<font color='#000000'><p align=center>الجزء الثالث والأخير:
وما أن خرجت حتى فكرت ليلى ما الذي جررت نفسي به إنه إنسان رائع وعلى خلق ويحترم الآخرين ولكني أخاف من حدوث شيء سيئ لي بعد الزواج ربما يتحول لشخص آخر يتغير وتحدث أمور لا أريد حدوثها ولا تكرارها
وجاء يوم الثلاثاء وبعد انتهاء الدوام مر خليفة على المكتب وقال لنوره :
- لا تنسي اليوم بعد الرابع والنصف سنمر لأخذك.
- حسنا إلى اللقاء.
- إلى اللقاء.
وبعد أن خرج خليفة من المكتب قالت هند:
- هل اليوم ستذهبون للسوق؟
- نعم.
- لماذا اليوم ؟
- هدى ستكون مشغولة يوم الأربعاء لذلك قمنا بتقديم الموعد.
- إذا اليوم تلك النظرات التي آه ..
- سنرى يا هند كيف سيكون هذا اليوم.
وبعد ذلك ذهبت نوره إلى المنزل وما أن أصبحت الساعة الرابعة والنصف حتى اتصل خليفة ليخبرها بأنه أمام المنزل وما أن خرجت حتى وجدت السيارة أمام المنزل وما أن دخلت حتى قالت وهي تتجنب النظر إلى خليفة:
- السلام عليكم. كيف حالك يا هدى؟
- بخير الحمد لله وكيف أنت ؟
- الحمد لله .
امتد السكون في السيارة فترة من الزمن ونوره تتحاشى النظر باتجاه خليفة وبعد مرور بعض الوقت نظرت إلى الأمام فوقع نظرها على المرآة التي ينظر منها السائق إلى الخلف ولدى رؤيتها للمرآة حتى شاهدت عيني خليفة مركزه عليها والتقت نظراتهما لفترة وبعد ذلك أنزلت نوره عينيها من عينيه ولكن الأمر لم يستغرق غير ثواني ولكن نوره أحست كأنها مدة طويلة وفيما هي مستغرقة في التفكير حتى سألتها هدى:
- ما رأيك باختيار الدبل أولا؟
- نعم .
- ماذا بك لا تعرفين أن تقولي شيء غير نعم هيا تحدثي.
رد خليفة على أخته:
- ربما تخجل من التحدث وأنا موجود .
ردت هدى وهي تنظر إلى نوره :
- لا يمكن أن تخجلي من خليفة يا نوره .. إنها تخجل منك يا خليفة انظر كيف تحمر.
اكتفى خليفة بالسكوت بينما تحدثت نوره :
- لست خجولة ولكن لا أعرف ما أقول .
رد خليفة :
- حسنا ما رأيك بخاتم ألماس أم زمرد أم ياقوت.
- لا أريد ألماس أو ياقوت أو ..
قاطعها خليفة قائلا:
- لا.. أنا أحب أن أعطيك خاتم من الزمرد .
- لماذا الزمرد ؟
- لأني وعدت نفسي إذا تزوجت ستكون الدبلة من الزمرد فما رأيك بذلك ؟
- حسنا هذا رائع ولو كانت على شكل دمعه .
- هذا الذي أريده ما رأيك يا هدى؟
- أرى أنك اتفقت أنت ونوره على خاتم الخطبة وأنا أعرف محل يبيع خواتم من الأحجار الكريمة وما عليكما إلا الاختيار والشراء .
وذهبوا إلى المحل الذي تعرفه هدى وهناك شاهدت نوره العديد من الخواتم والأحجار الكريمة ولكنها لم تعجب إلا بحجر أخضر اللون وكان الزمرد كان رائع وعندما جربته سلب عقلها وكذلك خليفة أعجب بالخاتم وبعد أن اشتروا الخاتم جاء دور الطقم ولم تعجب نوره بالأطقم التي رأتها وبعد أن تجولوا في العديد من المحلات دون أن تختار نوره طقم اقترح خليفة الذهاب إلى أحد المطاعم القريبة ليرتاحوا ولدى توجههم إلى المطعم أخذت نوره تنظر إلى واجهت المحلات علها ترى شيء يناسبها وقبل أن يصلوا المطعم شاهدت محل صغير للذهب وهناك شاهد طقم رقيق رائع المنظر ما أن رأته حتى نظرت إلى خليفة -والذي صدف رأيته للطقم – فنظر أحدهما للآخر وقال خليفة بعد أن أشار إلى الطقم وفي عينه نظرة السرور:
- هل رأيت هذا الطقم إنه رائع أليس كذلك ؟
- نعم .
- هيا دعينا ندخل لنرى.
وما أن دخلوا إلى المحل حتى سارع العامل في المحل إلى الابتسام وهو ينظر إلى نوره وهو يقول :
- بماذا أخدمكم ؟
فرد خليفة وهو غاضب من رؤية العامل وهو يطيل النظر إلى نوره:
- أريد رؤية ذلك الطقم.
وبعد رؤية الطقم تم شرائه بعد كثير من المماطلة من قبل العامل في المحل ومحاولة هدى التقليل من السعر، ولدى خروجهم من المحل ذهبوا إلى المطعم وما أن جلسوا حتى استأذنت هدى لتذهب إلى الخياط القريب منه لتجلب بعض ملابسها من هناك وما أن ذهبت حتى بقيت نوره مع خليفة لوحدهما جالسين على الطاولة ولم يتحدثا لفترة وبعد ذلك سألها خليفة :
- ما رأيك بالطقم يا نوره؟
- إنه رائع وكذلك الخاتم.
- نعم رائع إن ذوقك رائع.
- شكرا لك.
- هل شاهدت ذلك العامل في المحل الذي اشترينا الطقم من محلة؟
- نعم ، ماذا به؟
- ماذا به لم ينزل ناظريه عنك كنت سأضربه.
- لماذا يوجد العديد من الناس ينظرون دعهم ينظرون.
- ماذا ! لا أريد من أحد أن ينظر إليك.
- أهي الغيرة التي أراها في عينيك.
- نعم الغيرة وبعد أيام ستصيرين زوجتي ولا أريد لأحد أن ينظر إليك.
وبعد ذلك عادت هدى إلى المطعم وهي محملة بالأكياس وبعد ذلك بمدة غادروا المطعم وذهبوا إلى منزل نوره وفي الطريق قالت هدى فجأة :
- لقد نسينا أن نشتري الساعة .
رد خليفة :
- أجل نسنا أن نشتري ساعة يجب أن نذهب لشرائها .
قالت نوره :
- لا داعي لهذا أترك الساعة على ذوقك يا خليفة .
فنظرت إلى المرآة فرأت خليفة ينظر إليها من المرآة فابتسم وقال :
- حسنا دعي ذلك لي.
وما أن وصلوا إلى منزل نوره حتى دعتهم نوره إلى المنزل لشرب شيء ولكن خليفة رفض وقال:
- ألم تأخذي الخاتم والطقم لتريه لأمك وأختك.
- لا دعهما يروه يوم عقد القران.
وما أن دخلت نوره المنزل حتى شاهدت أختها وهي تنتظر وقالت الأخيرة :
- نوره لقد تأخرت ولا أرى شيء في يدك ألم تختاري شيء ؟
- لقد اخترنا خاتم الخطوبة وكذلك اخترنا الطقم .
- أين هما؟
- لقد رحلا .
- لا.. لا أقصد خليفة وأخته ولكني أقصد الخاتم والطقم.
- نعم .. لقد قلت لهما أن يحضراهما يوم عقد القران .
- ولكني أريد رؤيتهما .
- إنها مفاجئة يا أماني .
***
وفي أحد أيام الأسبوع الثاني جاءت هدى إلى نوره تريد أن تحدثها عن منزل خليفة فقالت نوره :
- لا أعرف أين يقع أو ما هو شكله .
- لا عليك .. هل تريدين أن نذهب لنراه .
- متى؟
- الآن إذا أردت .
خرجت نوره برفقة هدى التي أرشدتها إلى المنزل وكان منزل بسيط يحتوي على حديقة تحيط بالمنزل وكان المنزل عبارة عن ثلاث غرف نوم ومطبخ داخلي مع آخر خارجي في الملحق وكذلك صالة ومجلس بالرغم من بساطته كان فخما وقالت هدى بعد أن تفقدوا المنزل :
- هذا المنزل لا ينقصه إلا الأثاث والسكن .
***
جاء يوم عقد القران وكان يوم مشهودا في حياة نوره ولم تتغلب نوره على خوفها من المستقبل وكذلك لم تتعرف على خليفة بشكل جيد .
