<font color='#000000'>[ أنا .. و نصفي الآخر ! ]
بعد حضور أي عرس، أو رؤية الصور الفوتوغرافية لأي عريسين، أو سماع أي تعليقات حولهما من صديقاتي أو قريباتي، يخطر ببالي أحيانا السؤال التالي :
( ترى.. كيف سيكون عريس مستقبلي أنا !؟ )
هل سيكون طويل كزوج فلانة، أو سمينا كخطيب علانة ، أو أسمر كعريس كلانة !
لم يسألني أحد، كيف تتمنين أو تتخيلين شريك مستقبلك، لكننني حين أسأل نفسي ذلك أسرح قليلا و أفكر !
كأنني أستعرض العرسان و أتخيّر منهم !
حسنا !
متدين، و خلوق، .. وسيم و جذّاب!، عالي الثقافة و المركز، ثري ! فأنا أعشق المجوهرات و السفر ! من عائلة راقية طيبة السمعة...
و يجب أن يكون اسمه جميل أيضا !
هكذا يكون ردّي في أحدى المرّات ألا أنه يختلف في المرة التالية !
مجرّد خيالات فتاة حالمة !
نعود لأرض الواقع!
أنظر إلى ( أرض الواقع) فأرى كتبي الدراسية مبعثرة هنا و هناك، أكاد أدوس على أحدها كلما خطوت خطوة في أي إتجاه في غرفتي !
( أوه ! كم أنا فتاة كسولة و غير منظمة ! تماما كما تصفني أمي ! )
و أمي دائما توبخني على الفوضى المشوّهة لغرفتي ...!
لكن، بما أنني مجرد فتاة بلا مسؤولية و لا قيود و لا التزامات، إذن لأفعل ما أشاء !
أذهب إلى المطبخ بحثا عن الطعام...إنها السادسة مساءا و لأنني لم أتناول غذائي مع أفراد عائلتي (كالعادة) فأنا أشعر بجوع الآن !
استخرج شرائح ( الهامبرجر ) من الثلاجة و أحضّر وجبة سريعة ، ألتهمها بأسرع مما حضّرتها !
أما الأطباق و الأواني المتسخة، فهي ليست من تخصصي !
أذهب الآن لمشاهدة الحلقة الجديدة من أحد المسلسلات التي أتابعها، و أنهي أي شيء آخر لأجل متابعتها !
فتاة حرّة في بيت أبي أفعل ما أشاء ! كطير حر طليق في السماء .. بلا قيود، و لا حدود !
بعد فترة، يحضر بعض الضيوف فتطلب مني أمي مساعدتها فأتقاعس، خصوصا و أنا مندمجة مع أحد البرامج المسلية ! غير أن إلحاحها أجبرني على تبديل ملابسي و تزيين نفسي و حمل صينية الشاي إليهم !
كانوا ثلاث صديقات لها، مع طفل صغير، شقي جدا !
أوف كم أكره شقاوة الأطفال !
انسحب بعد دقائق، عائدة إلى التلفاز، فأصدم بانتهاء البرنامج !
تبا !
أعود إلى غرفتي أستذكر بعض الدروس ، أو أتصفح بعض المجلات استعدادا للنوم !
و نومي لا موعد له، متروك حسب الحاجة !
يمر الوقت، ثم تأتي والدتي ، و أتوقّع نوبة توبيخ جديدة ، ألا أنها كانت تبتسم بسرور !
" لمى ... يا بنيّتي ... أم مجد خطبتك ِ لابنها ! "
ماذا ...؟؟؟
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
[ دعوني أطير ! ]
السلام عليكم
. . . . . . . .
" نعم قبلت ! "
جملة بسيطة من كلمتين، نطقت بها أمام أبي، و الشيخ، و الشاهدين، تحوّلت بها في ثوان من عزباء إلى متزوجة !
ما أن انصرف الرجال، حتى قامت أمي و قريباتي بالتهليل و الزغرة و الهتافات و المعانقات!
" مبروك "
مبروك ، مبروك ... مبروك !
سمعتها من ألسنة جميع السيدات و الفتيات اللواتي حضرن ليلة عقد قراني أنا و مجد !
أقمنا احتفالا (صغيرا) لم يحضره سوى أربعين امرأة ، لم يسبق لي أن رأيت 50 % منهن على الأقل !!
