مجموعة فراديس هي مجموعة انطلقت من رغبة مؤسسها محمد حسن احمد بصناعة فلم جيد .. هذه المجموعة تعتمد الكيف وليس الكم .. قد كان لي شرف حضور هذه العروض الثلاثة والتي اعتبرها نقله نوعيه لمجموعتهم .. تمنياتي لهم بالتقدم أكثر وأكثر ..

هذا بعض ما كتب عنهم بالامس ...
[line]


مجموعة "فراديس" تقدم أفلامها على مسرح قناة القصباء


"مرايا الصمت" يكثف منفى المبدع .. و"سماء صغيرة" تضيق بالتسلط والجهل

بقلم / زياد عبدالله

التوجه المحسوم والخيارات واضحة في نزوعها نحو توثيق المشهد الإماراتي سينمائيا، والأبواب مشرعة لمن يشارك هؤلاء الشبان الإماراتيين، همومهم وتطلعاتهم الإبداعية التي وجدت في الكاميرا أداتها، وفي الشاشة نافذة يطلون منها على العالم.

"مجموعة فراديس" أو الكيان السينمائي غير الربحي للمخرجين الإماراتيين، قدّم، أول من أمس على مسرح قناة القصباء في الشارقة العرض الأول لجديده، فيلم "مرايا الصمت" سيناريو وإخراج نواف الجناحي، والذي كان بمنزلة الإمكانية الإبداعية المسكونة بهاجس التجريب التي تتخذ من الفرد الإنسان وصراعاته مع مدينة الإسمنت، مساحة توثيقية لعذاباته، عبر عمل اتخذ من التغريب الذي يعيشه الجناحي، على اعتباره ممثل العمل أيضا، تكثيفا بصريا أميل إلى القصيدة كونه يختزل ويقتطع ويرمز مستعينا بالصمت، وبالأبيض والأسود، ولعبة الظلال المتحالفة مع وحدته المطبقة، وليؤكد العمل أن المنفى مصير الفرد أينما حل.

لا شيء إلا الوهم



سرد الفيلم يتخذ خطا تصاعديا يتناغم ومتطلبات العزلة التي يعيشها الفرد في مجتمعه، فخطوات الجناحي لا يرافقها إلا عملية بناء تمت الإحالة إليها عبر رمز "الطابوق" الذي يتكرر إلى أن يبني جدارا في النهاية، كما أن لا أحد يجيب عن الهاتف، واحتفاله بعيد ميلاده وحيدا أيضا مدعاة للتفكير بالسكين الذي سيقطع به "الكيك"، ولا شيء إلا الوهم حين تهبط عليه من السقف بالونات حمر، أو بمعنى آخر لن يكون بمقدور أي شيء أن يضفي لونا على هذه الحياة إلا الوهم وربما المعجزة.


لقطة من فيلم "مرايا الصمت"

الانعطافة السردية في الفيلم، تقود إلى المسرح، حيث يظهر الفنان في الفرد المقدم في الفيلم، أو تراجيديا المهرج التاريخية المعروفة المتمثلة بإضحاكه الناس بينما يقتله الحزن من الداخل، ليكون المبدع في هذه المدينة مهرجا في مسعى لفتح الباب على مصراعيه للدلالات.



مقاربة الاستعارة

بعيدا عن الإحالات الرمزية، قدّم الجناحي فيلما محكما بصريا، ولعل لعبة "الفوتوغراف" كانت لافتة إلى أبعد حد، ومن جهة أخرى لم يخرج الفيلم مما هو معروف بالرمز، وكان على مقربة من الاستعارة السينمائية التي تخرج إلى النور أشياء ما كانت مرئية كما يقول روبرت بريسون.


سماء صغيرة


الفيلمان الآخران كانا قد عرضا في دورة مسابقة "أفلام من الإمارات" الأخيرة، الأول "سماء صغيرة" سيناريو وحوار محمد حسن أحمد وإخراج كل من عبدالله حسن أحمد وعمر إبراهيم، وحاز جائزة أفضل فيلم روائي في منطقة الخليج لعام 2006، والثاني "احتفال بالحياة" فكرة وإخراج خالد المحمود.

يحمل "سماء صغيرة" تباشير مستقبلية واضحة، ويستدعي التأسيس لوجود سينمائي حقيقي، فالفيلم حريص على أن يتناغم مع رصده لواقع اجتماعي، ومن ثم تسجيل موقف، وتقديم السلطة الأبوية "البطريركية" بعمق، بما يدعها خارج تصانيف الخير أو الشر، وأكثر التصاقا بالجهل، وبالتالي تقديم ضحية ذلك التسلط المتمثل بالمرأة أو الابنة (آمنة السويدي) التي عليها أن تكون حبيسة الجدران الأربعة طوال حياتها.

حياة كاملة

"سماء صغيرة" فيلم رشيق ومكثف، وكل شيء موظف بما يخرج على المشاهد بعمل محكم، والتقاء تراتيل البداية مع النهاية، منح الفيلم جسدا متماسكا كان تحرك الابنة بينهما وعذاباتها الليلية مع والدها (إبراهيم سالم) وطفولتها المسروقة، إضافة إلى رمزية العسل الذي يتداوى به الأب ومن ثم موته، وخلع البنت للقفاز، كل ذلك جاء بما يخدم فيلما يحتفي بالحرية والإنسان، ويتناغم مع مساحته الزمنية بحيث يقتطع سيرة حياة يقدمها مبتورة، لكن متكاملة في إحالات دون أن يفوتنا الإشادة بأداء الممثلين وإدارة ذلك الأداء الموفق.


تجريب


من جهة أخرى يندرج فيلم خالد المحمود "احتفال بالحياة" في خانة التجريب، ولعل اعتماد "فراديس" التجريب هو مفتاح انطلاقة هذه المجموعة، ذلك أنه ليس هناك من إبداع، ما لم يكن جانحا نحو التجريب، ولعل هذا ما يميز هذه التجربة بمجمل عناصرها الواعدة.
__________ جريدة الإمارات اليوم

13 أبريل 2006