الجزء [41] من قصة نظرة حب

الفصل الثاني
----------------
بسم الله الرحمن الرحيم
مسـاعد
يمكن تندهش او تحتار او حتى تغضب لهالرسالة لكن انا ما كتبتها الا بعد ما هدأت براكين الغضب اللي فيني.. اللي يمكن لو تصرفت من خلالها راح اندم طول حياتي.. بعد اكتشافي كونك حبيب خالتي القبلي.. تراجعت في نفسي وايد وحاولت اني استسيغ هالموضوع.. واعرف ان كل انسان بهالدنيا له مصيره وان جان مصيري جذي.. فانا راح اتقبل هالشي.. وحتى لو كنت بدل الفاقد لعمتي عالية.. فهذا هو قدري.. لكن يوم اكتشفت.. اني كنت نسخة مصورة من عمتي عالية اللي انت فيوم فقدت ملامحها.. ماقدرت اسيطر على نفسي.. لا تحاول انك تبعد هالفكرة عن بالي لانها ان ما كانت دائمة الا انها كانت الخطوة الاولى.. واعرف اي شعور تخلفه عليك مثل هالاشياء..

الحب اللي انت تكلمت عنه لي بهذيج الليلة بين لي صعوبة نسيانه او اخفائه بوجود الدليل الصارخ المادي على وجوده.. لكن صدقني.. انا موو عالية ولا تظن انك بتلقاها فيني فيوم من الايام.. انا انسانة ثانية ولكن للاسف بشكل الاولى.. لكن هذا قضاء ربك وما عليه اي عتب..))

جعمز الورقة في يده وهو يحط الثانية عند ثمه بقهر.. او نار تشتعل وتتأجج فيه.. قدرت حتى انها تربط شبهها الكبير بعالية لهالشي.. شلون اهي تفكر هذا اللي ما قدر يفهمه.. بس اهي مبدئيا صح.. وبيد وشفاه مرتعشة كمل قراءة الرسالة..

(.. بس.. انا مااستحمل فكرة وجودي بهالمكان وانا حاملة شخصية ما تناسبني.. لذا ما بتم في هالمكان اكثر.. وبتراجع عن زواجي وياك.. لفترة من الزمن. انتظر فيها نفسي اللي بدور عليها بعيد عنك وعن المشاعر اللي تخلفها فيني.. وانا ارفقت الدبلة ويا هالرسالة..

مسـاعد.. قد ما ظنيت اني بعيش حياة هانئة معاك.. قد ما انا ماا بيك.. بهاللحظة.. ولا تاخذ عليها لان الغيض بعده يتآكلني.. بس عرفت شي واحد اليوم ماظني اتنازل عنه.. الا وهو حبي العظيم لك.. اللي من شدته غرت من انسانة ميـتة.. وتمنيت لو انها ما انوجدت استغفر الله العظيم.. لكن بعد انا لي شخصيتي الساحرة وانت لازم تفهم هالشي..

اطلب منك الابتعاد عني لفترة من الزمن تخليك تحس ان انا شخص ثاني ومختلف.. ولا تقول احبج وانتي الحاضر والمستقبل.. ابي اكون شي كامل بالنسبة لك.. مو مثلث بضلعين.. ماقدر اقبل بهالشي..

انا رايحة الحين.. وما بخبرك متى برجع.. لان يمكن ما ارجع.. حاول انك تستمح من مريم وتقول لها شي يسليها في غيابي ويعطيها العذر.. تحمل بروحك.. وسلم على نورة وبارك لها بالنيابة عني..

فاتــــــــن.. ))

الصفحة الثالثة كانت قديمة وصفرا ولونها باهت.. وفيها شي من الكتابة اللي كان يضم اسم مساعد.. كانت فاتن قضت ليله كاملة وهي تقرى فيه وتذرف من الدمع الساخن والحسرة.. والغيـرة القاتلة.. ويوم لقت هالصفحة وكان مكتوب فيها شي باسم مسـاعد.. وكانها رسالة مسـاعد مرفقة في المجلد.. ويا كثر معاناة فاتن يوم قرتها..

كان مساعد كاتب فيها..

((دنيـا لا يقبل بها الا المعتووه..
ولكن عته بك يا سيـدة الحيـاة ما انقاه..
كم لمعـتوه انتهى بمصيـر احلى..
من رجل فكر بالدنيـا طوال..
غاليـتي عاليـة.. قفي لي يا اميـرة
نبراس دربي وشقـي بابتسـامتك..
الصخـر ليسـطع النـور..

احببـتك يا من للمحبـة سبيـل
فلا تقطـعي وصلـا وان كان بالمـوت..

لا تظـني ان لعاشـقٍ يومـا سبيل..
غير محبـة عاشـقة أزلية.. في درب منحـوت..

احبـج عالية

المتغـرب بعيونج.. مســـاعد..))

انة متصاعدة ظهرت من حلج مسـاعد وهو مو مصدق هالشي.. تخيل شعور فاتن وهي تقرى هالورقة.. اصلا اهي من وين لها هالورقة عشـان ترفقها بالرسالة.. اكيد عانت.. اكيد..

طلع من السيارة وهو مسـرع صوب خالد..لكن للاسف اختفى خالد.. اكيد توجه الى ديوانية الرياييل.. وظل واقف مكانه وهو محتـار ما يدري شسوي.. ويا على باله اللي قاله خالد ان جراح بعده في البيت ينطر ام جراح تزهب.. وتحرك بالسيـارة بسرعة وراح لهم..

كلها دقيقتين.. واهو على باب بيتهم.. طلع وهو يضرب على البـاب بقوة.. يعطونه موعد سفر فاتن ومتى راحت..

طلع له جراح ومن شكل مسـاعد بين له انه عرف عن سفر فاتن.. بس توصيتها كانت انها سافرت من العصر عشان ما يكون له فرصة يروح لها المطار..

مسـاعد بويه لاول مرة يتعرف عليه جراح: جراح وينها فاتن؟؟ ومتى سافرت
جراح وهو يوقف يمه: مسـاعد والله مادري شقول لك..
مسـاعد يمسك يدين جراح: جراح تكفى قول لي الصج ان جان في مجال اوقفها عن السـفر
جراح المتحير.: والله مسـاعد اهي ما خططت لهالشي الا وهي في بالها شي ثاني..
مسـاعد هذي زوجتي يا جراح ومو من حقها انها تتخذ مثل هالقرارات من دون ما تستشيرني..
جراح وهو يهز راسه: عيل الحقها.. قبل نص سااعة متحركة سيارة المطار وان شاء الله تلحق عليها.. رحلتها بعد (يناظر الساعة) نص ساعة.. الحقها..

ما تكلم مساعد على طول ركب الرنج وشخطه بسرعة وهو يشيل الشماغ ويرميه وراه.. ويسوق السيارة بيد والثانية متخلله شعره .. وين راحت هذي؟؟ وين بها؟؟ وين تبي بها بس..

---------------------------

بالعـرس كانت مريـم متوترة اقصـى توتـر.. وقلبـها يترجرج بين ضلوعها .. تحس ان الخطـر اللي كانت في يوم تحاول انها تتحاشاه من يا وخطبها جراح من اهلها.. حتى ان هالخوف منعها من الفرحة.. وحاولت انها حتى لهذي اللحظة انها تخفف اللي فيـها.. لكن كل ماله يزيد مثل النار.. حتى انها مو قادرة توقف ويا احد.. ويوم ياتها امها لعندها..

ام مسـاعد: يمة مريم دقي على اخوووج مسـاعد مادري شفيه ما يرد علي.. يمكن يرد عليج
مريم اللي زادت دقات قلبها يوم درت ان اخوها طالع.. مسكت قلبها بقوة..: ان شاء الله يمة بدق عليه
وهي تدق على التلفون سألتها: وينها فاتن مايات بعدها..لاهي ولا امها
وكل ما تتكلم ام مساعد قلب مريم يدق اكثر: يمة مادري بجوف مساعد الحين وبعطيج خبر..

ورد عليها مسـاعد بصوت متلهف

مساعد: الو مريم..
مريم وهي تعصر عيونها: هلا مسـاعد.. وينك في امي تسأل عنك..
مسـاعد: مريم لا تقولي لامي بس انا رايح المطار الحين
حاولت مريم انها ما تبين صدمتها: ليش؟؟
مسـاعد: فاتن سافرت مريم.. سافرت وراحت عني... سافرت ولا قالت لي شي..
مريم وهي مو مصدقة الشي ولكن ما حاولت انها تبين: انزين متأكد انت؟؟
ام مساعد شفيه اخوج؟
مريم : شوي يمة ..
مسـاعد: مريم انتي لاتخبرين امي.. انا بروح لها وبشوف.. ان شاء الله بس الاقيها..
مريم: ان شاء الله؟..

سكر مساعد عن مريم اللي ما حست الا بالدوار واللوعة بهذيج اللحظة.. وطلعت برع الصالة تتنفس الهوا لانها مو قادرة تضبط نفسها.. الخوف وصل فيها لنقطة انها بدت تحس بالخطر حواليها.. على مسـاعد وفاتن.. يارب سترك وعفوك..

توها بتطلع منالصالة الا وام جراح بويهها..

مريم بلهفة: خالتي صج فاتن سافرت..
ام جراح بدهشة: شدراج انتي؟
مريم : مساعد توه مخبرني.. خالتي صج سافرت؟؟ وليش الحين؟؟
ام جراح: يا مريم السالفة طويلة وعريضة وماظني تفهميها..
مريم وهي تصدم ام جراح: عرفت عن عالية ومساعد؟
ام جراح بدهشة وصدمة: وانتي تدرين؟
مريم وهي متظايقة: مساعد ليش استعيل وخبرها.. الحين شبصير فيه؟؟
ام جراح : ليش شفيه اهو؟
مريم وهي تحس بالعيز: راح وراها المطار يمكن يتلقفها باخر اللحظة..
ام جراح: الله يستر بس يا بنيتي.. لو جراح تام في المكان جان خليته يروح وراه.. لحظة بس اشوفه..

نزلت ام جراح من العتبات وشافت ان جراح يحاول يطلع من زحمة السيارات في المكان.. وقدرت انها تصوت عليه وتطلعه من السيارة..

ام مسـاعد: يمة جراح روح الحق المطار وعلى مساعد راح ورى فاتن
جراح وهو يحط يده على راسه: ياهوووووووو وين تتحذف علينا المصايب بهالليلة.. بس بس انتي دشي داخل وانا بروح وراه..
ام جراح: حاسب لروحك يمة
جراح: محاسب محاسب يا يمة بس انتي دشي داخل..

راح جراح عن امه وقدر يطلع بسهولة هالمرة لانه مصمم على هالشي.. وراحت ام جراح لعند مريم اللي كانت تراقب الوضع من تحت الستار..

مريم : ها خالتي بشري
ام جراح وهي حاطة يدها على صدرها: اهو الحين راح له.. الله يستر يا بنيتي من اللي بصير..
مريم وهي تناظر سيارة جراح اللي رايحة: خير يا خالتي. باذن الله خير..
-------------------------------------

سيـارة قبل سيـارة مسـاعد لحقت فاتن في الوقت المناسب.. سيارة مشعل ما غيره.. يوم لقاها في الشارع في سيارة المطار على طول لحق وراها.. وتم وراها في المطار بكل خطوة تسوها من غير ما يبين روحه.. ويوم خلت ووقفت بروحها راح لعندها ..

بصوت كله اهتمام: فاتن وين رايحة؟
التفتت له وكانه ابليس.. اخر من توقعت انها تشوفه في المطار:.. انا... انت شتسوي هني؟؟
مشـعل وهو يداري حيااا علا عليه: شفتج ولحقت وراج.. وين رايحة فاتن عشى ما شر
فاتن بدمعة لامعة بعيونها:.. الظاهر يا مشـعل.. انك دعيـت علي.. والله استجاب لدعاك.. وانكتبت علي التعاسة بالخط العريض والحبر اللي ما ينمسح..

مشـعل وهو يناظر المكان اللي هم فيـه.. ووجه فاتن عشان تقعد... ويوم قعدت تم يناظر في ويهها.. ما كانت فاتن اللي يعرفها.. كانت فاتن بجرح عظيم.. وكان الحياة منسلبة منها. وفوق كل هذا مشـاعره المتضاربة حولها.. ما كانت سبب معاناته اللي يصبح ويمسي بالتوعد عليها.. ولكن بعد ما كان العاشق الولهان.. كان مجرد انسان بصدفة مع انسان ثاني..

قعدت فاتن على الكرسي وهي حاطة راسه بين يدينها بتعب..

مشـعل: متى رحلتج؟
فاتن: بعد ربع سـاعة.. شتسـوي انت هنـي.. رد من محل ما ييت مشـعل..

مشـعل وهو ينـاظرها باستغراب.. لكن الغرابة كانت من نفسـه.. حاول انه يوقظ قلبه العاشـق لكن هيـهات.. وكانه هناك حاجـز مستقـر على قلبـه..

مشـعل: يمـكن كلامي هذا ما ينفعج.. او ما يسـرج.. بس يا فاتن الحيـاة علمتنـي.. ان الشـيء اللي يجلب التـعاسة.. معـناته هو الشـي الصحيـح.. وانا ياما ياتني تعاسة ولكن ياتني من مكان غلط.. او يمكن من مكان صح بس انا ابيت انها تكون صح.. صدقيني.. فاتن... (مستغرب من التحول النفسي في قلبه) انا ما انصحج بالهروب لو كان هذا خيارج..
فاتن وهي تناظر جدامها: الوقت صار متأخر ان جان افكر فيه كهروب ولا لجوء.. هذا اللي انا ابيه.. واهم شي رضاي عنه..

بهذيج اللحظة دخل مسـاعد المطـار وهو يتلفت يمين ويسار.. وسرع من خطـواته الى داخل كراسي الانتـظار.. يمكن هنـاك قـاعدة او موجـودة.. او حتى انها تنتظره.. لكن كل هذا كان عبارة عن خيوط احلام وهميـة.. والتـفت الى عند الاستعلامات عشان يسأل عن رحلة فاتن ..

في نفس اللحظة نداء الرحلة كان يصرخ .. وكان الاخيـر.. وفاتن اللي تحركت من اول نداء من عند مشـعل ما حست ولا لدقيقة بوجود لمسـاعد لكن مشعل بلى.. شاف مسـاعد يتلتف في المكان وحس ان هذي هي فرصـته الكبيـرة انه يهدم اللي بينهم للأبد.. وتوه بينشـد فاتن ويأشر لمسـاعد في نفـس الوقت.. حتى صار هالشي..

التفتت له فاتن وبصوت ناعم: مشـعل؟
مشـعل وهو منتفض شوي: ها.. هلا ... هلا فاتن..
فاتن وهي تبتسم:.. انا اسفة مشـعل..
استغرب واحتار كانه ما يفهم لغتها: شنو؟؟؟
فاتن وهي تنزل عيـونها: يمكن اللي سويته بحقك انت ما تستاهله.. لكن صدقني.. أي شي صار بالزمن القديم.. انا مو مسئولة عنه.. بيننا قضاء وقدر.. لكن بعد انا مادري لان ماكو بهالدنيا احد يجرم نفسه.. واذا لك حق عندي.. صدقني بكون اكثر انسانة مستعدة انها توفي هالحق...

سكت مشـعل وهو يراقب فاتن وهي تتكلـم.. مستغرب منها.. شلون تطلب منه السمـاح على شي اهي مالها ذنب فيـه.. شهالوضوح في الافكار.. اللي لاول مرة يصير في بال مشـعل.. وكيف ان فاتن تنقت من كل الاكاذيب اللي حايطها بهم..

مشـعل وهو يتراجع خطوة: فاتن.. ما بيني وبينج اي حق.. مثل ما قلتي.. هذا قضاء الله وقدره.. قضائه اني احبج واتحبيني.. لكن يفرق بيناتنا حب... يديد في حياتج.. او حياة يديدة في تقويم دنياج... عيشى يا فاتن وتهني.. لان بهناج اتهنى انا...

سكت مشـعل وهو مصعوق من نفسه.. شلون انه قبل لحظة فكر انه يهدم حياتها مرة وللابد لكن الحيـن.. شلون انه يعتبر نفسه حبل النجاة لفاتن اللي الاستغراب كان على محياها لكن ما نعها من رمية بابتسامة صدقة ككل مرة.. وتراجع بخطوات وهو يحاول يثبت ويهها في ويهه. ويحفظ هاليوم في تاريخه ويقول.. قابلت ملاك اليوم.. ما كنت اعرف انه يسكن يم بيتي.. ومثل الهارب ركض بانحاء المكان وغادر المطار بلمح البصر عشان محد يلحظه ولا تتشوه سمعة فاتن على حين غرة..

اما فاتن.. فحملت باقي اغراضها ودهشتها وراحتها ان القرض بينها وبين مشـعل لسبب او ثاني توفى في هذي اللحظة.. وتبعت خط المغادرين.. ودخلت الى الممر اللي بياخذها الى الطيـارة.. اما مسـاعد اللي احتر راسه من التفـكير ما قدر الا انه يوقف جدام الدريـشة اللي جدام الطائرات ويلاحظها في ظلمة ذيج الليلة المزهرة تغادر المكان معلنة الهروب.. مثلها مثل فاتن.. اللي ما سمحت له حتى انه يودعها الوداع الصحيح.. حس بالحرقة تسري في حلقه.. وبعد لحظات بسيطة تبعه جراح وشافه واقف وهو منهك من المشي السريع واللحاق به من مكان لمكـان..

جراح: واخيـرا لقيتـك.. ها .. وصلت لها.. ؟
مسـاعد هو يراقب الانارة بالمكان بلمعة عيـن: لا... راحـت فاتن..

استـدار مسـاعد وهو يمـشي بهـدوء وتمـلك.. لكن اللي محد لاحـظه اهو الانكـسار على قسمـاته البارزة... كبـرياء وعـزة نفـس بقلب مجروح من داخل.. وجراح يتبعه من غير اي كلام ويطلب الهداية الى اخته اللي بهالحركة تركت مسـاعد بمظهر وان ما بين الا انه بليـغ..

ركب مسـاعد السيارة.. وبدت تظهر عليه علامات الغضـب.. واستدار بالسيارة بقووة كبيرة كانت على وشك تقلب السيارة.. وطول الدرب وهو يمشي بسـرعة قاتلة وكبيـرة.. بتهور لو سمح القول.. ولكن وهو عند ذيج المنطقة لاحظ الطيـارة اللي حسسته انها تحمل فاتن عليها.. وبدل لا يطالع جدامه بالشارع تم يطالع السما والطيارة تطيـر... وهو يحس للسيارة تطيـر وياها بعد.. وبالفعل.. كانت السـيارة تطيـر.. اصطدام قوي بحافلة شحن في المنطقة الجويـة... جراح اللي كان شاهد على هالحادث حس بالموت وهو يراقب سيارة مسـاعد تطيـر من جدام عيـونه..

اثناء هذيج اللحظة دقات عنيـفة صادرت قلب فاتن وملكتها اقسـى ظيقة صدر وبال.. وفي مريم تسارعت انفاسها بصورة عظيـمة وكأن اللي في الحادث اهي.. مسكت نفسها في جانب وهي تمسك جتفينها وتسمي بالرحمن.. وتدعي بالنجاة لكل احبابها الغايبين..

جراح اللي طلع من السيـارة بصورة مقاربة للميانين: مسـأعد ... مســــــــاعد...

ركض بجنون صوب السيارة اللي استقرت بنص الشارع وعلى طرفها اليمين.. حاول انه يشوف احد موجود داخلها لكن الزجاج المكسر ما عاونه على الرؤيا... النجدة السريعة من المطار اسرعت صوبهم وانتشرت الاضواء في المكان بصـورة رهيبة.. والناس اللي على الشـارع تجمعووو وهم يمسكون على قلبهم ومتاكدين.. ان اللي في السيارة .. اكيد مات..

بين الفووضى اللي كانت تجول في البقعة من الأرض.. صدرت انه من ثم مسـاعد اللي كان شبـه المشلول... انه بإسم انسـانة قدرت انها تصيـر الامنية الاخيـرة لرجل على وشـك الموت...

((فاتن))

دقت اوداج فاتن بعدم الارتياح.. ومن زود هالتوتر اللي فيها بدت تستغفر ربها وتتعوذ من بليس لمن انتبهت لها مضيفة الطيران..