على كرسي العروس، جلست أنا ! أراقب الأخريات و هن يغنين و يصفقن ، و يرقصن كذلك، فرحا بي و بمجد !
قريباته لطيفات ، فهل يكون مثلهن يا ترى ؟؟
تنتهي الحفلة، و يعانقني كل من في الصالة الصغيرة، ممن أعرف و من لا أعرف، و أعود إلى غرفتي !
تلحقني إحدى قريباتي، تعيد المباركة و التهنئة، و تمطرني بوصايا ( قيّمة ) !
" إياك أن تدعيه يفعل هو ما يريد، بل افعلي أنت ما تريدين ! يجب أن تجعليه كالخاتم في إصبعك ! أطلبي منه أخذك إلى المطاعم و الأسواق و المنتزهات و الملاهي و الرحلات كل يوم ! اصري عليه لشراء الأشياء الثمينة و كل ما يعجبك ، و لا تتنازلي أبدا عن شيء أردته ! دعيه و من البداية ينفّذ كل رغباتك دون اعتراض أو نقاش ! "
هل انتهينا ؟ لا !
" و يجب أن تعمدي إلى زيادة وزنك عدة أرطال ! أنت ِ نحيلة جدا ! و شيء يجب أن تدركيه جيدا ، هو أن الرجال يفضلون المرأة السمينة ! "
ربّاه !
تفرغ شحنة نصائحها الغريبة تلك، و تغادر أخيرا !
ارتمي على السرير ...
آه ! لقد انتهى كل شيء !
معقول ؟؟ هل انتهى كل شيء !؟
أأصبحت أنا الآن امرأة متزوجة ! بهذه السهولة و السرعة !
الليلة الماضية، كنت أنام على سريري (عزباء) في حالي، أفكر و أفكر في كيف ستكون الليلة المقبلة !؟
بذلت ما أمكنني لأظهر جميلة و أنيقة، مرضية في أعين قريبات مجد !
و لكن... أعساي أعجبه ؟
مضت الأربع و عشرون ساعة الأولى من دخولي القفص، و لا شيء تغير
وزعت الكعك على زميلاتي و صديقاتي، و كلّهن باركن لي و فرحن من أجلي، علم الكون كلّه بارتباطي بمجد ...
" مبروك لمى، تستحقين كل خير ! أخبريني، كيف هو عريسك ؟ "
" لا أعرف ! "
" ماذا !؟؟ "
" لا أعرف فأنا ببساطة ... لم أره بعد ! "
" أوه يا إلهي ! أي مخطوبة أنت ! ِ "
أي مخطوبة أنا ؟؟
لا أدري !
في الليلة التالية للعقد، يأتي مجد لسبب يتعلّق بالعقد نفسه، ليقابل والدي
أقف في الطابق العلوي، أمام النافذة المطلة على المدخل، أدقق النظر في ظلام الليل.. منتظرة ظهروه !
كيف يبدو شكل خطيبي يا ترى !؟؟
متحرّقة شوقا لأعرف !
لم تكن الرؤية واضحة ... ( خسارة ! )
يأتي أخي و يقول مبتسما :
" يسلّم عليك ! سينجز الإجراءات اللازمة في المحكمة، و يأتي غدا لزيارتك ! "
آلام حادة جدا تعتصر معدتي !
سيأتي غدا لمقابلتي ؟؟ يا إلهي أكاد أنصهر خجلا !
و يأتي يوم الغد، و تعاود زميلاتي سؤالي عن المدعو ( خطيبي ) :
" لم أره بعد ! "
" أي مخطوبة أنت يا لمى ! "
آه أسكتن !
أنا لا أعرف من هو زوجي الذي تزوجته قبل ليلتين !
من تكون يا مجد !؟؟
لقد رأيت جميع قريباته و رأينني جميعهن، و رأى هو جميع أقاربي ، و رأوه جميعا ، أما أنا و هو ، فلم نلتق حتى الآن !
تبدأ الشمس بالإقتراب من الأفق...
بعد صلاة المغرب، سأكون أنا و المدعو مجد ( زوجي ) في وجه بعضنا البعض أخيرا ، و بمفردنا ...
