<font color='#996699'><FONT color=#996699>
<P align=center><STRONG><FONT color=#996699 size=4>
</FONT></STRONG><STRONG><FONT size=4><FONT color=#996699><FONT face="times new roman">رفعت رأسي ، ونظرت إلى وجهها .. كان ينطق بكل اللغات .. إلا لغة الجسد ..

لقد تلاشي الجسد ، كوسيلة تعبير بيننا .. ولم يكن ثمت إلا أنا .. ودوائر من النور ..

تلتمع في مساحات وجههـا .. الـذي غدا أمامي كمحراب هائل ..

طفقت أردد فيه الصلوات ..

- اعتبريني أخا لك ...

قلتها وأنا أنهض ، وهي تتبعني بنظراتها .. وتغالب دمعتين ..

عقربا الساعة في سباق ، الصغير يؤشر على الرقم 11 ، والكبير إلتحم بالرقم 2 .. لا أدري أيهما سبق .
&nbsp;لم يعد لتقسيم الفراغات في تلك الدائرة التي يسمونها (ساعة) ، أي معنى لدي ...

في لغة الوقت ، التي أخترعوها ، الساعة الآن هي الحادية عشرة وعشر دقائق ..

أما الوقت لدي ، فقد اختزل إلى بداية ونهاية .. كلاهما إسمه .. موضي ..
&nbsp;الزمن فيه لا يحسب بالعقارب .. ولا بفراغات الدائرة ، وتقسيماتها ...

إبتدأ بفتاة تقذف من سيارة ، كنتيجة مبكرة لعملية سوف تتم ، بالضرورة لاحقا ، وتحدث في كل لحظة ،
&nbsp;يدفع الطرف الأضعف فيها .. دائما ، الثمن الباهض من شرفه .. وكرامته ، وإنسانيته .. وحقه المفترض في حياة كريمه ..

لا تخضع لإبتزاز المال .. ونفوذ السلطة ..

تأتي المرأة ممثلا (مواظبا) للطرف الاضعف .. الممتهن .. المبتز .. المستهدف .. المقذوف ..

ليس من سيارة يمتلكها مترف ، (قادر) .. بل من حقها .. أن يكون لها كينونة .. في بعدها الانساني ..
&nbsp;لها اعتبارها .. وكرامتها .. ضمن القانون السرمدي :

"وكرمنا بني آدم" ...
،
،
ينتهي الوقت .. متى ينتهي ..؟

عند الساعة الواحدة .. حينما تدلف موضي ، بخطوات متوجسة إلى بيت أهلها ..؟

وقت طويل .. لو كان الزمن يقاس بعذابات المحرومين وأوجاعهم .. وبأحلامهم التي تنتهي تحت أقدام نزوات (القادرين) ..

وصلت إلى مقر عملي .. ونزلت ..

لم يتبق وقت للعمل اليوم . تركتها في السيارة ، وذهبت لإنجاز بعض الأعمال المعلقة ، ولأعتذر عن التأخير .. وعن بقية اليوم .

بدوت أمام الزملاء متوترا .. شارد البال .. غير قادر على التركيز ..

وقعت اسمى في المكان غير الصحيح أكثر من مرة .. وأختلف توقيعي عن الآخر أكثر من مرة
.. ناديت أحد الموظفين بغير اسمه ..

ظروف عائلية ...

كان هذا هو التبرير .. وانسحبت ..

جزء من الشرود والتوتر الذي انتابني في العمل ، كان بسبب الضغط النفسي الذي فرضه التفكير المتواصل في أمرها ..

لقد قررت أن لا أنزلها عند المدرسة ..

سيطر علي هم واحد :
هـل أتركهــا تذهب بهذه البساطة .. دون أن تتعلم درسا ، يمنعها من العودة لنفس السلوك ..؟

هل أدعها تعود لبيت أهلها .. لتعود بعد ذلك لنفس الطريق ..

عدت إلى السيارة بغير الوجه الذي ذهبت به ..

مهمومـا .. متجهما .. ومتوترا .. ضاقت على الأرض بمارحبت .. ركبت ، وسحبت الباب خلفي بقوة .. ولم أكلمها ..

كنت ، حينما خرجنا من المطعم ، قد ألنت لها القول ، ولاطفتها ، وحدثتها حديث القلب للقلب عن خوفي عليها ..
&nbsp;وقلقي على مستقبلها ، ورجوتها أن تنتبه لنفسها .. وختمت ذلك بمزحة ، فقلت :

- إن عاهدتني أن تلتزمي بما قلت لك اشتريت لك أسكريم (كون زون) أو (باسكن روبنز) ،
&nbsp;لكن باسكن روبنز أمريكي ، وأنا مقاطع البضائع الأمريكية ..

ضحكت ببراءة الآمن في سرية ، وقالت بعفوية أخذت قلبي :

- أبغى اكتب اسم الاسكريم .. حتى إذا رحت للمدرسة أقول للبنات إني أكلته ..

ثم أضافت :

- أبلا نوره .. دائما تنهي الحصة بتذكيرنا بمقاطعة البضائع الأمريكيــة .. لكن .. ثم سكتت قليلا .. لتقول :

.. البنات في الفسحة يعلقون على (أبلا) نورة ، ويقولون :

"الأبلا ساكنة في شمال الرياض .. وتحسب الناس كلهم مثلها ، يستطيعون أن يشتروا بضائع أمريكية" .
أندفع الدم إلى وجهي ، وشعرت كأنما لفحتني موجة حارة .. إنها فوقية المترفين ..

إنها (ماري أنطوانيت) ، التي تطالب الجائعين ، الذين يتظاهرون من أجل الخبز .. أن يأكلوا (بسكويت) ..
أوهي (أبلا نورة) .. التي تطالب الجوعى والعراة .. أن لا يشتروا من (مكس) ، أو (نكست) ، أو (فرساتشي) ..

كيف لا تقرأ (أبلا نورة) هذا الوجع والبؤس .. الساكن في كل قسمة من قسمات تلك الوجوه ،
وهي تصافح عينيها كل صباح .. كيـف تستطيـع أن تعيش في عالمين منفصلين ..؟

كيف يصنع الترف كل هذه الحجب الغليظة من البلادة .. واللامبالاة بمعاناة الآخر .. ووجعه .. وبؤسه ..؟

كيف يهوي الانسان (في داخلنا) إلى تلك الاعماق السحيقة ، فلا يسمع منه زفرة ألم ..
&nbsp;ولا يتسلل من تلك اللجة الجليدية .. شئ من مشاعر .. صرخة واهية ..

تجاه الحرمان الذي :

يخنق أحلام الصبايا ..

يغتال الفرحة في عيون الأطفال ..

ويقتل الكبرياء في جباه الرجال ...؟





،



</FONT></FONT><FONT color=#990000>يتبع</FONT></FONT></STRONG></P></FONT></font>