المضيفة: Every thing allright?
فاتن تبتسم بظيج: yes,, i don't know actually
المضيفة بابتسامة وهي تناولها الماي: drink this and you'll get better
فاتن وهي تاخذ الماي من عندها: thank you
وراحت فاتن للغربة وهي مو عارفة ان سبب نغزة قلبها يمكن مسـاعد وهو يواجه الموت..

جراح اللي تبدى معاناة يديدة في حياته..

مسـاعد اللي يمكن – لسبب او اخر – تمنى هالمصيـر لان قدرته على التحمل بسيطة وما راح يتحملها..

مشـعل ويا وضوح الافكار اللي هاجمه.. هل راح يعود بالخير على اللي حواليه؟؟

منـاير.. القلب الصغيـر اللي للاسف في بالها انه دق للشخص الغلط..

خالد.. وانتظار الحب وسمـاء ووحشة الغربة...

مريم.. الاخت اللي على وشك انها تفقد المجمع العائلي اللي انطرح على ارضية الاسفلت..


نظـــــــــــرة الحب.. اللي كان من الممكن انها تنهي هالصراعات كلها.. تسكرت جفونها.. ومن يدري.. متى راح تفتحها.. ولا .. هل راح تفتحها؟؟؟

مرحلة انتهت من حياة ابطال القصة.. بانتظار المرحلة الجديدة والاخيرة .. من نـظرة حب..
تابعو.. وانتظروا.. ماقد يحصل في.. نــظرة حب..


تلخيص للاحداث.. (تذكيـــر(
-----------------------------
مضت الايام والاحلام الحلوة في المضي نحو درب جميل.. لكن هالدرب تقاعص عن المضي وانتكس في رحيل سماء عن خالد.. لتظلم دنيا الحب بحياته..

وتلى غياب سماء محاولة لربط روحي جراح ومريم.. لكن هالمحاولات باءت بالفشل بعد ما بينت حقائق قصة حب ماضية.. وانهت اللي كان بين اثنين يجاهدون في زرع امان واحتماء على ارض مهزوزة..

اللي يبدي باهتزاز.. معقولة انه يمضي في يوم على ارض صلبه..

هذي هي بقيــتنا.. مع القليل من الاحزان المعتادة.. ومع الافراح اللي لازم تتخلل اليوم..
نتابع معاكم ما بقى من قصة.. نظرة حب ..



الجـزء الثاني والثلاثيــن
الفصل الأول
------------
بعد مرور 8 أشهــر

وصلت مريم المسـتشفى وهي حاملة الاغراض اللي ناقصة مسـاعد.. كانت مغطية عيونها بالشيلة من شدة وحرارة الشمس اللي مجابلتها.. وقبل لا تدخل المستشفى مدت بعيونها الى الافق البعيد.. تمر الفصول والمواسم واحنا بعدنا بهالظروف.. الله يعين الجميـع..

ابتسمت الى موظفة الاستـقبال اللي كونت معاها – لطول الفـترة اللي قظوها في هالمستـشفى – علاقة مودة ومحبة تطوف بالابتسامة والسلام اللي نابع من القلب.. او يمكن نابع من الشعور بالفراغ او الخوف.. وتمت تمشي وهي تحاول انها تداري اللي فيـها مثل ما سوت قبل فترة طويـلة.. ثمانية شهور طافت.. وهالثمانية شهور ما حست فيها الا وكانها ثمانية ايام.. وكان يوم الحادث ينعاد بعيونها كل مرة.. وشلون ان الفرح انقلب الى عزا.. والكل ظن ان نورة منحوسة اللي بيوم عرسها اخوها يمـوت..

ركبت المصـعد وهي مثل كل مرة تدخل المستشـفى تطري على بـالها فاتن اللي اختـفت عن الكـل.. وما احد يعـرف عنها شي واللي غيـرت حتى سكـنها.. ضاعت فـاتن للاسف بغربة متواصـلة.. محد يعلم بهـا الى رب العالميـن.. اللي عرفوه عنها انها بخيـر.. وبصحة وسلامة.. ودراستها ماشيـة.. لكن كل هذا كان عبارة عن تلفيقات مريم ادرى بها.. لان فاتن وصلت الى مدرك .. انها حبت مسـاعد ولكن جرحها اللي تغنت به.. ما راح يتركها على هداااي الا اذا مسـاعد ياها.. ومسـاعد اللي شكله بيطـول عليها.. نظرا للحالة اللي وصـل لها..

طلعت من المصعد وهي تزفر بمرارة وحاجبينها معقدوين للثقل اللي شايلته.. واحد في صدرها والثاني في يدهـا.. ما تدري اي واحد اللي مثقل عليها اكثر من الثاني؟؟ مثل كل يوم.. لازم تستجلب الأنة في قلبـها.. لانها على وشـك انها تدخل على أخـوها.. اللي ما عنده اي أحسـاس او اتصـال بهالعـالم.. مسـكر عيـونه اللي لا اراديا تجمع السـواد حولها.. والتعب والارهـاق انحل جسـمه.. والهـالة العظيـمة اللي تجـول عليه ويفرضها حضوره.. غابت على شراشف بيـضا واضواء اصطناعيـة..

وصلت الى الجنـاح اللي اهي تقصده يوميـا كدوام رسمـي من بعد الجامـعة.. تغيـرت الأوضاع.. ما عادت مريم الفوضوية او مريـم الصغيـرة اللي يحملها الكل مسئولية امتاع العائلة.. صارت مريم اللي تتحمل مسـئولية كبيـرة في البيت.. مسئولية يمكن مساويه لمسئولية مساعد القبلية.. انها تبقي البيت في نظام.. لان امها من طيحة مسـاعد اهي الثانية طاحت في مرضة خطيـرة كانت على وشك انها تؤدي بحياتها.. وغابت عن البيت كثير .. لكن الحمد لله حالتها استقرت ولكنها ما عادت بنفس الروح اللي كانت عليها قبل.. وكان على مريم انها تحتل هذي الروح.. واهي متناسية نفسها تماما.. الا بدراستها اللي شدت على روحها لمن وصلت الى المبلغ اللي تمنته لنفسها.. مع الرغم انها تناست او دفنت احلام كثيـرة راودتها من وعيها على هالدنيـا.. واهم هالأحلام كان جراح.. لكن الظاهر ان مسـالة تواجد جراح بحياتـها صعبـة.. وهو الثانـي اختفى الا من حيـاة اخوها لؤي .. ويمكن اهي بعد ما عادت تهتـم.. او تتظاهر بعدم الاهتـمام لان اهتمـامها متركز على اخوها اللي تشتاق كل يوم تتركه فيه لشوفته من جديد..

دخلت الغـرفة من بعد ما وقفت ويا الممرضة تسألها السؤال التقليدي.. اي تطـور. .وتبتسم لها اهي وتقول بشوفتج ان شاء الله.. وتبتسم مريم لها ولكن خيبة الامل تتمثل في لمعة الدمع بعيونها.. والخير المرجو دايما يتأخر.. على قوله ابوها.. مركب الخيـر بعده في عرض البحـر.. بيي يوم ويوصل للبر.. لكن وينها الخيـر؟؟ الخيـر ضايعة في غربـة نفسـها.. الله يردها بالسلامة ويهديـها..

لاحظت هدوء الغـرفة وبرودتـها الساكنـة.. وطلت براسـها الى الغرفـة الثانيـة.. كانت امها تسجد بالصـلاة.. ابتسمت لها ووجهت عيونها الى الويه اللي اشتـاقت له... كان نـايم.. ويا حلـو وطول نومه.. بس اليوم شي مختلف بشكل مسـاعد.. طالعت امها وهي تهز راسها.. اكيد سوت فيه شي.. شعره اللي طال اكثر عن قبـل.. ولحيـته اللي نمـت على ويـهه.. نعمت من شكله اكثر.. لكن شعره فيه شي.. يمكن امها قصت من جدام شوي.. ولا مشطته.. امممم .. بتستجوبها بعد ما تخلص صلاة..

حطت الاغراض عند الكبت الي يمه.. وهي تسولف وياه

مريم بصوت واطي وهي تبتسم: مسـاء الخيـر.. شهالحلا.. اليوم مختلف؟؟ شسوت فيك امي؟؟ قول لي ترى ما بتناوش وياها..

ابتسمت ويـاه.. وهي تطلع الزيت اللي دايما تمسح فيه جسمه .. يدينه ورجلينه.. ونزلت الشيلة على جتفها.. وتمت تصب الزيت في يدها وسحبت يد مسـاعد من بعد ما نزلت السيـاج الجانبـي.. واخذت يده وبدت تمسحها وتمسدها بالزيـت.. وهي تمسـدها تمر عليـها الذكريـات الحلوة.. والمـرة في نفس الوقت.. ما تدري ليش تحس ان نجاة اخوها اهي في فاتن.. ونجاتها اهي نفسها.. شكثر وحشتها فاتن.. وشكثر كتبت لها .. وشكثر حاولت انها تتواصل وياها لكن بلااااا اي هدف.. حتى ام جراح نفسـها اللي حالتها الصحية اللي بدت تتدهور من زود الخوف والحزن على فاتن.. ورجعت ذاكرتها الى بعد اسبوع من الحادث..

اولا كل شي انقلب الى فوضى بذيج الليلة يوم اتصـل فيـهم لؤي يخبـرهم ان مسـاعد مسوي حادث.. وهاجت كل النـاس من شـدة الصدمة .. واولهم نـورة اللي تمت تدعي على نفسـها على هالزواج اللي جلب لعايلتها مثل هالشي.. وفيـصل اللي وقف العرس وكنسل شهـر العسـل وظلت نورة على اثر هالشي في البيت لمدة شهر تقريبا من بعدها انتقلت الى بيت زوجها.. وتمت مريم اهي اللي تهتم في كل شي بالشراكة ويا لؤي اللي بعد ظل مشغول بشراكته اليديدة ويا جراح..

أم مسـاعد يوم عرفت بان فاتن سافرت بذيج الليلة وربطت في بالها موقع الحادث بهالشي اقامت الحرب على كل الياسية.. وقالتها في ويه ام جراح ان اول ما يصحى ولدها او ان صاده شي ما يبون اي علاقة معاهم.. وحتى جراح رفضـته ورفضت القرب اللي طلبه منهم.. وخبـت مريم كل هذا في قلبـها الا من ام جراح يوم خبـرتها وحاولت انها تبرر لامها وام جراح ابدا مااا انتظرت اي ردة فعل اقل..

جراح ابتـعد عن حيـاتها .. واهي ما اعتـرضت على هالشـي.. ويات الفوضى الثانية يوم تقررت حالة مسـاعد انها غيبـوبة مسـتمرة.. وفوق كل هذا.. ابتروو رجلينه لانهم اكثر شي تضرر بالحادث القوي.. لان السيارة تخفست على رجلينه من تحت.. وحدة انبترت من الركبة.. والثانية بس القدم.. وهالشي اكيد راح يحطمه لو يوتعي. يمكن في قلب مريم ما تمنت ان اخوها يصحى ويواجه هالواقع.. بس ترجع وتتذكره وتتذكر ايمانه القوي بمثل هالأمور.. ويمكن يتحمل هالشي.. لكن الوقت صعب ان الواحد يقرر.. الشي يختلف اذا كان واقع في شخص اخر.. ولا في الشخص نفسه..

حاولت بعد اربعة اشهر انها تكتب لفاتن رسالة.. وبالفعل كتبتها وارسلتها بالبريد لكن ما ياها اي رد على الرسـالة.. وبدت تكتب مرة ثانية .. وثالثة.. ورابعه.. لمن عصبت بسبب قلة الردود.. واستعجبت وكرهت فاتن لوهلة لانها صعبة المزاج.. بعدين عرفت من منـاير ان فاتن ما عادت تسكن في الشقة نفسـها.. لان جراح سافر لها وما لقاها.. ورد وهو خايب..

تغيـرت الاشيـاء فجـاة.. والدنيا اللي كانت في يوم مكتملة بدت غريبة ومخلبطة في عيـون مريم.. تفتقد فاتن ورأيها الحكيم والصائب وتفتقد اخوها وحنيته وقلبه الكبيـر.. وحيدة بهالدنيا. اهي صج عندها ام وابو واخت واخو لكن.. حياتها كانت تدور في فلكين.. فاتن الصديقة العطوفة واللي تشترك وياها بقلب واحد.. ومسـاعد في فكره الصحيح والسديد. أللي اهي في طول فترة غيابه حاولت انها تمشي عليـه..

وهي تمسـح يد مسـاعد تقربت منها امها ورفعت لها راسها بابتسامة

مريم: تقبل الله يمـة
ام مساعد بويهه العابس اللي حتى ما بادلت مريم الابتسامة: منا ومنكم.. اوووووف وانتي كل يوم ويا هالزيت اللي تمسدينه فيه؟؟
مريم بسذاجة: ليش شفيـه؟
ام مسـاعد بقرف: ريحته تلوع الجبد... قطيه ولا تمسحينه به..
مريم وهي تحقر امها اللي صارت معاملتها هذي متعودة ليش انها تحملها اهي بعد المسئولية بس لانها ارفيجة فاتن.. : يمة الزيت مافيه شي ويديد وما بقطه.. بالعكس (تبتسم وهي تناظر ويه مسـاعد المرتاح) جسمه صار لين بسبب هالشي.. مو قبل كان جاف وحالته حالة..
ام مسـاعد وهي تحوس بثمها وتسحب القرآن عشان تقراه على راس ولدها: والله ماعندج سالفة خانقتنه به بس..

ما ردت عليها مريم وتمت من طرف عيونها اللي ترفعها كل شوي لاخوها تبتسم في ويهه.. وهي تمسح اصابعه ويـده.. وعلى جذي... يكـون هاليوم يوم اخر من روتين الايام اللي طافت من الحادث للحيـن..

------------------------------------

ما بقى على الدوام الا نـص ساعة وقضاها جراح وهو يراجع بعض الارصدة وينظم المواعيد في الدفتر.. شكثر توصيـلات عليهم وشكثر مسئولية ولكن بعد حلى الشغل اكثر يوم صارت الايادي اللي تشتغل من الأهل ومحتـرفة. خصوصا خالد ولؤي اللي بصراحة بدو يبدعون في هالمجال والتصاميم الخشبية من احترافهم .. اهو كان المسئول اكثر شي عن القياسات والمالية بالشركة الصغيـرة اللي أسسوها ولكنها دارت عليهم بربح خصوصا ويا شراكتهم مع غزلان وغصـون الكنـدي..

تم يناظر السـاعة وهو يحك عيـونه.. ما قدر ينام الليلة اللي فاتت .. مثل كل ليلة من ثمانية شهوور.. من حادث مساعد وهو يعاني من ارق بالنوم وزيادة في التفكير وفوق كل هذا تعب وارهاق بلا سبب.. يخاف انه يمرض بسبب هالشي ولكن اهوو معذور وما يقدر يغير هالشي اللي فيـه لانه اقوى منه.. المسئولية اللي طاحت على عاتقه والذنب اللي يغرقه لحتى راسه ما يعطيه فرصة انه يتحمل اكثر.. ولكن بمسـاعدة الجميع وعادة الافضاء اللي تعلمها لخالد خلته يحس ان الحمل اقل..

ولكن اهو يعرف ان ماكو شي محطمه اكثر من فكرة ان مريم مستحيل تكون له دام ان امها على قيد الحيـاة.. فهي حلفت على بنتها وحلفت عليه وعلى كل من انه يمنع هالزواج باي صورة ممكنة.. وكانه او اخته لهم الذنب باللي صار لمسـاعد.. بس بعد مسـاعد ما يستاهل اللي صابه.. كثرت الاسرار اللي على قلب جراح واللي يخفيها واللي ما يدري لمتى بيخفيها.. فاتن مثلا معتادة بيوم واحد من الاسبوع تتصل فيه ومن بعدها تتصل في امها وتخلي المكالمة قصيـرة ومريحة قدر الامكان.. اي انها تجذب عليهم قد ما تقدر وتوهمهم انها بصحة وسلامة واهو عارف انها لا بصحة ولا بسلامة وان حالتها الصحية او النفسية اكيد متدهورة.. ولا صار بينهم اي فرصة انه يخبرها بزوجها اللي طايح على السرير.. او يمكن اهي ما سمحت لهالفرصة انها تصيـر.. لان كل مرة كان يحاول فيها انه يخبـرها تسـكر السمـاعة في ويهه..

حيـرة عظيـمة.. اسأله موجودة في ناس مالها جواب.. ولكن في نفس الوقت.. تلقى الجواب حاضر قبل السؤال.. ما عدا مسـاعد اللي الله العالم شراح يصيـر فيه بهالفتـرة.. ثمانية شهور وهو في غيبوبة برجلين مقطوعتين.. الله يعينه لا صحى لانه بينصدم اكبر صدمة بحيـاته.. كل اللي يقدر يتمناه له اهو سعة الصدر وراحة البـال لان مثل هالامور لو اهو مثلا صارت له.. ما راح يتحملها ولا دقيقة.. وبيآثر الموت على هالحيـاة..

قام من عند المكـتب وهو يمتطط.. فرك ويهه مرتين ومن بعدها وقف عند الدريشة في الورشة اللي تحولت الى مكاتب والورشة انفتحت في مكان جريب منهم ولكن اكبر.. كان مستودع خذوه وركبو المعدات اللي يحتاجونها واللي زودوها في المكان.. بس جراح ما دخل فيه من فتـرة لانه يحس بالخنقة من الخشب وبقاياه.. الله يعين خالد اللي يشرف على التصـاميم ذراع بذراع مع غزلان..

وبذكرها بس طلت من الباب وهي حاملة رزمة الاوراق.. ابتسامة تعلو ويهها ويا فستانها الجينز الطويل وشعرها المرفوع بدلال..

غزلان: مشـغول؟
جراح وهو يبتسم لها: بالسرحان بس.. ها شفيج؟
غزلان وهي تحط الاوراق على الطاولة: لا بس هذي توصيات يديدة ولازم تضبط مواعيدها لانه لازم نرد عليهم خبـر بعد جم يوم.. مستعيلين الناس.. ومطالبهم وايد..
جراح وهو يتجتف وعيونه على الاوراق: ان شاء الله باجر اليوم انا خلاص مخلصة بطاريتي..
غزلان وهي تبتسم له بحيـا وتتوجه للباب:الله يعينك.. انا رايحة مع السلامة
جراح : في امان الله..

طلعت غزلان عنه وهو بعده حاطها في باله ويفكر بها.. غزلـــان.. بنت ثانية عن اللي كانت عليه .. سبحان الله مغير الاحوال من حالٍِ الى حال.. يعني سرعة بديهتها ولا ابداعها ولا تحكمها اللي يتخالط بعاطفتها كان يمكن من العوامل اللي تفقدها هالمؤسسة.. ومع ان لؤي يحبها وميت عليها اكثر من قبل الا انها متحملته ومتحملة دلاعته عليها ولكن بادب واخلاق.. يعني وقت الشغل شغل ومن تحسه زاد عن الحد اهي اللي تتخذ خطوة التراجع اللي تحرق اعصابه.. ولكن بعد كل هالحرقان وكل هالحقران وهو ميت عليها.. والله يعينهم الاثنين

يات موافقتها على الشراكة بعد اسبوع من الحادث.. وغصون اختها تبعتها في الامور الادارية وكجزء من رأس المال.. صح انها واجهت مشاكل مع زوجها وللاسف الشديد ما حلتها معاه وتواجه الطلاق المرير الا انها شخص ثاني في المكان وتناسب العمل وافكارها طموحة وتتمنى الرفعة والافضل للمكان وهذا عائد ممتاز عليهم.. وحتى هشام الكندي بنفسه صار يشاركهم او يمول او يدير العملية الحسابية عندهم بطريقة محترفة غير عن اللي كان يتعامل وياه جراح قبـل..

كل هذا يبين ان الواحد يرتاح لكن وين ويا جراح وهو بكل نبضة قلب يهديها لثلاثة اشخاص.. الأولى مريم.. الثانية لفاتن.. والثالثة لمسـاعد عشان تعينه وترده من القوقعة اللي اهو فيها.. امه ظلت الأم اللي تتمنى الخيـر لاولادها .. وما زالت الصديق الاول والاخير له ولكن اللي شاركها في هالصداقة اهو خالد..