يا إلهي...كيف سيجدني ؟ هل سأعجبه؟ هل سيعجبني ؟ ماذا لو لم يرق لي ؟؟ ماذا إن أبهرني ؟؟
ماذا سأقول ؟؟ و كيف سأتصرّف ؟؟
أنا و رجل ( غريب ) أقابله للمرة الأولى في حياتي حبيسان بمفردنا في قفص واحد ...
أيها الناس !
افتحوا الباب .... !
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
[ هذا رجُلي ! ]
أقف عند باب الغرفة، التي تخفي خلف جدرانها ( شريك حياتي ! )
رجلاي كانتا ترتجفان، و يداي ترتعشان ، أما قلبي فتدحرج على الأرض !
" أدخلي يا لمى ! هيا ! "
تشجعني والدتي، و كذلك شقيقي، و لا أجرؤ على خطو خطوة واحدة بعد !
" كريم يا أخي، أخبرني، على أي مقعد يجلس هو ؟؟ "
"على المقعد الأوسط، أمام النافذة ! هيا ادخلي لمى ! "
عوضا عن ذلك، أتراجع للوراء... و أطير إلى المرآة ، أتأمل شكلي للمرة الألف !
" هل أنا جيدة هكذا ؟ هل أبدو أنيقة ؟ إنني لست خبيرة ما يكفي في استخدام الماكياج ! "
" أوه لمى ! جميلة جدا ! هيا اذكري اسم الله و ادخلي ! "
" أريد عباءة ! "
نعم أريد عباءة، أختفي تحتها ، كيف لي أن أظهر فجأة هكذا بكامل زينتي أمام رجل غريب، لم أره في حياتي قط !؟؟
تضحك أمي، و تقول محاولة تشجيعي :
" هل أدخل معك؟ هيا عزيزتي سأدخل معك حتى تشعري بالأمان "
آه لو تدخلين يا أمي ! سأشعر بخجل مضاعف..بل سأقع مغشية على الأرض !
عدت ُ إلى الباب، و أنا أحمل فرشاة شعري في يدي، متمسّكة بها لآخر لحظة !
دفعتها إلى أمي، أمسكت بمقبض الباب، تلوت آية الكرسي و سميت بسم الله..
أدرت المقبض و حركت الباب ببطء شديد جدا.. كأنني لص يتسلل إلى إحدى الغرف بحذر !
انفتح الباب بمقدار يسمح لي برؤية شيء ما يجلس على المقعد الأوسط، أمام النافذة ، و يسمح لذلك الشيء برؤيتي !
سجدت عيني على الأرض فورا و بقيت ساجدة إلى ما شاء الله !
أغلقت الباب من بعدي دون شعور، بصراحة، لست متأكدة من أنني أنا من أغلقه ! لكني وجدته مغلقا !
أسير نحو الداخل ببطء محنية الرأس غاضة البصر
مع ذلك، استطيع أن أرى الجسم المغطى بالبياض، يتحرك، يقف، يقترب مني، يتحدّث..يتمتم، يمد يده..يطلب مصافحتي !
يدي أنا..أصبحت الأن في يد رجل غريب !
( وأ ! )
هناك باقة من الزهور، ارتفعت عن الطاولة، و جلست في يدي، لكن كيف ... لا أعلم !
اعتقد أنه أشار إلي بأن أجلس إلى جواره، على نفس المقعد، ( احترم نفسك ! ) ألا أنني جلست على المقعد المجاور... و عليه..دخلت في سبات عميق ...
مر الوقت، و أنا لا أجرؤ على الكلام، على رفع نظري إليه، على الحراك، على التنفس ، أو حتى على طرف العين!
لاتزال عيني ساجدة على الأرض، في قنوت و خشوع شديدين !
اعتقد أنه حاول التحدث، حاول قول شيء.. أي شيء.. لكنه أيضا كان شديد الإضطراب !
" مبروك، عسى الله أن يديم رباطنا طويلا ، و يسعدنا معا .. إن شاء الله ! "
" ............... " ( لا تعليق ! )
" لا أعرف ماذا أقول! إنه الحياء الذي لا بد منه ! "
" ............... " ( فقط سجود و خشوع ! )
" هذا سيزول مع الوقت... بعد ذلك سنعتاد على بعضنا البعض ! "
" ............... " ( صم ، بكم عمي ، و هم لا يفقهون ! )
" سأحاول التغلب على الخجل ، أنت ِ أكثر خجلا منّي بطبيعة الحال ! أرجوك تخلّي عن حيائك قليلا و حدّثيني عن نفسك ! "
" ............... " ( لا حياة لمن تنادي ! )
و طال الصمت، و طال الخجل، و طال السجود، و كنت أرى رجلي ّ يرتجفان و واثقة من أنه يراهما كذلك !
