<font color='#000080'>تشمل التشوهات الخلقية أي شذوذ في البنية أو الوظائف الفسيولوجية التي تظهر مع الإنسان عند الميلاد، فأثناء الثمانية أسابيع الأولى من الحمل، وهي الفترة التي تتطور فيها خلايا الجنين إلى أنسجة وأعضاء، قد يحدث اضطراب في هذه العملية بسبب عدة عوامل مختلفة من بينها المواد الكيميائية والإشعاع أو الأمراض المعدية. كما تنشأ التشوهات الجنينية أيضا من جراء حدوث تطور شاذ في التكوين الجيني للمولود. وتحدث الكثير من هذه الحالات كنتيجة للتفاعل بين الجنين وأسباب بيئية أخر خارجية. ومثل هذه التشوهات وتظهر بوضوح بعد التقدم في السن.
ويتم إجهاض حوالي عشرين في المائة من الأجنة المشوهة تلقائيا، أما النسبة الباقية فتولد بتشوه خلقي. وعلى الرغم أن حالات الولادة المشوهة هي في حد ذاتها أمر نادر، فمجموع هذه الحالات يشكل نسبة حوالي خمسة في المائة من كل المواليد الأحياء، كما أنها تتسبب في وفاة حوالي عشرين في المائة من الأطفال في الفترة التي تعقب الولادة مباشرة. وترجع نسبة حوالي واحد من كل عشرة تشوهات في النمو لأسباب وراثية حيث يكون أحد الجينات به نوع من الشذوذ. وهناك خمسة في المائة أخرى من التشوهات الخلقية تنتج من جراء شذوذ في الكروموزومات.
ولقد عرف الأطباء المسلمون التشوهات الخلقية الناتجة عن شذوذ الكرموزومات واستخدموا في علاجها الجراحة التجميلية. ففي القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي تكلم <A target=_blank href="http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&amp;id=56&amp;doc=1&amp;root=1&amp ;from=doc">الزهراوي</A> عن مختلف أنواع تشوهات فتحة البول الولادية مبينا العلاج الجراحي لكل منها فيقول في كتابه <A target=_blank href="http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&amp;id=241&amp;doc=1&amp;root=1&am p;from=doc">التصريف</A> : "قد يخرج بعض الصبيان من بطن أمه <SPAN id=mean getmeaning(34,this); name="mean"><FONT color=red>وكمرته </FONT></SPAN>غير مثقوبة، فينبغي أن يتبادر بثقبه من ساعة يولد بمبضع رقيق جدا على هذه الصورة، ثم تضع في الثقب مسمارا رقيقا من <A target=_blank href="http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&amp;id=458&amp;doc=1&amp;root=1&am p;from=doc">رصاص</A> وتربطه وتمسكه ثلاثة أيام أو أربعة فمتى أراد البول نحى عنه وبال، ثم رده... وأما الذي يكون ثقبه ضيقا فيعالج بالرصاص... أياما كثيرة حتى يتسع. والذين يكون منهم الثقب في غير موضعه وذلك أن منهم من يولد والثقب عند نهاية الكمرة، فلا يقدر أن يبول إلى قدام حتى يرفع <SPAN id=mean getmeaning(36,this); name="mean"><FONT color=red>الإحليل </FONT></SPAN>بيده إلى فوق، ولا يولد له من قبل أن المني لا يقدر الوصول إلى الرحم على اس تقامة وهي علة قبيحة جدا، ووجه العمل في ذلك أن يستلقي العليل على ظهره، ثم تمد كمرته بيدك اليسرى مدا شديدا، وتبري رأس الإحليل بشفرة أو مبضع حاد كبرية القلم أو كأنك تنحت شيئا ليكون وسطه ناتيا شبيها بكمرة، وليقع الثقب في الوسط على ما ينبغي، وتحفظ عند عملك من نزف الدم فكثيرا ما يعرض ذلك فقابله بما يقطع الدم وعالج الجرح حتى يبرأ".