توه يحمل الاغراض اللي توقف عن الشغل عنها هني عشان يكملها في البيت الا كل من جراح ولؤي يدخلون عليه..

خالد وهو فاج عيونه: رايح البيت؟
جراح وهو يحك رقبته بتعب: اي بروح.. تعبان وهلكت عيني هالاوراق.. والاتصالات عورت راسي.. صاير لكم سكرتيرة..
لؤي وهو يبتسم ولكن بجديـة اكثر عن قبـل: من قال.. انت مثل مايقولون.. العقل المدبر و المنسق العام.. شتبي اكثر.. لقبين في واحد..
خالد وهو يبتسم للؤي بمزح: شامبو..
لؤي: هههههههه شتبي اكثر
جراح وهو يضحك بخفة: والله مابي اكون شامبو.. بس ابي شغل صجي.. يعني احك واضرب واكسر.. الظاهر اني بفتح فرع ثاني.. تهديم وتفجيـر..
خالد: اللاااه.. خوش فكرة..انت صمم وانا البس
جراح : ها نيات ارهابية؟
خالد: وييييييييييييين اصلا ماكو مجال.. نهدم عمارات ولا بيوت.. ولا كلش كلش.. شوارع.. ههههه شرايك؟
جراح: الحين هذي فكرتي وتقول لي شرايك... يالله انا بخليكم الحين وبرد البيت.. تحملو بروحكم وانت لا تتأخر.. (الجملة لخالد)
خالد: يمـكن اتـاخر.. فاضل يبيني وبروح له اشوفه ..
جراح: اوكي تحمل بروحك...

وقبل لا يطـلع طل براسـه للؤي: بتروح لمسـاعد الليلة؟؟
لؤي وهو يخبي عيـونه الحزيـنة بالساعة وهو يناظر الوقت: والله مادري.. الظاهر اني رأسا بروح البيت او يمكن اروح بنهاية الوقت.. بس ماظن..
جراح وهو يفـكر بمريم.. وكانه نسى انها صارت تسوق وعندها سيـارة لؤي..: اها... عيل سلم على الأهل..
لؤي عرف لمن السـلام وهز راسه: الله يسلمك من الشر..

طلع جراح من الورشة وهو يتنفس بعمـق.. حرارة الجو ما كانت معينة ابدا.. والتعب والارهاق يدور مثل الهالة على راسه لكن هذا شي طبيـعي.. ويا كل هالمِشـاغل والمتاعب اللي يواجهها.. الله يرزقه بس الصبر وراحة البـال اللي ما يظن انه بيلقاها الا بعد فتـرة طويلة..

شغل السيارة وهو يحرك المنظرة اللي جدامه.. تم يناظر ويهه وحواجبه اللي تشربكت من زمان بعقدة ما انحلت الى هذي اللحظة.. وهو يمسح على عيونه اسـتأذنت الجفون اللي انطبقت انها ترسم صورتها وويها بعينه.. وظل جراح على هذي الصـورة وهو مغمض عيـونه.. مستمتع بهالويه بس من غير ابتسـام.. لانها كانت بعيـدة وان كانت اقرب من الجفن لعيـونه.. فتح عيـونه وهو يحس بحرقان فيـها.. لبس النـظارة وهو يطلع السيـارة من الباركات..

رد البيـت وهو تعبـان نفسيـا من الأزمات اللي تراكمت فيـه.. ولكن حاول انه يخفي هالملامح من ويـهه.. دخل البيت وهو ينادي على امه..

جراح: يمـة.. يمــة..

ماكو اي رد ولا جواب.. تلفت يمين ويسـار لقى ستار الصالة مفروش.. اكيد احد ويا امه في البيت.. لذا ما حب انه يناديها اكثـر.. وراح مباشرة المطبـخ.. حمل له قطعة فواكه وقعد ياكلها بسبب الجوع الشديد اللي انتابه.. وتم يقضم فيها وهو طالع من المطبخ.. ولكنه تجمد مكانه يوم كان توه بنص الدرب الى الدري.. وكله بسبب الشخص اللي كان في البيت..

كانت مريم نازلة من على العتبات من بعد ما استأذنت للروحة من سمعت حس جراح .. وما تمنت انهم يتلاقون جذي لكن للاسف.. تلاقوا.. ومن بعد فراق الثمانية اشهر.. يتلاقون في عقر بيته..

خانت التصرفات اللائقة جراح اللي ظل واقف وهو يناظر مريم اللي ما حطت لهاللحظة عيونها بعيونه.. تم يراقب كل شي فيـها.. عبايتها وشيلتها المتدلية.. ويهها الحزيـن والكبير بالعمر.. وكان اللي مر ثمان سنوات مو ثمانية اشهر. بس هذا اللي يسويه الفراق في الناس.. يخلق التعب في الويه..

حاولت انها تتجاهله .. ولا تناظر ويهه.. اللي يمكن لو شافته بهاللحظة اللي كانت للتوو تالية لتعبير عن ألم عظيم واختناق عاطفي فيها وشوق كبيـر لكل اهل هالبيت.. ولكن.. كان من المفروض عليها انها تناظره وتحط عيونها بعيـونه..

مريم والابتسامة المخنوقة على ويهها الشاحب.. برود يكتسح مظهرها ولكن الاف التأججات تشتعل في قلبها لجراح..

مريم : .. شخبارك جراح؟؟
جراح وعيـونه خايـنته وهو يناظرها من غيـر اي تصرف مهـذب او مفروض بهاللحظة:.. نحمد الله.. الدنيا تييب لنا احزان الايام الياية ونظل نتحمل.. وانتي.. شخبـارج؟
مريم وهي تبتسم: الحمد لله ابخير.. (و هي تعصر يدها على قلبها) يالله انا بروح الحين..
لكن ما خلاها جراح:.. شخبـار.. شخبـاره مسـاعد؟
ابتسمت مريم بخفة لانها تعرف ان جراح يقدر يحصل اخبار مسـاعد من لؤي ولكن..: الحمد لله.. ماكو اي تطـور بحالته لكن الحمـد لله..
جراح: ان شاء الله تتطور حالته الصحيـة..
مريم: ان شاء الله.. مع السـلامة (وهي حاطة عيونها بعيونه.. عشان يخليها تروح..)
جراح وهو يفكـر انه يعـاند عيونها.. لكن.. حرام يعذبها جذي اكـثر:.. الله يسـلمج..

ام جراح وهي تراقب الاثنين بلوعة.. ما عمرها حسـت انها ما تتحمل ظلم احد كثر ظلم هالاثنيـن.. بدل الواحد.. صارت لازم تعاني لثلاثة.. اول شي لمسـاعد.. والثاني لجراح.. والثالث لخالد اللي يحمـل اكبـر ألم بين هالكل..

مريم وهي تركب السيارة وياها ام جراح:.. على اتفاقنا خالتي!!
ام جراح: اي يمة بس مادري اخاف امج تدري وتزفج ولا تلعب فيج وانا مابي هالشي يصير
مريم تبتسم: خالتي انا وجراح بنتفق على هالشي وما راح يصيـر شي صدقيني.. اذا اتفقنا على شي صدقيني محد راح يأثر..
ام جراح وهي تبتسم بأسف وتناظر مريم:.. جراح وانتي؟
مريم اللي بعدها ما استوعبت الصدمة: اي .. انا وجراح.. (انتبهت على كلمتها.. وارتفع جسمها بشهقة حيـا.. ولكن عيـون ام جراح الضاحكة انقذتها.. ) السـموحة خالتـي.. بس... شوي فكـري مشـغول.

الا ومنـاير وسمــاهر يايـين عند البيت..اللي قدرو خلال هالثمانيـة شـهور انهم يعبـرون عن كبـرهم بوضوح الحسـن والجمـال.. وخصـوصا منـاير اللي اكتسـبت قامة طويــلة مثل اخـوها.. وسمـاهر اللي بدت بنت في عمـر العشـرين على الرغـم انها كانت بس في ال17 .. سنة ثانية ثانوية..

ويـه مناير كانت مجمل بالحزن العميق اللي يأبى الظهور.. وقلب مسكين احب الشخص الخطأ.. كانت على وشك الموت يوم بدت تتعرف على مشـاعر قلبها الجامحة لمشـعل انها الحب.. واللي فهمها هالمشاعر كانت سماهر محد غيـرها. وهي بعد نفسها اللي خلتها توعدها انها ما تتجاوز حدودها معاه.. ولكن هذا الوعد كان ماله اي داعي لان من بعد سفر فاتن اختفى مشـعل الثاني.. وما عادو يعرفون عنه اي شي.. وحاولت مناير انها تخبي الالم العظيم في قلبها عن الكل كسبا لحيـاتها.. وانها تعوض نفسها بالراحة اللي لقتها بانه بعيد وما راح يأذي احد من بيتهم..

مناير يوم شافت مريم ما صدقت عيونها.. اهي صج ماقطعتهم الا فترة بسيطة وردت تزورهم بصورة بسيطة..
مناير وهي تلم مريم: يا حلااااااااااااا هالويه.. مالت عليج توج الحين ياييتنا..
مريم وهي تخبي ويهها بالشييلة: شسوي بعد؟؟ ااخاف احد يجكني عند بيتكم.. فقلت ما ايي الا بالخشة..وانتي شخبارج المحقق كونان؟؟
مناير وهي تناظر امها بغيـض : يمة ليش تتطنزين علي وياها
مريم وهي منفجرة بالضحك: ههههههههههههههههههههههههه هههههههههه كونان مرة وحدة؟ جان قلتي جورجي؟؟؟ واله احلى هالمسلسل..
مناير وهي تتخصر والكبرياء يعلوو وجهها الجميـل:.. والله كيـفي.. انا كونان.. ولو فيني بعد مو بس اصير اهو.. حتى ساندي بل..
مريم: اوب اوب. .ههههههههههههههههههه خالتي الله بالستر البنت بتفظحج..
مناير: لا والله هالشي يفضحج؟؟ من امتى؟؟
ام جراح: ما يفضح ما يفضح بس خلاص فكيـنا..
مناير وهي تمزح: اخر مرة اتيين بيتنا سامعة؟
مريم وهي تمثل بالصدمة:.. شنو؟؟ انا مناير؟؟ ليش .. انا شسويت فيج.. تدري اني موت احبك؟
مناير وهي تتظاهر بالغرور: بس خلاص مابيج ماحبج ولا يهمني جان تحبيني ولا لاء..
مريم وهي تسكر الباب وتشغل السيـارة : والله تدرين عاد.. عندج بدل الطوف الف .. ودقي راسج باللي تبين.. يالله خالتي انا بروح قبل لا تشك فيني امي..
ام جراح بابتسامة: في امان الله يمة وحفظه.. ولا تخبطين بالشارع هالايام خطر هالسواقة..
مريم ويه تصحح: خالتي سياقة.. مب سواقة.. وولا يهمج.. انا الحمد لله مراعية..
مناير وهي تحط راسها عند باب رنج مسـاعد: حطي عينج بعيني..
مريم وهي تغمـز: بس عالهاي واي ماجوف
مناير: ههههههههههههههههههههه هذي هي تربيـتي..

وتحركت مريم عنهم وهي تحتفظ بالابتسامة من بعد الضحكة.. صج انها ضحكت.. لكن عشان تهدي قلبـها اللي كان يدق مثل الطبل من شافت جراح لحتى هاللحظة.. محتفظة بصورته بعيونها.. ما احلااه.. بعدها عيونه سودا.. وبعدها رموشه كثيفه.. وبعده ويهه محتفظ بجمال الطفولة مثل قبـل.. كان يختلف جراح عنها في الشكل اشد الاختلاف.. اهو بشرته فاتحة وشوي بيضة لكن اهي سمـرا بحمرة الخدود.. عيونه سودا ولكن كبيـرة .. وهي مايلة للاخضرار واهدابها خفيفة..

طول عمرها حست بالتناقض بينها وبين جراح.. ويمكن هذا الشي اللي خلاها تتقرب منه اكثـر شي.. تذكر اول ايام مراهقتها.. يوم كانت تمضي اللحظات وهي تدقق في ملامحه وقت ما كانو يلعبون في ساحة بيتهم.. اهو ولؤي.. او اوقات ما كانو يغسلون السيارات .. او يتلعبون ويا بعض.. او حتى لمن تتلاقى وياه في بيـتهم..

الذكريات كانت حلوة وجميلـة وتمر على القلب مثـل الهمس البارد على الاذن.. ولكن بنفس الوقت توقظ وحوش الحزن في النفس والمستحيـل اللي انصف بيناتهم..

وياها الاتصـال اللي كانت مو حاسبـة له حسـاب..

مريم وهي ترفع السماعة بهدوء: قوة نورة؟؟
نورة بصوت متلهف .. متخالط بالفـرح وبعد بالارتباك والتوتر: مريم.. مريم لحقيييي
مريم مسكت قلبها: شفيج نورة؟ عسى ما شر
نورة: خير خير يا مريم خير.. ربج سمع دعااانا وكاهو مسـاعد ....

توقف قلب مريـم من شدة الخوف اللي ياها من انطرى اسم مسـاعد..

مريم: علامه مسـاعد؟
نورة : مادري بس يقولون.. ان اليوم.. تحرك.. حرك يدينه.. وعيونه غيـر..
مريم اللي كانت تبلع ريجها بغيـر سهولة: نورة بسكره عنج الحين وبييج المستشفى انا بالدرب وماقدر اتكلم وياج اخاف اتوتر وانقلب مكاني.. خليها لمن اييكم.
نورة: بس لا تتاخرين.. امي حالتها حاله من الحفوووز وما هي قادرة تشد على عمرها
مريم وهي تكابد الدمع.. : ما عليج نورة دقايق وانا معاج..

سكرت عن نورة وهي فرحانه بالحيـل.. مسـاعد وعى للدنيا.. مساعد تحرك اليوم؟؟ وين كانت اهي عشان انه تحرك..شلي حركك بعد ثمانية شهور يا مسـاعد.. وفاتن وينها .. وينها فاتن اللي بتدري عنك وتفرح لك.. وينها فاتن؟؟ وانا اللي كنت متوقعة انها اهي اللي راح توقظك..

وبصوت مسموع ودمعتها تجري: وينج يا فاتن.. وينج؟؟

-------------------------------------

توها فاتن داخلة الملحق اللي بدت تسكن فيـه من اول ما وصلت اميـركا باحزانها واهاتها ودمعتها اللي ما خفت بلحظة.. وكانت من الاثر انها سحقت كل جمال منها.. لكنها ظلت فاتن.. بويهها الصافي المريح.. . وهالملحق كان تابع لبيت هيـام.. استأجرته ببلاش من عندهم لانهم مارضوا انها تكون ضيفة ولكن وحدة من الأهل والاحباب.. واهي قبلت هالمحبة وهالعائلة من بعد ما فقدت عائلتين.. ولكن كل هذا كان برضاها..

رمت باغراضها وهي تحس بالتعب الكبيـر.. ظلت في الجامعة اكثر من الوقت المطلوب يمكن باربع ساعات ولكن ما تمللت.. كانت مالية وقتها بالكتب والمكتبة الثرية اللي تعرفت عليها بالجامعة تقرى في مختلف الكتب.. الاجتماعية النفسية العلمية والمعلوماتيـة..

راحت عند المطبخ وهي تطلع لها شي تاكله.. من زود ما تنسى انها يوعانه فقدت الوزن اللي كان يعطيـها التورد بويهها.. صارت في حالة اشبه بالذبلان وهي في ربيع العمر.. ما تدري اهي نفسها ان جان اللي تسويه نابع من قلبها ولا شي لا ارادي.. لانها تبي تنهي هالمظهر اللي يحمل في قلبها وطيات عمرها الكثير من الجراح.. واعظم هالجراحات اهي.. مسـاعد..

شلون قضت فاتن حياتها هالقصيـرة في ثمانية شهور؟؟ ما تدري شلون.. مضت اول اسبوع من وجودها بحالة مرضية شديدة ولكن جذبت على روحها يوم قالت عنها بسبب الجوو المتغيـر.. كانت حالتها النفسية والرعشة التوترية اللي رافقتها بطول السـفرة.. واللي ما طلعت منها الا بالمرضة القوية.. ولكن من بعدها .. وبعد كلام طويل ويا هيـام وزياد اللي ما خلوها دقيقة وحدة بروحها.. قدرت فاتن انها تفضي اللي فيها بدموع من اسيد ذوبت اللي فيها قبل اي شي ثاني.. مثل معاناة مسـاعد بالمستشفى واهو فاقد الوعي لمدة ثمانية شهور.. قضتها فاتن بمعاناة مضاعفة.. فقد الاهل والاحباب والاصحاب واصواتهم والاجازات اللي طافت عليها من غير ما تنزل لهم البحرين وتلاقيهم تركت فيه الاثر العظيم.. يمكن كلهم كانو في جهة ومساعد اللي ما تحرك صوبها ثمانية اشهر في جهة ثانية.. حست ان هذي هي نهاية حبهم.. وان مسـاعد ما تحمل عصيانها لاوامره وهزت يمكن عنفوان رجولته بسفرها المباغت عنه.. وعاقبها بهالطريقة..

حللتها على اكثر من شي.. يمكن لقى له الحب الحقيقي الي يدوره.. او يمكن فضل عالية عليها وهي الميتة. طبعا محد بيترك ذكرى حب مثل هذاك اللي ما كان يخليه يطالع بنت ثانية بمجرد النظر.. بيترك هالحب ويحبها اهي؟؟؟ البنت اللي يابت له مختلف الانواع من الصداع والالم والقهر.. وفوق كل هذا التعب وضياع الوقت..

او يمكن وعى انها بنت ما تستاهل التعب.. لانها اتخذت قرار من غير مشورته.. وهو رجولته مطبقة فوق كل شي.. وتملكه فوق اي شي ثاني.. واهي العنيدة اللي ما تقبل منه هالتملك.. وهو الاستفزازي اللي يناهض عقليتها الصغيـرة..

في طلعة بينها وبين هيـام دار بينهم كلام.. منه حاولت هيام انها تلاقي حل لمشكلة فاتن.. ومنه فاتن اعترفت انها خلاص ما تبي مسـاعد وكان هذا بعد ستة اشهر من تواجدها ببوسطن..

هيـام وهي تحمل الايسكريم لها بالبارك واختينها الصغيرتين وياها...

تناول فاتن الايسكريم: هاااج يوديه ساح على يدي..
فاتن بابتسامة باهتة: عبلتي على روحج والله
هيـام بنظرة: والله عبلت على روحي؟؟ انا ما قلت لج تعالي وانتي قلتي لا ما ابي؟
فاتن: ههههههههه تعب بعيد محل الايسكريم..
هيام: ماقدر عليج.. الحين عندج درب مبناج والمكتبة هين ولكن من هني لمحل الايسكريم طويل؟؟ انتي مخلوقة من شنو فاتن؟
فاتن وهي تاكل من الايسكريم: ولا شي.. انا مجرد ضباب.. اتواجد بالفجر واتبخر باشعة الشمس..
هيام: ها ها ها .. لمن تنكتين فانتي تهلكين الجميـع..

سكتت فاتن وهي ترسم ابتسامة على ويهها.. وخاتم خطوبة هيـام يلمع بصبعها اليمين مثل الاشارة لعيون الناس.. كان مرصع بماستين على جنب وفوق وتحت فصيـن من السافير الازرق.. ذوق زياد كان غريب لكنه اعجب هيـام لمجرد كون زياد اللي مختاره.. وما حاولت فاتن انها تبدي رايها عليـها..

هيـام من العدم ظهر صوتها: خلاص؟
انتبهت لها فاتن بحاجب معقود: شالخلاص؟
هيـام: السرحان خلص؟
فاتن باستغراب: اي سرحان؟؟
هيـام تناظر يد فاتن بفكاهه: لان الايسكريم وصل لركبتج..

انتبهت فاتن للايسكريم ودليل على الصدمة رمته من يدها وهي تنفض الايـسكريم من يدهـا..

اشرت بعيونها لهيـام: ابي اغسـل
هيـام اللي متلذذة بايسكريمها: هناك في لولب..