أما أصابعي، فقد كانت تعبث بوشاحي باضطراب مهول !
اعتقد، أننا كنا في فصل الشتاء، و كان الطقس شديد البرودة، و درجة الحرارة هي 10 مئوية كما سمعت في الاخبار، ألا أنني الآن، على وشك الأنصهار !
حر .. نار .. حريق ...أنا أذوب !
الرجل الذي يجلس إلى جواري، حاول التحدث.. حاول التعريف عن نفسه، و تغلّب على خجله و تلكم كلاما مبعثرا، من كل بحر قطرة !
هذه الأمور ذكرها جميعا خلال فترة قصيرة
اهتماماته، عائلة، أمجاد عائلته، أمراض عائلته ! ، دراسته، مدرسته، كفاآته، عمله، سفره، طبعه، أصدقاؤه، علاقاته بالناس، خططه المستقبلية، كيف كان يخطط للزواج، كيف تم ترشيحي له، و تفصيل ما حدث منذ عرض الطلب حتى لحظة رؤيتي ! و ما هو انطباعه الأول عني !
" أنت ِ قمر ! "
( لا حول ! بدأنا حركات العيال ؟ أقصد الرجال ؟ أنت لحقت تشوفني أصلا !! )
لكنها كلمة جعلتني أضحك و أرميه بنظرة مختلسة !
( من أولها ! يا فتاح يا عليم ! )
لم أتكلم، لم أجرؤ على ذلك، ألا أنني شيئا فشيئا رفعت بصري من السجود، إلى الركوع ، إلى القيام ، إلى التكبير !
هذا هو زوجي ؟؟
أريد أن أتأمل قليلا !
( من حقّي ! صح ؟ )
لم يكن يثير اهتمامي ما يقول، بمقدار كيفية القول... لقد كنت أراقب حركاته، طريقته في الكلام، في النظر إلي، في شرب العصير و أكل الكعك !
هذا الرجل، ليس وسيما بالقدر الذي تمنيت، و ليس جذابا ما يكفي لإثارة اهتمامي، و حديثه الأول لم يكن كما توقعت، و حركاته لم تعجبني..
و بعض كلامه ضايقني..
و بعد ساعتين من اللقاء الأول، شعرت بنفور منه، و تمنيت أن يخرج فورا !
النصف ساعة الأخير كان مملا جدا، و أحسست بالنعاس و كدت أتثاءب !
متى سيخرج هذا الضيف؟ بدأت أستثقل وجوده !
و حين وقف أخيرا، هاما بالإنصراف، فرحت !
( أخيرا ! توكّل على الله يا شيخ ! )
" كيف وجدتني ؟ ما هو انطباعك ِ الأول عني ؟؟ "
" سأخبرك َ لاحقا "
" أخبريني الآن ، حتى أذهب قرير العين ! "
( يا أخي قلت لك بعدين ! روح و خلّصني ! )
" فيما بعد... "
" حسنا..أتمنى أن أكون قد نلت ُ إعجابك ِ كما نلت ِ إعجابي ؟ سأشكر والدتي كثيرا على حسن الإختيار "
( لا و الله ؟ مصدّق نفسك يعني ؟ )
عند الباب، مد يده ثانية، و صافحني بحرارة !
( و بعدين معاااك ؟ )
" الحمد لله ، أنا الآن مطمئن، سوف أتصل بك غدا ! أريد أن نتقرّب من بعضنا البعض بسرعة "
( تو الناس يا حجّي، لو سمحت لا تتصل ! )
و ودّعني وداعا حميما !
أغلقت الباب الخارجي، و عدت إلى الداخل، و إلى المطبخ، حيث تجلس أمي
( على نار ) تنتظرني !
" بشّريني بنيّتي ! كيف وجدت ِ عريسك ؟ "
كنت أشعر بضيق في صدري، فأنا لم أرتح لهذا المخلوق.. بل شعرت بنفور منه
" أمي ! إنه لا يناسبني "
بدأت الإبتسامة المرسومة على وجه أمي منذ أيام، تتحول إلى قلق...