وفي القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي تكلم <A target=_blank href="http://rowad.al-islam.com/rowad/?action=Display&amp;id=55&amp;doc=1&amp;root=1&amp ;from=doc">الأهوازي</A> عن المقعدة غير المثقوبة في الأطفال المولودين حديثا فيذكر في كتابه: "إنه ربما يولد المولود ومقعدته غير مثقوبة، وربما حدث ذلك في الصبيان وغيرهم من الرجال والنساء من أثر قرحة لم تعالج على ما ينبغي فتلتحم المقعدة. فما كان حدوثه طبيعيا فينبغي للقابلة في وقت الولادة أن توسعه بإصبعها أو بمبضع، ثم تعالج بالشراب بعد أن توضع في المقعدة فتيلة أو أنبوبة من رصاص أياما، وما كان من ذلك عن أثر قرحة فينبغي أن يشق الالتحام ويوضع على الموضع إسفنج أو صوف مبلول بشراب، ثم <SPAN id=mean getmeaning(556,this); name="mean"><FONT color=red>ترفد </FONT></SPAN>برفادة وتشد اللجام، وإذا كان الغد فيحل، وتعالجهم بالمراهم بعد أن يوضع في الدبر أنبوب رصاص والله أعلم".
كما تكلم الأهوازي عن تشوهات الأصابع التي قد يولد بها الإنسان، فيصف الأصابع الزائدة ويعدد أنواعها وكيفية علاجها بإيجاز علمي دقيق فيقول: "الأصابع الزائدة منها ما يكون في جانب الخنصر، ومنها ما يكون إلى جانب الإبهام، وقد يكون بعضها من لحم مفرد وبعضها بعظام وربما كانت فيها أظافير، والتي يكون فيها عظام يكون نبات بعضها من مفصل الأصابع المجاورة لها، ونبات بعضها من سلامياتها. وما كان منها لحميا فقطعها أسهل، وذلك أن تقطعها من أصلها بالموسى دفعة، وأما التي نباتها من مفصل الأصابع فعلاجها أعسر. والتي تنبت من السلاميات ينبغي أن يقطع أولا لحمها قطعا مستديرا إلى العظم ثم تقطع بها العظام أعني بمنشار، ثم تحك العظم وتعالج ذلك بالأشياء التي تعالج بها القروح".
أما عن التحام الأصابع الذي يولد بعض الناس به أو يحدث نتيجة اندمال الجروح فيقول الزهرواي عنه: "وأما الالتحام الذي يعرض للأصابع بعضها ببعض فكثيرا ما يعرض ذلك، ويكون مما يولد به الإنسان، ويكون عند اندمال جرح أو حرق نار ونحو ذلك، فينبغي أن تشق الالتحام حتى ترجع الأصابع على هيئتها الطبيع ية، ثم تضع بينهما فتلا أو خرقا مشربة في دهن الورد لئلا يلتحم سريعا، وتفرق بينهما أو تجعل بينهما صفيحة رصاص رقيقة حتى يندمل الموضع على ما ينبغي، وكذلك إن عرض الالتحام لبعض الأصابع بالكف فشق ذلك الالتحام على حسب ما تهيأ ويصلح به شكل العضو".
وفي معالجة رائدة لأثداء الرجال التي تشبه أثداء النساء، يصف الأهوازي الشق الهلالي، والشق الهلالي المزدوج في جراحة الثدي بقوله: "من الرجال من يعظم ثدياه حتى يصيرا قريبين من أثداء النساء فيستقبح ذلك منهم، وذلك يكون لشحم يتولد فيهما، فينبغي إن أردت علاج ذلك أن تشق ذلك الثدي شقا على مثال شكل الهلال، ثم تسلخ الجلد وتنزع الشحم، ثم تخيطه وتضع عليه أدوية. فإن خفت أن يميل الثدي إلى أسفل لعظمه كما يكون للنساء فينبغي أن تشق جوانبه الفوقانية شقين شبيهين بشكل الهلال متصلا كل منهما بالآخر عند نهايته على هذا المثال. ثم تسلخ الجلد فيما بين الشقين، وتنزع الشحم، وتستعمل من بعد ذلك الخياطة، وتلقي عليه دواء".
وفي العصر الحديث يتم إجراء الجراحة التجميلية للعديد من التشوهات الخلقية في بنية الإنسان والتي تنتج من نمو متوقف أو نمو غير كامل مثل الشفة أو الحنك المشقوقين أو الناتجة من جراء إخفاق في نمو أجزاء من القناة الهضمية أو الفتحات بين حجرات القلب.
</font>