راحت فاتن وهي تحمل تنورتها الوسيعة الحليبية وتمشـي عند اللولب اللي اشارت عليـه هيـام.. وبدربها لهناك لقت ريـال يمشي وظهره العريض يتمايل وراه.. وفوق كل هذا يده تروح لجدام وورى.. مثل مشيـة مسـاعد.. وقفت وهي حاطة يدها المتلوثة على صدرها من الفرحـة المتخبية بالويه المنهلع.. وتمت واقفة مكانها واهي تنتظر هالريـال يستدير.. وتمنت عليه انه يستـدير.. ويوم استدار كان لاف راسـه الى بنت صغيـرة تسحب بانطلونه.. وكان شكله اهو خيبة الامـل الكبيـرةاللي صفعت فاتن بحرارة.. لدرجة انها تراجعت خطوة للخلف. .

ياتها هيام اللي كانت تراقبها عن بعد ولقتها بحالة لا تحسد عليها.. وبخوف كبيـر هزتها بخفة..

هيـام : فاتن؟؟ علامج حبيبتي؟
انتبهت لها فاتن وكان صابين عليها ماي بارد..: ... شنو؟؟
هيـام وهي تمسك يد فاتن: شفيج وقفتي مكانج جذي؟؟ شياج؟
فاتن والدمعة تلمع بعيونه وتتكلم عنها بافصح اللغات: ما فيـني شي... ما فيني شي (قالتها وهي تشيح بويهها..)
مسكت هيام ويهها ودارته صوبه وهي تناظرها بتعاطف: لمتى فاتن
فاتن وهي تمد يدها في ويه هيام: بس هيـام.. ما ابي اتكلم عن الموضوع.. بس برد البيـت..

ومن غير انتظار لردة فعل هيـام حملت روحها فاتن وهي تحمل الجنطة من على الكرسي وتتحرك بعيد عن البارك.. تمت تمشي وهي شادة الجنطة عند حظنها.. وهي تهز راسها عن الدمع الخائن بعيونها.. ولكن ما اجبن هالعين اللي ذرفت دمع حـار مسحته بيدها لمن وصلت الى البيـت.. ماتدري جم اخذ من الوقت هالمشي السريع.. اللي ما كانت تدرك بنفسها..

وبوقت متأخر بهذاك اليوم اجتمع بها كل من زيـاد وهيـام وكلموها بهالموضوع..

زيـاد: فاتن.. اذا انتي كنتي متعذبة بهالسبب انهي عذابج وارجعي من محل ما ييتي..

فاتن اللي ما كانت مهتمة لاي كلمة يقولونها واقفة بنص المطبخ تنتظر الابريق يحتر عشان الكوفي اللي تسويها..

زياد يناظر هيـام ومن بعدها يناظر فاتن: شقـلتي
رفعت عيونها فاتن بهدوء وبملل: .. بشنو؟
زياد وهو يفتر بزفرة وهيـام اللي تكلمت: فاتن تعالي هني شوي..
هزت راسها فاتن وهي متظايقة.. وراحت بطواعية ويلست على الكرسي اللي يم كرسي هيـام.. وهي تحط التكية بحظنها وتعصر قلب متألم..: خيـر؟
هيـام وهي ماسكة يد زياد :.. فاتن.. احنا ما نبي لج الا الخيـر.. واحنا مو راضيـين بالحالة اللي انتي واصلـة لها.. انتي تشوفين نفسج؟
فاتن بسخرية: كل يوم بالمنظرة.. ليش؟؟
زيـاد: فاتن احنا مو قاعدين نتغشمر
فاتن بسرعة: ولا انا قاعدة اتغشمـر.. زياد هيـام.. أرجوكم.. اذا انا مشكلة عبء عليكم فقولولي عشان اطلع من المكان اللي انتو فيـه.. والا انا مو فاضيـة لمثل هالحوارات اللي مالها اي بداية او نهاية.. خلاص.. انا تاكدت من اللي ابيه ومن اللي ما ابيه ومسـاعد.. (انقطع نفسـها يوم ذكرت اسم مسـاعد وبصوت هادئ كملت) مساعـد شي انا ما ابيـه
هيـام: بس فاتن انتي حالتج قاعدة تثبت العكس.. شتقولين عن هالموضوع؟؟
فاتن وهي تبلع ريج مـر تمنت لو انه كان سـم وتنتهي حيـاتها به..:... ما اقول شي... ولا ابي اقول شي.. تكفـون.. (برجاء بليغ) انا ما ييت هني الا عشان افتك من اللي يصير لي هنـاك.. لا تحسسوني ان مالي مكان معاكم.. ترى انا ما بقعد ولا لحظة في هالبيت لو ما تبووني.. ارض الله واسعة واذا عندي السيولة بقدر اضم نفسي محل اللي ابيـه
زيـاد يناظر هيام باسف ويرد لفاتن بابتسامة: فاتن.. احنا ما نبي الا راحتج.. وصدقيني.. من هالنقطة احنا ما راح نناقشج بشي يختص فيج الا اذا انتي كنتي المتكلمة...
فاتن وهي تبتسم ببرود: وصدقني ما راح اتكلم بشي يخصـني .. لان ماكو شي يخصـني يهمني.. كل شي تركته وانتهيت منه..
هيـام بنظرة مشككة: متـاكدة...

سكتت فاتن لانها اكبر جذابة.. تدري انها ما انتهت..بالعكس.. ابتدت بهالامور اللي تركتها .. ابتدت فيها حيـاة يديدة وشخصيـة يديدة.. ولكن طابع الجرح ما زال قديـم.. ما حبت انها تتكلم في هالموضوع اكثر ليش؟؟ لانها كل ما تتكلم فيه تزيد حماسيتها انها ترد لوطنها وتلم شتات عواطفها اللي رمتها على عتبة بيتهم.. وبثلاث صفحات هشمت فيها اللي ما يتهشم.. بالاونة الاخيـرة من الشهور اللي طافت تمت تفكر بجدية.. بعلاقة مسـاعد مع عالية وتحاول انها تلتقط خيـوط من هالعلاقة يوم كانت اهي حاظرة بيناتهم.. كانت سرية عمتها عالية غير معقولة.. ولا بغت فاتن تعرف شي عنها.. تخبرها اياها بالغاز غريبة وعجيبة.. ساعات فاتن اهي نفسـها تمل وما تحط بالها وتبتعد عشان تلعب ويا مريم.. بس تذكر عمتها عالية مرة وحدة.. كانت طالعة بالليل.. الساعة ثنتين تقريبا.. وردت بنفس الوقت بروحها وعلى راسها شال اسود طويل يلف قدها كله.. ويوم وقفت لها فاتن بنص الدرب لغرفتها قالت لها انها راحت تدور على الناس وتتمنى لهم ليلـة طيبـة.. فاتن كانت صغيـرة بهالمناسبة.. لكن انحفرت في قلبها مثل الخشب..

يعقـل؟؟ ان هالزيارة كانت لمسـاعد؟؟ وحتى لو كانت بهذاك الوقت.. تحس فاتن انها محاطة بهالة من الحب والطهارة وفوق كل هذا.. نقاوة الاخلاص الابدي..

ناظرت نفسها في المنظرة.. وهي تراقب خطوط ويهها.. وملامحها.. الحين بدت تتوضح عندها كل نظرات ابوها من بداية نضجها لحتى مماته.. شلون كان يغيب في ملامحها ويتذكر عاليـة.. ما صدقت بحياتها شلون انها تقدر تكون نسخة اشبه بالمطابة لويه عاليـة.. شلون محد لاحظ.. يمكن لهالسبب صورها كانت مغبية عن الكل.. وما كنا نشوفها الا من خلال الصور اللي تحتفظ بها فاتن لنفسها.. ولانها كانت تظن انها مختلفة تمام الاختلاف عن عمتها ظنت انها حتى بالشكل.. لكن هذا الشكل كان الحافز لمسـاعد انه يتقرب منها.. يمكن حباها لنفسـها.. لكن راح تظل الذكرى بينه وبين وحدة ميـتة...

ما تحملت فاتن اكثر.. وحملت المزهرية ورمتها على المنظرة.. وتهشمت الى قطع صغيـرة وكبيـرة.. مثل ما تهشمت المرآة اللي في قلب فاتن وتحطمت الى قطع على الأرض..

وظلت طول هالثمانية اشهر ترهق نفسها بالدراسة وتبعد نفسها عن المشاغل في الديرة.. والكتب صارت هواية جديدة تحب فاتن انها تغمس نفسها بها.. وصار مظهرها معتاد.. الجينز والتريننغ الرياضي.. او ساعت تكشخ وتلبس شي من الملابس الانيقةا للي عندها.. واللي ترفضها في بعض الاحيـان لانها تنسى نفسها وتحس انها عادت للوقت من ورى..

انتبهت الى جرس الساعة اللي رن بقوة وهز الصمت بالمكان.. تلفتت براسها يمين ويسـار.. وعرفت ان النهار تحول الى ليـل.. وصار لازم مثل كل يوم ثلاثاء بهالموعد.. انها تتصل في بيـتهم.. وتستعلم عن احوالهم القليل وتخبرهم عن احوالهم القليل.. جراح زعلان منها وما يكلمها من فترة.. او يتحاشى اتصالاتها .. وامها اللي قلبها منصب عليهاو تعرف اي تمر باي نوع من الزعل النفسي على فاتن لكنها ما تقدر تتراجع خطوة وحدة.. قبل ما احد يتجدم لها بخطوة. او انهم يخبرونها انها خلاص صارت من طي ما مضى.. وهذا يمكن اللي تبيه اكثـر شي..

توها بتمد يدها عشـان تشيل السماعة وتتصل بأهلها الا جرس الملحق اللي هي فيـه يرن.. وابتسمت.. هذي اكيد ام هيـام اللي حاملة وياها الاكل وكان فاتن محتاجة لاكثر من الاكل اللي ما يغرد ببطنها.. وتحاملت على نفسـها وفتحت الباب الا بالفراشتين يطلووون من الباب قبل امهم ويطيرون داخل الصالة وفاتن تناظرهم بفرحة..

ام هيـام: good evening faten
فاتن بابتسامة: اهليــن خالتي.. كل يوم يعني خالة؟
ام هيام باستغراب: كل يوم شنو؟؟؟
فاتن وهي تحمل الصينية بالاطباق المغطية: كل يوم هالحالة وياج... ما قلت لج لا اتيبين لي شي. انا عندي خيـر الله هني
ام هيـام: وتعافين اكلي؟؟؟ تدرين اني اكبر طباخة بحرينية في ولاية بوسطن ماساتشوتس..؟؟؟
فاتن وهي تضحك بخفة: ولج الراية البيضا بعد بس ما ابي اعبل عليج
ام هيـام: انا زين مني لقيت لي صديقة في هالبيت الكبير .. هيـام من انخطبت من زياد ما شوفها.. اللي يسمعني يقول اني كنت اشوفها قبل.. يا فاتن انتي البنت اللي كل ام تتمناها.. وانا اتمناااج بنت لي..
فاتن وقلبها يخفق بذكرى امها الغالية:.. وانتي بعد خالتي.. الام اللي كل بنت تتمناها..
ام هيـام: عيل ليش ما تخليني اوكلج مثل ما ابي.... يالله.. لا تعاندين.. وخلج بنت طيبة وحليوة... وكلي وردي لونج الحلووو..

وحدة من التوائم تسحب ريل فاتن: معليه اكل معاااج..
ام هيـام: شوف الفشيلة..
فاتن وهي تبتسم لها بحنية: بشررررررط..
الصغيـرة:سنو؟؟؟
فاتن : تقوليلي.. شعطوووكم اليوم في الباليـه..
يات التوأم الثاني اللي فيها جرآة اكبر من اللي في الاولى:.. انا اقوووولج اللي اتووونا اياااه...

وسحبوو الثنتين يدين فاتن الى الكراسي والصينية حملتها ام هيـام وهي تضحك على بنتييينها الصغيرتين الي يكونون سبب الفرحة الحقيقية بعيون فاتن اللامعة.. تمتلك الكثيـر من الآلام في قلبـها.. قالت ام هيام في قلبها.. هالبنت الامها واضحة للعيان مثل ما يوضح هلال العيـد بعيون المعيـدين.. سيمائهم علىوجوههم.. وهالبنت ما تحاول تخفي اي شي على الرغم من سكوتها.. لكن مثل ما يقول محمد عبده.. الحب علمها السكوت.. وعلمه الكلااام.. بس محد يدري.. شفاة من المغلقة .. وعين من الدامعة.. وفاتن قصة حبـها يمكن تكون اعمق من ما يتصورها احد..

وقبل لا تروح ام هيـام عن فاتن بعد قعدة ساعة والبنتين في نص سوالفهم طاحوو بحكم سلطان النوم. في حظن فاتن.. وقفت لها وابتسمت في ويهها..

ام هيـام:.. يا فاتن.. العقل.. يقدر يسوي اي شي.. ويقدر يفكر باي شي.. ولكن.. (حطت يدها على قلب فاتن) هذا راعي الافعال.. يصبر الى الحد اللي يقدر عليه.. ولكن لا بغى ينفجر. يحدث اكبر بركاااان واكبر فوضى..
فاتن وهي تبعد عيون دامعة من كلام ام هيـام..: خالتي... ماابي اتكلم..
ام هيام وهي تمسح على ويه فاتن: وانا ما بغيتج تتكلمين.. ريحي بالج يا فاتن.. وخلي قلبج يفكر.. صدقيني.. في الحب.. والحرب.. ما يفكر الا شي واحد.. القلب.. لا تخليهم يقصون عليج.. اللي يفكر بعقله انسان ما يحب طعم الحب ولا بيعرف طعم الحب. الحب ما كان المفروض عليه انه يكون سعيد وجميل ولذيذ.. والا ما كان في حب.. الحب انرسم من اثنين.. الدم.. والدمع.. امتزجوا وكونو احلى خليـط.. تبلعينه بمرارة.. لكن تخلي العنف في صدرج وانتي تتضرجين بدمه؟؟؟ احساس جميل..

سكتت وهي تراقب الدمع الخائن من عيـون فاتن وما حبت انها تواصل بالكلام اكثـر.. وطلعت من الملحق.. تاركة وراها فاتن بقلب ملتهب.. ولسانها اللي واقف على طرفه اسمه.. وما تقدر تلفظه ولا تقوله.. تخاف انها تؤذي نفسـها او ترد نفسـها الى عالـم اهي بغنى عنه.. ولكن هالعالم بعد يمتلك اسمى واغلى ممتلكاتها.. اهلها.. واصحابها.. وفوق كل شي.. ذكرياتها معاهم.. ما تقدر تتخلى عن هذا وعن هذاك بسبب شخص واحد.. اصح.. الحب ما كان المفروض عليه انه يكون حلو.. الحب عذاب.. لا ننسى الألف.. عشان المعنى لا يختلف... اااااه عليج يا مريم.. ليتني القاج الحين وارمي عليج بهمومي..

فاتن بتفكير مسموع : لكن مادري انتي شتفكرين عني الحين يا مريم .. مادري.؟

----------------------------------------------

في فجــر اليوم التـالي.. وقفت سيـارة عن بعـد شـــارع من بيـت النهيــدي.. في جو متلايم على بعضـه وين ما الرطوبة تتحكم بالاجـواء وويــن ما الهـدوء يعـم الاطراف الا من حنحنه المكيــفات الهوائية.. الملطفة للاجواء.. تحركت القلـوب بصمـــت ثقيــل وبنفـــس حزيــنة ولكن الروح صــابرة..

نزل مشــعل من التاكسي وهو يحمل جنطته الصغيــرة.. تم يمشـي على طول الشـارع بهدوء وهو يناظر البيــوت.. مرت فتــرة.. ســته شهور من طلع من البحـرين الى السـعوديـة للدراســة او يمكـن الهروب.. عرف باللي صار لمسـاعد لكنه ما قدر يعـرف التفاصيـل لانه قطع كل العلاقات او الامكانيات انه يوصـل لهم.. وفضل الهروب على القعدة مكـانه.. وحتى وجوده اليوم ما كان بطواعيته.. كانت هناك اغلاط تركها وراحت.. خلفتها العيوب الشخصيـة في هالحي وبين هالناس الطيبـة.. والغلط يصير لكن لازم مايستـمر.. اهو لازم يعوض عن اللي خسـره بكل هالناس.. واولهم فاتـن.. واهل فاتـن.. ويمكن فاتن ما تكون مهمة بقـدر ... منـاير..

منايــر.. في ظرف هالثمانية شهور قدرت انها تغيـر فيه كل شي.. مو بمعنى عاطفي او رومانسي بمعنى انسـاني اكثـر.. كيف ان بنت صغيـرة تقدر تكون انسـانة فاهمة وعاقلة.. واهو اللي كان يظـن انه كبيـر ما كان يعـرف شي..

العمـر ماله فرق.. والانتقام يمكن ما كان موجـود.. ولكن استرداد الذات اهو اللي حدد مصيـره في ذيج الفتـرة.. ولكن قضاء الله وقدره دايما يكون على غيـر اعتقاد الانسـان.. الواحد يظن انه خلاص.. ما راح يتنازل او يتقاعص لحظـة لكن.. في خضم اللحظات يلقى ضميـره يرسل رسالة ضعف او توسل لجسـد لانسان يحثه على لتوقف..

منــاير.. مع انج كنتي منـاير الا ان نور واحد منج كــفى.. ماهو حب ولا هو جنون.. الا ان العفـة اللي فيج قدرت انها تبعدني بشيطانيتي عن اختج..

في نفـس الوقت كانت مناير ويا سمـاهر قاعدين عند البـاب الرئيسي للبيت يناقشـون اخر المستـجدات مثل كل مرة بهالوقت من الليل.. ويخترعون اشياء من الخيـال ويتمنونها لو انها تصيـر.. على الاقل قصة معاناة حقيقية راح تكون متواجدة بحياتهم..

مناير وهي مسندة راسها والحجاب ملتف عليها باحكام: تهقين سمور.. فاتن بترد بيوم..
سمـاهر وهي تاكل من الصبار اللي بيدها: والله مادري.. اهي ادرى بمصلحتها.. بس تدرين.. صباركم وايد حلو
مناير تبتسم: هذي امي كل يوم تقطف شوي.. تصدقين.. ابوي كان خاطره اننا نزرع صبار هندي.. لكن حط لنا نخله بدالها..
سماهر بنظرة حلوة: الرطب حلو احبه.. ههههههههههههههه
مناير وهي تكابد ابتسامة وتتنهد بعمق: خاطري بس ... لو ابوي يرد الدنيا... دقيقة وحدة.. جان كل شي يتعدل..
سماهر وهي تتقرب من مناير بابتسامة وتمسك جتفها: منور.. خليني اقول لج قصـة..
مناير باندهاش..: شفيــج على القصص.. عدووج اهل القصص..
سمـاهر وهي تتأفاف: اوووووووف خليني عاد اقول لج القصة.. وبعدين.. انا انسانة محد يأثر علي.. كل شي ايي بنفسـه..
مناير وهي تصمها بالخمس على ويهـها: مالت عاد.. قولي قصتج خليني اسمعها..
سماهر وهي متحمسه تضم رجلينها الى صدرها وتبدى: بقول لج.. هذا واحد.. انزين
مناير تستبق الاحداث: اووووووووف عرفت القصة..
سماهر باندهاش: شدراج بالقصة؟؟ اصلا انتي سمعتيها
مناير: ما يحتاج اسمعها عشان اعرفها.. خلاص لا تعيدين ولا تزيدين
سماهر تضرب مناير على جتفها: عنبووو هالويه اللي عليج.. ما تخليني حتى ابث لج شوية من مشـاعري
مناير وهي منصدمة:.. تبثين؟؟ شفيج انتي.. وايد تطالعين برامج ثقافية..
سماهر الي زعلت ووقفت: لكن مو منج.. مني انا.. يالله تصبحين على خيـر

وراحت سمـاهر عن منـاير وهي معصبة والثانية تلحقها بابتسامة

مناير: لا تخليني الحقج ياالكريهه ماحب اركض.
تلتفت لها سماهر بسرعة: تخافين تختفي منج هالكرشة ولا تلاحقيني يالله ذلفي عني

تطلع سماهر من الباب وتتصنم وهي واقفة من الشخص اللي جدامها ومناير وراها تضحك بخفة روح ولا على بالها ادنى فكرة من اللي جدامها ..

مناير: وقفي سمـور والله احبـج انا.....

