السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه احدى القصص التي قرأتها و شاهدت الكثير من المسلسلات تحمل نفس القصص و المواضيع :crosseyed
أنجبت أم محمد سبعة أولاد وكان زوجها فرحاً جدا بعائلته الكبيرة يصرف عليهم من عمله في صيد الأسماك، كانوا لا يتأففون لكنهم يطمحون أن يعيشوا عيشة أفضل فكان يقول لهم احمدوا الله سبحانه وتعالى على النعمة التي يعطيكم إياها فكم من ناس لا يملكون ثمن رغيف من الخبز يسدون به جوعهم وعلى أي حال أنا افعل ما أستطيع من أجلكم وانتم عليكم بالباقي اجتهدوا وادرسوا فالعلم سلاحكم الوحيد، فلا مال عندي لأخبئه عنكم وكل ما ترك لي والدي هو هذه الشبكة لأصطاد بها لكنني لا أريد أن تكون إرثكم ولا أريدكم أن تتعبوا مثلما أتعب وتجلس نساؤكم ينتظرن عودتكم بقلق كما كانت وما زالت تفعل والدتكم.
كبر الأولاد وتوظفوا جميعهم وبقي أبو محمد يعمل في البحر كانوا يخجلون من عمله ويطلبون منه أن يدعه ويجلس في المنزل لكنه رفض وقال إن أرغمتموني على البقاء في المنزل فسوف تسرعون في موتي، لكنهم أصروا وأمام إلحاحهم باع القارب لكنه احتفظ بالشبكة التي هي من والده، وبقي في المنزل ليشعر بأنه كهل لا حاجة له خصوصا بعد أن تزوجوا جميعهم وانتقل كل واحد منهم إلى منزله الخاص،كانوا يأتون لزيارتهما مرة في الأسبوع ثم مرة في الشهر إلى أن تقلصت الزيارات لتصبح في الأعياد أو عند الضرورة، حزن جداً ذاك الأب المسكين وشعر بأنه لم ينجب ولم يرب وفي يوم جاء أولاده لزيارتهما دون زوجاتهم أو أطفالهم فاستغربا الأمر لكنهما شعرا بوجود شيء ما فقال لهم والدهم عسى خير يا أولادي يا فلذات كبدي منذ متى لم تتكرموا بزيارتنا؟ هل قصرنا معكم في شيء أو أصبحتم تخجلون منا، فصاروا ينظرون لبعضهم بعضا ثم تكلم كبيرهم وقال: للحقيقة كنا نفكر إخواني وأنا أن نبيع المنزل لنستفيد من ثمنه فالحياة أصبحت صعبة وأولادنا بحاجة إلى مصاريف كثيرة وكل درهم مهم بالنسبة لنا، كما انه بحاجة إلى ترميم فالجدران بدأت تتفسخ وسوف تقع بين يوم وآخر كما أن الأرضية قديمة والمطبخ بالخارج وشبه محطم، فقال لهم: ونحن ماذا تفعلون بنا؟ قال تجلسون عند احد منا، قال حسنا نبقى عندك فأنت البكر.. ارتبك وقال أنت تعلم يا والدي بأن منزلي صغير وبالكاد نتحرك به، فقال الثاني أنا سوف انتقل إلى إمارة أخرى، والثالث قال زوجتي مريضة ووالدتها تعيش تقريبا معنا وهكذا دواليك، نظر إليهم الأب نظرة غريبة في عينيه وأجابهم كثر الله من أمثالكم يا عيالي.. أتدرون، لماذا لا تنصبون لنا خيمة وتتركوننا في البر؟ اسمعوني جيداً المنزل ليس للبيع فهو ارث من أجدادكم وانتم يا أساتذة قد تربيتم هنا في حوشه وأرجائه على كل حال لماذا اتعب نفسي بالكلام فإذا هان عليكم والداكم فلا لزوم للكلام، اخرجوا من بيتي ولا تدعوني أراكم مرة ثانية هيا اخرجوا.