" ماذا ؟ "
" أنا أعجبته يا أمي، لكنه لم يعجبني ! "
" إنها البداية ! لا تحكمي من أوّل لقاء ! القادم أكثر من الذاهب ! "
القادم ؟
لقاء ثان ٍ ؟
مع هذا الشخص ؟؟
لا !
أنا لا أريد أن ألتقي به مجددا...
إنه لا يناسبني، فليس كمثل أي من فرسان الأحلام الذين تخيلتهم في حياتي !
مجد... هل حقا أنت زوجي ؟؟
هل حقا سألتقي بك مرة أخرى ؟ ما كدت أصدّق أن ينته اللقاء الأوّل..
مجد.. أنا لم أرتح لك !
أنا آسفة و لكن نفسي لم تألفك ! ربما أنت ألفتني و انجذبت إلي، و لكن هذا ليس شعوري أنا !
أي مصيبة أوقعتني فيها يا أبي ؟؟
مجد .. لا تعد ! ...
أرجوك لا تتصل ! ... لا تفكّر بي ... لا تقترب منّي...
باختصار ...
لو سمحت...
طلّقني !
>> الفكاهة كبعض الفاكهة ! حلوة و مفيدة ! <<
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
* عرسان آخر زمن ! *
في اليوم التالي للقائنا الأول، ذهبت إلى الجامعة و أنا غاية في الحزن...
و لا شعوريا، بكيت أمام إحدى صديقاتي...
" لمى ! أرجوك كفى ! كيف تحكمين عليه من اللقاء الأول ؟ "
" صدّقيني يا شجن، إنه شخص لا يناسبني ! لا يشبه أيا من فرسان أحلامي ! "
" أي فرسان و أي أحلام ! لو سألت أي فتاة ارتبطت، ستخبرك بأن خطيبها ليس كفارس أحلامها ! لا يوجد فارس إلا في الاحلام، أما في الواقع، فنحن نبحث عن الرجل الحقيقي، صاحب الدين و الأخلاق "
" لم أعب دينه و لا حلقه، بل يبو متدينا و كريم الخلق، ألا أن أسلوبه في الكلام، و طريقة تفكيره، و حتى أكله و شربه لم تعجبني ! لا أصدّق أنه زوجي ! لا أريد زوجا كهذا "
كنت محبطة جدا..و حق لي أن أحبط، فقد حلمت بأشياء، و تمنّيت أشياء، و وجدت أشياء أخرى.. مختلفة تماما..
شجن ظلّت تشجعني و تواسيني، و تضرب لي الأمثال عن بعض زميلاتنا و معارفنا ، اللواتي مررن بنفس المرحلة ( مرحلة الرفض ) ثم تأقلمن شيئا فشيئا مع عرسانهم !
" سترين، لقاء بعد لقاء، و مكالمة بعد مكالمة، و ستعتادينه ! صدقيني هذه ردة فعل متوقّعة ، مهما كان عريسك ! "
و تركتني، أفكّر بعمق... تفكيرا أسود اللون !
لماذا حكمت علي الأقدار بزوج كهذا ؟؟ أنا أستحق رجلا أفضل منه ! رجلا مختلفا عنه.. رجلا كما أتمنى...
( يا القدر ..يكفي مرارة يا القدر ،،
يا القدر يكفيني حسرات أو قهر
ليه مستخسر تسرني يا القدر ؟؟
ماني مخلوقة مثل باقي البشر ؟؟
يا القدر هدّيت حيلي ،،
ويلي من ما جبت ويلي
يمّة شيلي همومي شيلي ،،
وااا على بنتك ... سلام ! )
أعتقد .. أنني أتعس مخطوبة على وجه الأرض !
لماذا رمتني الأقدار على هذا الرجل ؟؟
ما أكبر مدينتنا !
كم عدد الرجال فيها ؟؟
أمعقول .. أنه لا يوجد من بينهم رجل واحد ، واحد فقط، يستوفي شروطي !؟؟
فقط رجل خلوق، و جامعي ، وسيم و جذّاب، و راقي الأسلوب !
البارحة، قال أنه سيتصل هذا اليوم... الأمر الذي جعلني ( ألصق ) هاتفي الجوال بجسدي منذ الصباح !
الساعة تمر تلو الأخرى، و بين الفينة و الفينة ألقي نظرة على هاتفي !