التفتت مناير للشخص الي كان واقف بنصـ الشارع وهي مسـتغربة .. مصعوقة بالاحرى.. ثمانية شهور.. ثمانية شهور.. واسبوعين.. وثلاثة ايام طافو من اخر مرة شافته فيهـا.. من سفر فاتن للحيـن.. وين راح بطول هالايـام.. وشهالليل الرطب الي يابه.. مثل المرهم على الجروح..

بروح الجيـرة اللي فيـه حب انه يسـلم عليـهم مع انهم بنـات.. بس كانو اشبـه بالاقرباء على الغربـاء..

مشـعل بارتباك وعيونه بالارض:.. السلام عليكم
مناير ما قدرت تصف كلمتين على بعض وسماهر اللي ردت: وعليكم السلام..
مشعل وعيونه بعدها على الارض: الشيخة بس لو تنادين جراح..

سمـاهر اضطربت وناظرت مناير عشان تعطيها جواب.. اللي تعرفه سماهر ان جراح راقد.. وما يقدرون يوعونه لانه عليه قعدة من الصبــح..

منـاير بصوت مقارب للهمس: جراح راقد.. وما يحب احد يوقظه ... لانه يقعد من الصبـح.
مشـعل وهو يلتفت بسـرعة ويعطيهم ظهره: مع السـلامة..
وهم يناظرونه يختفي بسرعة مثل الضباب.. ردو التحية.. وحدة بصدمة.. والثانية بشعور اشبه بالفقد من جديد: مع الف سلامة..

اختفى مشعل من زمان وتسكرت الابواب من وراه.. وبعدها مناير واقفة ويا سماهر والصدمة ماليتهم.. ما تنكر مناير انها حست بالامتلاء من يديد.. لكن في شي غريب خلاها تحس بالندم والاكراه لوجود مشـعل من يديد في حياتها... يمكن.. بسبب معرفتها بحبه الكبيـر لاختها.. ؟؟؟

سماهر وهي تودع مناير: يالله انا بروح.. الوقت تاخر واخاف بدر يدور علي الحين .. وتعرفين مو مثل قبل..
مناير وهي عاقدة حواجبها وتناظر بالفراغ ويدها معقودة عند بطنها والثانية عند حلجها: سمور.. شكانت قصتج؟؟
سماهر باستغراب: ليش؟
مناير : قوليلي اياها...
سمـاهر وهي تبتسـم:.. كان في واحد... (تستند على جتف مناير) طيب وحليو.. لكن المشاكل راكبه راسه.. في يوم من الايام.. التقى ببمصدر نور بحياته.. كانت بنت.. ولا كل البنات.. فيها الزين والشين.. وفوق كل هذا اللسان.. (تبتسم مناير بحزن عميـق) بس تدرين شلون؟؟
مناير وهي تناظر سماهر:.. شلون
سماهر وهي تتقرب منها: ما عليج من كل اللي يصير.. مناير.. الحب ماهو من ثوبنا.:. ولا احنا قده.. كفاية اللي نشوفهم كل يوم متعذبين على شان الحب.. خلينا .. نلاقي مصيـرنا من غير الحب.. جوفي من اي داعوس او اي زرنوق بيينا.. لا نلاحقه.. لانه يكسر شوكتنا.. خليه اهو اللي يلاحقنا... شرايج؟
مناير وهي تتنهد: رايي... رايي انج محتاجة نوووووووووو
سماهر وهي تتصنع التثاوب: اوووه صج اني تعبانة يالله قوو نايت..
مناير: هههههههه قود نايت..
سماهر: اللي هو...

كل وحدة ودعت الثانية وهي عارفة ان الحب.. ملاحق لا يلاحق.. اهم محتاجين لوجوده بحياتهم .. ماهو حاجة ضرورية.. بس لسبب معيـن.. بدى في بال مناير ان سبب تعاستها اهو غياب مشـعل.. ولكن.. سبب امتناعها عن التفكير بهالتعاسة اهو المدى اللي وصل له مشعل وفاتن ومساعد وجراح ومريم.. وحتى سمـاهر اللي تكابد في اخفاء مشاعرها الطفولية لجراح.. كل هذا شي مكتـوب في القدر.. وكل هذا مطلوب في الحياة.. حياة بعض الناس يمكن.. لكن سبب حصوله كله يرجع الى الله.. ومثل ما هو شبكنا.. بقدرته الواسعة.. راح يخلصنا..
.
.
الجزء [42] من قصة نظرة حب
الفصل الثاني
-----------------
الصحوة البسيـطة اللي مر فيها مسـاعد كانت مثل اجراس العيد ومصابيح فرح كبيـر في قلب عايلته.. لكن رجوعه للنوم ترك علامة سؤال كبيـرة في نفـوسهم.. جمعتهم كلهم في الدعاء عشان يقوم من يديد.. بعضهم خاب امله وبعضهم ما زال قلبه يشتعل بهالنووور وهالأمل.. لكن مريـم كانت متوترة ومنزعجة من اللي يصير ويا اخوها.. اهي تدري مفتاح صـحوته راح يـكون في وجود فاتن لكن مشكلتين تواجهها.. امها اللي مصـممة انها تفض عقد الزواج بين مساعد وفاتن والمشكلة الثانية اهو اختفاء فاتن.. ولكن نرجع للمشكلة الاولى لانها اهي المسبب الاول للعديد من النزاعات في البيت وانقسامه الى احزاب.. ومنها حزب الام وحزب مريم.. العلاقة تهشمت كليا بين الثنتين في ظرف اسبوع.. واللي يوقف مع مريم مرده لامه الا بو مساعد اللي مصمم على وقوفه ويا بنته اللي مصممة على بقاء عقد الزواج بين الاثنين لمن اهم يفكرون بفضه

ام مساعد وصوتها يرن بالبيت من عظم قهرها : شوفي مريم.. الزواج هذا بينفض يعني بينفض.. انا وليه امر اخووج وانا ادرى بمصلحته.. من البداية ما كانت راضية على هالياهل.. والحين ولا احد بيهز رايي..
مريم وهي تهز ريلها بعصبية وهي تحاول تهدأ نفسها: يمة.. انتي تتكلمين وكان مساعد ما بيقوم في يوم وبيعصف المكان على راسنا لو درى اننا في يوم تحكمنا في شي بحياته.. خليه مثل ما اهو
ام مسـاعد: مثل ماهو ؟ لا والله .. هالشي لا بقى جمر يشعل في قلبي .. لا انتي ولا ابوج بتوقفوني.. علبالكم مرتاحة لشوفه ولدي كل يوم بهالحالة.. قبل اسبوع بس ريح فوادي وفج عيونه ورد سكـرها. هالشي خلاني احس ان لازم اسوي شي عشان ولدي.. وهالشي اهو فض زواجه من هالبنت.. ما يبيها.. انا ادرى بولدي.. بتعلميني في ولدي
مريم وهي تحس بسخف امها ولكن تحاول انها تتماسك اكثر من جذي: يمة .. حتى لو انتي كنتي تبين جذي.. انتي مو ولية امر مسـاعد. ولي الامر اهو ابوي..
ام مساعد وهي تمسك منطقة قلبها:.. تتحديني يا مريم.. انا امج يالميهودة وتتحديني عشان وحدة لا صارت ولا استوت.. وينها ارفيجتج هذي ما تعلميني.. شاللي يانا منها غير المشاكل وعوار الراس..
مريم وهي تمسك راسها من شدة الالم ولان الموضوع والكلام يوميا يتكرر على نفس المحور وهذا الشي زهقها: يممة بسنا .. كل يوم نعيد ونزيد في هالموضوع.. انا ما سوي اللي اسويه عشان فاتن مع انها عزيزة على قلبي.. لكن اخوي اعز.. يمة انتي ما شفتيه لكن انا بلى.. مساعد يحب فاتن اكثر من هالدنيا كلها ولو شنو سوت له
ام مساعد بصوت عالي يهز المكان: دوشتووونا بهالحب والله ما يسوى علينا.. حب وحب وحب؟. يابوج مافي حب بهالدنيا .. سمعي كلامي وانا امج.. ولا حب بهالدنيا يتبارك لو ام او ابوو مو راضيين على هالحب.. انا امج وماني راضية على اخوج وعلى اللي سواه
مريم وهي منصدمة: يمة مسـاعد ب عده على هالدنيا
ام مساعد والدمعة تسكب من عينها: بعده على الدنيا لكن بشنو؟؟؟؟؟ عين مسـكرة ومخ ما يدري شصير حواليه ... بهالدنيا بشنو يا حسرة قلبي.. لا ريل يشد طوله عليها ولا .. .ااااه يا قلبي ااااه يا حسرة عمري.. اتحسر على ولدي وولدي بعده على الدنيا...

قعدت ام مسـاعد وهي تنزف من الدمع الغالي على ولدها العزيـز ومريم انتهزتها فرصة انها تفر بدمعها ونفورها وكل ما فيها بعيـد عن هالمكان.. ركبت السيارة وهي تحمل الاغراض والشيلة شوي وتطيح من على راسها.. اول ما دخلت السيارة وسكرت الباب وراها قعدة لدقايق مع نفسها وهي تسترجع نفسـها بصعوبه.. لكن سرعان ما اهتزت اوداجها بموجة صياح يديدة.. كلمة من كلمات امها مزقت حشاها .. تذكر امها اكثر الاشياء حساسيه وجلبا للاحزان في قلب الواحد.. تولد الشجن في قلب الشخص.. مـساعد ماعنده ريل ولا قدم.. معوق لمدى الحيـاة.. مع ان الريل الاصطناعية اللي اتفقوا عليها زاهبة وعلى قياس طوله الحقيقي.. الا ان مجرد الفكرة ان العملاق مساعد صار انسان معاق..

مريم وهي تمسح دمعة ساخنة من على ويها: استغفر الله ربي العظيم.. الحمد لله رب العالمين.. الحمد لله انه على هالدنيا.. نتحسر عليه وهو بعده على هالدنيا؟؟ اعوذ بالله من غضب الله..

ساقت السيارة وهي تمسح دمعها اللي كل دقيقة يهمل بصمت.. توقفت عند محل يبيع ورد وزهر.. وخذت باقة حلوة تتخالط بين اللونين الابيض والاصفر.. وخذتها معاها لاخوها.. يمكن الورد اليوم يساعد في حصول معجزة..

دخلت المستشفى من غير اي تحية مثل قبل.. وسارعت لغرفة اخوها تسال عنه.. من البارحة المغرب للحين ما تعرف عنه اي شي.. دخلت المصعد وطلعت منه وفي قلبه حفوز غريب من نوعه.. يمكن راجع للمواجهة ويا امها.. لكن يالله شي متعودة اهي عليه وما راح يضيق خلقها وايد.. صح اللي تقوله امها لكن محد له الحق انه يتدخل او يتحكم في قرارات شخص.. وخصوصا لو كان غائب عن الحيـاة في الفترة الحالية..

دخلت الغرفة وهي تبتسم في ويهه.. وتخيلت للحظه انه راح يكون مفتح عيونه ويبتسم في ويهها بالمقابل.. لكنه كان نايم وعيونه متمددة على طول المنطقة.. وويهه ابيض .. يمكن بسبب اللحية اللي نامية له..
عطته ظهرها وهي تاخذ المزهرية وتاخذها الى الحمام عشان تمليها ماي وتحط الورد.. طالعت روحها لدقيقة في منظرة الحمام وابتسمت.. شكلها يرعب اللي ما ينرعب.. وطلعت من الحمام وهي تحمل المزهرية.. والباب يندق..

وهي ماسكة المزهرية حاولت انها تفتح الباب.. ويوم فتحته كان لؤي عند الباب .. ومعاه شخص ثاني..

لؤي بهمس: امي موجودة؟
مريم: لا مو هني.. في البيت ما يات اليوم.. ليش؟؟
لؤي وهو يتنهد براحة: زين وايد زين.. سمعيني.. حطي اللي في يدج وروحي الاستراحة.. وياي جراح ويبي يشوف مسـاعد..

كان لؤي داخل الغرفة ومريم واقفة وياه على الباب تحاول انها تخفي ارتباكها وفرحتها بوجود جراح..

مريم وهي تحط المزهرية عند السرير:دقايق بس احط الورد واروح..

توها بتلتفت مريم وتطلع من الغرفة الا شي يتحرك ويجمد كل اوصالها.. وفي نفس اللحظة يدخل جراح ومعاه لؤي.. لكنهم وقفوا عند الباب يوم لاحظوا تصنم مريم..

لؤي: علامج مريم..

لكن مريم كانت عيونها متركزة على جفون مسـاعد اللي ترتجف.. وكانها تطالب بالانفتاح.. وتنشد النور انه يتخللها.. وتمت مريم واقفة وهي تماسك قلب يرتجف بالدعاء.. وبكل ثانية محسوبة في هالوقت ... ترتجف الجفون اكثر.. ومن الجفت.. الى تحرك بالراس.. ومن تحرك بالراس.. الى ضرب خفيف من الانامل على شراشف السرير.. تعقدت حواجبه لفترة بسيطة ولكنه بسطها من جديد.. ولكن ظلت جفونه ترتجف عشان انها تنفتح.. ولؤي وجراح اللي نسووو المكان اللي هم فيه للحظة وبهدوء راحو لعند السرير وهم مو مصدقين..

لؤي بصوت معانق الاثارة: مريم..
مريم :اووووش.. لا تتكلم... خله على راحته.. (قربت روحها من اذنه وبصوت مرتجف)... مســــاعد... حبيبي يا اخوي..

وكاهي الحقيقة تسطع من سواد عينه.. واخيـرا.. تفتحت الابواب واستقبلت الساحات الجماهيـر الغفيـرة.. ولكنها مردها رمشت من صدمة النور اللي كان مخفي طول هالفتـرة..

مريم سكرت ثمها من شدة الفرحة وهي تذرف دمعه ساخنة ولؤي يلمها.. وجراح الثاني اللي فرح من قلب على هالشي كابد دمع وانحنى لمسـاعد..

جراح: حيا الله الغايبين.. يا مطولين الغيبة علينا..

فتح مسـاعد عيونه بكل هدوء من يديد وهو يناظر اللي حواليه.. كل شي كان ظبابي.. ويمكن غريب او غير مألوف.. ولكنه يوم لقى جراح في ويهه.. ابتسم في ويهه لسبب غير معروف.. يمكن انه شاف ويه فاتن عنده.. التفت لقى مريم اللي ما غاب حسها ابدا عن باله طول هالفتـرة.. واهداها شي يمكن كانت ما تطلبه طول هالثمانية شهور.. ابتسامة نقيـة وصافية مشوبه بالتعب والاذهان..

مريم وهي تشد على يد لؤي: روح ناد الدكتور.. خله يطمنا.. خله يشوف..
لؤي وهو مرتبك..: ان شاء الله..

راح لؤي وتبعه جراح من محل ما يا.. والتفت اخيـرا الى مريم لقاها تتجرى وتمسك يد اخوها وتقول له شي يقطع القلب..

مريم: لا تفج عينك وترد تسكرها..

مسـاعد وهو يحاول يهمس بشي..

مريم وهي تحك يده وكانها بارده: شفيك.. امر ياخوي..
مسـاعد وهو يقرب مريم منه:.. ماي.. ابي ماي..
مريم اللي احتارت تعطيه ولا ما تعطيه.. لكن لا.. تخلي الممرضة تعطيه احسن:.. خل الممرضة الحين بتييك وهي بتعطيك.. انا اخاف اعطيك واخنقك.. مافيني شدة توك راد لي..

ابتسم مساعد وكانه يبي يضحـك.. وتمت مريم تناظر في ويهه وهي تراقب صحوته تشتد اكثر واكثـر.. وما قدرت الا انها تستبرق نظرها بالدمع اللي تخالط بالحلاوة ماهي الملوحة من شدة الفرح اللي فيـها.. وراقبت ملامح مسـاعد الهزيـلة اللي كانت في يوم تحمل عظمـة وشدة في الشخصيـة.. مسـأعد كان صارية السفيـنة اللي اهي تظن انها محمولة عليها.. توازن بين المقدمة والمؤخرة.. سبحان الله.. وكانه صحى عشان يوقف اللي قاعد ينشن ضده وضد فاتن.. رب العالمين كريم يمهل ولا يهمل.. سبحانك يا رب..

يات الممرضة وياها الدكـتور بعيلة ولؤي وراهم.. جراح ظل واقف بره ينتظر منهم خبر حلو وهو يفكر بفاتن.. ومسرع ما يات على باله اختفت الابتسامة.. فاتن مثلها مثل مساعد.. غايبة عن الحياة .. عن حياتهم على الاقل على الرغم من انها على قيد الوعي.. لكن وينها؟؟ ولا ذرة غبار او هوى تبين خطاها ويقدر الواحد يتبعها ويلاقيها بعد هالغيبة..

اتصلت بذيج اللحظة غزلان على تلفونه.. ويوم لاحظ الرقم جاوب عليه وهو يتباعد عن المكان لحد ما وصـل الى غرفة الاستراحة بالطابق..

جراح بصـوت مكتـوم: هلا غزلان..
غزلان اللي بعدها يتملكها الخجل من جراح على اللي صار بيناتهم مرة في المـاضي.. : هلا جراح.. وينكم كاهو احد من ورشة الضابط عندنا يببي واحد منكم عشان الطلبية,,
جراح يناظر الساعة وهو خايب امله.. لازم اهو اللي يروح ويخلي لؤي ويا اخوه: انا بس الي بيي لؤي ما يقدر ايي
غزلان تظايقت شوي.. ما بيي لؤي؟؟ ليش يا ترى .. بس ما حبت كالعادة انها تبين اهتمامها: اوكي بس خلني اضبط لك كل شي.. وانت تعال وباشر..
ابتسم جراح: اوكي دقايق وانا بالدرب..
غزلان: مع السلامة
جراح : يسلمج..

توه بيروح جراح الا تذكر.. لازم على الاقل يخبـر لؤي انه بيروح وما يخليه جذي.. ولكن اذا دخل.. يمكن مسـاعد يسأله عن فاتن.. ويا فشلته لو ما كانت عنده اي اجوبة على الأسـألة.. فاحتار بامره.. وقرر انه يروح واللي فيها فيها..

توه بيلتفت الا مريم واقفة وراه عن قرب بسيط ولكن كان اقر ب بالنسبة له لدرجة انه انتفض من الصدمـة..

مريم وهي فاتحة عيـونها من نفضته: خيـر؟
جراح وهو يتحاشى ويهها حيا منها: خير بويهج..
مريم وهي تتفحص الأرض ومن بعدها عقدة اصابعها: ليش واقف برع.. ما خبرناك غريب يا جراح
جراح وهو يحاول يخفف الألم اللي اجتاحه من كلامها: لا بس كان عندي خط .. خبري لؤي اني بمشي الحين
مريم وهي تناظره بخيبة: ليش؟؟ تو الناس.. مسرع ما بتروح
جراح وهو ينبذ خيبتها من نفسـه : لا عندي شغل بالورشـة.. خبري لؤي .. يالله مع السلامة
مريم وهي تودعه بدمعها الي ذرف اول ما عطاها ظهره وراح عنها..: في امان الله....

وقفت لدقيقة مكانها وهي تحس بالذنب يكتسحها .. لشي اهي ما اذنبت فيـه.. ولكن عقاب جراح كان واضح من اسلوب معاملته.. يا هو عقاب.. او هذا جفاه صوبي لانه يبي يواصل حيـاته بعيـد عني.. مسحت دمعتها الحزينـة وردت مكانها الى الغـرفة..

توها بتدخل الا لؤي في ويهها: مريم... صبري .. (بهمسـ)
مريم وهي مستغربة: ليش شفيـك؟
لؤي وهو يطالع يمين ويسار وكانه يدور احد.: وينه جراح؟
مريم وهي تتذكر اللي نسته في لحظة: راح.. عنده شغل بالورشة.

طالعها لؤي بنظرة غير مفهومة.. وكانه انتبه لدمعها المخفي بعناية..

مريم وهي تحاول تتكلم بصورة اخف حزن:.. شفته وقال لي اوصل لك هالخبـر..
لؤي ابتسم لها ومرة وحدة تذكر شي.: صج.. لا تدخلين..
مريم وهي تناظر لؤي بشبه ضحكة: ليش ؟؟
لؤي وملامحه تكتسح بالجديـة: لان اخوج من بعد كلمة ماي.. قال وينها فاتن.. وانا بصراحة ما كان عندي جواب مقنع.. فقلت له بروح الحمام..

