ذهبت إلى غرفة ريم و لأول مرة ترتبك ريم لدخولي ... يا ترى لماذا هيمرتبكة؟
*
ريم .. ماذا تكتبين ؟
*
زاد ارتباكها .. وردت: لا شئ ماما ،إنها أوراقي الخاصة..
ترى ما الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى أن أراه؟!!
*
اكتب أدعية ومناجاة لله
قطعت كلامها فجأة وقالت: ولكنهل يتحقق كل ما نكتبه ماما؟
*
طبعا يا ابنتي فإن الله يعلم كل شئ..
لم تسمح لي بقراءة ما كتبت , فخرجت من غرفتها واتجهت إلى زوجي المقعد "راشد" كي اقرأ له الجرائد كالعادة ، كنت اقرأ الجريدة وذهني شارد مع صغيرتي , فلاحظ راشد شرودي .. ظن بأنه سبب حزني .. فحاول إقناعي بأن اجلب له ممرضة .. كيتخفف علي هذا العبء..
يا إلهي لم أترد أن يفكر هكذا .. فحضنت رأسه وقبلت جبينهالذي طالما تعب وعرق من اجلي أنا وابنته ريم .. واليوم يحسبني سأحزن من أجل ذلك .. وأوضحت له سبب حزني وشرودي...
ذهبت ريم إلى المدرسة ، وعندما عادت كانالطبيب في البيت فهرعت لترى والدها المقعد وجلست بقربه تواسيه بمداعباتها وهمساتهاالحنونة.
وضح لي الطبيب سوء حالة راشد وانصرف ، تناسيت أن ريم ما تزال طفلة , ودون رحمة صارحتها أن الطبيب أكد لي أن قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل هذاالحب بدأ يضعف كثيرا وانه لن يعيش لأكثر من ثلاث أسابيع ، انهارت ريم ، وظلت تبكيوتردد:
*
لماذا يحصل كل هذا لبابا ؟ لماذا؟
*
ادعي له بالشفاء ياريم, يجب أن تتحلي بالشجاعة ، ولا تنسي رحمة الله ، انه القادر على كل شئ .. فأنتابنته الكبيرة والوحيدة .. أنصتت ريم إلى أمها ونسيت حزنها , وداست على ألمهاوتشجعت وقالت :
*
لن يموت أبي .
في كل صباح تقبل ريم خد والدها الدافئ ,ولكنها اليوم عندما قبلته نظرت إليه بحنان وتوسل وقالت : ليتك توصلني يوما مثلصديقاتي .. فغمره حزن شديد فحاول اخفاءة وقال:
*
إن شاء الله سيأتي يوما واوصلكفيه يا ريم.. وهو واثق أن أعاقته لن تكمل فرحة ابنته الصغيرة..
أوصلت ريمإلى المدرسة , وعندما عدت إلى البيت ، غمرني فضول لأرى الرسائل التي تكتبها ريم إلىالله , بحثت في مكتبها ولم أجد أي شئ .. وبعد بحث طويل .. لا جدوى .. ترى أين هي؟!!
ترى هل تمزقها بعد كتابتها؟
ربما يكون هنا .. لطالما أحبت ريمهذا الصندوق, طلبته مني مرارا فأفرغت ما فيه وأعطيتها الصندوق .. يا الهي انه يحويرسائل كثيرة ... وكلها إلى الله!
*
يا رب ... يا رب ... يموت كلب جارناسعيد , لأنه يخيفني!!
*
يا رب ... قطتنا تلد قطط كثيرة .. لتعوضها هن قططهاالتي ماتت !!!
*
يا رب ... ينجح ابن خالتي , لاني احبه !!!
*
يا رب... تكبر أزهار بيتنا بسرعة , لأقطف كل يوم زهرة وأعطيها معلمتي!!!
والكثير منالرسائل الأخرى وكلها بريئة...
من اطرف الرسائل التي قرأتها هي التي تقولفيها :
*
يا رب ... يا رب ... كبر عقل خادمتنا , لأنها أرهقت أمي ..
يا الهي كل الرسائل مستجابة , لقد مات كاب جارنا منذ اكثر من أسبوع! , قطتنا
اصبح لديها صغارا , ونجح احمد بتفوق ، كبرت الأزهار , ريم تأخذ كل يومزهرة إلى معلمتها ...
يا الهي لماذا لم تدعوا ريم ليشفى والدها ويرتاح منعاهته ؟؟!! ....
شردت كثيرا ليتها تدعوا له .. ولم يقطع هذا الشرود إلارنين الهاتف المزعج , ردت الخادمة ونادتني :
سيدتي .. المدرسة ...
*
المدرسة !! ... ما بها ريم ؟؟ هل فعلت شئ؟
أخبرتني أن ريم وقعتمن الدور الرابع هي في طريقها إلى منزل معلمتها الغائبة لتعطيها الزهرة .. وهي تطلمن الشرفة ... وقعت الزهرة ... ووقعت ريم ...
كانت الصدمة قوية جدا لمأتحملها أنا ولا راشد... ومن شدة صدمته أصابه شلل في لسانه في لسانه فمن يومها لايستطيع الكلام .
*
لماذا ماتت ريم ؟ لا أستطيع استيعاب فكرة وفاة ابنتيالحبيبة...
كنت اخدع نفسي كل يوم بالذهاب إلى مدرستها كأني أوصلها , كنت افعلكل شئ صغيرتي كانت تحبه , كل زاوية في البيت تذكرني بها , أتذكر رنين ضحكاتها التيكانت تملأ علينا البيت بالحياة ... مرت سنوات على وفاتها .. وكأنه اليوم ...
في صباح يوم الجمعة أتت الخادمة وهي فزعة وتقول! أنها سمعت صوت صادر منغرفة ريم... يا الهي هل يعقل ريم عادت ؟؟ هذا جنون ...
*
أنت تتخيلين ... لم تطأ قدم هذه الغرفة منذ أن ماتت ريم..
أصر راشد على أن اذهب وارى ماذاهناك..
وضعت المفتاح في الباب وانقبض قلبي ... فتحت الباب فلم أتمالك نفسي ..
جلست ابكي وابكي ... ورميت نفسي على سريرها , انه يهتز .. آه تذكرت !!
قالت لي مرارا انه يهتز ويصدر صوتا عندما تتحرك , ونسيت أن اجلب النجار كييصلحه لها ... ولكن لا فائدة الآن ...
لكن ما الذي اصدر الصوت .. نعم انه صوتوقوع اللوحة التي زينت بآيات الكرسي التي كانت تحرص ريم على قراءتها كل يوم حتى حفظتها .. وحين رفعتها كي أعلقها وجدت ورقة بحجم البرواز وضعت خلفه !!
ياإلهي إنها إحدى الرسائل ..... يا ترى ، ما الذي كان مكتوب في هذه الرسالة بالذات .. !!؟
ولماذا وضعتها ريم خلف الآية الكريمة .. ؟!؟
إنها إحدى الرسائل ا لتي كانت تكتبها ريم إلى الله وكان مكتوباَ فيه
مواقع النشر (المفضلة)