شكر خاص لخنفروش على بعض النصائـح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تكثــر اتهامــات البشــر للقمـــر ، فالإنســـان حيــن يرضــى عن القمــر يتغنـّـى بــه ويعزف أحلى وأرقى المعزوفات على نـوره الجـذّاب ، وحيــن يسخـط عليــه يبــدأ في ذمـه واتهامـه بأشبــع الإتهامــات ليــس لأنــه أهل للذم بل لأنـه جـُـرمٌ سماوي لا يُستـطـاع الوصــول إليــه بسهــولــة ، فهــو في السمــاء محلقــاً ولا يكتــرث بالبشــر ولا يعيـرهـم أي اهتمــام .

الإتهـام الأول قـد لُفـق للقمــر كما لفـقـت لــه باقي الإتهامات الباطلــة والتي لا تليــق بمستـوى القمــر ولا بمهابتـه ، فقـد قيــل بأن له جانــب مظلــم ، وبالتأكيــد هنـاك جانــب مظلــم للقمــر ولكــن شتـّـان أن يقــارن مع الجــانــب المنيــر لـــه ، فالجانــب المنيــر هو الأكثــر وضوحــاً ونادراً ما نــرى ذاك الجانــب الأٍســود المعتــم لــه ، وهنــا تكمــن المصيبــة العظمــى في طبيعــة الإنســان والذي دائمــاً ما يُحـبـّـذ أن يرى الجوانــب المظلمــة من الإنســان ودائمــاً ما يذكــر تلك الجانــب المنيــر من أفعــاله وأقوالــه ، في حيــن أنه لا يرغـب في أن نذكــر مساوئـه وأفعالــه المشينــة ويرغب منـّـا أن نطري عليــه بالخيــر دائمــاً ، فالتناقــض البشــري دائمــاً هكذا ولا يليــق بمستــوى القمــر أن نربط بينـه وبيـن البشــر ، فالقمــر لا يغضب حيـن نذكر سواده بل يتحدانا وينيـــر لنــا في اليوم التالــي وكأن البريق لا يفارقـه .

واتُهـم القمــر إتهامــاً آخــراً ، فلـم يسلــم من تلك الألسنـة البشريــة المتذمــرة والتي قالت بأن القمــر عاجــز أن ينيــر بذاتــه وهذه حقيقة لا يختلــف عليــها كل عاقــل ، ومع التمعـّـن نرى عظمــة قــدرة القمــر على عكـس الأشعـة بكميــة محدودة لا تُـؤذي كالشمـس الحارقـة والتي يستمـد منهـا القمـر إشعاعتـه ، فلولا تلك القـدرة الهائلـة والمميـز بهـا هذا القمـر لما استمتعنـا بهــدوء الليــل الســاكــن .

قـد وُجـد القمـر لـينيــر الطرقــات في الظلام الدامـس لبنــي البشـــر ، ورغـم هذا وذاك نـرى من يتهـم القمــر ويربطـه بمآسي الليــل الكثيــر وخاصـة للعشـّـاق ولكـل من ذاق طعــم الخيانــة ، وهذا ليـس إلا إتهامـاً من سلسلة إتهامات وجهـة القمــر ، وكثيــراً ما أسمـع عن تبوعيـة القمــر للأرض ، فالأرض هي التي بحاجـة للقمــر لا القمـر بحاجـة للأرض ، وهنـا يكمـن الدور المفيــد لا السلبي للتبوعيـة بعـكس الدور التبوعي بيـن فئــات البشــر .



المعذرة



أحلى منصوري



نشـر في : جريدة الفجر يوم السبت الموافق 21-5-2005