مريم وهي شوي تضحك على لؤي لكن اهم قاعدين يواجهون اللي كان لازم يستعدون له.. الاجوبــة.. اللي بعضها راح ما يعجب مسـاعد.. وبعضها راح يثوره.. لكن فوق كل هـذا.. حقيقة وضعه الجسدي الحيـن..

مريم وهي تفكر ويدها عند جبينها: الحين خلنا من سالفة فاتن... خلنا نفكر باللي صاب ريله!! لا نستعيل بردة فعله عن شي يمكن يكون اهون من شي ثاني
لؤي وهو يتكلم بثقة: صراحة لوتبين رايي.. ردة فعل مسـاعد عن اختفاء فاتن عن وجه الارض راح يكون اعظم من انه ......

سكت لؤي لان جسمه ارتعش من الاستهانة اللي مرت في قلبه على اللي صاب اخوه.. وياته صورة سريعة لو كان الحال معكوس وهو اللي كان طايح بلا قدم وساق.. وارتجفت اوصاله بمعنى الكلمة..

لؤي وهو يضم يدينه على صدره: اتراجع.. صراحة.. الله يعيننا من ردة فعله.. مادري ليش بس يمكن يتحطم..

ناظرت مريم لؤي لدقايق وهي تحاول تلاقي حل في هالشي.. ولكن ما قدرت .. تمت واقفة مكانها وهي تفكـر.. شالممكن؟؟ شنو الللي راح يخفف من وطأة الصدمة على مسـاعد في هالموضوع..؟؟ غير انهم كلهم...

مريم بسرعة في ويه لؤي: بسرعة روح البيت وييب وياك اللي هناك كلهم..
لؤي باستغراب: ليش حفلة ولا ادري..
مريم: لؤي اسمعـني ولا ترادد.. روح وهات اللي في البيت كلهم وخلنا كلنا نبين لمسـاعد اننا واقفين وياه بهالموقف.. ما نبيه يحس انه بروحه.. (وهي تفكر وعيونها هايمة في
مكان وحاجبها معقود) اصلا انا مادري شلوون فتح عيونه ولا خبرنه احد لحد هاللحظة,, (ترد للؤي) سو الي قلت لك عليه وانا اختك..
لؤي وهو ما يبي يروح يختلـق الاعذار: اصلا حتى لو ابي ما عندي سيارة
مريم: بلا عيارة سيارتي هني.. خذها وروح..
لؤي وهو يتأفاف: انا مو اخوج العود.. سمعي رغبتي ولا تجبريني..
مريم وهي تدفعه الى باب الغرفة: جدامي يالله اخوج العود.. ويا راسك هذا انا اختك الصغيرة سو اللي ابيه..
يلتفت لها لؤي: بس اختي الصغيرة اعطف عليج وانا اخوج العود وتتامريني.. انزين لا تدزين..

يوم دخلت مريم ولؤي كان مسـاعد تحت اختبارات بسيطة ويا الدكتـور.. مثل النظر.. والعد.. والأسـالة الشخصيـة.. وخلال هالاسـألة التفت مساعد الى مريم ولؤي وكانه يبيهم في سالفة او موضوع ولكنهم تجاهلوه وسحبت مريم جنطتها وطلعت ويا لؤي من الغرفة تحت عيـون مسـاعد اللي تلاحقهم بتشوش وعدم استقرار..

مريم برع الغرفة تسلم لؤي المفتاح: روح هات البيت كلهم.. نورة وريلها بعد خلهم ايوون.. وحتى ابوي دوره محل ما تلاقيـه.. لا تخلي احد ما تييبه..
لؤي: اله يهداج قبيلة سبارطه كلهم واحد مادري اثنين.. انتي بس لا تتداقلين وياه وخليه على راحته لا تجاوبينه ولا تجذبين عليه
مريم وهي متوجسة شر: مادري يا لؤي.. انا خايفة .. مساعد يحصل اللي يبيه.. لكن اللي اهو يبيه يمكن من اخر الاهتمامات اللي عليه يفكر بها.. فاتن بتنحل مشـكلتها.. اهم شي الحين انك اتييب البيت عشان نقول له الخبـر بكل هدوء..

راح لؤي وظلت مريم واقفة وهي تسحب نفس عميق وتدخل الغرفة.. ويشرد الى سمعها شي من اللي يقوله مسـاعد..

مساعد بصوت واهن وتعبان ولكن مسموع: مادري.. احس بخدر في الجزء التحتي من جسمي..

الدكتور يناظر مريم وهو عاقد حاجبينه.. ولاحظ على ويهها اشارة نفي .. يعني لا يخبـره بشي بعد..

الدكتور وهو يبتسم ويربت على جتف مسـاعد: معليه يا مساعد انت توك صاحي من الغيبوبة.. وبعض اجزاء جسمك يمكن ما تستعيد حسيتها الا بعد فترة لانك راقد اكثر من ثمان شهور.. يعني ماكو اي حركة او تفاعل فيها.. (يبتسم بحرارة) لا تعطي الهم.. خل اتكالك على رب العالمين وان شاء الله تلاقي خيـر.. (يلتفت لمريم) لكن صراحة انا اغبطك على هالاخت..


التفت لها مسـاعد بنظرة تعبانة وجفن مسود من الوهن.. ومريم تبتسم في ويـهه بهدوء ونقاء..


يكمل الدكتـور: اختك ما شاء الله عليها كانت من اكثر الناس اللي يمكن تقدر تشكـرهم.. احنا سوينا شغلنا الطبي.. واهي شغلها العائلي.. اكثر انسان يمكن تواجد معاك كانت اهي.. وبالليل حتى لو تروح يظـل خيالها يرعاااك..
ابتسم لها مسـاعد وبصوت هادئ ومجهد: اهي ملاكي الحافظ.!!
الدكتور: بالضبط.. guardian angel. يالله بو الشباب.. اخليك الحين.. وبرد لك بعد شوي.. _يكلم مريم_ لو سمحتي الشيخة تعالي معاي شوي..
مريم وهي تمسح دمعتها الخفيفة: ان شاء الله...


راحت عند مسـاعد ومسكت يده وهي تدفيها لانها كانت باردة شوي.. غطت جسمه عدل وحكمت الغطاء وهي عارفه ان عيونه عليها ...


طالعته بحنان: نور المكان.. بنور عيونك ياخوي
مسـاعد بابتسامة: بنورج يالملاك...


حاولت انها تتماسك عشان تطلع بهدوء.. وقدرت.. لمن وصلت لعند الباب ولقت الدكتور متجهم وشكله مختلف عن يوم داخل...


الدكتـور: ما حبيت اخبر اخوج عن سالفته.. عشــان ما اخليـه ينصدم.. توها الناس بس.. اهو مرده بيعرف..
مريم وهي تناظر الغرفة بخوف: ادري دكتور.. وانا خليت اخوي يروح واييب باجي هلي.. دكتـور.. (وهي تصفي حلجها ) شخباره اهو الحين؟
الدكتور وهو يرفع النظارة عن ويهه:.. والله اهو جسديا واهن وتعبان.. وفاقد اشياء وايد يعني.. بس مع العناية اللي بتعطونه اياه راح يكون قادر على الرجوع من يديد مثل ما كان.. كان رياضي اهو؟
مريم وهي تتذكر: بس سباحة.. كانت اكثر شي اهو يواصل عليـها..
الدكتـور:.. بسبب هالرياضة والانقطاع عنه سبب له ضمور بالعضلات.. وفوق هذا اهو فقد جزئين من جسـمه.. فلذا العملية راح تكون صعبة..
بلعت مريم ريجها بصعوبة:.. انزين دكتور.. وال... ال...اجزاء الصناعيــة.... موجودة..
الدكتور وهو يبتسم بتخفيف:.. اذا انتي ما كنتي قوية على هالسبب.. تظنين اخوج صاحب المشكلة بيكون؟؟؟ حاولي انج ما تعتبرينها اجزاء صناعية.. هذي الاشياء اهي اللي راح تخلي اخوج يوقف على طول مرة ثانيـة..
مريم وهي تتمنى المستحيل بهذي اللحظة بما يتعلق بأخوها..:.. انزين دكــتور.. انا اتمنى وجودك معانا وقت اللي بنخبره..
الدكـتور:.. انتي لا تحطين هم.. احنا بنعطيه مهدئات اليوم.. وبنخليه علىراحته.. يمكن يرقد من تلقاء نفسه ولا يحتاج الى منومات.. لان نومه اللي كان قبل مب طبيعي..


راح الدكتـور عن مريم اللي خانتها الشجاعة بهذيج اللحظة انها تدخل على اخوها مرة ثانية.. وتمت تروح وتيي جدام الغرفة والافكار لاعبة براسها يمين ويسار. تمنت وجود فاتن بشكل فظيع.. على الاقل الشي راح يخف اكثر عليـه.. او يمكن حتى العكس بس وجود فاتن مهم بهذي اللحظة..


بعد لحظات.. قررت انها تدخل واللي فيها فيـها.. بتحاول انها ما تعطيـه الي يبيه وتخليه يرتاح.. مع انه كان براحة طول هالفترة.. لكن راحة الواعي تختلف عن راحة اللي في الغيبوبة.. يوم فجت الباب.. لقت مسـاعد مسكر عيـونه ويده مستريحة على بطنه.. ولاول مرة .. جفنيه مهدلين براحة..


قعدت يمه وهي تناظر ويهه الناعم.. وتذكرت الايام الطويلة اللي غدرت بينهم بخدعها.. وشلون انهم طاحو في وسط لعبها.. الحمد لله رب العالمين.. لكن بعدها الصورة فاظية.. والايام بعدها تخون وتغدر فيـهم.. بغياب فاتن.. السلسلة تتم غير مكتملة.. الحلقة اللي تتشابك مع القفلة.. مختفية ولازم يلقونها عشان تتسكر السلسلة..


----------------------------------------


كان الصبـــح من اجمل حلاته بهذاك الصيـف البارد من نوعه لفاتن.. مع ان الناس كلها تتحرك بتململ بسبب الحرارة المزعومة.. الا انها اعتبرت الصيف في بوسطن من اجمل الفصول.. حتى انه يمكن فصـل يديد مختلف عن الفصول الاربعة.. وبما انه اليوم الاحد.. قررت انها تحمل لها سلة خفيفة من الاكل وتمضي في دربها طول الساحل وهي تتجول في ارجاء المكان.. على وعسـى تنسى او تتناسى من الاشياء اللي تجري في حياتها..


كانت الساعة سبع الصبـح.. تماما مثل الوقت اللي يمكن اهي ومسـاعد كانو بيطلعون فيه.. او يمكن قبله بدقايق.. للحين تتذكر الاوقات اللي كان يطلع فيها ويرد من بعدها على طول للحمام.. اوقات الرياضة اللي كان يقضيها.. يمكن يحـرق فيـها شي من التوتر اللي كان يسحقهم.. ابتسمت لنفسها.. يمكن احسن شي سوته اهي انها تقطع علاقتهم.. يمكن لا ردت الديرة تنفصل عنه نهائيا.. وتترك في نفسها بقايا الاحترام لذاتها.. وتكون مستقلة بنفسها.. وتلاقي اهي ومسـاعد الحياة اللي كل واحد منهم يتمناها.. ولو كانو الاثنين اهم منية بعض.. لكن في بعض الاشياء مهما كانت موافقة الا انها ما تتناسب.. لا الوقت ولا المكان يقبلهم..


في نفسها قالتها وهي تحس بحرقان بعينها:.. يمكن في حيـاة ثانية..


طلعت من المنطقة الي هي فيها.. ووقفت بالشارع تنتظر تاكسي يمـر عليها وتروح الى المكان اللي اهي تبيه.. لكن وهي واقفة سرعان ما تابعت مشيهاا.. لمن وصلت الى بـارك وسط منطقة تسوقيه.. شبه الخالية من الناس.. الا اهي .. وكانت الشمس بعدها توتعي بكسـل.. فرشت لها بسـاط.. .. وقفت شوي وهي تتمتع بالمكـان.. ابتسمت.. وقعدت على الأرض.. وهي تحكم شالها اللي على راسها بحيث ان ولا شعرة تطلع.. قعدت.. وهي تطلع من الجنطه اللي حاملتها الرواية الخفيفة اللي كانت تقراها.. العظيم قاتســبي كان اسمها .. مع ان القصة تحمل الخراب الثقافي والاخلاقيات المنحلة محايطة قصة حب نابعة من قلب رجل عظيم الى امراه ما تستحق جزء من هذي المشاعر لان الماديات طغت عليها.. فاستغربت فاتن.. هل يمكن لرجل بهالزمان انه يكون عاشق ومتفاني بحبه؟؟

تركت القصة ببرود وهي ترجع الى نقطة بدايتها ونهايتها.. مسـاعد.. كاهو مسـأعد عاش اكثر من 12 سنة وهو يحب عمتي عالية بحياتها وبموتها.. اذا كان هناك جاي قاتسبي.. فهني .. .بحياتي.. مساعد الدخيـلي..

كانت تطارد احلام وتخيلات مع مشـعل يوم كانت بعدها تظن ان الحب بالنظرات والهمس والاحلام والكلمات العذبة اللي ما يتكرر صداها الا بداخل القلب.. لكن ويا مسـاعد عرفت ان للحب تاريخ ومعاني وتجسيد..

فاتن وهي تبتسم بحرقة ما تدري لمتى بتظل فيها:..كنت انا اللي ارفض وجودك بحيـاتي.. والحين اتمنى لو اني بس كنت عالية.. عشان اكون هالجزء اللي لا يتجزأ منك..

---------------------------------------------------

غصــة الم عميـقة للقلب.. شفتين مرتصتين بعنف من شدة الخبر اللي وقع.. يا الله.. ما كو شي اعظم من هالشي .. ان ما كان على حد.. فهو عليه.. سكر عيونه بشده وهو يقبض على شراشف السرير بقهر وغضب عنيف.. دفع الدمع الحار من دفق عيونه الى زاوية عينه فالى عارضه.. ومريم تراقب كل هذا بحسرة وهي لاصقة في لؤي اللي كان شكله علامة من علامات حزن الدنيا..


ام مسـاعد كانت لامة روحها وهي تحاول انها تهدي نفسها وتشجع ولدها..


وبعد لحظات اشبه بالرحا وهي تدور وتحك كل المشاعر معاها نطقت شفاه مسـاعد بهمس حارق للحنجرة:.... مبتــورة؟؟؟؟؟؟؟ مبــــتورة.... يا الله... عفوك....
الدكتور وهو يهز راسه اسف بخفة ويحاول انه يشرح لمسـاعد اللي ما كان في هالدنيا.. : يا مسـاعد.. لازم تكون شاكر لله عز وجل ان الضرر ما اخذ حياتك.. اخذ اعضاء مهمة من حياتك لكن انت بتتعوض والعوض عند الله.. أذكر ربك واذكر مصايب غيرك تهون عليك مصيبتك..
مسـأعد وهو يفج عيونه بعجز عميـق يظهر لاول مرة بعيونه الجميلة اللي اكتسحت بحمرة الاحتراق اللي فيه:... مِشــــلول؟؟؟؟ معــــأق؟؟؟
الدكتــور وهو يخفف: مبتورة اعضاءك لكن مفاصلك سليمة ولله الحمد.. انت ما تعطل فيك وتلف اهي العضلات والاوردة.. وعشان اننا نوقف النزيف اضطرينا الى بتر الساق في اليسار.. والقدم في اليمين...


مســاعد تاوه وياليته ما تاوه لان من بعدها ناحت امه..


مريم وهي بدمعها عند الدكتور: بس يا دكتور.. يكفيه اللي فيه.. لا تزيد عليه..
الدكتور بعقلانيه: يا مريم بدل لا تبجين على اخوج لازم تيببين.. صراحة انا مادري شقول لكم.. بس يا مسـاعد .. هذا شي اشبه بالصفر بالنسبة لحادثك الخشن.. صج انها نتيجة مأساوية لكن انت بعدك تتنفس..
مســـاعد وهو يسكر عيونه بس بشكل اخف لكن الدمع ما جف من عينه:.. لا حول ولا قوة الا بالله
الدكتور وهو يمسك يده المشدودة: اي.. اي اذكر ربك يا خوي.. الدنيا بعدها بخيــر.. وبعدك على هالدنيا.. وهذي نعمة من ربك.. قول الحمد لله
مســاعد وهو يحاول يتخيل نفسه بلا ريل .. وكل ما تخيل تذوب مهجة من مهجاته:... الحم....الحمـــد للـــ لله.. الحمد لله ... الحمد لله


اخذ نفس عميق وغطى ويهه بيدينه وهو يمسح البلل اللي غطى ويهه بشكل بسيط.. مسح خشمه وهو يحاول يتناسى الحرارة العظيمة اللي اكتسحت ويهه من الصدمة.. حاول انه يتماسك بس ماقدر الا انه يلاقي فاتن بعيونه.. مرر نظره على الموجودين.. حتى مريم ما كانت تقدر انها ترضيه بوجودها.. اهي المهمة فليش اهي الوحيدة البعيدة.. ؟؟؟ ليش؟؟؟


مسـاعد بصوت هامس:.. ابي اكون بروحي....
الدكتور وهو يقترب منه: نعم؟؟
مســاعد وهو يسوي ملامحه ويتكلم بصوت مرتجف ولكن مسموع: ابي اكون بروحي.. خلوني لحالي.. ابي اكون بروحي...
ام مسـاعد: يمة لا تسكر الدنيا بويهك.. انت بعدك شباب..
مريم على طول استجابت لاخوها وحملت لؤي على انه يطلع وياها من الغرفة: يالله لؤي.. خلنا نطلع.. يمة .. خلينا نطلع..
ام مسـاعد تكلم ولدها وقلبها ذايب: يمة انت ثمن عمري اللي مابيه يروح.. لا تبعدني عنك يا وليدي..
ومساعد منهد حيله من اللي توه سمعه ما قدر انه يسمع كلام امه اكثر فحاول انه يبتسم بقتل الروح: يمة .. مافيني شي بس.. خليني بروحي واللي يسلمج.. وبناديج بعد شوي.. خليني بس....
ام مساعد: يمة اخليك وين اروح؟؟ وين اقط براسي..؟؟ يمة تدريبي روحي وولعي بك.. لا تبعدني عنك.. حملتك تسع شهور ما تظن اني اقدر احمل همك يا يمة العمر كله..


سكت مسـاعد وخارت قواه وسكر عيونه وهو يريح راسه وهد لنفسه العنان بانه يبجي... مايدري ليش قاعد يبجي.. ولاول مرة يبجي على خيبة امل بحيـاته.. مع انها مليانة بالخيبات.. لكن كلام امه كان من الالم الي خلاه يهد نصف اللي حاول يبنيه في هاللحظات من الصبر والهدوء.. ومريم اللي ما طاقت حال اخوها راحت لامها تونسها بالهداي..


مريم: يمة .. ولالي يسلم عمرج.. خليه بروحه.. لبي له هالشي.. خليه وانا بقعد وياج برع.. بننتظره لمن اهو ينادينا..
ام مسـاعد تناظر بنتها وتهمس لها بكره: كله من تحت راسها.. الله لا يوفجها محل ما حطت بريلها.. الله لا يوفجها اللي يابت لولدي السقم.. الله لا يوفجها... ويحر قلب امها عليها مثل ما حرت قلبي على ولدي..


من فظاعة كلمات ام مساعد مريم ابتعدت عنها وكانها واقفة يم كتلة من المشاعر السلبية وما تمنت بذيج اللحظة ان هالكتلة اللي كانت في يوم كلها حنان وبهاللحظة كتلة من القساوة انها تكون امها.. لمت يدينها مريم وضربت في اخوها اللي كان واقف وراها.. اللي هو الثاني حس ان امه نطقت بشي سام.. من جذي مريم تصلبت .. مسك مريم وحاول انه يطلعها وياه.. ولكن عيون مريم كانت باسف موجهه على امها اللي كانت لامه اختها الثانية ويا زوجها.. وكلها دقيقتين.. ويطلع الكل من الغرفة...