وكانت هند تحاول تهدئتها من الخوف الذي دخل بها ولدى حضور هدى وأمها ومنى ليجلسن مع نوره إلى أن يعقد القران وقالت هند :
- متى يأتي يومي يا رب .
فقالت هدى :
- يومك سيأتي يا هند فلا تتعجلي .
وفيما هي تتحدث أحضرت أم نوره الأوراق وأعطيت الأوراق إلى نوره التي بان التردد على وجهها وهي تأخذ الأوراق من والدتها وكان الجميع ينظرون إليها منتظرين توقيعها على الأوراق .
فقالت هند لتحد من حدت الموقف :
- هيا نوره وقعي وإلا وقعت عنك .
وضحك الجميع ولكن نوره بقيت كما هي لا تعرف ما تفعل فتقدمت هند منها وهي تحدثها همسا :
- ماذا بك يا نوره؟ لماذا لا توقعين ؟
- لا أريد .
- ماذا؟ بعد كل هذا تقولين لا تريدين هيا إن خليفة رائع وكذلك أسرته فماذا يقلقك ؟
- لا أعرف أنا خائفة .
- لا تخافي وتوكلي على الله .
- بسم الله الرحمن الرحيم .
وقامت نوره بالتوقيع على الأوراق وبهذا تصبح نوره زوجة لخليفة شرعا وقانونا ، وما أن أنهت التوقيع حتى حضرت النسوة ليهنئنها على عقد القران ويتمنين لها السعادة والتوفيق في حياتها .
وأخذت نوره ترد على المهنآت وهي لا تعرف بما ترد ولا كيف رسمت تلك الابتسامة المشرقة وجاءت هند وهي تقول لنوره :
- لن تندمي يا نوره فهو يحبك .
- أتمنى أن لا أندم .
- تهاني مبروك منكِ المال ومنه العيال .
ضحكت نوره وقالت :
- منه المال ومني العيال . ألم تقلبي كل شيء يا هند .
- أوه .
وبعد خروج نوره لغرفة الجلوس وبعد فترة من الجلوس قالت هند :
- بعد قليل سيأتي خليفة لتلبيس الدبل ولكن انتظري.
وأخذت هند بتعديل بعض الخصلات من شعر نوره وقالت :
- والآن ممتاز.
دخل خليفة مبتدأً بالسلام وبعد ذلك نظر باتجاه نوره وأخذ يمشي إلى أن وصل وعينيه لم تفارق وجهها إلى أن جلس بجانبها فبادر بالقول :
- إنك أجمل مما توقعت .
أحمر وجه نوره فجاءت هند تسأل خليفة :
- ماذا قلت لها ؟ هيا قل .
ضحك خليفة وقال :
- فقط أخبرتها عن جمالها .
- حسنا فعلت .
وجاءت هدى لتقول :
- حان وقت لبس الدبل .
وأخرجت هدى العقد والخاتم والساعة وأخذت تعرضها على الجميع وبعد ذلك قام خليفة بتلبس نوره الخاتم ،الساعة والعقد وهنا لم يستطع خليفة قفل العقد وبقي فترة طويلة وهو يحاول قفل العقد إلى أن قال :
- لقد استسلمت هيا يا هدى ساعديني .
وهنا شاهدت نوره أمها مع أماني دامعات العين فأخذت تنظر إليهما فلاحظ خليفة ذلك وقال لها :
- إنها دموع الفرح يا نوره .
وبعد ذلك حضرت أم نوره وهنئت خليفة وقالت له :
- وصيتي لك نوره اهتم بها ولا تجعلها حزينة .
- نوره في عيوني يا عمتي .
وبعد ذهاب الأم قال خليفة لنوره :
- يجب أن أذهب الآن ولكن قبل ذلك دعيني انظر إليك .
وبعد أن أصبحت نوره لوحدها مع أمها قالت أماني :
- إن خاتمك وعقدك رائعان يا نوره الزمرد من كان يتخيل كنت أحس أن خاتمك من الألماس ولكن .. الزمرد رائع .
- نوره .
- نعم يا أمي .
- أتمنى لك السعادة مع خليفة ويا بنتي هو الآن رفيق دربك في هذه الحياة إذا أسعدته أسعدك وإذا أغضبته أغضبك .
شاهدت نوره الدموع في عين والدتها وقالت نوره:
- لم هذه الدموع الآن يا أمي ؟
- من الفرحة لرؤيتك تتزوجين .
وقبل أن تذهب نوره للنوم أخذت تفكر هل السعادة جزء من حياتي أم أن هذا الجزء لن أراه أبدا . من يعلم ما تخبئه لي الأيام بعد .
وفي يوم السبت ذهبت نوره إلى العمل فاستقبلتها هند بوجه بشوش كعادتها دائما وهي تقول لها :
- كيف أحوال عروسنا الجديدة .
- بخير شكرا لك .
- انتظري لنرى الصور متأكدة أنها ستكون بمنتها الجمال ..أوه انظري من آت.
فنظرت نوره إلى الجهة التي أشارت إليها هند كان خليفة الذي أتى وألقى التحية وأبقى عينيه على نوره ورحل .
- أقسم أنه يهواك .
ابتسمت نوره لها
- متى الليلة الكبيرة يا نوره .
- بعد شهر.
- ماذا بك تقولينها وكأنك ستموتين في ذلك اليوم .
أخذت نوره تنظر إلى هند وكأنها نطقت بكلمة السر.
- أوه نوره لا تقلقي فحياتك ستختلف من الآن .
- أنا متأكدة .
- جيد .
وتمر الأيام بسرعة على نوره فموعد زفافها قد قرب وخوفها يتزايد ولكن ماذا عساها تفعل فقد ارتبط مصيرها مع خليفة.
حل يوم الزفاف وكانت نوره في أبها جمالها وكذلك كان فستانها فهو غاية في الروعة والجمال والبساطة، وجاءت هند إلى الغرفة التي تجلس فيها نوره قبل التوجه إلى الكوشة وكانت نوره تحاول تهدئة نفسها وقالت هند :
- ما شاء الله تبارك الرحمن لم أعرف بأنك بهذا الجمال .
- شكرا .
- تهاني بزفافك وألف ألف مبروك .
- الله يبارك فيك .
- كيف الأحوال الآن ؟
- بخير وقلقة قليلا .
- لا تقلقي ودعيني أقرصك على ركبتك لأحصلك في جمعتك .
ضحكت نوره وهنا دخلت أماني عليهما وقالت:
- أخيرا شاهدت نوره تبتسم من قلبها والفضل لك يا هند .
- أنا لم أفعل شيء .
وبعد ذلك أخذت أماني تحدثهن عن الحضور وعن الترتيبات الأخيرة وكذلك عن موعد دخول نوره وبعد ذلك بساعة أخذت نوره تتجه إلى القاعة وما أن دخلت حتى رأت العيون مصوبة إليها والبسمة على وجوه الحضور مشت إلى الكوشة إلى أن وقفت هناك حيث أخذ الجميع ينظرون إليها وبعد ذلك جاء دور خليفة للحضور فقامت أماني بوضع الطرحة على وجه أختها وما أن دخل حتى صوبت جميع العيون إلى خليفة ماعدا عينيها فقد أنزلتهما من الارتباك والخوف وما أن وصل خليفة إليها ومعه هدى وقالت له هدى :
- ارفع عنها الطرحة وقبلها على جبينها .
وقام خليفة برفع الطرحة وقبلها على جبينها تلك القبلة لم تدم أكثر من ثانيه وبالنسبة إلى نوره كانت القبلة كالفرشاة التي صبغت وجهها باللون الأحمر وقال لها خليفة وعيناه تشع من السعادة :
- أنت رائعة الجمال .
- شكرا.
وجاءت هند إليهما وقالت لهما :
- جاء اليوم الذي أراكما فيه متزوجين .
فرد خليفة:
- عقبا لك يا هند.
- شكرا ..وقريبا سأتزوج فأنا أريد أن يقبلني زوجي هكذا .
ضحك خليفة ونظر إلى نوره التي زاد امتقاع وجهها وقال لها بعد أن رحلت هند :
- نِعم الصديقة هند .
- نعم .
وبعد ذلك حضرت أم خليفة ومنى للتهنئة وبعد نزولهما جاءت أماني وقبلت العروس ورحلت وهي تغالب دموعها على فراق أختها وأخذت نوره تنظر إليها وقد امتلأت عينيها بالدموع ، وجاءت أم نوره وقالت بعد التهنئة :
- نوره أمانة عندك يا خليفة ارعها وصنها فهي ابنتي الغالية نوره .
