كنت سائرة في هذا العــــــالم.. أمشي في طرقاته..أمُرّ على من يسكنه..
في بداية طريقي رأيت طفلا ممزق الثياب..حافي القدمين..يخرج هاربا من مخبزٍ ريفي.. لقد سرق قطعة خبزٍ .. وكان الخباز يترصد له وينظر اليه بنظرة فيها وعيد وتهديد..وعيناه تشتعل حقداً.. لمَ يا ترى سرق هذا الطفل تلك القطعة من الخبز؟! مضيت في سبيلي فوقفت عند شابٍ يمشي مع رفقائه وعرفت من هيئتهم أنهم من الشباب الطائش..الذي لا يقدر للحياة قيمة..لقد كانوا يدعونه بأن يأخذ حقنة من مخدر يدّعون بأنه سينسيه كل ما فيه من هموم.. تحسرت ..ثم أكملت طريقي.. فتوقفت عند رجل وامرأته يقومان بطرد والدي الرجل من المنزل ..لقد كان الوالدان مسنان..يبدوا عليهما بأنهما اكتفوا من الحياة ولم يبقى بينهما وبين القبر سوى شعرة..كيف استطاع هذا الرجل أن يطرد والديه دون رحمة؟!..لمن سيلجآن؟ ..لقد كانا يبكيان ويتمنيان الموت على أن تكون نهايتهما هكذا.. دمعت عيناي وسرت في الطريق .. فتوقفت عند امرأة لا همّ لها سوى أن تعرف أخبارالناس وتنقلها وتزيد عليها لتغيرها وتنسقها كيفما تشاء..رأيتها تخرج من بيت لتدخل بيت ثاني ثم ثالث وهكذا..تعجبت منها ورثيت لحالها ..ما بالها هكذا مجنونه..ما فائدة كل هذا .. قلت هيـا امضي لنرى ماذا أيضا..فرأيت أماً شابة جميلة تمسك بطفلها وتهدهده.. وتقول: لا تقلق يا حبيبي ..بابا تركنا..لكنني أستطيع أن أعوضك عن كل شيء..تعال يا حبيبي وقد كان الطفل يسأل عن والده بوجه طفولي حزين..فتأثرت بالموقف ومشيت ..رأيت مجموعةفتيات كاسيات عاريات..فصخن الحياء وخلعن رداء الحشمة..لقد كن متبرجات لأقصى حد..يتمشين ويضحكن بصوت عالٍ..ثم رأيت خلفهن مجموعة شبان ممن ضعف ايمانهم ومرضت قلوبهم..ولحقوا بأولئك البنات وتبعوا ملذاتهم..احتقرتهن ومضيت .. رأيت رجلا متسلطـ اتظاهر بأنه يرعى يتيما هو ابن أخيه - المرحوم - سرق أمواله جميعها وتركه يعمل طيلة النهار وعندما يحضر اليتيم مقداراً قليلا من المال يضربه حتى يكسّر أضلاعه ويقطّع جلده الطري..لقد كان سكيراً قاسياً ..بكيت على حال اليتيم واكملت .. رأيت عاشقان متيمان ببعضهما..يريدان أن يتزوجا.. ولكن هيهات أن يلبوا طلبهم .. أهل الشاب يرفضون لأنهم يريدونه أن يجتهد ويعمل ليتزوج ابنة عمه.. وأهل الفتاة يريدون اجبارها على الزواج بابن خالتها..لقد كانا منهاران يائسان ..محطمان..فلم تفلح لها أية محاولة في سبيل سعادتهما والزواج ليرتاحا..تحطم قلبي ومشيت قليلا.... لــــــــــــكني لم أكمل طريقي ..التفت إلى الخلف لأرى كم مشيت وكم مضيت..فوجدت نفسي لم أقطع سوى القليل القليل من هذا الدرب الطويل..اذا كان القليل هكذا فما بال الكثير..
اتجهت الى الـــــــبحرلأشكو له ..لأنني كدت أن أنفجر..قال لي : هذه هي الدنيا والكل يعيش في دائرة الأحزان والمشاكل..فلا تعتقدي أن احداً مرتاحاً في هذا العالم..بعد ذلك أغمضت عيناني لأرى نفسي في منزلي..بين جدران غرفتي..اسطر هذه الكلمات.. هنـــاك الكثير الكثير ولكـــــــــــن كم سأكتب؟! ستنتهي الأوراق وينفد الحبر ولن أنتهي...
.................................................. .................................................. ..........
هذا بعض مما يدور في مخيلتي.. ومما أفكر فيه في لحظات الاختلاء بالذات ..
----------------------------------
هذا نفسه اللي وضعته قبل سنتين والحين بيلس أقراه معاكم
مواقع النشر (المفضلة)