( لا مسد كول و لا سينت ماسيج ! وش ها الخطيب ! )
أتذكّر، أن الرسائل كانت تصل شقيقتي كالمطر، أيام خطوبتها، و ازدحم هاتفها بها حتى كاد ينفجر !
( إش معنى أنا ناسيني !؟ )
عدت إلى البيت، مهمومة حزينة... جلست أمام مكتبي و وضعت الهاتف أمام عيني ...
انتصف الليل، و لم يتّصل ( بعلنا في الله ) !
( راحت عليه نومة ؟؟ و إلا نسى أنه خاطب وحدة !؟ )
شعرت بغيظ ، و أبعدت الهاتف عني ، ثم شغلت ببعض الأمور علّها تساعدني على استقطاب النعاس !
الثانية و النصف، غلبني النعاس أخيرا، فأويت إلى الفراش...
قبل أن أضع رأسي على الوسادة، القيت نظرة يأس أخيرة على هاتفي، و فوجئت بـ ( ميسد كول ) مكالمة فائتة من طرف مجد !
لقد اتصل قبل نصف ساعة تقريبا، و أنا بعيدة عن الهاتف !
الثانية صباحا ؟؟
( أقول ، تو الناس ! وش فيك مستعجل يا أخي ؟؟ )
أغلقت جهازي، و نمت ( قريرة العين، أو ... نصف قريرة العين ! )
على الأقل، تذكّر أن له خطيبة ما تنتظر مكالمة ما !
في اليوم التالي، اتصل بي نهارا ، و كانت مكالمة عاجلة و مختصرة جدا، لنصف دقيقة :
" سوف أتصل بك ِ ليلا ، قبيل منتصف الليل ! "
( يا مصبّر الموعود ! )
انتظرت مكالمته الموعودة، يجب أن أحضّر الكلام الذي سأقوله، و سأصغي جيدا لما سيقول، و سأعيد التدقيق في أسلوبه و أعطيه فرصة أخرى !
آخ ... متى يحل الليل !
في العصر، تجرأت و أرسلت له رسالة قصيرة ، أخبره بأنه ( على البال ) !
أرسلت الرسالة الهاتفية، و انتظرت...الرد !
انتظرت و انتظرت و انتظرت ...
( يا حجّي وينك ؟ مطنّشني من أوّلها ؟؟ يا أخي جاملني شوي ! ترى أنا زوجتك ! و إلا مستحي منّي ؟؟ )
بعد عدذة ساعات وصلني رد لا يمت لرسالتي بصلة !
( يا الله يا كريم ! خير و بركة ! أقلها ما طنّشني ! )
و أخيرا اقتربت الساعة من الثانية عشر منتصف الليل !
و أخيرا وردتني المكالمة المتظرة !
" مرحبا يا لمى، كيف حالك يا زوجتي يا حبيبتي ؟ "
( الله الله ! حبيبتي مرّة وحدة ! يا عيني على الروقان ! إيه كذا ! حسّسني إني مخطوبة ! )
" الحمد لله بخير، كيف أنت ؟ "
" بخير و سعيد لسماع صوتك ! "
( آخ منكم يا أولاد آدم ! ما تتوبون ! )
و تحدّث ببعض الجمل، رفعت معنوياتي قليلا ، ثم قال :
" لن أطيل في الحديث عبر هاتفي الجوال، فقط وددت الإطمئنان عليك و سماع صوتك ! أتأمرين بشيء ؟ "
( كذا ؟ بالسرعة ذي !؟ و ش عندك شاغلنّك عنّي ؟؟ يا أخي أوّل مرّة تكلمني على الهاتف ما أسرع ما زهقت ؟؟ )
شعرت بإحباط بعد كلامه هذا ، إنها لم تكن 10 دقائق تلك التي حدّثني فيها !
قال :
" لدي عمل في الصباح و سآوي للنوم ، ألا تودين شيئا ؟ قولي ! لا تخجلي ! "
( لا سلامتك ! بس لو سمحت قبل تقفّل الهاتف وش رايك تطلّقني ؟؟ )
" سلامتك ، شكرا "
" إذن ، بلّغي سلامي لوالديك و أخوتك ! "
" الله يسلّمك "
" تصبحين على خير "
" و أنت من أهله ! مع السلامة "
" في أمان الله "
أهذا كل ما لديك !
