أثناء بدء دراستي في جامعة الإمارات و تحديدا في السنة التحضيرية تعرفت على أحد الشبان الرائعين و هو من مدينة أبوظبي و كان صديقا جيدا خلال تلك الفترة و كنا نحضر نفس المحاظرات تقريبا سارت الأمور بشكل إنسيابي و سلس و تعرفت خلال تلك الفترة القصيرة على نظام الدراسة في الجامعة و كان أحد أسوء الأمور التي عرفتها هو القانون الذي ينص على فصل الطالب من كليته في حال هبوط معدله التراكمي و عدم قدرته على رفعه بعد ذلك و توالي الإنذارات و ما إلى هنالك و ختاما كنا على موعد مع أحد أعظم الإمتحانات آنذاك و هو إمتحان
IELTS و كلانا كان متخوفا من الرسوب و إعادة المستوى الثالث و لكن كما أسلفت آنفا فإن كل شيء سار بشكل جيد و لذلك فلقد نجحنا و بالتأكيد حصل كل منا على الحد الأدنى للنجاح.
قبل بدء إجازة الربيع دعاني صديقي الذي ذكرته في بداية الموضوع إلى زيارة مدينته و علل ذلك قائلا أن مدينته في مثل هذا الوقت من العام تكون جنة خضراء و الجو فيها يضاهي أو ربما يتفوق على الجو في أجمل مدن أوروبا ذهلت لمدى المبالغة في مقارنته مدينته بمدينة أوروبية و كنت آنذاك راغبا في الحقيقة بقضاء بعض الوقت في مدينة أبوظبي و لكن المشكلة الحقيقية هي أي سأقيم و بالتأكيد سأرفض اللإقامة في منزل صديقي حتى لو عرض علي ذلك و بدأت بسؤاله بشكل عرضي عن الفنادق و أسعارها و قمت بتحديد أحدها و هو يقع في منطقة النادي السياحي أعددت أموري بشكل جيد و كانت مواردي المالية لا بأس بها رغم الخسارة المالية التي ستنجم عن هذه الرحلة التي بلا أي معنى إلا أنني قررت أن أذهب فيها و ليفعل الله ما يشاء.
نسيت أن أخبركم أن صديقي هذا يقيم في منطقة البطين و هي منطقة بعيدة بعض الشي عن المدينة على حد قوله فأشار علي بأن أقوم بحجز غرفة لشخصين و أنه سيقيم معي و سيتكفل بنصف إيجار الغرفة و سيوفر علي بعض المال وجدتها فكرة جيدة و لا بأس بها خصوصا أنني لا أعرف المدينة بشكل جيد فوجوده معي هو أمر لابد منه أقمنا في الفندق لمدة أسبوع واحد فقط و لكنه الأسبوع الذي لن أنساه ما حييت فقد حدثت فيه من الأمور ما لا أجد لها أي تفسير أمور رأيتها صديقي نفسه أبن المدينة لم يرها في حياته.
في إحدى الليالي القمرية ذهبت لأتعشا وحيدا بالقرب من مجمع أبوظبي مول و أثناء عودتي إلى الفندق مررت بجمعية أبوظبي التعاونية على الجانب الآخر كان ينتظرني ذلك المشهد غير المتوقع مشهد لن يمكنني أن أتخيله أبدا و أنا الشخص ذو الخيال الجامح المحلق في عنان السماء توقفت في مكاني و أستدرت لأرى إن كان ما رأيته حقيقة أم خيالا لكن لا لم يكن خيالا أبدا كان أحد أبناء الجنسيات العربية يزيد طوله على 180 سنتيمتر مفتول العضل بشكل مرعب و قد أنحنى على إحدى المواطنات و كان طولها على أبعد تقدير لا يتجاوز 170 سنتيمتر و كان تغطي وجهها بالكامل فيما يسمى باللهجة العامية (الشيلة) و في يدها اليمنى حقيبة صغيرة و قد أسندها إلى طرف جدار جمعية أبوظبي التعاونية المواجه للشارع و بين يديه القويتين على ما يبدو كان قد ضم يديها الصغيرتين و على مرأى من الجميع كان يتابدل معها حديثا هادئا و أثناء عودتي إلى الفندق كنت أتساءل أب و أخ تلك الفتاة والدتها أين هم بحق الجحيم و كيف يسمحون لأبنتهم أن تخرج وحدها دون أن يعرفوا إلى أين تذهب.
