مهره ....فتاة في الثامنة عشره من عمرها...، أنهت لتوها الصف الثاني الثانوي ، مرحه وتحب سماع الاغاني بكل جنسياتها لاسيما الهنديه ، هي أصغر ابناء عائلة علي بوفاضل ، والذي كان حريصا على تدليلها منذ أن رزقه الله بها وهو قـــــد تخطى السابعة والاربعين من العمر ، كان يغرقها بحنانه كونها آخر العنقود ولأنها الفتاة الثانيه في العائله بعد بكره الاولى رحمه ، صحيح ان رحمه هي الكبرى لكنه يـــُــكنـــّى بابي فاضل كونه اكبر ابنائه الشباب والثاني بعد رحمه ...

نشأت مهره في جو من الحنان الابوي الذي اغرقها والدها به...إثر وفاة والد تها بعد مولدها بسنه ، لم يساويها في ذلك الدلال سوى احمد شقيقها الذي يكبرها بثلاث سنوات ، إذا هم اربعة أشقاء... رحمه والتي عُـــقد قرانها مؤخرا ً ، وفاضل وهو متزوج وأب لطفل في الثالثه من العمر ، وأحمد ... ومن ثم هي ....مهره ....بطلة هذه القصه ...ام ياترى هي ضحيتها....؟؟ دعونا نتببع الاحداث منذ البدايه ......

البدايه في عصر ذلك اليوم ....كان يوم اربعاء ...اصطحب فيه أحمد شقيقته مهره في سيارته السمارت الصغيره الى عيادة الاسنان ...وفي طريق عودتهما تذكر بان عليه المرور على مبنى البريد ؛ لياخذ الرسائل الوارده لوالده ... ، فتح صندوق البريد واخذ منه ثلاث رسائل .....واحدة من تلك التي يرسلها البنك بصورة دوريه لعملائه ..والاخرى تحمل شعار شركة الاتصالات المعروفه .....والرساله الاخيره ....كانت عباره عن ظرف بسيط الشكل باهت اللون ....بداخله شيء ما ....من حجمه يبدو انه شريط ( كاسيت ) ، لم يلفت الظرف انتباه احمد كثيرا ....بل اخذه واتجه نحو سيارته الصغيره ...ما إن وصلها حتى هتفت فيه اخته : شو لقيت ... ؟؟ ، ألقى هو بالرسائل اليها وقال : و لاشي ...بس فاتورة الانترنت ورساله من البنك ....، ثم تذكر الظرف الثالث والتفت اليها وقا ل وهو يشير الى الظرف الذي بين يديها : وهالرساله ...مادري من وين ....

تأملت مهره الظرف ذو اللون الباهت وقالت وهي تتامل طابعه البريدي : هالطابع كنت اشوفه في رسايل بشكارتنا اللي سافرت قبل شهر ...، تــأمل أحمد الطابع الذي تشير شقيقته اليه وهي تضيف قائله : نفس العنوان...صندوق بريدنا ...واسمها اهيه بعد مويود ع الظرف ....شوف احمد ...

القى أحمد نظرة الى العنوان الذي يحمله الظرف ...وقد جذبته ملاحظة شقيقته وقال : هيه والله اسمها ...راني ...اسميج خبيره يا مهره....بس هالرساله الظاهر مطرشه لها قبل لا تسافر ....بس تاخرت يمكن....

كانت مهره في تلك الأثناء تهز ّ الظرف بالقرب من اذنها وتقول : داخله شريط ...، قلب أحمد شفتيه وقال : لاوالله ...قلنالج خبيره عاده بتبطري ...انا عارف ان داخله شريط .....

تطلعت اليه مهره وردت عليه بسرعه : زين شو فايدة هالرساله الحينه ...راني سافرت...

أجابها أحمد وهو يحرك ( السمارت ) : عادي ارميها في لـــِــخمام .....

لم تجب مهره ....اكتفت فقط بتحسس الشريط الذي يحويه الظرف ....بصورة تؤكد بانها لن تتخلص منه ......