- نوره في عيني يا عمتي .
ونظر إلى نوره التي فرت من عينها دمعه فقالت الأم إلى نوره :
- نور لم البكاء الآن فنحن معا ولن نفترق كل فتاه مصيرها أن ترحل إلى منزل زوجها .
قالت الأم ذلك وهي تحتضن نوره فتمسكت نوره بأمها جيدا كي لا تدعها ترحل عنها فقالت الأم لها :
- نوره دعيني الناس ينظرون.إلينا .
فأطلقت نوره أمها التي نظرت إليها وعينيها دامعتين وقالت لها ولخليفة :
- منك المال ومنها العيال.
ونزلت أم نوره عن الكوشة فقال خليفة لنوره وهو يشاهد دموعها :
- لم الدموع الآن يا نوره .
لاذت بالصمت واكتفت بالنظر إليه دون تعليق من قبلها وبعد ذلك توجه العروسين إلى منزلهما وما أن دخلا المنزل حتى قال خليفة :
- اللهم اجعل لنا هذا المنزل سكنا خير واجعل حياتنا سعيدة فيه.
- اللهم آمين.
وما أن دخلا إلى غرفة النوم حتى ضحك خليفة وقال:
- هنا يأتي الجزء الصعب .
نظرت نوره إليه وقالت :
- ماذا ؟
- لا شيء. يوم السبت سنسافر إلى نيوزيلندا لنقضي ثلاثة أسابيع هناك أرجو أن تعجبك البلاد .
- هذا رائع كنت أتمنى زيارة نيوزيلندا .
- جيد .
وسكت هو الآخر وأخذا ينظران كل إلى الآخر فترة طويلة إلى أن قال خليفة :
- سأذهب لأغير ملابسي خذي راحتك .
وما أن خرج حتى تنفست نور الصعداء وقامت بتبديل ملابسها وغسل شعرها ولدى عودتها إلى الغرفة لم تجد خليفة جلست فترة تنتظره ولم يأتي فذهبت تبحث عنه لم تجده في غرفة الجلوس ولا في أي غرفة من المنزل لذلك خرجت إلى الحديقة وهناك وجدته جالسا في الحديقة فذهبت نوره إلى المطبخ وأحضرت كوبي عصير يشربانه وما أن رآها خليفة تتقدم إليه حتى قال:
- العصير هذا ما أحتاجه.
- تفضل إنه بارد .
- شكرا.
وأخذ يرتشف من العصير وهو ينظر إليها وقال وهو يشير إلى جزء من الحديقة:
- لقد قمت بزراعة بعض الأنواع من الزهور في ذلك الجزء.
- من أي نوع ؟
- من الورود المتسلقة وهي ذات رائحة نفاذة ..انتظري حتى تكبر.
- ما رأيك أن نبدأ بزراعة الحديقة لدى عودتنا من السفر.
- أجل ..هذا ما أفكر به .
سكتوا لفترة وبعد ذلك سألها خليفة :
- ماذا تفعلين في وقت فراغك ؟
- أقرأ.
- وماذا تقرئين؟
- أقرأ القصص العالمية وبعض القصص المحلية هذا عدا الكتب الثقافية والموسوعات .
- تقرئين كثيرا .
- ليس كثيرا ، ماذا تفعل أنت في وقت فراغك؟
- لا أعرف .. ألعب قرة القدم وأشاهد الرسوم المتحركة قليلا.
- ماذا الرسوم المتحركة .
- نعم لماذا الاستغراب؟ أشاهد عدنان ولينا وكذلك نينجا سندباد الرجل الحديدي سنديبل ..
ضحكت وهي تقول:
- كل هذا وتقول قليلا. هل تعرف أنا أشاهد الرسوم وبشغف.
- إذا تعادل في إحدى الهوايات . هل تلعبين السوني بلاي ستيشن .
- نعم وأنا بارعة في تلك الألعاب .
- لست أبرع مني .
- سنرى .
وسكتوا قليلا وبعد هنيهة قال خليفة:
- لقد كان يوم شاقا قضيت ساعتين وأنا أستعد لتلك اللحظة .
- أنت قضيت ساعتين وتقول أنك تعبت أما أنا فقد قضيت اليوم كله .
- مسكينة ولكن كل ذلك يستحق التعب فقد بدوت كالوردة البيضاء التي زرعتها هنا إنك جميلة يا نوره والله يعلم بأني لا أستحق هذا الجمال.
- خليفة أرجوك لا تقل هذا .
قالت ذلك وقد اشتعل خدها باللون الأحمر القاني فقام خليفة وأخذ يدها بين يديه وأخذ يقول :
- الحمد لله على كل شيء .
تقدم خليفة منها وقام بتقبيل خدها فابتعدت نوره عنه وقالت :
- أرجوك خليفة لننتظر بعض الوقت لأتعود عليك .
- حسنا لك الوقت كله يا نوره.
وبعد ذلك ابتعد خليفة عنها وذهبا إلى غرفة النوم فقال لها خليفة :
- في أي جزء من السرير تفضلين النوم؟
- لا يهم أنت أين تفضل ؟
- أنا اليسار.
- حُلت.
وخلدا إلى النوم ولكن النوم لم يأتي بسرعة أخذت نوره تتقلب في السرير فترة وبعد مدة قال لها خليفة :
- نوره نامي.
- لا يأتيني النوم.
- سمي باسم الله وقرائي آية الكرسي وستنامين .
- حسنا.
وما أن انتهت نوره من قرأت الآيات حتى نامت ولم تستيقظ إلا على صوت جرس المنزل وهو يرن فنهضت من السرير وجلست فترة لا تعرف أين هي ومن النائم بقربها موليا ظهره لها وبعد ذلك تذكرت فقالت:
- خليفة.. خليفة.
ولكنه لم يرد عليها فأخذت تهزه قليلا وقالت :
- خليفة ..خليفة.
رد عليها والنعاس في صوته:
- نعم.
- يوجد أحد بالباب.
- دعيهم ..فهذا ليس وقت الزيارات.
- ولكنها الساعة الثانية عشر.
- آه نمنا لهذا الوقت .
استيقظ وهو يقول ذلك وفجأة ابتسم وقال :
- ماذا سيقولون عنا الآن؟
- لا شيء.
- سنرى.
خرج من الغرفة ليفتح الباب نهضت نوره وخرجت لتغتسل ولدى عودتها للغرفة رأته جالسا وقال لها :
- أمي وأمك أتتا للسلام والتهنئة .. آه نسيت .
تقدم منها وأمسكها من كتفيها بكل رقه وقال لها وهو يقبل جبينها:
- صباحيه مباركة يا نوره .
- صباحيه مباركه.
- هيا اذهبي إلى أمهاتنا فقد تساورهن الشكوك من تأخرك أنهما في المجلس، سألحق بكم بعد قليل .
- صباحيه مباركة يا نوره.
هذه الجملة نطقتا به أمها وأم خليفة لدى دخول نوره عليهما وبعد السلام والتحية سألت أم خليفة :
- أتمنى أن لا يكون خليفة قد أساء التصرف البارحة .
امتقع وجه نوره لدى سماعها لهذا السؤال وسمعت صوت خليفة آتيا من ورائها :
- وهل أجرؤ على التصرف الخاطئ .
ضحكت أم نوره وكذلك والدته وأخذت نوره تنظر إليهما وقد اتسعت عينيها لأن نيتهما كانت سيئة وقال خليفة وهو يسأل نوره ويمسكها من كتفيها ليديرها وينظر في عينيها وفي عينيه الاستمتاع من هذا الموقف :
- هل أخطأت في أي شيء أمس يا نوره.
فنظر نوره إليه مما جعله يضحك من الموقف كله وضحكت أم خليفة ومعهما أم نوره ، فاستأذنت نوره منهم وذهبت إلى المطبخ لتحظر البارد لهم ولدى خروجها أخذت تستمع إلى موجة الضحك العارمة التي تبعت خروجها من الغرفة تبعها خليفة إلى المطبخ وأخذ يقول :
- هل أزعجتك بما قلت ؟
- لا ..ولكن التلميحات من أمي وأمك كانت ..
سكتت نوره ولم تكمل جملتها فقال خليفة :
- لذلك أنا جاريتهما .
- حسنا الآن هلا ذهبت إليهما وإلا سمعت من التعليقات ما يكفي لسنه.