أخذت زوجته تبكي بحرقة وتزيد ألمه ألما فقال لها لا تحزني بل اشكري الله واحمديه على أنني لا أزال على قيد الحياة والا ماذا كانوا فعلوا بك؟ قومي لنذهب ونجلس على شاطىء البحر كما كنا نفعل قبل أن ننجب أولئك السبعة الذين لا خير في واحد منهم والله سوف يتولانا برحمته، أخذها من يدها وتعكزت عليه.. نظر إلى وجهها الطيب فرأى آثار السنين قد زادت كثيراً وكأنها كبرت عشرين عاما في تلك اللحظة عيناها اغرورقتا بالدموع على سهر الليالي والتعب على تربيتهم التي ظنت أنها صالحة، كانت قاسية وحنونة بنفس الوقت. كان كل من حولها يحسدها على أولادها وأخلاقهم. ما الذي جرى يا أولاد بطني يا قطعة مني؟ لم تحتمل تلك المسكينة صدمتها بأولادها وبعدهم عنها وعقوقهم، نامت ليلتها لكنها لم تستيقظ صباحاً بكى كثيراً عليها وزاد غضبه على أولاده، دفنها بيديه. أشخاص قليلون معه، رفض إبلاغ أولاده وجلس وحيداً يناجي ربه ويدعو لها، شعر بالرهبة والوحدة بالألم والحزن بالغضب والقهر بالحسرة واللوعة.
مرت الأيام وأبو محمد الذي رفض أن يدعوه احد بهذا الاسم بعد اليوم يعيش على حسنة وصدقة الناس، فهو لا يملك درهماً واحداً في جيبه صرف كل ما جناه على أولاده وعندما كبروا اعتقد انه سيرتاح لكن ماذا يقول بهم وعنهم؟ وإذا هو جالس يفكر طرق بابه احدهم، فتح ليجد أشخاصا لم يراهم من قبل دعاهم للدخول وهو يتساءل من يكونون؟ فقال واحد منهم السلام عليكم يا حاج لقد أتينا نبلغك بأن البلدية قد قررت هدم المنزل لأنهم بصدد توسيع الطرقات فقال ماذا تعني؟ اخرج من منزلي وأين اذهب؟ قال: بالتعويض. سوف نقدمه لك تستطيع أن تبني قصراً وليس منزلا وذكر له مبلغاً يفوق الخيال، لم يكن ليحلم بربعه فنظر إليه وقال له هل أنت جاد يا بني؟ طبعا يا حجي فلا مزاح في مثل هذه الأمور.
بين ليلة وضحاها أصبح أبو محمد يملك الملايين بعد أن كاد يشحذ اللقمة وعلم الجميع بذلك وفرحوا له من قلوبهم، أتوا يهنئونه ويباركون له وفجأة دخل أولاده والبسمة على شفاههم توجهوا إليه، انحنى كبيرهم ليقبل يده فزجره قائلا ابتعد عني فأنا لا أعرفك أيها المنافق خذ عصابتك وابتعد عني، فأنا قلت لكم قبلا لا أريد رؤيتكم، الآن تذكرتموني؟ أمكم توفيت وهي غاضبة عليكم وأنا لن أسامحكم وغضبي عليكم ليوم القيامة، عيشوا حياتكم كما شئتم لكن تذكروا يوم الحساب.
خرجوا من المنزل وهم يستشيطون غضباً ويهددون وكأنهم لم يتعظوا ولم يخافوا من الكبير الجبار. اتفقوا في المساء على أن يذهبوا في اليوم التالي إلى المحكمة ليحجروا عليه، لكنه كان أسرع منهم إذ
انه توجه إلى دار المسنين وتبرع بكل ما يملك لها وطلب منهم فقط أن يهتموا به لحين موته.
و السموحة
مواقع النشر (المفضلة)