يستطيع الإنسان أن ينسى الكثير من الأشياء إلا أيام الطفولة فإنها حتمــًا لا تنسى وقد يستطيع أن يتجاوز مواقف كثيرة إلا أن مواقف الطفولة لا يمكن للمرء تجاوزوها .......
رعى الله أيام الطفولة إنها على جهلها أحلى وأهنأ ماليا

طفل لا يتجاوز العاشرة من العمر كان يقف في منتصف النهار ويبيده مجموعة من العطورات وأدوات الزينة التي تستخدم للسيارات وحرارة الشمس قد تفننت في ملامح هذا الطفل وجعلت من بياضه الجميل حمرة تدل على التعب والضنك اقتربت من سيارتي العزيزة فإذا به يركض خلفي وهو يقول عمو عمو بدك عطورات

استوقفتني العبارة وأعجبتني اللهجة الشامية الجميلة ولكن المفاجأة الكبرى عندما قال لي بدك عطورات وبدأ الطفل البريء يعرض ما لديه من أدوات وبدأت أنا أتأمل الموقف ولسان حالي يقول لا حياة لمن تنادي سألته عن سبب العمل فقال عمو نحن فقراء نظرت إليه وقلت أنت مكافح وأنا سأشتري منك دون أن أخذ ما أشتريه ابتسم الطفل ابتسامة ألم وأخذ الدينار وراح يبحث عن زبون أخر ......

ولست ادري لماذا يقذف هؤلاء الأطفال الى جحيم العمل ولهيب الشمس في الوقت الذي يفترض به أن يكونوا في مدارسهم مع أقرانهم؟

سؤال يحتاج الى إجابة

هل هي الحاجة أم هو الفقر ؟ وإلا فما هو السبب الذي يبرر وجود هؤلاء الأطفال الأبرياء حفاة عليهم ثياب رثه بالية يمارسون جميع أنواع الحرف وليس لهم من الأجر إلا قليل من الدنانير وربما كان يعمل البعض منهم ليلا ونهارا ومع هذا فإن عمل هؤلاء الأطفال تجارة يجني أرباحها تجار ليس لهم قلوب وكل ما يتمناه الواحد منهم أن يحصل على الأموال الطائلة ....

ولأن الأمر بالغ الأهمية فهذه رسالة عاجلة الى جميع الرحماء لإنقاذ كل طفل شردته الأطماع البشرية وسلبته الراحة وجعلت منه كائن حي لا يدري لماذا يعيش ؟

إننا اليوم يجب أن نواجه كل من يتسغل هؤلاء الأبرياء ونعلن الحرب عليه فالطفولة لها احترام والأمر الذي يزيد من حدة الموقف أن بعض هؤلاء الأطفال أيتام فقدوا المعين وليس لهم في الحياة إلا أم أو أخت وفي كثير من الأحيان تعجز المرأة عن العمل ويتكفل به الطفل ويخرج من المدرسة ويذهب الى الشوارع شارد الذهن في رأسه تتضارب الأرقام ولا شيء سوى التفكير بإيجاد عمل يساومه عليه رجل من الرجال الذين يكنزون الأموال ولا يعنيهم أمر هذا الطفل .....

رسالة الى كل طفل لم يعرف من الحياة إلا التعب والمشقة أقول صبرًا أيها الطفل العزيز فلا بدّ أن يقوم النائم ويستيقظ الغافل ويصحى الضمير ولابدّ للتاريخ أن ينجب رجال يدافعوا عن الإنسانية ........

سؤال

خروج الأطفال من المدارس الى العمل هل هي مشكلة أم أمر عادي ومن هو المسؤل الأسرة أم الدولة ؟

( لا شيء يستحق أن تموت طفلة من أجله لا شيء يستحق أن تسقط دمعة طفل من أجله لذلك يجب أن ينعم جميع الأطفال بالأمن والأمان وإلا فلا يمكن أن نقول أن هناك رحمة ما بين البشر وليس للإنسان حقوق إذا سلبت حقوق الزنابيق الصغيرة )

ناصر الخالدي