خرج من المطبخ وهو يضحك وما أن دخلت حتى قالت أم خليفة :
- يجب أن لا نطيل البقاء أليس كذلك ؟
- لا تقولي هذا يا خالتي ..يجب أن تشربا البارد .
- أكيد بس إننا لم نحضر لنجعلك تعملين أليس كذلك يا أم نوره ؟
- نعم لقد جئنا للتهنئة في الصباحية ولنحضر الغداء لكما.
وما أن سمع خليفة كلمة الغداء حتى أمسك معدته وقال :
- كم أنا جائع؟
فردت أم نوره بكل خبث:
- نعم بالتأكيد فبعد ليلة البارحة أنت تحتاج إلى الغذاء لتقوى .
اتسعت عينا نوره لدى سماعها لكلام أمها وقال خليفة:
- شكرا على الغداء يا عمتي ، وأعتقد أنكما أطلتما البقاء.
قالت أم خليفة وهي توجه الكلام إلى أم نوره وتنظر إلى ابنها وزوجته :
- أعتقد أننا سنطرد يا أم نوره .هيا نذهب فهم يريدون البقاء لوحدهما.
قام خليفة بتوصيلهما إلى الباب وقال:
- من أوصلكما إلى هنا .
- السائق ومن غيره .
- هل هو في الخارج .
- لا
- حسنا سأوصلكما.
- لا ..لا داعي لهذا.
- لن أجعلكما تذهبان بسيارة أجرة.
***
وخلال المدة التي سافروا بها إلى نيوزيلندا كان خليفة بالنسبة إلى نوره الصديق والأخ وكذلك الزوج الذي تتعرف إلية وشاركها خليفة في كل ما هو ممتع في تلك الرحلة ولم يدع أي مكان إلا وزاراه حتى إذا قرب موعد العودة استغربت من مرور الثلاثة الأسابيع بهذه السرعة .
وبعد عودتهم بقي لهم أسبوع من الإجازة واقترح خليفة أن يمضياها في رؤية معالم الدولة ولكن نوره رفضت بقولها :
- ألا تعتقد أنه يجب علينا زراعة الحديقة الآن .
- أجل .. ولكن أسبوع آخر لن يضر .
- أعرف ولكن ألا نستطيع في إجازة أخرى أن نرى الدولة .
- الآن المناطق خالية تقريبا من الزوار لأن موسم الإجازات لم يبدأ بعد والجو جميل والوديان بها ماء هيا دعينا نذهب .
- حسنا .
وفي هذا الأسبوع زارت نوره مناطق من الدولة لم ترها من قبل مناطق يبحث عنها الشخص في الخارج وهي موجودة في بلاده .
***
وجاء أول يوم للدوام بعد مرور الإجازة ودخلت نوره إلى القسم وكانت هند جالسة وما أن شاهدت نوره حتى قالت هند :
- أهلا.. كيف حالك؟ لقد اشتقت إليك كثيرا.
- الحمد لله كيف حالك يا هند ؟
- أنا بخير .. أرى أن الزواج مناسب لك . ما رأيك بخليفة ؟
- إنه شخص رائع ..
- فقط رائع .
- هند كفى ..
ضحكت هند وأوقفت أسئلتها بعد أن شاهدت السعادة على وجه نوره وتمنت أن تستمر سعادتها وأن لا تبرز مخاوفها .
استمرت حياة نوره وخليفة بكل سعادة وكان من أولوياتهما زراعة الحديقة والاهتمام بالنشاطات المشتركة وكانت حياتهما بمنتها السعادة والفرح .
وفي أحد الأيام وبينما نوره وخليفة في حديقة المنزل تلقى خليفة اتصال وبعد أن تحدث على الهاتف خرج من المنزل مسرعا ولم يخبرها بوجهته وأخذت نوره تنتظره مدة من الزمن .ولم يعد اتصلت به على هاتفة النقال فقال لها أنه مشغول وربما يتأخر وحاولت أن تسأله إذا كانت هناك مشاكل ولكنه أغلق هاتفه قبل أن تسأله ، وبعد ذلك بفترة اتصلت هدى تسأل عن خليفة فردت عليها نوره قائلة :
- لقد ذهب خليفة منذ عدة ساعات ولكنه لم يعد إلى الآن . لماذا؟
- بالتأكيد هو مع عبد الله فقد حدثت مشكلة مع زوجته .
- ماذا حدث ؟
- لا أعرف بالضبط كل الذي أعرفه أن عبد الله ضرب زوجته ولكن السبب .. على العموم يا نوره سأتصل فيما بعد .. إلى اللقاء.
وأقفلت هدى السماعة ولكن من جهة نوره بقيت السماعة معلقة دون أن تقفلها وكان عقلها يردد ضرب عبدالله زوجته وكانت من الصدمة حيث أخذ عقلها يخبرها سيأتي اليوم الذي سيضربك فيه خليفة وأخذت تتذكر أيامها عندما كانت طفلة وكان والدها يضرب أمها وكيف عانوا جميعا من ذلك وأخذت الهواجس تأخذها وتعيدها إلى أن عاد خليفة وهو منهكا وقال لها :
- لا أريد العشاء يا نوره أريد أن أرتاح .
- ماذا بك ؟
- لا شيء .
- لا شيء.
أجاب وهو شديد الانزعاج وبدأ بالصراخ :
- أجل لا شيء .. دعيني وشأني الآن هل تسمعين؟
ورحل إلى غرفة النوم وهو يزبد ويغلي وأخذت نوره تنظر في إثره وهي مصدومة . ماذا يحدث هل سأضرب أنا لا لن أكون طوع أمره متى أراد تحدث إلي ومتى لم يُرِد يضربني . جلست نوره فترة في غرفة الجلوس وبعد ذلك توجهت إلى غرفة النوم وشاهدت خليفة جالس على حافة السرير وهو يفكر فذهبت نوره مباشرة إلى الحمام وقامت بتبديل ملا بسها ثم توجهت إلى السرير لتنام دون أن تتحدث إلى خليفة أو تتمنى له ليلة سعيدة وكذلك خليفة بقي في مكانه فترة وبعد ذلك خلد إلى النوم ، وفي اليوم التالي قال لها خليفة :
- آسف يا نوره ..
- لم الاعتذار ..
- لأني صرخت بوجهك أمس .
ردت علية بكل برود :
- هذا لا يهم ..
- بل يهمني .. إن مشاكل أخي لا تنتهي وأخاف أن تُأثر على حياتي .
- ماذا حدث لأخيك ؟
قال وهو ينظر إلى ساعته:
- أنها قصة يطول شرحها .. وقد تتأخر على الدوام .. ربما بعد الدوام أخبرك بها .
- أجل .
ولدى ذهابهما إلى العمل شاهدت هند وجه نوره بدون ابتسامه أو سعادة لأول مرة منذ زواجها فسألتها :
- نوره ماذا بك ؟
- لا شيء .
- وجهك لا يدل على أنه لا شيء .
- هند .. دعيني أرجوك..
- لا لن أدعك أنا صديقتك ..
- هند .. أرجوك..
- هل هو خليفة ؟
أجابت نوره وهي حائرة :
- لا أعرف ..
- ماذا لا تعرفين ؟
- لا شيء .
- هيا نوره أخبريني وسترتاحين .
- ماذا أخبرك أنا لا أعرف ما يحدث كل الذي أعرفه أن عبد الله أخ خليفة ضرب زوجته منى .
- لماذا ؟
- لا أعرف.
- حسنا وما دخل هذا بك .
- وكيف ما دخلة إذا كان أخ خليفة يضرب زوجته فإن خليفة سيضربني كذلك .
ردت عليها هند وهي لا تصدق أن نوره تفكر هكذا فعلا:
- ما هذا المنطق يا نوره كيف يضربك خليفة ؟
- كيف ؟.. أمس عندما عاد خليفة من عند أخيه سألته عن الأخبار غضب وأخذ يصرخ في وجهي .
- لماذا ؟
- لا أعرف ربما الضغط جعله يرد علي هكذا .
- ربما .. ألم تعرفي لماذا ضربت منى؟
- لا أعرف سيخبرني خليفة بعد الدوام .
- نوره .. لا تدعي الذي حدث لمنى يؤثر على حياتك خليفة شيء وأخاه شيء آخر.
- أعرف ولكني قلقة .
- لا تقلقي ولا تدع الماضي يؤثر على حياتك .
وبعد وصول نوره إلى المنزل قال لها خليفة لدى دخولهم إلى المنزل:
- نوره سأذهب إلى منزل عبد الله ، وربما أتأخر هناك . هل تحتاجين إلى شيء؟
- لا شكرا.