كم أنا محبطة من مكالمتك هذه ! هل يتصرّف جميع الخاطبين بطريقة مماثلة ؟؟
أذكر أن شقيقتي ، و صديقاتي، كن يقضين ساعات في التحدّث إلى عرسانهم !
أي خطيب أنت يا مجد ؟؟
لا رسائل و لا مكالمات ( زي الناس ) !
يا برودك يا أخي !
من أوّلها كذا ؟؟؟
أجل الله يستر من بكرة !
قبل أن أنام، أرسلت له رسالة أشكره مجددا على باقة الورد الجميلة، ( يمكن يحس شوي )
و لا حس و لا هم يشعرون !
و إلى عصر اليوم التالي و أنا في انتظار أي تعليق منه على الرسالة، أو أي بادرة منه... لكن ...
* عرسان آخر زمن ! *
>> ما لم تلاطفها في فترة الخطوبة، فمتى ؟ بالله عليك !!؟؟ <<
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
> حالة طوارىء ! <
السلام عليكم
. . . . . . .
حددنا موعد اللقاء الثاني هذه الليلة !
قبيل المغرب، أصبت باضطراب معوي شديد ( و اعتكفت في دورة المياة أعزكم الله ! )
(وش فيني كل ذا خوف ؟؟ ما صار مجرد ( بعل !) كأني رايحة أقدّم امتحان شفوي نهائي قدّام وزير التعليم ! )
اعتقد أن الإضطراب هو شعور متوقّع في ظرف كهذا !
بعد صلاة العشاء، ذهبت ُ إلى ( صالون التجميل )
( خسّرت مئة ريال في دقايق ! كلّه عشان هالمجد ! و الله و طار المهر ! )
لكن، شعرت ُ بالرضا ! فشعري الأجعد يحتاج إلى راصفة شوارع حتى يستقيم !
كما و أنني لست ُ خبيرة بما يكفي في وضع المساحيق
( و ما دام قال عنّي قمر، خلني أصيرقمر بحق و حقيق ! )
ابتسمت ابتسامة رضا و سرور و أنا ألقي النظرة الأخيرة على وجهي و تسريحة شعري، قبل مغادرتي الصالون...
( مو خسارة في ّ هالمئة ريال ! و الله طلعت أجنن ! )
و عدت إلى البيت، و أعددت الجلسة الخاصة بعريس الهناء !
( جهّزت الكيك، و البسكويت، و الشيكولا ، و المكسرات، و العصير ، و الشاي، و القهوة، و الحليب، ... لا ! حليب ما فيه ! مو كافي كل هالوليمة ! الرجّال جاي يشوفني مو يزيد وزن ؟ )
و بقيت واقفة على أطراف أصابعي من شدّة التوتر !
أفكّر و أفكّر ..
أي انطباع سيتركه هذه المرّة ؟؟ أي انطباع سيأخذه عنّي ؟؟
هل سرّ بي المرة السابقة؟ هل أصابه الملل منّي ؟ هل كنت محدّثة جيدة و لطيفة ؟
هل سيكون ( ثقيل الظل ) كما في المرّة السابقة ؟
هل سأعجبه أكثر ؟
هل سيذكرني !؟
( بصراحة ، أنا نسيت شكله ! يا خوفي لا ألخبط و ما أعرفه !! )
و رن جرس الباب، و أقبل مجد !
قلبي صار ينبض بعنف، يكاد يكسر أضلاعي من شدّته !
دخل مجد الغرفة الخاصة بلقائنا ، و سرعان ما مدّ يده لمصافحتي !
( يوه ! أنت لسّه فاكر ! )
و هذه المرة أوقعني في الفخ !
جلس على أكبر مقعد في الغرفة، في مكان هو الأبعد عن أي مقعد آخر، و أشار بيده لي :
" تفضلي ! "
إلى جانبه مباشرة !
( أما وجهي احترق بشـــكل ! )
هل انتهينا ؟؟
لا !
كم مرّة يفترض أن يصافح المرء حال دخوله إلى بيت مضيفه ؟ مرّة واحدة ! أليس كذلك ؟
لكن ( بعلنا في الله ) مدّ يده و صافحني من جديد !
( لا يا عم ! استحليتها يعني ؟؟ )
و هذه المرّة ( حبس ) يدي بين يديه !