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

تتمايل مع أنغام الموسيقى ....كانت مهره كذلك...تغلق غرفتها عليها وتشغل جهاز التسجيل الضخم الذي أهداها اياه والدها حينما نجحت في الصف الاول الثانوي ...تستمع الى الاغنيات وتتمايل طربا ً معها .... ، أو تصمت وتنحدر دموعها ....أيضا مع أغنيات اخرى ...من تلك الاغاني المشحونه بالاحزان والاهات ..، هي كمعظم الفتيات في تلك السن ....يرين في الاغاني متنفساً لهن ّ ، ويحاولن إيجاد تلك المشاعر المبهمه بداخلهن من خلال مايسمعنه من كلمات شعريه او اغان ٍ عاطفيه ...

في ذلك المساء كانت مهره منسجمه مع تلك الاغنيه الهنديه التي تسمعها ...وفجـــأه تذكرت الظرف الذي وجده شقيقها في البريد ...لم تتخلص منه حينها بل اخذته معها ووضعته في صندوقها الصغير الذي على هيئة قلب ..ونسته هناك ...ماإن تذكرته الان حتى اسرعت لتتناوله من الصندوق...فتحت الظرف على عجل واخرجت الشريط منه ....شريط ٌ عادي ...بني اللون....نظرت اليه وتساءلت عما يحتويه .....، هي تعرف بانها لن تفقه شيئا مما بداخله ....ستسمع فقط تلك اللغه الاسيويه التي يتحدث بها اهل ( البشكاره ) ، وبالفعل هذا مافعلته ..فقط من باب الفضول ...ادخلت الشريط في جهاز التسجيل ....ومرت ربع ساعه ....والشريط لا يحوي سوى تلك ( البربره الاسيويه ) نفسها ....، حتى ان مهره هتفت بحنق : اوهوه ....والله مليت....، ونهضت بغضب لتغلق جهاز التسجيل...لولا ان لاحظت ان الحديث المنبعث منه قد انقطع فجـــأه....رغم ان الشريط مازال يدور، ...ظلت واقفه تتطلع الى جهاز التسجيل ....لاشيء سوى الصمت ....مما يدل على ان الحديث قد انتهى....او هكذا يبدو لها ....لانه سرعان ما يعود الصوت للإنبعاث مجدداً ... هذه المره كان الصوت صوت امرأه ....شيء ٌ ما في نبرة حديثها اصاب مهره بالخوف ....ذلك الصوت كان حازما ً ....صارما ً....ومخيفاً ...لم تستطع مهره حتى ان تتحرك من مكانها ...ظلت كما هي واقفه امام جهاز التسجيل ...وخوفها يتصاعد ...من صوت المرأه الذي يخرج من الشريط ...هي لاتفقه شيئا مما تسمعه...لكن الخوف يعتريها ، شي ءُ ما في تلك الكلمات الاسيويه يجعلها خائفه ، شيء غير طبيعي ، شي ء مجهول ، ....حتى انها كانت تتصبب عرقاً ...، ترغب في اخراس ِ ذلك الشريط اللعين ...لكنها لا تقوى ....والكلام المنبعث من المسجل يتواصل ...ويتواصل ...وخوف مهره يتزايد ...لم تستطع الاحتما ل ...العرق يُغرق وجهها كله ....ورجلاها متسمرتان في الأرض لا تقوى على تحريكهما من شدة الارتباك والخوف .... عجزت عن ذلك ...لم تتمالك نفسها ...أخذت تبكي بحرقه ...وأحست بان خوفها يتصاعد ...والحديث الذي يحويه الشريط يبدو بلا نهايه ....وفي قمة خوفها ورغبتها في الخلاص من تلك الحالة الغريبه ..صرخت وهي تغلق اذنيها بكفيها حتى لا تسمع الكلام ...صرخت بكل الم ....وكــــأن لســـــانا من اللهب يحرق صدرها من الداخل ....وغامت الدنيا اما م وجهها ....وسقطت على الارض .....

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

( بنتي شفيها يا دكتور ؟؟ ) ....خرج ذلك السؤال شاحبا خائفا كصاحبه ....علي بوفاضل ...والد مهره وهو يستفسر عن حالة ابنته ..، نظر اليه الطبيب الشامي بعينيه الزرقاوين وقال : ريــّحلي حالـــَــك إستاز علي ...بنتك مافيها شــــِــي، كان علي شديد التوتر وهو يرى ابنته مغشيا عليها وهي المعروفه بالنشاط والحيويه وقال بصوت باك : وين مافيها شي الله يهديك ....اقولك سمعت صرختها من الحوي ....ولقيتها غشيانه ...صارحني دكتور بنتي شفيها ..؟؟ ، فرك الطبيب عينيه وقال كمن يترجى : يعني راح اخبي عنـــّك ...ايه والله مافيها شي الصبـــيّه....بس ضغطها كان طالع ...وهلا ّ كـــِل شــــِي نورمال ...إنتـــــِه بس ريحلي حالك وصلي ع النبي ...

