السلام عليكم
قبل أن يبدأ موسم الصيف و ما أن يبشر شهر أيلول بحلوله بإرساله لنذير الحمو و الرطوبة في الأشهر السابقة تبدأ الصراعات و النزاعات الإدارية (السرية) في شتى الدوائر المحلية .. فمن ذا الذي سينال قسطا من الإستجمام و الراحة في هذا الشهر التعيس من السنة ! و تبدأ التنسيقات الإدارية و الإستثناءات ابتداءا من المهم و الأهم منصبا نازلين بغير المهم و المهموم وظيفيا و ليس المهموم سوى موظف لا حيلة له ، كتب عليه أن يقضي الصيف بدون راحة إنما تزداد عليه المهام الوظيفية بسبب خلو بعض المقاعد من أصحابها .
على الرغم من أن القانون يسمح للجميع بأخذ إجازة سنوية متى شاءوا و على الرغم من أن القانون صارم و صلب في شكله و مضمونه و " بنوده " إلا أن لكل حديد حداد يطوعه كيف ما يشاء .
و حين تكون موظفا مثاليا لديك قدرة فطرية على استيعاب الكم الهائل من المعاملات اليومية التي لا تنتهي .. لا تذهب بأحلامك بعيدا عندما يردد رب العمل على مسامعك " إستمر " و " سيفيدك هذا في ملفك " و " لن نقصر معك في الترقية " و بربتة على الكتف يتقنها غالبية أرباب العمل تنسيك تعبك الذي فات و القادم و ترسم ابتسامة على شفتاك " فعلا هم يسحرون أو يستغلون الموظفين بهذه التصرفات "
عزيزي الموظف : كلمة استمر على الغالب لا تعني سوى شيء واحد و هو (مكانك سر) فلست في نظر المسؤولين سوى كــRAM جهاز الكمبيوتر ما إن تعطل حتى يتعطل معه سير عمل الجهاز بكامله أو تأخر فلذلك لن تكون هنك ترقية و يتحول الــRAM الى HARD DISK (قرص قصلب) أو مدير فإذا كانت الترقية من نصيب الموظف النشيط فمن سينوب مكانه بعد ترقيته ؟
و الذي يغلب على تصرفات الدوائر المحلية و يثير حفيظة الموظفين هو إتيان الدائرة بمسؤول أو مدير أو نائب من خارج الدائرة ليباشر إدارة قسم ما أو إدارة مركزية عامة .. و كأن جميع من في الدائرة ليس لديهم أي أهلية للقيادة أو أن الإدارة العليا ليس لديها إيمان بسيط بقدرات موظفيها الحالين .. و كأن لسان حالها يقول (الغريب سيفيدنا أكثر من القريب) و لكن ليس هناك سوى أمر واحد غريب و هو أن هناك عينات في المجتمع ليس لها مكان سوى القيادة .. المركزية .. السيطرة و إعطاء الأوامر فأبدا لا تستغرب أن ذات المسؤول الجديد في قسمك ليس سوى مدير سابق تم و أحيل من منصبه لأن القانون يطوعه حداد كما أسلفت فقد أخطأ هذا المسؤول هناك و من حقه أن يصحح خطئه هنا و أنت كمجتهد هنا لا يحق لك أن ترتقي بمنصبك .. فكيف يكون النظام صارم إذا عبثت به أيادٍ لديها ساعد بقوة ساعد الحداد .
إن الإعلام زاخر بالمصرحين و المنتقدين و المناقشين عن قضايا الوظائف و التوظيف و أغلبهم يتكلم عن قضية أساسية تكمن حيثياتها في أن (يجب أن يرتقي الموظف بنفسه قبل أن يطالب أرباب العمل بترقيته) و هناك الذين يتهمون الشباب بالإتكالية و حب البطالة و الإنهزام و عدم التطور قدما نحو الأفضل و أبعد أفق وصلو لها هي " الإنترنت " و غيرها من العناوين المدوية في الصحف و المجلات اليومية كلها عبارة عن تهم توجه للحالم من الشباب ...
و لكن لحظة يا أرباب العمل من وزراء و مدراء ..
من السنة الأولى في المدرسة و حتى آخر سنة تعليمية و المنهج من معلمين و إدارة يعلمون الطلبة و هم ذاتهم شباب اليوم .. يعلمونهم على الطيران في فلك العلم و المعرفة و الثقافة و الخلق و كل ما من شأنه أن يرتقي بدولتنا الحبيبة .. علمونا أن نختلق أجنحة إن لم تكن لدينا لنفردها و نحلق بثقة لأن النظام يدعمنا و سياسة التطور معنا و نحن وحدنا لبنات جدار هذا المجتمع و لن ينهد إلا بمشيئتنا أو بتكاسلنا ... على الرغم من أن المنهاج التعليمي " مستورد " إلا أنه علمنا الكثير .. حتى أنه علمنا كيف نواجه المعضلات و كيف لنا أن نعتمد على أنفسنا و أقنعنا أن الطيران حقيقة و ممكن في ظل توافر العزيمة و الإرادة .. حتى أن الأحلام بدأت ترتسم في مخيلتنا فإذا استطعنا الطيران فسنستطيع تسوية غير المعتدل في مجتمعنا ..
و عندما كبرنا و وقفنا أمام الأبواب الموصدة أدركنا الحلم القديم و عرفنا عن ماذا كان يتكلم المنهج و النظام و التثقيف ... نعم كان يتكلم عن الطيران و التحليق ... إنما بوسيلتان مساعدتان الأولى هي الــــنـــفــــوذ و الثانية هي الــــمــــادة ... و حينها فقط أدركنا أن باتمان لا يطير إنما يستعين بنفوذه و أمواله ليطير و يحلق عاليا و الكل من حوله يصفق و يقول هذا مثال يحتذى به فأين شباب اليوم من باتمان ..؟
أحزن عندما أرى نظرة التفاؤل في نظرة خريج الثانوية العامة و أحزن عندما أرى أحلام بعض الموظفين تروح هباءا مع استغلال المدراء لقدراتهم و أحزن عندما يتمشدق فريق المثقفين في الصحف المحلية و هم يتهمون الشباب بأنه حالم لا يعيش الواقع ..
و كيف يكون النظام نظام إذ يتطوع بعد أن يستقر .. فكيف لا أحزن .. و كيف لا تحزن إذا كنت باتمان بدون نفوذ أو مادة فما الحاجة للجناحين ساعتها ؟؟
أقترح على النظام أن يشق دائرة جديدة يسميها بـــ(دائرة دفن الأحلام البشرية) و ليديرها أرباب العمل الذين يتقنون الربت على أكتاف الموظفين الحالمين بمناصب راقية .
أخوكم عايش وهم
مواقع النشر (المفضلة)