- إلى اللقاء .
بينما كانت نوره تعد العشاء اتصلت بها هند:
- أهلا نوره .
- مرحبا يا هند .
- كيف حالك الآن .. هل عرفت شيء؟
- كلا يا هند ..ما أن عدنا حتى أخبرني خليفة انه راحل إلى منزل أخاه.
- ومتى ينوي إخبارك؟
- لا أعرف.
وفيما نوره تتحدث جاء خليفة وهو يبتسم فقالت نوره :
- هند .. لقد عاد خليفة إلى المنزل ، سأتصل بك فيما بعد .
وقالت لخليفة وهي تبتسم له بعد أن أغلقت السماعة :
- خير إن شاء الله .
ابتسم خليفة وقال:
- عادت المياه إلى مجاريها والحمد لله .
ظهر الاستغراب على وجه نوره وهي تسأله :
- ماذا تقول ؟
- عبد الله ومنى .. تصالحا وانتهى الأمر .
- ماذا حدث أصلا ليتشاجرا؟
- سوء تفاهم بسيط .
- ألم تخبرني ما حدث؟
- ما دام الأمر انتهى فلم أخبرك به .
لا يريد إخباري.. كيف لي أن أعرف سبب المشكلة ؟ من هدى بالتأكيد .. قالت نوره ذلك في نفسها، وأخذت تسأله:
- هل تريد العشاء الآن ؟
- في الحقيقة لا أريد العشاء وأنت هل تعشيت؟
- لا.. ولست جائعة .
وفي اليوم التالي اتصلت نوره بهدى لمعرفة ما حدث لمنى وأخبرتها هدى بكل الذي حدث كل الموضوع بدأ بسوء تفاهم بسيط مع اشتداد الحوار أخذ كل منهما يصرخ في وجه الآخر إلى أن قامت منى بسبة وشتمه فقام عبد الله لتهدئتها ولكنه لم يستطع إسكاتها إلى بصفعها على وجهها لأنها كانت لا تعي ما يحدث وتلك الصفعة أدت إلى احتدام الموقف بينهما. وبعد أن علمت نوره بكل الموضوع تبين لها لماذا كان خليفة لا يريد إخبارها بالمشكلة.
ذهبت نوره إلى منزل والدتها للزيارة وأخذت تتحدث معها وتسألها عن أخبارها وأخبار أماني وبعد التحدث قالت نوره لأمها :
- أمي ..
- نعم نوره ماذا بك ؟ ألست سعيد مع خليفة؟
- لا يا أمي أنا سعيدة بحياتي .. ولكن أريد أن أسألك ..
- ماذا ؟
- ..
ولما لم ترد بادرتها والدتها قائلة:
- هل هو أمر خاص وأنت تخجلين مني ؟
- لا يا أمي .. ولكن أخشى إن سألتك تحزنين .
- ماذا يا طفلتي؟ فأنت تجعليني قلقة .
- إنه لا شيء.
- هيا نوره تكلمي .
ومع إصرار أمها سألت نوره :
- أمي .. هل تتذكرين أول مرة ضربك فيها أبي؟
- ولم السؤال؟ هل خليفة يضربك ؟
ردت نوره وظهرت الدهشة على وجهها:
- لا ..لا . فقط أريد أن أعرف.
أخذت الأم تحاول التذكر وقالت:
- لا أذكر ولكن اعتقد أنه كان بسبب شيء بسيط حدث ربما سوء تفاهم أو شيء من هذا القبيل .
وسكتت والدتها وأخذت نوره تنظر إلى أمها بينما الأم سابحة بأفكارها قاطعتها نوره قائلة:
- أمي ماذا بك ؟
- آه .. لا شيء أتذكر والدك رحمه الله …نوره هل يوجد شيء في الطريق؟
- كلا ليس بعد .
- هيا أنا أريد رؤية حفيدي بسرعة قبل أن يأخذ الله أمانته.
- لا تقولي ذلك يا أمي.. أعطاك الله العمر المديد.
وفي أحد الأيام بينما نوره جالسه في المكتب قالت لها هند :
- نوره الشهر المقبل سأتزوج .
- ألف مبروك يا هند ومتى تقرر كل هذا ؟
- يوم الخميس.
- ولم تخبريني إلا الآن .
- نوره كنت مشغولة . ما هي أخبارك مع خليفة ؟
- كل شيء بخير .
- ألا يوجد شيء على الطريق؟
- الجميع يسأل هذا السؤال وأنا أرد ليس بعد .
- انتظري يا نوره إلى أن أتزوج ونحمل معا.
ضحكت نوره وقالت:
- ماذا؟
- نعم ليكون شكلنا رائع معا في قسم واحد وحبلى ما رأيك ؟
- أنت مجنونة.
وبينما هما تضحكان دخل خليفة إلى القسم وقال:
- عسى أن يكون هذا الضحك في خير.
- لقد جنت هند.
- ماذا بها ؟
- إنها تقول ..
وقاطعتها هند قائلة:
- أليس رائعا أن نكون أنا ونوره حبلى في نفس الفترة و ..
أجاب خليفة وهو ينظر إلى نوره وقد ظهرت السعادة على وجهه :
- ماذا ؟.. هل أنت حامل يا نوره ؟
- لا .. لقد كانت هند تتخيل فقط.
وأخذوا بعد ذلك يتحدثون وبعد ذلك بفترة خرج خليفة من القسم فقالت هند لنوره:
- هل شاهدت كيف فرح عندما اعتقد أنك حبلى؟
- بلى.. ولكن أليس الأفضل أن ننتظر قليلا .
- ولماذا الانتظار ؟
- هكذا أفضل .
- هذا رأيك ولن أقول شيء آخر .
ومع مرور الأيام واقتراب موعد زواج هند وكانت سعادتها لا توصف وتتزوج هند وتبقى نوره في القسم لوحدها.
وفي أحد الأيام جاء خالد - كان هذا الموظف معرف بعلاقته مع الموظفات وغرامياته – وأخذ يتحدث إليها ويطيل البقاء في القسم وكانت نوره تحاول إفهامه بأن زياراته إلى القسم غير مستحبة ولكنه لم يفهم وأخذ يكثر من زياراته ، وفي أحد الأيام دخل خليفة إلى القسم وكان خالد موجود وهو متكئ على مكتبها بطريقة تثير الشكوك فقال خليفة:
- مرحبا خالد .
أرتبك خالد لدى دخول خليفة المكتب ورد :
- أهلا خليفة كيف حالك ؟ .. بالإذن سأنصرف الآن .
ولدى خروج خالد من المكتب سأل خليفة .
- ماذا يفعل هذا هنا ؟
- إنه يريد إحدى الملفات .
- ولماذا لم يأخذ الملف معه عندما رحل ؟
- اذهب واسأله.
خرج خليفة من المكتب وهو في قمة غضبة فقد وصلت له إشاعات بوجود خالد في مكتب نوره بشكل دائم . ولدى وصوله إلى المنزل وكان غاضبا بادرها قائلا:
- لم يأتي خالد إلى مكتبك بشكل دائم ؟
- وما أدراني أنا.
- كيف لا تدرين .. وتلك الطريق التي كان يجلس فيها على مكتبك وكأنه يتحدث إلى إحدى صديقاته ..
قاطعته وهي غاضبة:
- اسمع يا خليفة أنا لا أسمح لك باتهامي..
- أنا لا أتهمك ولكن لِم لم توقفيه عند حده ؟
- حاولت ولكني لم أفلح .
رد عليها آمرا :
- نوره .. لا أريدك أن تذهبي إلى العمل بعد الآن.
- ماذا؟
- أعتقد أنك سمعت ما قلت ؟
- لا لم أسمع .. بعد كل الذي عانيته في البحث عن هذه الوظيفة تريديني أن أستقيل .
- لا أريد أن يعترضك خالد أو أي موظف آخر .
- أعتقد إذا تركتني سأعرف كيف سأتصرف مع هذه النوعية من الناس.
وأخذ الحوار يشتد ، نوره تشد في الكلام وخليفة كذلك إلى أن تخاصما ولم يتحدث كل إلى الآخر وبقيا هكذا فترة طويلة ، وعادت هند إلى العمل وهي في قمت السعادة وأخذت هند تتحدث دون توقف وبينما هي هكذا أخذت نوره تفكر بنفسها وبما حدث لها وانتبهت هند إلى شرود نوره فسألتها:
- ماذا بك يا نوره ؟
- لا شيء.
- حقا.. لا شيء أنت لست نوره التي تركتها.
- ماذا تريدين أن أخبرك ؟
- كل شيء.
