السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إليكم هذا الموضوع الذي قرأته في احدى الجرائد و أريد رأيكم به
يطلقون عليه في الحي لقب “الزوج المثالي”، لأن لسانه، عندما يتحدث إلى زوجته، لا يقطر إلا عسلا. إنه يخاطبها كملكة، ويعاملها كأميرة، ويدللها كطفلة، وإذا سارت إلى جانبه في أي مكان غمرها بحنانه، وإذا همت بالجلوس فرش لها رموش عينيه لكي تجلس عليها، وجعل من الجفون متكأ لها، والذين يشاهدون هذه المشاهد من أصدقاء الزوجين لا يصدقون انهما متزوجان منذ ما يزيد على 15 سنة، ويظنون أنهما عروسان في شهر العسل.
خمس عشرة سنة، ولا يزال الحب بينهما في أوج توهجه وألقه، تماما كما كان أيام الخطوبة.
وذات يوم، كانت الزوجة تجلس مع صديقاتها يشربن “شاي الضحى”، وفجأة، انطلق من المذياع صوت جهوري غاضب يصيح: “حطم، دمر، كسر، والعب على أعصابي” فسألت إحدى الصديقات الزوجة: “ماذا يفعل الزوج المثالي عندما يغضب؟ هل يحطم ويدمر ويكسر ويلعب على الأعصاب، كما تقول الأغنية؟” فأجابت الزوجة بهدوء: “أبدا، لا شيء من ذلك، هذا كلام أغان، فلا أحد من الرجال يجرؤ على فعل ذلك في حضرة زوجته”، فقالت الصديقة: “ولكن الرجال يغضبون، ويصيحون”، فقالت: “وزوجي المثالي يغضب، ويرفع صوته قليلا، ويرفع إصبعه في وجهي، ولكنه يرفع الخنصر، لا الشاهد، لأن الخنصر أكثر حنانا وضعفا” ومع الأيام، أصبحت المشاهد الرومانسية التي لا يظهر الزوج المثالي إلا في إطارها مادة خصبة لأحاديث الأصدقاء من الجنسين، وصارت أجهزة الهاتف في المنازل تنشغل بالساعات، زوجة صديقة على السماعة، وأخرى على سماعة ثانية، والحديث بينهما عنه وعن أسلوب معاملته لزوجته، “سمعتي يا أختي آخر الأخبار، إنه يتغزل حتى ببقايا الخبز الذي تتركه على المائدة، وفي الحقيقة فإنني لا أعرف حتى الآن ما يعجبه فيها، فوجهها مثل وجه الحرباية الممغوصة في يوم ماطر، ولثتها تعاني من الالتهاب الدائم، ورائحة فمها لا تحتمل”، فتجيبها الأخرى “على رأيك، قدر ولقي غطاءه”.
وهكذا، تحول التيار بين الزوجات، من مجرد حديث عن تدليل الرجل لزوجته، إلى إعجاب ممزوج بالحسد للزوجة، وأصبح الأزواج من الأصدقاء يشعرون بالحرج، بينما زوجاتهم يمصمصن شفاههن، ويندبن حظوظهن العاثرة التي وضعت في طريقهن أزواجا نسوا الرومانسية وهمسات الحب بعد أيام قليلة من انتهاء شهر العسل، وباتت الكلمة الوحيدة التي تسمعها الزوجات منهن هي: “شو طابخة اليوم؟”..
ومع الأيام تحول “الزوج المثالي” في نظر الزوجات إلى مثل أعلى للزوج الباهر المبهر، الذي يضفي على الزواج سحرا وجاذبية متجددين، ويستطيع بحرارة عواطفه أن يقهر ملل الليالي ورتابة الأيام. وذات يوم، سأل الأصدقاء الزوج المثالي، بينما الغيرة تنضح بين الكلمات والحروف: “ماذا تفعل لكي تبقى جذوة الحب متقدة، بعد 15 سنة من الزواج؟” فأجاب: “أنا لا أصنع معجزة، كما تتوهمون، وإنما أتصرف بعفوية، وأدرك أن مطالب الزوجة، لكي تغمر زوجها بالحب والحنان، وتحس بالسعادة في حياتها الزوجية، بسيطة، إنها لا تطلب أكثر من الاهتمام، والحماية، والحنان، وتذكروا دائما أن الحب لا يموت، ولا ينتحر، ولا يصاب بالأنيميا، وعندما يموت الحب بين الزوجين، فإن الأزواج هم الذين يقتلونه”.
وكانت الزوجات ينصتن إليه، وهو يتحدث، باهتمام، وانبهار، بينما الأزواج يستمعون باستخفاف، وعندما استأذن وخرج مع زوجته المثالية، قال أحد الأزواج: “كلام فارغ”، فانبرت زوجته للدفاع، وقالت: “كلام فارغ؟.. ليتك مثله، إنه يرسل باقة زهور ورسالة اعتذار عاطفية لزوجته، عندما يضطر للتأخر في مكتبه في العمل”، وصاح الزوج: “باقة زهور؟ ورسالة عاطفية؟ شو نجنيتي يا وليه؟” ولم تغضب الزوجة، فعبارة: شو نجيتي يا وليّه هي صيغة الدلع الذي يدلل بها هذا الزوج زوجته.
مواقع النشر (المفضلة)