لأنها لم تكن تعلم ، بأنها ستقضي المساء ، ضيفة في منزلي مع أنثاي ، و حين حاولت استرجاع المكالمة الأصلية التي بها أنثاي .. كما تعلمون .. أنهت أنثاي المكالمة ، دون إنذار مسبق .

و صلت للمنزل و معي ضيفتي المحبوبة ، إنتهت ديباجة التحيات و القبلات ، بينها و بين أنثاي ، فهرولت للمطبخ ، لتعد الغداء مع أنثاي ، و في نفس الوقت ، تعد في ما تيسر من المعلبات ، كي تجهز طبق - حلو - لخالها ، كما الأيام الخوالي .
أكلنا وجبة الغداء معاً .. ضحكنا .. تناولنا أحاديث عدة .. و استمتعنا أخيراً بطبق الحلوى .. أبديت إعجابي و انبهاري و امتناني ..

رحلت ضيفتنا ، و بعد رحيلها بادرتني أنثاي ، بابتسامة عريضة أردفتها بجملة استعصيتها .
قائلة : أنتما الإثنان ، ابتززتماني عاطفياً اليوم ، بما فيه الكفاية .




... حـتـماً تـَبـتِـسِـم ...
أنثاي المعقدة : أتغار عليَ كثيراً ؟
أنا : بالطبع .. و غيرتي تخنقني .
أنثاي المعقدة : دعني أعيد صياغة السؤال ، أما زلت تغار علي كما السابق ؟
أنا : بالطبع .. و لم يتغير شيء .
أنثاي المعقدة : إذاً لِمَ أشتاق لشروطك التعجيزية ؟
أنا : منذ سنة قلتي أنها تخنقك !
أنثاي المعقدة : شروطك التي تخنقني و ليس غيرتك .
أنا : الأمر عندي سيّان ، فالشروط تكون بداعي الغيرة .
أنثاي المعقدة : بصراحة .. أغار من اهتمام إبنة اختك بك .
أنا : لأنكِ معقدة .
قهقهت و ضحِكت على إجابتي .. و من ثم وضعت يداها على فمها .
و قالت ساخرة : عذراً .. فلربما سمعني أحد الجيران .

تجاهلت إجابتها و تصرفها ، مدعياً أني أقلب في الصحف و المجلات ، التي كانت على الطاولة أماي في غرفة المعيشة ، و التي كانت قريبة من طبق المكسرات ، و بينما هي ذاهبة لتبكي في غرفة النوم - كعادتها - بعد هذا النوع من هذه الأحاديث ، تلمست أناملي هيئة كتاب ، تحت إحدى الصحف ، و عندما أبديته ظاهراً أمامي ، كان كتاب الإبتزاز العاطفي لكاتبته د. سوزان فوروارد ، هو ذات الكتاب المفقود من المكتبة .
حتماً أنثاي تبتسم في داخلها ، بسبب غيرتي و رغم الشروط ، إلا أنها تبدي عكس ذلك لأنها معقدة .



الجزء الثالث من سلسلة ابتسامات .
اخوكم عايش