- أنا وخليفة لم نتحدث كل إلى الآخر منذ أسبوعين.
- ماذا!..كيف حدث هذا ؟
- سوء تفاهم وكل هذا بسبب خالد .
- من ؟.. ذلك الموظف .
- أجل .. بعد ذهابك بأسبوعين أخذ هذا الموظف يتردد على القسم بشكل مستمر .
وأخذت نوره تخبر هند كل شيء فقالت هند بعد أن سمعت كل القصة :
- هذا خالد إذا لم يوضع له حد ..
- له الله يا هند .
- وخليفة كيف لم يحدثك كل هذه المدة ؟
- إنه يحدثني قليلا.. مثل ماذا تريدين ؟هل ينقص شيء؟ نعم أو لا .
- لا أكثر .
ردت نوره بحزن:
- نعم .. لا أكثر.
- ماذا حدث له؟
- أراد أن أستقيل وأنا رفضت ومنذ ذلك الحين لم نتكلم إلا فيما ندر .
- غريب أن يحدث هذا لك .
ردت نوره وهي حزينة :
- ليس غريبا يا هند دعينا من هذا الموضوع واخبريني ما رأيك في جاسم؟
وأخذت هند تتحدث عن زوجها بكل سعادة.
وبينما نوره جالسة في حديقة منزلها جاء خليفة إليها سائلا:
- هل تريدين أن أحضر شيء لدى عودتي؟
- شكرا لا شيء.
- إلى اللقاء.
- انتظر.
- ماذا!
- إلى متى ستبقى هكذا لا تكلمني إلا بما ندر وكأنني شخص غريب عنك؟
- إلى أن تقدمي استقالتك.
ردت عليه وهي غاضبة:
- لن أقدم استقالتي إلا عندما أريد .
- حسنا. سوي الأمر.
وهم بالانصراف فقامت نوره من مكان جلوسها لتعترض طريقه وهي تقول له:
- لم يسو .. هل تريديني أن أبقى هكذا دون أن تتحدث إلي اسمع أنا لست عبدة لديك تحدثني متى شئت وتتركني متى شئت.
- دعيني أخرج .
- لا لن أدعك تخرج .. أنا زوجتك .
رد عليها باستخفاف:
- وماذا أفعل !
- لا تفعل شيء ..لا شيء.
تركته نوره وذهبت إلى غرفة النوم وعينيها دامعتين تبعها خليفة وقال لها وكأنه شعر ببعض الندم على ما قاله لها:
- إذا كنت تريدين أن أعود كما كنت قدمي استقالتك.
ردت علية نوره بصوت عالي:
- لن أقدم استقالتي .. أخرج من هنا لا أريد رؤية وجهك بعد الآن .
رد عليها خليفة بصوت عالي كذلك :
- لن أخرج هذه غرفتي أيضا .
- إذا لم تخرج أنت .. سأخرج أنا.
وهمت بالخروج فمنعها خليفة من الخروج فأخذت تضربه بكل ما أوتيت من قوه ومنعتها دموعها من رؤية ما كانت تفعل وكذلك الحالة العصبية ولم يتمالك خليفة أعصابه وهو يحاول تهدئتها بعد أن أفلتت زمام الأمور منه فأخذ يصرخ عليها وهم بضربها .
وأخذت نوره تنظر إليه من خلال دموعها وهي لا تصدق ما ترى هل كان سيضربها . دخلت نوره إلى الحمام وأغلقت الباب بينما خليفة كان ساهما بما كان سيفعل منذ قليل لو لم يتمالك نفسه.
بقيت نوره فترة من الزمن في الحمام بعد أن تيقنت من أن خليفة ليس في المنزل خرجت من مكانها وأخذت تذرع الغرفة ذهبا وإيابا إلى أن عاد خليفة وما أن رآها حتى حاول التحدث إليها .
- نوره أريد..
- أرجوك لا تتحدث .
وسكتت قليلا ثم قالت :
- أريد الذهاب إلى منزل أمي ..
- لكن نوره.
- أرجوك .. أريد أن أرتاح لبضعة أيام هناك.
- حسنا يا نوره ولكن أريد أن تعرفي بأني آسف على تصرفي معك .
- أريد أن أذهب الآن إلى المنزل .
أجاب خليفة وهو مستغرب من كلامها:
- ولكنك في المنزل .
- أقصد منزل أمي .
- ولكن الآن في هذا الوقت .
- لا يهم الوقت أريد أن أرتاح قليلا .. أرجوك.
أخذ خليفة ينظر إليها ورأى ملامح التعب على وجهها وقال :
- حسنا.. حضري أغراضك وسآخذك إلى هناك .
- أغراضي في الحقيبة .
- ماذا! .. حسنا هيا بنا .
وصعدت نوره إلى السيارة مع خليفة وقام بتوصيلها وفي الطريق لم ينبس أحدهما بأي كلمه . كل منهما سابح في أفكاره ، خليفة يفكر بأنه سيخسر نوره إلى الأبد إذا لم يصلح ما حدث ولكن ماذا يعمل ؟ كل شيء ضده الآن إذا ترك الأمر لبعض الوقت من الممكن أن تصطلح الأمور ، بينما نوره كانت تفكر بأن هذه المرة هي المرة الأخيرة التي تتحدث فيها إلى خليفة أو تراه لأنها قررت الانفصال عنه فمن هم بضربها سيضربها في أحد الأيام ولدى وصولها إلى المنزل نظرت نوره إلى خليفة قليلا ثم قالت :
- الوداع .
- ليس الوداع إلى اللقاء.
وما أن دخلت نوره إلى المنزل حتى سألتها والدتها:
- ماذا حدث يا نوره لم أنت هنا في هذه الساعة ومع هذه الحقيبة .
وأخذت نوره تبكي فأخذتها أمها إلى غرفتها وجلست أماني تنظر إلى نوره إلى أن طردتها أمها من الغرفة وأخذت الأم تتحدث إلى نوره :
- ماذا حدث يا نوره ؟
ردت نوره والدموع تغالبها:
- لقد هم خليفة بضربي.
- ولكن .. ماذا حدث أخبريني؟
وأخذت نوره تخبر والدتها كل شيء وكل ما حدث منذ زيارات خالد للمكتب انتهاء بوصولها إلى هنا. وبعد أن انتهت نوره من حديثها أحست نوره براحه فقالت لها والدتها :
- ارتاحي الآن وسأحضر لك شيء تشربينه.
وذهبت الأم لتحضر لنوره شيء تشربه بينما جلست نوره على سريرها لا تتحرك ، وفي الصباح اتصلت نوره لهند .
- هند هل أستطيع أن أطلب منك خدمه..
- نعم بالتأكيد .
- هل تستطيعين تقديم إجازة لي لمدة عشرة أيام .
- ولكن لماذا يا نوره ..
- أنا تعبه قليلا وأحتاج إلى إجازة.
- معافاة بإذن الله .
- الله يعافيك .. هند .. أنا في منزل والدتي إذا احتجت لشيء.
- نوره ماذا يحدث لك ؟
- إلى اللقاء هند .. أنا تعبه الآن وأريد أن أرتاح .
- إلى اللقاء.
وفي المساء حضر خليفة إلى منزل نوره وهناك استقبلته أم نوره وطلب منها رؤية نوره فذهبت أم نوره إليها وقالت:
- نوره.. خليفة يريد رؤيتك .
- لا أريد رؤيته يا أمي .
- نوره ما هذا الكلام هو زوجك ويريد التحدث إليك .
وأخذت نوره تصرخ :
- لا أريد التحدث إلية.. لا.
- لا لزوم لصراخك هذا فأنا أسمع ما تريدين .
وذهبت أم نوره إلى خليفة وحدثته :
- إن نوره لا تريد التحدث إليك .
- ولكن يا عمتي . أنا آسف على ما فعلت.
وقالت له معاتبة:
- يا ولدي مهما كان الذي حدث بينكما لا يخولك ضرب ابنتي.
- ماذا ؟! .. أنا لم أضربها تمالكت نفسي ولم أفعل وأقسم أن لا أفعل.
- إن نوره في حاله لا تخولها ورؤيتك وترفض رؤيتك أنا آسفة.
سكت خليفة وأخذ ينظر إلى أم نوره فقالت الأخيرة :
- ما رأيك أن تأتي بعد يومين وسأحاول أن أصلح الأمور بينكما.
- حسنا إلى اللقاء سأعود بعد يومين وأتمنى رؤية نوره.
ورحل خليفة فذهبت أم نوره إلى نوره لتحدثها:
- نوره .. لماذا ترفضين رؤية زوجك .