في إحدى الليالي كان الجو لطيفا و فكرت أن أذهب بجولة قصيرة هنا و هناك فقد كانت المدينة جميلة بحق يحتار الشخص فعلا أين يذهب في أبوظبي فهناك الكورنيش و أماكن أخرى كثيرة و لكن حالما يذهب الشخص إلى كل هذه الأماكن و يعرفها جيدا تفقد المدينة عندئذ رونقها الخاص بشكل يصعب وصفه ربما بسبب محدودية الأماكن الجميلة على أية حال أثناء قطعي لأحد الشوارع و وصولي للطرف الآخر كان هناك أيضا في إنتظاري المشهد الثاني و الأكثر إثارة و أيضا في هذا المشهد قلت لنفسي لابد و أنني أتخيل ذلك ... مستحيل أن يكون حقيقة ما أراه ... فهناك مواطنة و كانت منقبة و يبدو عليها الإحترام و الأدب و الأخلاق الرفيعة تمشي بسرعة بالقرب من واجهة أحد المطاعم و وراءها مباشرة أحد أبناء الجنسيات العربية و لكن شكله هذه المرة كان مختلفا عن الذي رأيته أول مرة فقد كان أشبه بمغني في فرقة موسيقية من الشبان و دون أي مبالغة فقد كان وسيما بحق و لكنه لم يكن جنتلمانا أبدا كان وحشا بكل ما تحمل الكلمة من معنى فلقد كانت يداه تغوصان من خلال عباءة الفتاة و تتوضعان في أماكن يعرفها جيدا و خبرها قبل ذلك على ما يبدو و لكن ردة فعل الفتاة أدهشتني بحق فقد كانت سعيدة و تضحك و بعد ذلك حاول أن يخلع نقابها و عندما ألتفتت لتمنعه كان قد رأتني واقفا عند طرف الشارع أنظر إليهما فدب في قلبها رعب حقيقي و شلت ضحكاتها و تغنجاتها إلى الأبد و أكفهر وجه رفيقها و كلما مشوا كان دائما يلتفت لينظر إلي ربما توقع أن أقوم بإلتقاط صورة على سبيل المثال لا أدري في الحقيقة أدخلها بعد ذلك إلى مطعم دجاج كنتاكي و أخذها إلى القسم العلوي من المطعم و كنت لا أزال واقفا على طرف الرصيف أمنع ضحكة متفجرة من الإنطلاق و لم أستطع كبح نفسي أكثر فأنطلقت في ضحك جنوني فقد كان الموقف مضحكا بحق.
صدماتي في هذه الرحلة القصيرة كانت كثيرة بعضها مثير للحزن و الأخرى مثيرة للضحك و لكن أكثر اللحظات حماسة هي عندما قام رفيقي بأخذي إلى وكالة دراجات سوزوكي و ياماها النارية (قبل جسر المقطع بقليل) و هناك شاهدت بأم عيني دراجة أحلامي و أسرع دراجة نارية على وجه الأرض قاطبة إنها الدراجة الأسطورية و ملكة الطريق SUZUKI GSX-R 1300 HAYABUSA و كان سعرها بـ 45 ألف درهم فقلت لصديقي لو أن لدي هذه الدراجة النارية لكنت أسعد شخص على وجه الأرض و لكن اللعنة إن أهلي يمانعون إمتلاكي لواحدة فضحك صديقي وقال هذه الدراجة ليست لي أو لك إنها فقط للمتخصصين في قيادة الدراجات النارية و كان صديقي على حق فالسرعة القصوى لهذه الدراجة هي 320 كليو متر في الساعة و يمكنها فقط و من خلاص السرعة الثانية أن تتغلب على أسرع سيارة على وجه الأرض و لم ننسى أيضا أن نعرج على قسم دراجات الياماها و كانت هناك أسطورة حقيقية في ذلك القسم و هي YAMAHA R1 و هي دراجة سباق في المقام الأول و مواصفاتها جبارة بحق و لكن قلبي لا يتسع لحب دراجتين دفعة واحدة فلم ألتفت إليها كثيرا و لكن للعلم فقد كان سعرها يفوق سعر دراجة أحلامي بكثير 49 ألف درهم يا له من سعر.
عند نهاية رحلتي في مدينة أبوظبي كنت قد أستمتعت بها حقا و ذهبت إلى كثير من الأمكان لولا صديقي لما كنت قد ذهبت إليها صحيح أنها كلفتني كثيرا و أحدثت مشاكل في مواردي المالية و لكن مقابل كل ما شاهدته و رأيته و المواقف التي حدثت معي ربما دفعت و لنقل على الأقل ربع عمري لأحظى بشرف معايشتها من جديد و لكن و رغم كل شي تبقى مدينتي مدينة العين هي المدينة الأحب إلى قلبي حيث أشعر بالدفىء و الإنتماء أكثر من أي مكان آخر في العالم.
همسة ...
أخوتي و رفاقي في المنتدى أنني آسف إن كنت قد أسأت أو جرحت مشاعر أي أحد منكم في يوم من الأيام ... غدا أنا مقبل على تنفيذ مهمة شديدة الصعوبة و التعقيد يمزقني خوف لا حدود له من إحتمال الفشل و لكن طموحي الكبير و أحلامي التي لا تعرف حدودا ستبقيني على الخط حتى لحظة الإنهيار التام ادعوا لي أخوتي قدر إستطاعتكم فلربما أمكنني بفضل دعواتكم الخيرة الصادقة إجتياز طريق الهلاك القادم ... شكرا لكل من قرء هذه الفضفضة و إلى لقاء قادم بإذن الله
مع السلامة
مواقع النشر (المفضلة)