مسح علي بو فاضل على وجهه بيده المرتجفه وصلى على النبي ...وهو يتطلع الى ابنته الممده امامه على سرير الفحص ....وهمس للطبيب قائلا : يزاك ربي خير دكتور ...تعبناك ويانا ....

ربت الطبيب على كتفه وقال مبتسما : لا ولو ....، نطق تلك العباره البسيطه وخرج من الغرفه ...، في حين وقف علي الى جوار ابنته ومسح على جبينها وهمس متضرعا : يارب اشفيلي بنتي .......

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

خرجت مهره من المستشفى بصحبة شقيقها احمد ووالدها ...وهذا الأخير يسالها : بشو تحسين الحينه ؟؟ ، أجابت مهره والدها بصوت خافت : بخير ابويه بس ا مصدعه شويه ... ، نظر احمد الى شقيقته وقال لها : بسج دلع عاده ...يالله الحينه بنوصل البيت وبترقدين ... ، هتف والده فيه بحده قائلا ً : عن الهذره الزايده ..يالله سوق السياره لين البيت اشوفك ... انا بيلس ورا ويا بنتي ....، قلب احمد شفتيه كعادته حينما ينزعج او يتضايق ...وركب في مقعد القياده ...في حين قالت مهره : ابويه والله مافيني شي عادي اركب انت جدام ... ، لم يعرها والدها الاهتما م وهو يحشر نفسه في المقعد الخلفي ويناولها يده قائلا ً : تعالي اشوفج ...اباج ترقدين على حضني شرات يوم كنتي ياهل ...لين ما نوصل البيت ....، كان احمد يبتسم من الموقف والحوا ر الذي يسمعه ...وهو خلف مقود السياره ..دون ان ينطق بكلمة واحده ..، ومهره ترضخ لرغبة والدها وتجلس الى جانبه وتريج راسها على ركبته وتغمض عينيها ....وهو يمسح جبينها بكفه ...ويتطلع اليها بدفء ٍ ابوي ....، هنا نطق احمد قائلا ً : نمشي الحينه ؟؟ ، رفع ابوه نظره اليه وقال : هيه توكل على الله .... ، وطوال الطريق لم ينبس احدهم ببنت شفه ...كان احمد يكفي بالتطلع الى الطريق امامه ، ووالده اسبل جفنيه وهو جالس ونام ....كما نامت من قبله مهره مسندة راسها على ركبته...

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

حينما وصلوا الى المنزل استقبلتهم رحمه ...التي احتضنت شقيقتها الصغرى وقالت : شخبارج الحينه مهووره ؟؟ ، ابتسمت مهره بهدوء وأجابت : بخير ابله بخير ... ، ابتسمت رحمه حينما نطقت مهره بذلك اللقب الذي تخاطبها به ...أبله ...، وأضافت قائله : سيري حجرتج الحينه ...بعصرلج برتقال وبييبه لج ....
ذهبت مهره الى غرفتها ...في حين قالت رحمه لوالدها الذي كان يهم بمرافقة مهره الى حجرتها : ابويه بغيت اقولك شي .. ، التفت اليها والدها بحاجبين معقودين وقال : شفيج ؟؟ ، صمتت رحمه لبرهه ثم قالت : خالد يسلم عليك ويقول انه بيسوي العرس في صالة الــ.... ، قاطعها والدها بعصبيه واضحه وقال : قلت لج كمن مره ...العرس ما بيستوي غير في الشيراتون ....انتي بنتي البكر ولاز م افرح بج ....قوليله عمك يقولك يوم مب قادر على مصاريف العرس ...شله اتعرس وتملج ...؟؟
قال لها عبارته الغاضبه وذهب نحو غرفة مهره ...، بينما اتجهت رحمه الى غرفتها وهي حزينه....

