لم اعتقد في يـوم ومنـذ فتـرة ليست بالقصير بأنـّـي سأحتاج لوسادة أبكـي عليـهــا ، ولمنديل أبيض نظيف

طاهر يمر على خدي ليمسح ما يتساقط من دموع ، فقد شعرت في يـومٍ سابق بأنـّـي قـادر على

السيـطرة على تلك المشاعـر التي لا تُستـأنـس ولا تُـقــاد بل هي التي تقود إلى المجهول وإلى عالم لا

ندرك ما حقيقتـه ومن هم مخلوقاتـه . وفي الواقع فأن العبـرة دائمـاً ما تخنق وأن الكلمة دائمـاً ما

تخذل وأن المشاعـر دائمـاً ما تعصي وأن القلب دائمـاً ما يبكي وأننا لا نعرف من نكون ولا لأي مجرة

ننتمي عندما تضمحل الدنيـا في وجوهنـا ولا نجـد غير تلك الأمـاكن التي اعتدنـا اللجوء إليهـا في وقـت

الضعـف وعندمـا نحتـاج إليـهــا ، وكم بحثت كثيراً وتكراراً ومراراً لبقعـة ضوء ترشدني إلى تلك

الأمـاكن ولكن للأسف الشديد لم ألمح ولا حتى إشاراة أو حتـى علامة تبشـر بوجود سحابة بيضاء

تجلب الخير للجميع من خلال تلك الأمكنــة . ودائمـاً ما يصـاب الإنسـان بالكبريــاء ويشعـر بأنـه

يستطيــع وهو في حقيقة الأمـر لا يستطيـع حتـى مجـرد اللجوء إلى تلك الأروقـة .


يقـال بأن : الصبـاح ربـاح ، وأن المرء سرعان ما ينسـى ما قـد تراوى له في ظلمـة الليـل وأن

المشـاعر سرعـان ما ترجـع وتهجـر تلك الضيقة وتبتسم مع نسمـات الصبـاح الهادئـة ، ولكن لا اعتقد

أن ما قد تكوّن وما قد ترسب هو خلاصة يوم واحد أو تجربة وحيدة بل هو خلاصة سنين وأعوام

ماضيــة من المعاناة ، فحقيقة الأمـر أن مشاعــر الإنسـان كالصخور الرسوبية والتي عادةً ما تتكون

من ترسب الفتات الصخري وحبات الرمل فإما أن تكون بيضـاء أو سوداء أو مزيج من اللونين (ونادراً

ما نراها ملونـه بغير هذين اللونين ) ، وهذه هي حياتنـا إما أن تكون بيضاء أو سوداء ، فالبيـاض

دائمـاً ما يمثل الوجه الحسـن في الحياة أي الراحة والطمأنينة والحب والإستقرار وكل المعاني الراقية

والساميـة ،أما السواد فلا داعي لذكر صفاته فمجرد ذكر هذا اللون فإنـي أُصــاب بالتشاؤم.



لن أتوقف فالطريق إلى الفجـر ما زال في بدايتـه



..