<font color='#FF0000'><FONT color=#ff0000><FONT color=#ff0000><FONT size=6>


<P align=center>بطولة أم</P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>لم تبق أحداث الدهر منها إلا على شبح , بيسه الموت او تنساه , و كانت تمشي بهراوتها الغليظة مشية وئيدة مستقيمة , و على بدنها صدار أسوم ممزق الإهاب , يدل على أنه علامة فاجعة قديمة العهد , و لكنها حية كأنها بنت ساعتها.</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>و حين وقفت في ناحية لا يصل إليها تيار الزاحفين , تحلق حولها أربعة فتية , ما أنضر الشباب الذي تفيض بع أعينهم&#33; و ما أسمى العزيمة التي تتلألأ في زجزههم&#33; و أخذت العجوز تتلمس هؤلاء الفتية بيديها ,و أكبت على رؤوسهم و وجوههم , تشم ريحمهم و توصيهم , كأنها تفارقهم إلى غير لقاء.</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>قبلوا يد أمهم , و ودعوها توديع مفارق لن يؤوب , و زحفوا على جيادهم نحو المعركة , و حين تلاشى وقع حوافر جيادهم ,نهضت تتلمس الأرض بعصاها , و في نفسها خواطر كثيرة , منها ما يتعلق بالمعركة و نهايتها, و منها ما يخص أبناءها وحدهم . أتلقاهم كدأبها في المساء؟ أم تلقى بعضهم؟, خواطر و خواطر تحاول ان تطغى على طمأنينتها و إيمانها, و لكنها لا تريد أن تعرف شيئا عن رجوعهم و عن مصارعهم, و إنما تريد أن تعرف كيف استقبلوا الموت: بنحورهم أو بظهورهم؟ و لكن فيم تشك في أشبالها, و ما علمتهم يوما إلا أهل مروءة و نجدة؟</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>و ما ان دنا الأصيل , حتى هتفت البشرى في القوم بهزيمة الفرس , و خرجت النساء يستقبلن الأزواج والإخوة و الأبناء , و من مثل الخنساء تنشط إلى تنسم الأخبار؟</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>و ترتفع الأصوات فوقها و من تحتها , و عن يمينها و عن شمالها , و الظافرون عائدون بالأردية الحمر , و السيوف المضرجة الدماء , و قد أذهلهم النصر عن النصب , يحيي بعضهم بعضا , و ما تحتهم إلا مصافحة بالسيف او بالسنان.</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>و لكن ما لأولاد الخنساء لم يطل أحد منهم على هذه العجوز المترقبة؟ و يطول الانتظار بها , و يمر أحد رجال القادسية ممن شهدوا مصرع أولادها , و يراها شاخصة في الناحية التي أطل منها المنتصرون , شاهدها الرجل , و غلبت على عينيه دمعتان محرقتان , أسقطهما الحزن على هذه العجوز التي بذلت لوقعة القادسية أعظم التضحية , و لما اقترب منها ناداها:</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>يا خالتاه , لا إخالك تألمين اذا انبأتك , أن أولادك يسرحون هذا المساء مع شباب الجنة .</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>فتقدمت منه , و كأن الخبر لم يعصف بنفسها , و لم يظهر أثره على وجهها , و قالت:</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>ويحك , ماذا تعني؟ أقتلوا جميعاٌ؟</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>رأيتهم الواحد يصرع بعد الاخر , يذودون عن موقف تهافت العدو على أخذه تهافت الجراد على النار.</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>أذهبوا متاعاٌ رخيصاً؟</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>إنهم وحدهم كانوا جيشاٌ , كأنما الموت مورد عزموا ان يردوه جميعاٌ, كلما فترت عزيمة واحد منهم, هتف به الاخر &#60;&#33;--emo&:(--&#62;&#60;&#33;--endemo--&#62;(وصية العجوز يا أخاه)) و كأن هذه الكلمة أيقضت فيها الروح التي كلمت فيها أولادها , فقالت:</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>ذالك ما يبعثني على القول : الحمدلله الذي شرفني بإستشهادهم, إني لأرجوالله ان يجمعني و إياهم في مستقر رحمته.</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>و لكن أنبئني ما صنع الله بكم ؟</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>جئنا بالنصر معقوداً على رايتنا.</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>إن هذا الظفر هو التعزية المثلي لي باستشهادهم أبنائي الأربعة.</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>&nbsp;</FONT></P>


<P align=right><FONT color=#ff0000 size=5>&nbsp;</FONT></P></FONT></FONT></FONT></font>