- لا أريد رؤيته أو التحدث إليه أريد الطلاق.
- ماذا! .. الطلاق مجنونة أنت .
- لماذا؟
- لا أريد أن تطلق ابنتي.
- ولكن يا أمي أنا لست سعيدة مع خليفة .
- منذ متى أنت لست سعيدة ، بمجرد أن تواجهك مشكلة بسيطة تقولين انك تريدين الطلاق أسمعي لا أريد أسمع كلمة طلاق مرة أخرى هل سمعت؟
- ولكن..
- بدون لكن الحياة الزوجية مليئة بالمشاكل والتنازلات.. وإذا طلب منك الاستقالة استقيلي وارتاحي.
- ولكن يا أمي .. الاستقالة بعد ذلك الانتظار .لا لن أستقيل .
- اسمعي سيأتي خليفة بعد يومين وأنا أخبرته بأنك سترينه.
- ماذا!.لن أراه .
- سترينه شئت أم أبيت.
- ولكن..
وبينما نوره تتحدث خرجت والدتها من الغرفة لا تريد سماع أي اعتراض.
وفي اليوم التالي جاءت هند لزيارة نوره وما أن صارت لوحدها مع نوره سألتها :
- نوره ماذا حدث؟
وأخبرت نوره هند كل الذي حدث وقالت هند لدى انتهاء نوره من قصتها :
- أنا لن أقول شيء إلى أن اسمع مقولة خليفة في الأمر والمهم يا نوره هو أن لا تجعلي مما حدث أمر يهدم حياتك .
- كيف لا أفعل .. لقد أخبرت أمي بأني أريد الطلاق .
- ماذا!.. أ مجنونة أنت؟
- لست مجنونة.. وإنما الجنون البقاء معه ليضربني.
- نوره هذا أمر آخر.. خليفة ليس من النوع الذي يضرب النساء .
- وما أدراك أنت ..لم تكوني أمامه عندما يغضب .
- نوره..
- لا دعيني أتحدث..
- نوره اسمعي لقد رفض المدير إعطائك إجازة ولكني حاولت معه إلى أن أعطاك يومين.
- ماذا ؟
- يقول أن العمل بحاجة إلى جميع الموظفين في الوقت الحالي.وغدا يجب أن تعودي.
- أعتقد أن هذا أفضل فلا أحبذ الجلوس في المنزل أكثر من هذا الوقت.
نظرت هند إلى ساعتها وقالت :
- لقد وعدت جاسم بالعودة سريعا إلى المنزل .
- حسنا في هذه الحالة سأدعك تذهبين.
وفي اليوم التالي ذهبت نوره إلى العمل متأخرة وهناك شاهدت خليفة في القسم وما أن شاهدتها هند قالت :
- أخيرا حضرت .. يوجد ملف أعتقد أنه بحوزتك إنه عن حسابات المناقصة 505 .
- أحل إنه معي لحظة واحدة .
وأخرجت نوره من مكتبها وأعطته إلى هند التي أعطته إلى خليفة الذي قال وهو راحل :
- شكرا يا هند.
وسالت هند نوره:
- ماذا يا نوره ألم تتحدثي إليه.
- ما من حديث بيننا.
- لقد استمعت إلى ما قاله يا نوره وعرفت أن مشكلتكم بدأت بدون أي أساس فقط..
- هند .. لا أريد الحديث يكفيني المنزل وحديث أمي ،لا أريد المزيد.
- حسنا.
وفي المساء جاء خليفة إلى المنزل وأراد الحديث معها لحل المشكلة استقبلته نوره مرغمة فقال لها خليفة بعد خروج أمها:
- نوره.. اعتقد أن الذي حدث بيننا يجب أن ينتهي فأنا آسف على الذي حدث وأعدك أن لا أكرره.
- ...
- نوره .. لم لا تردين علي؟
- لا أريد التحدث.. الذي أريده هو الانفصال .
- ماذا ! أ بسبب مشكله بسيطة تطلبين الطلاق ؟
- إنها ليست مشكلة بسيطة.
ودخلت أم نوره إلى الغرفة وشاهدت الجو المشحون وبادرها خليفة :
- أتسمعين يا عمتي! نوره تريدنا أن ننفصل.
- ماذا .. نوره لقد سمعت ما قلت بخصوص هذا الأمر ..
- أمي هذه حياتي ولا أريدك أن تتدخلي
قاطعتها والدتها وهي غاضبة:
- بل سأتدخل عندما أراك مخطئة يجب علي أن أتدخل.
- لا لن أعود مهما حاولت أن تفعلي أو تقولي لن أعود..
قالت نوره ذلك واتجهت إلى الباب تريد الخروج وما أن خرجت حتى قالت والدتها:
- خليفة إن ابنتي عنيدة ولا تعرف مصلحتها.
- أعرف.. ولكنها تريد الانفصال عني وأنا لا أريد تركها.
- دعها فتره .
- إلى متى ؟
- لا أعرف .
- حسنا سأدعها ولكن إن لم تعد إلى رشدها قريبا ..
- ستعود أعدك .
وبعد ذلك بأسبوع ولدى نهوض نوره من فراشها أحست بدوار في رأسها وضنت أنه بسبب فقر الدم الذي تعاني منه وجلست على السرير إلى أن أحست بأنها أفضل ولكنها أحست برغبة قوية في القيء فاتجهت إلى الحمام وكذلك لدى مشاهدتها للطعام على المائدة فاتجهت للحمام من جديد ولدى عودتها أخذت أمها تنظر إليها وهي تبتسم وتقول :
- ألف مبروك يا نوره .
ردت عليها نوره وقد ظهر التعب على وجهها:
- على ماذا يا أمي ؟
- أنت حامل.
- ماذا؟!
- نعم .. مما رأيت يتبين ذلك .
ردت نوره وقد ظهرت الدهشة عليها :
- ماذا !.. كيف يمكن أن أكون حامل لا..لا أريد .
- استغفري الله يا نوره .
- سأذهب إلى العيادة لأتأكد قبل ذهابي للعمل .
وبينما نوره جالسة في مكتبها قلقة تفكر سألتها هند:
- ما بك يا نوره ؟
- ماذا ؟
- ما بك أراك تعبه؟
- لا شيء.
رن الهاتف على مكتبها فأخذت تنظر إليه وبعد فترة ردت:
- مدام نوره .
- نعم من المتحدث؟
- معك العيادة لقد ظهرت نتائج التحليل .
- نعم وماذا ؟
- إن النتائج إيجابية .
- بمعنى!
- إنك حامل يا سيدتي مبروك .
- الله يبارك فيك ولكن منذ متى ؟
- أربعة أسابيع تقريبا.
- حسنا شكرا لك .
- يجب أن تأتي اليوم أو غدا .. إلى اللقاء.
- حسنا إلى اللقاء.
أقفلت نوره السماعة وبقي وجهها مصدوما مما سمعت فقالت هند وهي متجه إلى نوره :
- نوره ماذا بك ؟
- إنها مصيبة يا هند .
- ماذا حدث؟
- أنا حامل.
- ألف مبروك يا نوره.
- مبروك .
- نعم .. أين المصيبة؟
- أنا لا أريد العودة إلى خليفة .
- نوره سيكون لديك طفل وتقولين لا تريدين العودة .
- دعي الطفل سأربيه بمفردي.
- نوره.. يجب أن تخبري خليفة .
- لا .. هند عديني أن لا تخبريه أو تخبري أحد.
- حتى جاسم .
- حسنا جاسم فقط.
- نعم .
- عديني.
- أعدك.
وفي منتصف الدوام أحست نوره بالتعب فأخذت إجازة باقي اليوم . ويمر شهران من الانفصال وكذلك مرت على نوره فترة عصيبة من التعب حتى بهت شكلها وكان قلق هند يزداد عليها :
- نوره منذ متى وأنت منفصلة عن خليفة ؟
- لماذا؟
- أجيبي.
- شهران وأسبوع .
- وأنت في أي شهر الآن ؟
- ثلاثة أشهر ونصف.
- ألا يحق له أن يعرف أنك حامل؟
- لا .
- ولكن ..
- لا أريد الحديث عن هذا .
- ما رأي والدتك.
- لقد ملت من الحديث معي بهذا الخصوص وهي لن تخبر خليفة لأني حلفتها على المصحف.
- نوره لقد جننت.
- هند إن شكلي بدأ يتغير وكذلك ظهر الحمل علي.
- أجل .