الخجل الذي شعرت ُ به كان يكفي لأن أصاب بسكتة قلبية ! ( بس قلبي قدها و قدود ! )
سحب ( زوجي ) يدي المحبوسة بين يديه و قرّبها نحوه !
" تخلّي عن خجلك ! أنت ِ زوجتي الآن ! "
أقول ...
ما الذي تنتظرونه ! ؟؟
أطلبوا الإسعاف فورا !
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
سلام
. . . . .
بعدما انتهت الحالة الإسعافية الخطيرة، و استقرت حالة المريضة، أقصد المخطوبة ، قال الخاطب :
" نعود إلى محور حديثنا ! "
( أي محور أي دوران ! هو إحنا أصلا بدأنا ! )
" في أي المواضيع تودّين أن نتكلم يا لمى ؟ "
" كما تشاء ! "
( يعني بالله عن إيش تبينا نتكلّم ؟ عن خطوبتنا و زواجنا طبعا ! هذه يبي لها سؤال ؟؟ )
" ما رأيك في الحديث عن اختلاف آراء القادة و تعارض توجهاتهم و نظراتهم الدينية السياسية ؟ "
( حلو ! هذا اللي ناقصني ! رح يا شيخ ! أي سياسة الله يهديك ! هذا وقته ؟؟)
" حسنا ... ماذا لديك بهذا الشأن ؟ "
و ينطلق لسانه في محاضرة طويلة عريضة حول الدين و السياسة و الأحزاب و العنصرية !
( يا أخي وش قالوا لك عنّي ؟؟ أولبرايت و إلا حنان شعراوي ! إلا اسمها صح كذا و إلا خطأ ؟؟ )
أنظر إليه نظرة ملل، علّه يدرك أن ( السياسة ) هي آخر آخر آخر موضوع أرغب في التحدّث فيه مع أي كان، فكيف بـ ( بخطيبي الجديد ! )
انتهت حصّة السياسة أخيرا !
( ما بغينا نخلص ! الله يرحم والديك خلّك ساكت أحسن ! )
أتسلل من الغرفة إلى المطبخ ، و أعود حاملة ( وليمة ) أقدّمها لزوجي السياسي !
( مو يقولون أقصر طريق لقلب الرجل هو معدته ! ورّينا شطارتك الحين ! )
بعد ( فسحة الأكل ) :
" في أي درس نتحدّث الآن ؟ "
( يا أخي قالوا لك مدرسة ؟ عسى مو الحصة الثانية تاريخ و إلا جغرافيا ! ترى أهد لك البيت و أطلع أتمشى بالسوق ! )
قلت :
" هل تحب الشعر ؟ "
" لا ! "
( أووووه ! و تاليتها معاك ! يا حبيبي حتّى لو ما تحبّه قل لي : نعم ، جاملني شوي، قول فيني كم بيت ! ألّف لك كم كلمة أو حتى اسرقها من أي منتدى ، يقولون أن الخطوبة تنطق الواحد شعر غصبا عليه ! )
قلت :
" إذن، ما هي اهتماماتك؟ هواياتك ؟ "
" كرة القدم ! "
( لا حـــــول ... ليتني ما سألت ! زين لي الحين ؟؟ )
و يدخل مخطوبي في حصة رياضة، يخبرني عن فريقه و أمجاد فريقه و بطولات فريقه !
( أنا وش اللي باليني بلاعب كرة ! أنا أصلا ما أطيق الرياضة و لا الألعاب ! أشوفك مندمج و مبسوط ! زين ! و الله لأورّيك ! )
قلت مقاطعة :
" أنا لا أحب كرة القدم أصلا ! "
( خذها كذا منّي ، على الصريح المباشر ! )
اعتقد أنه ( حس على دمّه شوي و انحرج حبّتين ) فانسحب !
قال :
" صحيح ! دعينا من كرة القدم الآن ! أي كرة قدم أي كرة أرض!! أمامي كرة قمر أجمل أريد ألهو بها ! "
( لو سمحتوا.... قفلوا الصفحة ! )
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
انتظروا التكمله
درة الشرق
ملاحظه كل خط زي كذا ـــــــــــــــــــــــــ يعني جزء بس انا خليت لكم اكثر من جزء لانهم صغار</font>
مواقع النشر (المفضلة)