وساوس..؟؟ شياطين؟؟ عجز؟؟ قلة حيــلة... يمكن يكون كل شي.. ويمكن يكون ولا شي.. لرجل قبل لحظات من اللي يقدر يتذكرهم كان قادر على كل شي ومنها الوقوف.. ولكن الحيــن.. عاجز ومعاق ومشوه.. يالله.. في عقاب اكبر من هذا...؟؟


يمكن حتى اختفاء فاتن لحد هذي اللحظة وغياب اخبارها واسالته اللي تركوها بلا اجابات يعادل نصف هالمعاناة.... فتح عيونه وهو يحاول انه يرجع نفسه من الكابوس للي عاشه للتو؟؟ مو معقول.. انا .. اللي كنت في يوم... لا حول ولا قوة الا بالله.. لا حول ولا قوة الا بالله.. ظن انه مرتاح على السرير.. لكن ليش يحس بالتكبيل..؟؟ كل طرف وكل جهة مكبلة شي من مشاعره.. الغضب.. والقهر.. والحزن.. والاسى على حاله.. ماكو واحد مثلي بهالدنيا؟ وان جان في.. ماظن نفسي.. معاق.. معاق..


ظلت الكلمة تدور في باله مثل الطاحونة.. وبنفس الطريقة مرت الألام الا انها كانت تطحن شي بداخلها .. وفاتن؟؟ كل الاحقاد والغضب والعنف توجه صوبها.. وينج يا فاتن؟؟ لكن انتي شنو بحياتي لو ييت أسال نفسي صح.. انتي شنو بحياتي.. غير باب للألام والاحزان والجراح.. وجرح مفتوح ما يندمل.. مثلج مثل عمتج.. راحت وخلتني بعد ما كنت متيم لحد الجنون بها.. كل شي انا صرت عليه اليوم.. يرجع لها.. وييتي انتي.. وبكبر سني خليتيني مثل الطايش اللي عمره 16 سنة.. قد ما حبيتج.. ودي الحين لو اني اموتج على يديني...

بهمس قاتل وبعين دامعة نطق اسمها من بين قضبان عاجية:.. فاتن... فاتنـ ... فاتـــن..


------------------------------


مرت الايام.. والحال ما تغيــر.. الا برجوع مسـاعد الى الدنيا وتقهقر القوى الكبيـرة.. كان عاكف عن كل الانشطة.. وكان وجوده بالمستشفى تحت الاختبار فقط لا غير.. وهالاختبار بعده ما صار لانه يرفض رفض قاطع انه يلبس الاعضااء الاصطناعية ومريم ما قدرت انها تقعد معاه خمس دقايق على بعض... حتى لوقعدت.. ما راح تلاقي الا الصمت والهدوء والفراغ.. من بعد ما كان قمة في الحيوية والانشغال.. صار مساعد تمثال من العصور الحديثة..


ماقدرت انها تفتح معاه موضوع.. كل اللي تقدر تسويه لمن يلاقيها بعينه الابتسام اللي كان يجابلها بنظرات متسائلة.. لكن يرد يمسح ويهه بيدينه العريضتين ويذكر اسم الله في نعيم وكانه دوى قاتل للالام.. وهو مدمن عليه.. وكان اسم الله اهو اللجام الوحيد للقهر اللي يحاول يتغلغل فيه..


ولكن في يوم.. مرت الاحداث فيه بسـرعة الغيوم في نهار خريفي.. تعلن عن قدوم رياح وامطار.. من الدمع او من العواصف.. من الراحة او العذاب.. ولكن اللي فيها راح يكون الفيصـل لمعظم الامور..


بدى هاليوم في الورشة.. او بالاحرى المكتب الرئيسي لتجارة جراح ويا الشباب.. كان لؤي قاعد في المكتب وهو حامل قطعة خشب محفورة بعناية .. تعتبر كسامبل يقدمونه لنوع من انواع النجارة اللي يتخصصون فيها.. كان يناظر الضوء اللي يتخلل هذي الحفر الصغيرة.. كيف ان هالحفر على الرغم من صغرها الا ان يتخللها نووور وشعاع طويل يمتد الى الارض ويكسر الارض ويتخللها.. ابتسم لؤي بحزن.. وهو يحس كيف ان هالنور قاعد يضيع من حياتهم.. ما عادت ساكنة.. لا قبل ما يصحى مساعد ولا الحين.. ظن انه راح يرجع له اخوه من بعد وعيه لكن.. خسره اكثر واكثر.. لان وجود مساعد بهاللحظة يثير الاحزان اكثر من قبل.. فهو واعي.. ويسمع ويتنفس ومفتح عيونه.. لكن فكره مو في هالدنيا.. فكره في مكان ثاني.. في عجزه اللي للاسف الشديد خيب امال الكل .. كلهم ظنوا ان مساعد راح يقوم من هالمشكلة بقوة.. الا ان مساعد الاشبه بالصخرة اللي يركزون عليها.. بين لهم انه مجرد انسان.. عاطفي وحساس وله من عظيم المشاعر اللي يمكن تجمد الدم .. لانه بس عظيـم.. ولانه.. قليل الحظ..


دخل جراح اللي كان مشغول ومزحوم لان الاشغال بدت تكثر والظاهر انهم لازم يوظفون ناس اكثر.. لان غصون حامل وما تقدر تحظر معظم الايام.. دخل والقلم عند اذنه يسحبه ويروح عند مكتبه الا يتفاجآ بلوي اللي كان يظنه ما حظر الشغل..


جراح بصدمة: لؤي؟؟ هذا وانت هني؟؟ وينك والله ذبت انا اليوم الجوو حار وماقدرت اظل اكثر هناك بالورشة...
لؤي وهو يلوح بالخشبه بالضوء وكانها مضرب بيسبول:.. مالي خلق..
جراح وهو يكسر حاجبينه من التعب: ي.. وين لك خلق.. خلاص تعودت على الركادة.. وينها لؤية اللي كانت تشيل المكان على راسها.. راحت خلاص.. بحححححح.. يا بعد جبدي يا لؤيه
لؤي للي كانه استرد روح المرح اللي فيه..: انت تعرف شلون تردها.. شوية دلع.. وشوية دلال..
جراح وهو فاج عينه: استح على ويهك شزود دلع ودلال بعد وانت من ثمان شهور بس وجه ضاحك في المكان
لؤي يبتسم بحلاوة: بعد شتبي.. انا الصورة الحسنة اللي تحملها انت في المحل
جراح وهو يرسم على الورقة: الظاهر اني لازم احطك اعلان
لؤي وهو يتخذ وضعية تمثيليه:.. ورشتنا.. لاجمل الاثاث.. واكثره اناقة... صادقونا.. فصداقتنا.. ابدية.. هاهاهاهاي.


وطرقات على الباب ولؤي بعده في روح التمثيل..: تفضـــل.. يا صديقنا الابدي..


دخلت غزلان وهي عاقدة حاجبينها من الصوت الرخيم الي تسمعه.. ولاحظت لؤي قاعد على المكتب بوضعية غريبة بعض الشي.. وهو يناظرها اول بنظرة الوضعية لكن سرعان ما تحولت الى نظرة لؤي للي من يشوف غزلان.. تتعقد حواجبه وتعانق نظراته مراااار الى الارض..


بصوت هادئ: صباح الخير..
لؤي: مساء النور..
استغربت غزلان: لكنه صباح..
لؤي وهو يناظر الجهة الثانية: وانا ابيه مسـاء..
غزلان بصوت خافت: كيفك.. جراح.. يبيك واحد برع من وكاله الشماس..
جراح وهو يتنهد بعجز: بعد.. ولله رحموني ماقدر اطلع اكثر خست بالشمس..
غزلان بصدمة: عيل تبوني انا اطلع للريال..
هب على ريله لؤي: لا تروحين للرياييل ولا الدراهم.. خليني انا بروح له.. (يطالع جراح اللي مبتسم شوي) اي اي.. افرح.. خلاص.. يعني انا ماقدر اخذ اجازة من هالشغل.. يخترب كل شي على راسكم.. والله يايبكم وناسيكم ولا ادري... اممممف عليها من عيشه.. ويلي عليج يا رووحي..


طلع لؤي وجراح يضحك عليه وحتى غزلان اللي كانت هايمة في خفة ظله.. وجراح الي كان يضحك انتبه مرة ثانية لاوراقه وما حتى حس لوجود غزلان اللي واقفة الا بعد ما طالت وقفتها في الغرفة.. فرفع راسه وهو يناظرها.. كانت واقفة وهي تطالع المكان اللي طلع منه لؤي. واستغرب منها جراح .. فهذي طبعا مو اول مرة يشوف فيها بوادر الاهتمام من غزلان للؤي.. بس هذي المرة كانت جدامه.. ويمكن استغرابه كان ان غزلان ما هربت من المكان اللي اهو فيه.. فظل يطالعها وهو على وشك الابتسام..


انتبهت له غزلان وهي تحمل علامات ابتسام خفيفة على ويهها... : ردت الروح للمكان ..
جراح وهو يطالع الاوراق وهو يبتسم: الظاهر جذي.. (يناظرها بمكر) للمكان ول.. لنا كلنا..
تناظره غزلان بكل عفوية وتلاحظ نظراته الماكرة.. فرمت بنظراتها المليانة حيا على الارض: يعني اهو شريج .. وله مكانه الخاص وابداعه.. و... كلنا... نتمنى وجوده... و.... (وكان جبينها عرق) الجو حار اليوم..
جراح وهو يبتسم بملء ثمه وعيونه على الاوراق: اي.. الظاهر ان اليوم حرارته غير طبيعيه
غزلان اللي ميتة من الانحراج: صح.. على العموم.. انا بطلع الحين.. بروح مكتبي.. عندي وايد اشغال اسويها..
جراح وهو يناظرها بحنان اخوي: انا مـتأكد من هالشي..
غزلان بحياها تنسحب:.. اشوفك على خير..


طلعت من المكتب وهي تحس بالحرارة في ويهها من الاحراج اللي تصاعد فيها.. جراح ويا هالويه الغبي.. يبتسم.. وكانه اللي يفكر فيه صح.. انا ابدا مو معجبة بلؤي.. بس احيي روحه المرحة في المكان.. له طابع خاص.. اووووف الحين انا وين اودي ويههي عن جراح.. الله يلعن بليسه بسٍسسس..


------------------------------------------


خالد اللي رد البيت يعالج جرح صابه من الورشة قاعد والمكيف يضرب على ويهه ولكن ابد .. كل هالهوى اللطيف ما يأثر على هالجو الخانق والمقطر للعرق.. لف الجرح البسيط اللي في يده باحكام.. وتوجه للثلاجة او للمطبخ.. يمكن يلاقي خالته لمختفية لكن لاء.. ما لقى احد هناك الا الماي اللي يقطر من الحنفية..


طلع له عصيـر بارد يشربه وحمله وياه لعند الباب الوراني عشان يطلع من البيت ويرجع للورشة.. توه بيركب السيارة الا وحركه في بيت النهيـدي.. هذا البيت اللي اتسم بالسكون طول فترة جالت فيه حركة.. بانت في بال خالد انها يمكن ايماءة من خياله .. ترجع له شي من الحنين الي فيه... لكن لاء.. ظل واقف دقايق وهو يحاول انه يتلقى شي لكن ابد... وتوه يدخل السيارة مرة ثانية.. ظل قاعد فيها وهو يتنفس الصعداء من الذكريات اللي خاض فيها.. وناظر الدبلة اللي كان رابطها عند منظرة السيارة من جدام.. نفس الخاتم اللي عطاااه لسماء يوم اللي راحت.. رابطه في السيارة.. وكل ما يشوفه يذكر سماء.. ويذكر قلب سماء الكبير المعطاء.. وفوق كل هذا.. يذكر شوقه للسماء اللي من راحت.. راحت معاها كل الحماية وكل الحنان..


طرقات خفيفة على السيارة ولكن تجفل خالد بقوة.. كان عزيز.. اللي كل ما ايي له .. يزيد بالانفجار اللحمي.. لا بل الشحمي..


نزل له الجامة: بسم الله.. كل هذا ويه.. عنبو دارك خرعتني..
عزيز اللي صوته بدى يخشن:.. هاهاهاي.. مو ناقص الا صوت الانذار
خالد يشغل السيارة: انذار.. يابوك صفارة تكفي.. وقع لاقدام اللي يهز الاول والتالي
يدفع عبد العزيز خالد الي في السيارة: هي انت قاعد تتغشمر على من؟؟ عز ودلال هذا
خالد يقلد على ويه عبد العزيز: عز ودلال؟؟ عز ودلال يا جبل الشحووم.. ارحم روحك.. ارحم شباب يا ميووع الافريكان.. والله لو يقطونك للاسود يسون عليك عزيمة لشهووور
عبد العزيز يضرب خالد مرة ثانية: يووووز لااا..
خالد يناظره بحمق: لا تطق.. خاف علي من يدك..
عبد لعزيز يبتسم وويهه محمر من الحر:.. اقول.. قطني عند راعي البريد..
خالد: بعد بريد.. ارحم روحك يا عزيز البيت بدى يظيييج علينا بسبتك..
عزيز: انت اسكت وخذني لراعي البريد.. قبل لا ايوون ايمنوه والسبال الثاني
خالد: اركب.. لكن ها.. شوي شوي على السيت .. السيارة بعدها بقراطيسها..


يدخل عبد العزيز بقوة الى السيارة ويهزها شوي بوزنه الزائد.. وخالد يمسك على قلبه


خالد: هذا شوي شوي؟؟ قلبت السيارة بيت الهزاز؟؟
عبد العزيز يضحك: اقوووول جم الدخلة ؟؟
خالد: جب لا اشوتك الحين...


قالها خالد وعيونه على عبد العزيز.. وقبل لا يوجهها جدامه.. ردت الحركة في بيت النهيدي ولكن هالمرة الباب كان ينفتح.. وصار اللي ما توقعه خالد انه يصير اليوم... مشعل طلع من البيت وهو لابس ثياب صيفية خفيفة.. وقبل لا يتوجه الى الكاراج لاحظ السيارة الواقفة عند بيت بو جراح.. كانت سيارة خالد على ما يذكر الواقفة.. واللي أكد له هالشك.. كان خالد الي طلع من السيارة وهو واقف يطالعه..


حامت في ارجاء قلب خالد الامنيات.. غياب مشعل وتواجده يمكن اخيرا راح يرد اللون للسماء بحياة خالد.. ويمكن وراه وهو طالع بتطلع بعد سماء.. لكن لا.. مستحيل.. سماء ما ترد من غربتها وما تيينا.. احنا اولى بها من كل من.. يا ربي.. لا تخليها تكون موجودة... موجودة ومأجله ييتها لنا..


وقف مشـعل وكانه ينتظر شي.. مر في خاطره ومرت معاه خيوط من الذكريات.. واتسمت اولى مهاام مشعل اللي يا عشانها.. طلب المغفرة.. والصفح .. من اكثر الناس اللي تسبب بألمهم.. يمكن خالد كان لسبب في الم من آلام مشعل.. الا وهو العلاقة اللي انفسخت بينه وبين اخته في وقت من الاوقات.. لكن يتم جرح خالد اكبر.. ليش؟؟ ليش وسماء اهي اخت مشعل وشرفه في هالدنيا؟؟؟ هل للشرف اي علاقة؟؟ الشرف شي عظيم.. لكن جرح الحب.. والابتعاد غصب.. شي مؤلم.. جربه مشعل في سن صغيرة. وجربه يوم راحت عنه فاتن.. مع انها كانت بطواعيتها.. لكن كان يخثن القلب جراحا والام.. فما بال خالد اللي اكرهووا سماء على فراقه.. من اهو مشـعل الي يقدر يجمع ولا يفرق بين الناس.. الله سبحانه وتعالى اهو المفرق والموحد في هالدنيا.. مو بني ادم اللي يتحكم بمصائر ادميين ثانيين..


تحرك – لذا- مشعل بكل هدوء صـوب خالد.. وفي نصف الدرب وقف.. لان مناير ومساهر اللي ما فاتهم وجود مشعل في المكان.. وعلى وجود مناير المربك في الساحة تراجع مشعل وهو يسرع صوب السيارة ويركب فيها.. ويمشي من غير ما انه يلقي بال على احد.. ولا حتى مناير اللي هي الثانية اللي تجاهلت وجود مشعل في المكان بامتياز وتوجهت صوب البيت بعد ما فارقت مناير عند بيتهم...


وصلت لخالد اللي كان واقف عند باب السيارة..: شفيك واقف في هالشمس..
عبد العزيز من السيارة: حريتنا ياخي لابوه بريد هذا للي نبيه منك..
انتبه خالد: اسف.. اسف عزوز.. بس ماقدر اقطك
عزيز: شنو ما تقدر.. الا حذفه حصا.. قول ما تبي تخلص البترول يالبخيل.. والله انك بينت على حقيقتك..
مناير اللي تسائلت عن اللي ينتاب خالد : خالد شفيك؟؟ ليش واقف جذي بهالشمس؟
خالد يكلم مناير بارتجاف: سماء ردت صح؟؟ ردت ولا ياتنا صح؟؟ قلبي حاس.. حاس ان في شي قاعد يصير لكن....
مناير: اشفيك يا خالد.. سماء لا ردت ولا شي.. ولو ردت مستحيل ما اتيينا لهالحزة..
خالد وهو يركب السيارة: الناس تتغير على اهلها.. شلون على الاغراب.. كل شي يتغير.. كل شي..


ركب الموتور خالد وتحرك من المكان وهو يحس بانهيار فيه.. خوفه وقلقه لا مبرر له . يعني شلون طرى على باله ان سماء ترد وما تمر عليهم قبل.. صدق ان الظنون تخيب بالناس.. وظنون خالد مخيبة لسماء.. للي يمكن لو درت.. عادي انها تطير نص عقله بالصراخ.. فابتسم خالد.. وقال في باله.. يا ترى يا سماء. انتي بعدج ما انتي؟؟ تغيرتي ولا لاء؟؟ غيرتج الايام على القلب اللي عمره ما تغير عليج الا زاد فيج؟؟؟

------------------------------------------

مريم اللي كانت كالعادة من هذا الوقت قاعدة في دار اخوها وهي ساكتة.. تناظر الفراغ اللي يحايط الجدار وهي تنتظر حركة من اخوها.. ولا شي يبين انه مستعد لخطوة يديدة.. لكن لاء.. فهو مشغول من جم يوم على تأدية ما فاته من الصلاة.. وكان دؤوب على هالشي.. يصلي صلواته القضاء اللي مر بهم في الغيبوبة.. ومن شدة حرصه على هالشي.. اهو جريب على انهاء هالشي.. لكن شي في قسمات ويهه بجانب التجلد اللي يحاول انه يمسك ملامحه به.. شي من القساوة.. وشي من التفكير.. او التهديد يمكن.. مريم تعرف لمسـاعد وخبرت ملامحه كلها وهي تراقبها طول حياتها.. اهو ما يمر بهالحالة الا لمن شي يدور في باله وهو يحاول انه يلاقي حل له..

لكن وين السبيل انها تمتلك شي من كلامه؟؟ وهو ما يفتح ثمه الا بذكر الله ولا لين شرب شي او اكل .. الحالة صعبة وياك يا مساعد وانت ابد ما تمد العون لنا.. هل كونك معاق شي يعيق مخك بعد؟؟ ما هقيتك جذي يا خوي .. والله ما هقيتك جذي...


كان مساعد منهي احد الفروض للي فاتته يوم انتبه لمريم اللي سرحانه في الدريشة... كان نور الشمس يعاين ملامحها بعناية فبانت سمرتها وعيونها اللي صارت شبه الشفافه وهي تراقب ضوء الشمس اللي يخبو... فحس بالفقدان اللي تمر فيه مريم.. وحس لوحدتها من الكبر اللي مغطي كل انحائها.. فلانت قسمات مساعد ونزل عيـونه.. وهو يفكر بذيج البنت.. صاحبه العيون الشفافة والنظرات المتسائلة.. فاتن... طيف من اجمل الاطياف اللي يمكن تمر في بال احد.. ولا مخيلة الشاعر تقدر انها تستوعب مثل هذاك الطيف.. اللي الظاهر انه ضايع.. ولا احد يدري عنه..