- لقد سمعت أن بعض الموظفين سينتقلون إلى الفرع الجديد ، هل سينتقل خليفة؟
- لا أظن بأنه سينتقل لماذا؟
- لا شيء .. ولكني أريد أن أتأكد .
- سنرى .
قالت هند ذلك وهي تطلب رقم السكرتيرة :
- لا لن ينتقل .
قالت نوره بصوت خافت :
- هند.
- ماذا ؟
- سأطلب نقلي إلى الفرع الجديد .
- لا .. لماذا تريدين الانتقال .
- لا أريد أن يراني خليفة بعد أن ينتفخ بطني كالطبل .
- نوره..
- هند أنت صديقتي دعيني انتقل فهذا أفضل .
وبعد جدال طويل قالت هند :
- حسنا ولكن عديني أن لا تنسيني.
- أعدك.
وبعد ذلك بأسبوع انتقلت نوره إلى الفرع الجديد ويمر شهر على انتقالها اتصلت بها هند في أحد الأيام :
- نوره .
- هند.. كيف حالك وما هي أخبارك ؟ اشتقت لك .
- وأنا أيضا . لدي العديد من الأخبار . أخبريني كيف أصبح شكلك الآن.
- بروز واضح .
- هذا جيد .
- ماذا ؟
- جيد لأن هذا دليل على نمو الطفل .
- آه .
- نوره .. أريد أن أراك .
- ما رأيك في الغداء في منزلي.
- لا نوره . إنه دوري أنا . لدي أمر أخبرك به .
- ماذا؟
- لا ليس الآن غدا.
- حسنا أراك غدا.
ولدى عودة نوره إلى المنزل أخبرتها أمها أن خليفة يطلبها في بيت الطاعة :
- أمي .. انظري الآن عندما قلت أنني أريد الطلاق رفضت .
ردت عليها أمها وهي غاضبة:
- أنا مع خليفة لو كنت مكانه لأمهلتك شهر لا ثلاثة وهذا الطفل من سيهتم به عندما يكبر.
- أمي.
- اسمعي لقد سكت كثيرا والآن لا أستطيع أنت تدمرين حياتك وحياة زوجك وطفلك بسبب مخاوف لا أساس لها من الصحة .
- لا أساس لها من الصحة .. أمي لقد عانيت من الضرب منذ أن تزوجت والدي والآن تقولين أنني مخطأة لتجنبي هذا الضرب .
ردت والدتها وهي دامعة العينين:
- نوره أباك شيء وخليفة شيء آخر أباك كان سكيرا صحيح أنه كان يضربني هذا كان عندما يشرب .. ولكن انظري إلى خليفة وقارنيه بوالدك.
ذهبت نوره إلى غرفتها وهي تقارن ما بين الرجلان هالها ما وصلت إليه لقد ظلمت خليفة فهو لم يضربها قط وكان متسامحا معها لقد قامت بتعذيبه وهو الرجل الذي احبه قلبها لم تخبره بأنه سيصبح أبا ولم تخبره بافتقادها له وكذلك منعته ومنعت نفسها من التحدث إليه أو رؤيته هو لا يستحقها بل يستحق امرأة أخرى غيرها .
وأخذت تبك على نفسها وعلى حبها لخليفة وعلى طفلها الذي لم يولد .
وفي اليوم التالي وذهبت نوره إلى منزل هند وما أن شاهدتها هند حتى قالت :
- نوره إن بطنك بارز بشكل كبير .
- نعم كالطبل.
- لا لست كالطبل بل لا أعرف دب سمين ربما .
- نوره أريد أن أخبرك ألا تذكرين عندما قلت لخليفة أن يتخيلنا حوامل في نفس القسم ..
أشع وجه نوره وهي تقول:
- هند .. هل أنت حامل.
- نعم .
- ألف مبروك .
قامت نوره لتهنئ هند وبينما هي تعانقها دخل جاسم مع خليفة وكان يضحك وما أن شاهد نوره حتى جمدت ملامحه كما حدث لنوره وأخذا كل ينظر إلى الآخر إلى أن لاحظ خليفة حمل نوره وقال وهو يشير إليها:
- أنت..
لم تعرف نوره ما فعلت كل الذي تعرفه أنها وصلت إلى منزلها دخلت وجلست في الحديقة التي نمى بها الورد والشجر أثمر وأخذت تتأمل الحديقة وتتذكر أيامها مع خليفة كل ركن وكل زاوية من هذا المنزل تذكرها به بدأت عيناها تدمع لذلك خرجت من المنزل وأخذت تجوب المدينة إلى أن وصلت إلى البحر وجلست في المكان الذي جلست فيه عندما شاهدت المرأة المسنه وأخذت تبك إلى أن غربت الشمس وبعد ذلك ركبت سيارتها وأخذت تجوب المدينة إلى أن صارت الساعة الحادية عشر عادت إلى المنزل شاهدت والدتها تبك وبجانبها أماني وسألتها الأخيرة:
- أين كنت يا نوره؟
- لماذا ؟ ماذا حدث؟
- منذ الظهر ونحن نحاول الاتصال بك هاتفك مغلق وأخذنا نبحث عنك في كل مكان.
- لماذا؟
- اتصلت هند وقالت أنك خرجت من منزلها وهي تبحث عنك .
أخذت نوره تنظر إلى أمها وقالت :
- أمي لم يحدث شيء فلماذا البكاء الآن .
- أين كنت؟
- كنت في كل مكان .
- كيف هذا ؟
- لقد قدت السيارة في المدينة وجلست على البحر ..
وبينما هي تتحدث رن هاتف المنزل فذهبت أماني لترد عليه ولدى عودتها ذهبت نوره إلى غرفتها لتستحم وبينما هي تستحم سمعت صوت جرس المنزل جلست في الحمام نصف ساعة تقريبا ولدى خروجها شاهدت خليفة جالس في غرفتها فسألته:
- ماذا تفعل هنا ؟
- أنا زوجك أم نسيت هذا.
- لا لم أنس ولكن الظاهر أنك نسيت بأننا منفصلين .
- دعك من هذا منذ متى وأنت حامل؟
- خمسة أشهر .
- ولم تخبريني.
أنزلت نوره رأسها فنهض خليفة من على السرير واتجه إليها ورفع رأسها وقال لها وهو ينظر في عينيها :
- ارفعي رأسك عندما أتحدث إليك .
- نعم ماذا تريد الآن؟
- أريد أن تعودي إلي يا نوره.. أنا زوجك ..و.. أحبك .
فرت دمعة من عين نوره وقالت :
- وأنا أيضا أحبك .. ولكن.
- ولكن ماذا؟
سكتت بينما خليفة ينظر في عينيها وقال:
- أ تخافين من أن أصبح كوالدك؟
- نعم.
تنهد خليفة تنهيده أخرجت كل الهواء من رئتيه وقال:
- لقد عرفت قصة والدك اليوم من هند وكم دهشت لدى معرفتي بأنك تخافين من أن أصبح مثله ..نوره .أنا مختلف عن والدك .. وذلك اليوم.. تبا . لا أعرف ما أقول .. كان غباءً مني فقد أصررت على استقالتك لغيرتي فعلت ذلك ..
- أعرف هذا ولكني عنيدة وأصررت على موقفي .. ولكن الآن إذا أردتني أن أستقيل سأستقيل.
- لا نوره لا أريدك أن تستقيلي إلا عندما تريدين ذلك .
- خليفة شكرا.
- أين اختفيت هذا اليوم لقد بحثت عنك في كل مكان لن أدع مكان لم أذهب إليه .
- كنت أتجول أول ساعتين في منزلنا وبعد ذلك البحر ثم الشوارع.
- لقد قلقت عليك كدت أجن وأنا أبحث عنك في كل مكان حتى هند تبحث عنك في كل مكان مسكينة اتصلت بها وأبلغتها أنك عدت إلى المنزل .
- أوه .. لقد سببت لكم المتاعب .
- لا تقولي ذلك فقط أريدك أن تقولي بأنك ستعودين إلي.
ابتسمت نوره وقالت:
- نعم سأعود .. أنا آسفة على كل الذي سببته لك من متاعب في الأشهر الماضية.
احتضنها خليفة وقال:
- كل ذلك يستحق هذه اللحظة .
فأخذت نوره تضحك لأن حياتها ابتدأت في هذه اللحظة لديها كل شيء زوج يحبها مولود على الطريق وكذلك السعادة والتفاهم لا يهمها الآن أي شيء فكل مشكله ستمر عليها ستحلها مع زوجها فهي تثق به وتحبه.
</p></font>
مواقع النشر (المفضلة)