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

بعد منتصف تلك الليله ....نهضت مهره من فراشها ...كانت الغرفه مظلمه ...يتخللها ضوء المصابيح الخارجيه الذي يصلها عبر زجاج النافذه الكبيره التي تحتل الجدار المقابل لفراشها ... ، لم تدر كنه الشعور الذي يخالجها ، نفس الخوف الكامن في صدرها يخرج مره اخرى ...تحس بنبضات قلبها تتزايد ....وفجأه سمعت ذلك الصوت ...صوت امراه تغني لـصغيرها ....نعم هذا ماتسمعه ....، الاغنيه هادئه ولطيفه كلماتها محليه ...لكن الوقت الذي تعيشه لحظتها يجعل كل ذلك مخيفا ...، تتحرك مهره من مكانها وتتجه الى النافذه المطله على ( الحوي ) ، الصوت يبدو قادما ً من هناك ..، تشرأب مهره برقبتها وتلقى نظره على الحوي ...ويكاد قلبها ان يتوقف ...ترى امرأة مالوفه الشكل لها ولو انها لم تشاهدها بل شاهدت صورها وسمعت وصفها من اخوتها ...تلك كانت امها ....تحمل بين احضانها طفله صغيره ...والى جانبها يقف طفل في الثالثه من العمر تقريبا ...ذلك احمد ..نعم هو احمد شقيقها ..حينما كان صغيرا ...إذا هذا يعني ان الطفله الصغيره التي بين احضان المراه هي ...!!!.....يالهي انها تكاد ان تسقط من الخوف ...تلك هي في طفولتها قبل وفاة والدتها ....أيعقل ماتراه ...ام انها تحلم ....فجاه انتبهت الى ان المراه التي في الحوي توقفت عن الغناء ...ورفعت راسها الى االاعلى نحو نافذة غرفتها ....ياله من موقف ...لطالما تمنت ان ترى والدتها وتتطلع اليها ...وهاهي الان تراها ويكاد قلبها ان يقفز من حلقها من شدة الخوف ....شهقت مهره من الخوف وهي ترى وجه امها يتطلع اليها بعينين خاويتين...تراجعت للخلف ...نحو باب غرفتها.... فتحته بقوه ...وخرجت راكضه نحو الصاله ...الكل نيام ...رحمه واحمد ووالدها كذلك ...ماذا تفعل ...؟

اتجهت نحو المطبخ ....بدون هدف...هناك رات والدها...لابد انه يشر ب الماء كعادته في الليل ....هتفت فيه وقالت : ابويه ابويه ....والقت بنفسها في حضنه ...وهي تبكي ...فجاه...لم تحس بالدفء الذي تشعره دوما حينما تحضن والدها...احست بالرهبه والخوف ....انتزعت نفسها انتزاعا من بين احضانه...وتراجعت للخلف...تطلعت الى وجهه واحست بالدما ء تنحسر من وجهها ...كان والدها بدون ملامح .....لا اعين ولا انف ولا فم ...فقط جلد الوجه بدون اية ملامح .... صرخت بقوه ....وهي تحاول التملص من ذلك الشي ء الذي حسبته والدها ...لكنه مد يده اليها وامسك ذراعها اليمنى...اخذت تصرخ وهي تحاول التملص منه باستماته...وهو يجذبها نحوه باصرار عجيب...فجاه لمحت المقلاه الضخمه التي على المغسله ...جذبتها بيسراها وهوت بها بكل خوفها وهي تصرخ على ذلك الشيء الذي يجذبها نحوه ....هوت بها على وجهه ...وافلتها ...لم يُجرح او يتالم او حتى يصرُخ ....لم ينزف ...بل تحطم... تحطم كما يتحطم الزجاح الى الف والف قطعه حتى غمر نصف المطبخ ان لم يكن كــــلّه...او هكذا خيّل اليها من شدة الخوف....، وقفت مكانها تتطلع الى بقايا ذلك الشي ء حينما سمعت خلفها من يقول : والله عطشانه ....شو هالحر ...، التفتت نحو الصوت ...نحو مدخل المطبخ ...وأحست عندها بانها ستفقد عقلها...هذا إن لم تكن قد فقدته فعلاً...........

<span style='color:Red'>...........نهاية الفصل الاول</span>......


<span style='color:Maroon'>يالله يا خواني ......ابا ردودكم وابا التفاعل اللي تعودت عليه منكم</span>

اخوكم <span style='color:Green'>الحنش</span>