رفع عيونه بصمت لويه مريم.. ونطق الصوت:... عيل محد يدري اهي وين..؟؟
انتبهت له مريم بهدوء ولكن العجب كان في نظراتها:.. من؟؟؟؟


من هدوء ويهه ووضح الاسم بعيونه عرفت.. ونزلت عيونها بالخيبة..


مريم: لا.. محد فينا يدري اهي وين.. حتى اهلها... انتقلت .. من الشقة اللي كانت فيها لمكان ثاني.. وكل اللي يلاقونه منها اهي مكالمات...

تكور ثم مساعد بصمت.. ولكن قبضه يده كل ما يا لها تشتد في ثبانه.. وهو يفكر باستقلالية فاتن اللي تجلب الشياطين في باله!!


مسـاعد: يعني محد يدري اهي وين؟؟ ولا حتى اهلها؟؟؟ (يناظر مريم) متاكدة ان .... ام جراح ما تدري؟؟؟
مريم: لا ولله ما تدري.. كل مرة يتسنى لي اروح ازورها.. واهي على نفس الحال.. مريضة على غياب فاتن... والكل زعلان عليها... حتى ان جراح راح وراها لكن.. ما لقى لها اثر...
مسـاعد وهو يناظر جدام : ما درى وين يدورها.. فاتن مو بهذاك الغموض اللي ما تنعرف امكنتها..
مريم: بس ... اهي تغيرت مساعد!!
مساعد وهو يكبت صرخة في نفسه: تغيرت؟؟ يمكن... او يمكن زادت.. في غبائها..
مريم وهي تبلع ريجها من كلام مساعد...: بس ماظنها.. تعرف.....
مسـاعد ينتبه لها: تعرف عن شنو؟؟؟؟ (ناظر روحه بسخرية) عني انا؟؟ صدقيني.. لو ابي اخليها تعرف.. لكن الظاهر ان حتى اهلها كانو اذكياء.. (بنبرة ألم) او يمكن اهي ما حاولت انها تعرف.... ال... جاحدة..


سكرت مريم ثمها بقسـوة وهي تكبت دفاع في قلبها على فاتن... حبيبة قلبها وصديقة عمرها اللي ما يضاهي غلاها حتى اخوها الكبيـر.. لكن احتراما لمشاعر مساعد تمت مريم ساكتة.. وهي تترجى رب العالمين من خفة الموقف..


مساعد وهو يناظر مريم بحذر: اقدر الاقيها مريم... لو ابي.. واقوم... اروح لمحل ما اهي فيه.. والاقيها واطلعها من جحرها اللي متخبية فيه...(يناظر للفراغ اللي جدامه) لو بس الظروف كانت ثانية.. لو بس كانت لي...... (الاسف كسى عيونه) لو بس... ارد مســـاعد.... لو...

الطاولة اللي جدامه نالت العقاب ... من عصيبته والهيجان اللي مر فيه رمى باللي عليهها على الارض.. وتم يرتجف مكانه والدم متجمع في ويهه مثل كتلة اللهب واللافا.. ومريم اللي من طاحت الاغراض انتفضت من مكانها.. وكان غضب مساعد بيرتد عليها اهي بعد...


مسـاعد: لكن.... انا اللي راح اردج يا فاتن... انا اللي راح.. ارد مخج لج.. وان كان هالشي يعني ... خسارتي لاحترامي لنفسي.. بردج للمرة الاخيــرة.. عشان تكووونين انتي اللي تظلين... وانا اللي اروح.... اروح يا فاتن... اروح .. وللابد...


وقفت مريم وهي ماسكة ثمها من الصدمة.. مساعد ما عاد اهو نفسه.. حنقه على اللي صابه وكل اللي يمر فيه انصب على فاتن مثل ما توقعت.. مو لانه يلومها على اللي صابه.. لكن على عدم تواجدها.. وقله اهتمامها .. وانانيتها.. والله العالم باللي راح تواجهه فاتن.. لان ان صمم مساعد على هالشي .. انه يقوم مرة ثانيةز. راح تكون مجبرة على المواجهة معاه.. وما راح يكون الشي هادئ...


طلعت مريم من الدار من بعد ما سكر مساعد عيونه وهدأت أعصابه.. لمت جنطتها الى حظنها واهي تمشي.. وتحس بقرب نهاية الاشياء.. صحوة مساعد اشبه بالبركان الثائر.. الي بلهيبه راح يحرق كل شي واقع تحت خط الانتباه... كل شي راح يكون مكشوف.. كل الاوراق ملعوبة.. وما بقت الا اوراق فاتن.. اللي محد بيكشفها.. غيرمســاعد نفسه...


حست مريم بالاختناق.. لان عيون مسـاعد كانت لاول مرة خالية من النظرات اللي تجلب اللمعة لا ذكر فاتن.. كان فيها شي.. شي من الوحشية والجماح.. اللي يمثله حيوان بري.. مساعد ما عاد يتمتع بالحب اللي كان يكنه لفاتن.. كل شي ضاع في غيبوبته وصحوته الأليمة.. وما ينلام.. ما ينلام مساعد...

شلي ينتظرج يا فاتن –قالت مريم في قلبها- شلي ينتظرج من ريال تمنى وجودج في لحظه ضعفه.. وما كنتي موجودة عشانه.. رجل ضحى باشياء عشانج.. وانتي ما كنتي قادرة انج تتناسين مشاعرج ولا احاسيسج والتفكير فيه لدقايق واهو اللي مضى عليج واهو عارف باللي يتملكج.. يمكن هذا انتقامج الللا حسي يا صديقتي الغالية.. يمكن هذي نهاية البراءة اللي كنتي تتمتعين بها انتي ومسـاعد على الرغم من كل شي... يمكن هذا هو نهاية ايماني بالحب.. وان المحبين لهم نهاية سعيدة... مو كل شي له النهاية السعيدة.. مثل ما ان الاحلام مو لازم تتحقق بهالزمن.. والا الاحلام اللي تكون مجانية.. لا تحققت .. يندفع هالثمن الغالي.. والمليئ بالاحزان والآهات.. اذا الحب جذي.. فليش الناس يحبون؟؟؟ ليش ؟؟!!!!



الجزء الثالث والثلاثين
الفصل الأول
------------
ليلة هادئة مرت على العائلة كلن في مضاجعه.. وبيت بو جراح هادئ من الاصوات الا حس التلفزيون الخفيف وام جراح ما كانت موجودة مع اولادها حيث انها لازم تكون.. كانت في الحديقة اللي صارت ملجأ لها.. تزرع فيه اشكال متنوعة من النباتات وبقدرة الخالق تمنيها وتكبرها.. وتصير من افضل الزرعات واكثرها عناية.. يمكن جذي اهي زرعت جذور حياتها.. لكن بابتعاد الكل عنها ظاقت الدنيا حواليها.. وقلة الاخبار او انقطاعها يجلب الكدر في قلبها..


سماء وفاتن.. لو تدري اهي وينهم.. جان تردهم من محل ما اهم فيه.. الثنتين يمكن في مكاان واحد والثنتين بضياع.. وحدة غصبن عليها والثانية برضاها.. لكن يتم غصبن عليها.. جرح فاتن سببه المحبة وجرح سماء عدوين محبتها الطاهرة..

تخلل صمت الليل رنين بالتلفون الي وصل الى قلب ام جراح.. فتركت اللي بيدها وهي تدخل الصالة من الباب المؤدي لها.. ومناير كانت رافعة السماعة بشغف واشتياق وكانها تدري من اللي متصل..


مناير بحماس:.. الووو؟؟؟ (تهلل ويهها بابتسامة مشرقة) فـــتووووووووون.؟؟ حبيبتي فتووون شخباااارج ولهت عليج موووت
فاتن من طرف ثاني تبتسم والدمعة بعينها: هلا فيج منووور انه الحمد لله ابخير.. انتي شخبارج؟؟ وشلونها امي؟؟؟ والبيت شخبارهم؟
مناير: الحمد لله كلنا بخير. (تناظر امها اللي واقفة عندها ) كاهي امي عندي اعطيج اياها..
اخذت ام جراح السماعة بكل لهفة وهي واقفة بارتجاف: فتوون؟؟ يا بعد عمري يا فاتن انتي وينج؟؟
فاتن وهي تبتسم من كل قلبها: انا في قلبج يا يمة.. ليش انتي ما تخبرين هالشي
ام جراح اللي بدت ملامح الزعل تبين عليها: يمة.. ردي لي يا فاتن.. رديلي يا فاتن وصدقيني ولا اسى ولا اذى بيي صوبج.. يمة رديلي وريحيلي قلبي وبالي..
فاتن وهي تلف سلك السماعة على صبـعها بتوتر: يمة.. عندي دراسة... وشتركت في مدرسة صيفية.. مابقدر اي....
ام جراح باسى بليغ: فاتن اهون عليج؟؟ اهون عليج وانا امج.. ردي يا فاتن ولا تهربين.. الهرب ما بيوصلج لمكان.. يا حبيبتي.. انا امج وادرى الناس عنج.. وادري فيج انج ظايعة اكثر من ما انتي تتمنين.. ردي لي من غربتج
فاتن وصوتها بايح:.. يمة... شلونها مريم؟؟؟ وحشتني بالحيل.. من زمان ما سمعت عنها ولا خبـر..


ام جراح اللي نست خبر مسـاعدللحظة تذكرته.. ولكن تذكرت بعد ان فاتن ما تدري ولا تخبر شي من اللي صابه.. يمكن الي بتعرفه عن مساعد اهو اللي بيردها..


ام جراح: فاتن.. مريم محتاجه لج.. وهم زوجج محتاج لج.. ي فاتن انتي ما تدرين شلي صار من بعد غيابج.. ما سمحتيلنا والوقت بعد ما سمح
فاتن اللي من سمعت كلمه زوجج قررت انها تنهي المكالمة: يمة التكلفة كملت.. القاج على خير يمة.. مع السلامة يمة.... (بدمع مغلوب) احبج يمة


ام جراح اللي توها بتتكلم وانقطعت المكالمة في ويهها...


وهي تلم السماعة لقلبها ودمعتها جارية: وانا بعد احبج يا يمة.... احبج....


مسحت دمعتها.. وسكرت السمـاعة.. وقفت شوي في الصالة وهي متخصرة بألم.. شاللي قاعد يصير في حياتها وحياة اولادها.. ليش كل هذا يمر.. وكل هذا يحصل من غير اي شي مانع او موقف.. كل هذا بسبب غيابك يابو جراح؟؟ كل هذا بسبب غيابك يا عبداللة.. يمكن كنت حنونة.. ويمكن كنت اوفي كل شي.. لكن فاتن..

نزل جراح اللي شعره مبلل وهو حامل فوطة.. يناظر مناير اللي واقفة وهي متكتفة ومزاجها مكدر وامه اللي عند مدخل البيت.. وهي تتحرك ببطئ.. فاستفهم ان الموضوع فيه شي..

جراح راح لعند امه وهو يقط الفوطة عند الدري:.. يمة.. علامج؟؟ فيج شي؟؟


سكتت ام جراح وناظر مناير اللي كانت تراقبه وهي عاقدة حاجبينه..

جراح: علامج مناير؟؟ شفيها امي؟؟
مناير: فاتن دقت... وامي توها بتقول لها ..... وما صار وقت..
جراح: شلون ما صار وقت؟؟
مناير: فاتن سكرت لسكة..


سكت جراح وهو ينفذ الغضب من نفسه.. فاتن مصختها.. والحين زاد القدر عن حده..ومحد قاعد يردعها واهي مو لاقية اللي يوقفها عند حدها..


جراح: فاتن لازم توقف عند حدها.. لمتى بتتصرف بمثل هالتصرفات؟؟
ام جراح: قلبها محترق يا وليدي..
جراح بدت اعصابه تثور: اي قلب هذا يا يمة.. عشان قلب واحد امية وستين الف قلب يعاني لها؟؟ شهالانانية وشهالقلة احترام واهتمام منها.. وينها فاتن اللي كنا كلنا نعرفها.. اللي كانت تقط همومها وتلقف هموم غيرها.. فاتن اللي شالتنا كلنا في راحة يدها يوم مات ابوي وظلت اهي المنتحبة.؟؟ غلطنا يعني.. غلطنا يا يمة يوم اللي بغينا فيه سترها ومصلحتها؟؟ غلطنا يوم اللي فكرنا انها لازم تتعوض باحسن من اللي عطتنا مع ان اللي سوته ماله مقياس..
ام جراح وهي تبجي: مادري يا جراح.. مادري ليش احس اني.... ما وفيت لفاتن كفاية.. اننا قطينا عليها كل شي.. لمن ضاعت وهربت .. وما فكرت انها تقط هم من همومها علينا..
جراح: انتي غلطانة يمة لو فكرتي جذي.. فاتن قطت همومها وهم ريال براسنا ولاهي ماعطتنا المجال اننا نصلح الغلط.. يعني هذا عمل يرضى به الله ولا رسوله؟؟ تروح وتضيع روحها بهالغربة.. احنا خذناها هناك صلاح.. قلبت لشي الى فوضى وميهل.. يمة.. احنا بشنو غلطنا؟؟ بشنـو؟؟


سكتت ام جراح اللي وقفت بكل عجز وهي تراقب رخام الارض.. وجراح اللي سحب مفاتيح السيارة وطلع من لبيت.. مناير ظلت واقفة مكانها وعبد العزيز استوى في قعدته بالصالة وهو يناظر الكل باسف..

ساد الصمت في المكان وعمقت الامسية بغلاف من الحزن ومن صوت جراح اللي رن في كل ارجاء المكان.. لوم وعتاب وقهر موجه الى اخته.. لكن وينها اهي عشان يبري فيها الذمة؟؟ اختفت وما تعطي احد المجال او الفرصة انه يتابعها...

-------------------------------------

الساعة تسعة بالمستشفى وما بقى لمسـاعد الا جم يوم ويطلع من هناك الى البيت.. والى الدنيا ولكن بشنو؟؟ خيارين لا ثالث عنهم.. يا الاطراف الصناعية.. او الكرسي المدولب.. كلا الخيارين يعبران عن العجز اللي اهو فيه.. بعده متعلق بخيـط امل او انجاز او حتى يمكن معجزة.. انه مو معاق مثل ما تصور.. حتى انه من شدة هالشي ما فج الغطا عن ريله للحين.. ولا يمكن يكشفه.. بس بعد جم يوم لا طلع.. بيكون مضطر انه يواجه الاجزاء المبتورة..

سالت دمعة حزينة من عينه وهو منكسر الملامح.. صعدت شهقة من صدره الى حنجرته بالم واضح.. وما كان معاه احد يتعزى بعزاه.. وحس مساعد انه مطلق الصراح مع انه مكبل بالاعاقة هذي.. فارخى العنان لدموعه.. وبكى مثل الصبي الصغيـر.. واجه الخوف اللي يعتري نفسه بكل شجاعة وبدى يبجي وينوح في بجيـه.. وفي كل دمعة نداء الى فاتن.. لمن وصل اسمها الى مسامعه

مسـاعد: وينج؟؟ فاتن؟؟ محتاجلج... وينج؟؟؟ فاتن... (اشتدت قبضته وهو ساند راسه بها) .. فاتـــن... فاتـــــن....


سكت الاسم من التردد.. لان لا حياة لمن تنادي.. فاتن مو موجودة.. كل شي موجود .. الا خيالها او ظلها او حتى شي يدل على انها تعيش على هالدنيا.. غاب عن الدنيا فترة ورجع.. وفاتن بعدها غايبة عن عينه.. لكن كل هذا ينقلب ضدج يا فاتن.. كل شي وكل احساس خليتيه يمر فيه بيرجع لج.. بتتمنين لو انج ما فكرتي بهالطريقة وتتمنين لو انج تراجعتي باخر اللحظات عن اللي سويتيه.. بتترجين يا فاتن.. بتترجين العفووو وما بتقلينه؟؟ بتترجعين رجعة قلبه ودقته باسمج.. وتفانيه ووجوده...


مسـاعد: كل لحظة يا فاتن.. راح تدفعين ثمنها غالي.. حبيتج .. وبعتي محبتي بالتراب.. حبيتج وانا اللي ما كنت ابيج... وبعتي المحبة بابخس الاثمان.. بشوفج شلون بعدين بتلاقين نفسج.. ادري انج ضايعة الحين.. لكن صدقيني.. مقارنة باللي بيصير معاج.. بتتمنين لو انج ما انوجدتي بهالدنيا...

هدأ القليل من انين مسـاعد.. ولكن شهقات البكاء المرير الي مر فيه تحول الى سكون مفاجئ.. حس بالحرارة في شفتيه وحاول انه يبرده.. شرب من الماي اللي صبته له مريم قبل لا تطلع.. ويم القلاص. شاف الجهاز اللي يقدر ينادي فيه الممرضة..


ربط اكثر الاشياء في باله باللحظة اللي اهو فيـها!! اذا بغى يقوم ويدور على فاتن ويلقاها.. راح يسهل هالعملية وايد لو انه كان يمشي.. صحيح ان الاطراف صناعية ومو مثل خلق الله .. لكنها بتوفي بالشي.. اهو ما راح يقبل انه يكون على جهاز متحرك.. الاطراف اهي اشد حل... واحسن حل...


لكن... هل راح اكون قادر اني امر بهالشي؟؟ هل راح اكون شجاع بمافيه الكفاية اني امسك الاطراف .. لوا اني اناظرها؟؟ يالله.. يالله عفوك ورضاك.. يالله حليني من قوتك.. خلني اكون قدها يا رب.. خلني استجمع شجاعتي بفضلك يارب..

وبلحظة من الهدوء النفسي.. ضغط مساعد على الجهاز في وقت الي بغى انه يكون بعيد عنه.. ولكن كانت هذي اولى خطوات الشجاعة اللي اهو لازم يتحلى به.. والا فاتن ما راح ترجع.. والا اهو ما راح يرجع مساعد.. مستحيل يرجع مساعد القبلي.. لكن بيكون هذا شي من الاستعادة لنفسه.. مستحيل يقبل بالكرسي.. والاطراف اهي الحل الصحيح..

يات له الممـرضة بكل مثابرة وهي حاملة صينية عليها ادوية:.. في الوقت المحـدد.. توني بييب لك الادوية اللي تحتاجها.. خير فيك شي؟؟


سكت مسـاعد.. وحط يده على اللحية الي نابته في خده بنعومة.. تم يحبس الارتجاف اللي في نفسه ويحاول انه يتفوه باللي يبي يقوله والي طلب الممرضة علشانه.. لكن ماقدر.. فرفع عيونه للممرضة بضياع تام وعيون مشحونة بالتساؤلات وشفاه منفرجة بكلام محبوس..

تقربت منه الممرضة : علامك؟؟؟ تبي شي؟؟ محتاج شي؟؟
وهو يطالع ويهها باستغراب: الدكتور... للي يعالجني... مسفــر.. موجود؟؟
الممرضة بابتسام: اي اهو موجود.. عنده مناوبة ليلية اليوم لحظك .. ليش؟؟ تبيه؟؟
نفس عميـق استجلبه مسـاعد من قلبه.. وتكلم: .. ابي اكلمه عن.. الاطراف اللي... اللي بتساعـدني..
الممرضة وهي تناوله الدوى: انت اكل هذول.. وانا اروح اكلمه لك.. عن اذنك..

سلمته الكوب البلاستيكي اللي بداخله الحبوب.. وطلعت وهي حاملة اللي كان بيدها.. وتم مساعد واقف مكانه مو مصدق انه قام بهالخطـوة.. صج انها مبعثة للالام في نفسه بس.. تغلبت على الألم لحظة من الفرح الخفيف... فرح ليش انه اتخذ خطوة قوية مثل هذي..

لكن التوتر بعده في نفسه.. عمره ما شاف اطراف صناعية وعمره ما شاف احد يلبسـها.. لكن اهو الحين – لكونه جديد في هالوضع- راح يختبر كل هالامور.. تجارب يديدة.. محملة بالألم.. ويمكن بعد بالتجدد. او شخصية او هوية يديدة.. لكن كل هذا ما يعني الا شي واحد.... شي واحد اهو يمكن الاهم بحياتها..


بصوت هادئ مثل بحر مظلم ما تطل عليه لا نجمه ولا ضوء القمر الهادئ: كل خطوة... ادوس فيها على قلبي... واوصل لج ... اوصلج لج يا فاتن.. واخذ حقي منج...

.
.تابعونــــــــــــــــــ ا
:kcl: