<font color='#000080'>إليكم الجزء الثاني ....

في اليوم التّالي جاء رجل إلينا ليبلغنا بوفاة شقيقتي؛ حيث قال إنها وفي يوم الأحد شعرت بالمرض والتّعب,

ويوم الاثنين ساءت حالتها, ويوم الثلاثاء ..في الساعة الواحدة صباحاً توفيت.... كانت مفاجأة بالنسبة لي؛

ماتت في نفس الوقت الذي كنّا فيه أنا وأبي خارج المنزل ننتظرها&#33;.



لم أنس تلك الّليلة, استمر حزني على شقيقتي فترة طويلة... تستطيع القول إن حياتي توقفت بعدها&#33;, لم اكن

ارغب في فعل شيء أو التّحدث مع أيّ شخص... ولم تمض سنوات حتى تزوّج السّيد &#39;كرو&#39; من شابّة أخرى,

شعرت عندها بالغضب عليه لأنه نسي شقيقتي بهذه السّرعة .



أصبحت الآن الابنة الوحيدة للعائلة الغنيّة؛ لذا وقبل أن اصل إلى السنّ الرابعة عشر بدأ كبار السنّ يتوافدون

إلى منزلنا, كانوا يريدون مقابلتي.. وربما الزّواج منّي, ولكنّني لم أمِل إلى أيّ واحد منهمِ, وفكرت بأنّني مازلت

صغيرة على الزّواج.



عندما بلغت السّادسة عشر من عمري, اصطحبتني والدتي إلى (دبلن)... قالت لي يومها:

" (دبلن) مدينة كبيرة, سنقابل فيها أناساً أغنى وأهم من أولئك الّذين في (تايرون), ونستطيع بسهولة إيجاد

زوج مناسب لك"..

بدأت أشعر بالسّعادة في هذه المدينة, قابلت العديد من النّاس اللّطفاء... كنت اذهب كلّ ليلة للرّقص, العديد من

الشّباب تنافسوا للتّحدث معي.. وطلبوا منّي أن أرقص معهم, أحببت التّحدث إليهم.. وبدأت ابتسامتي وحياتي

من جديد, لم أعد أفكّر بشقيقتي المتوفاة طوال الوقت....

ولكنّ أمّي لم تكن سعيدة؛ فهي تريد منّي أن أختار زوجاً لي... في إحدى اللّيالي, وقبل أن أذهب إلى فراشي,

جاءت إليّ وقالت لي: " هل تعرفين السّيد &#39;جلينفولن&#39; ؟" .. أجبتها: " أوه&#33; أجل .. ذلك الرّجل المسنّ القبيح

من ...... قاطعتني أمي قائلةً: " إنّه ليس قبيحاً ولا مسنّاً, .... &#39; فــــاني&#39;.. إنه من عائلة غنيّة ومهمّة أيضاً,

وهو يريد الزّواج منك.. إنّه يحبّك..".

قلت لها بدهشة: " يحبّني؟&#33;.. يريد الزّواج منّي؟&#33;... ولكنّه يرتكب خطأ.. أمّي إنّني لا أحبّه, لا أستطيع الزّواج

من شخص لا احبّه..".

أجابتني بسرعة: " &#39;فــــاني&#39; ...فكّري بالأمر جيّداً... إنّه رجل طيّب, ويريد الزّواج منك.. أنت شابّة محظوظة".


بعد تلك الكلمات, تركت أميّ الغرفة ... جلست أفكّر بما قالته.. قلت لنفسي: " السّيد &#39;جلينفولن&#39; رجل لطيف

وطيّب, صحيح أنّني لا أحبه... ولكنّني .. ربّما أميل إليه؛ فهو دائم الحديث عن أشياء مسلّية.. لم أشعر يوماً

بالسعادة مع والديّ... ولكنّني أشعر بارتياح عندما أتحدّث إليه"... في الصّباح التّالي, عندما رأيت أمّي قلت لها

كلمة واحدة وهي : " نعم".



أتى الرّبيع, تزوّجت بالسّيد &#39;جلينفولن&#39;... وبعد زواجنا بيومين.. ودّعت عائلتي .... تركنا (تايرون)&#33;&#33;.

وصلنا إلى ( كاهيرجيلاغ) &nbsp; ورأيت -ولأول مرّة- منزل زوجي الجديد... منزل قريب من النّهر .. حديقة مليئة

بالأزهار و الأشجار الّتي تغرّد عليها العصافير ... سماء زرقاء..... وقفت بجوار زوجي أنظر إلى كل ذلك...

ملأتني السّعادة...



السّيد &#39;جلينفولن&#39;: " تعالي يا عزيزتي.. يجب أن &nbsp;تقابلي &#39; مارثا&#39;, فهي الّتي تطبخ وتنظف, وتعرف كلّ شيء

عن المنزل".

دخلنا إلى المنزل وقابلت &#39;مارثا&#39; تلك السّيدة الطّيبة بابتسامتها, وعينيها الزّرقاوين... قادتني إلى جميع أنحاء

المنزل... فجأة شعرت بالإثارة لكوني في هذا المنزل.. إنّه مكان بهيج؛ ... نساء يغنّين في المطبخ ... ورجال

يوقدون النّار في غرفة المعيشة, وهنالك كلاب

وقطط في كلّ مكان &#33; ..






&#39;مــــارثا&#39;: "سيّدتي تعالي معي لتري غرفتك, .... تستطيعين أن تستحمي قبل العشاء..".

تبعتها حتّى وصلنا أمام باب بنّي كبير...

&#39; مــــارثا&#39;: " هذه هي غرفتك..", ففتحت لي الباب... وقفت.. ونظرت.... فجأة أحسست بشيء من القلق,

شعرت ببرودة في جسدي.... هنالك شيء ما يقف أمامي.... شيء أسود كبير&#33; ... لم أعرف ما هو, ولكنّني

أعتقد بأنه معطف قديم.... ولكن لا يوجد بداخله أي شخص&#33;&#33;..قفزت إلى الوراء ... خائفة مما رايته ....

أسرعت للخارج.

&#39; مــــارثا&#39;: "هل هناك خطأ ما يا سيّدتي؟".

&#39; فــــاني&#39;: "لا... أعتقده أنّه لاشيء...ولكن.... ولكنّني رأيت شيئاً ما بالدّاخل عندما فتحت لي الباب&#33;... وكأنه

معطف أسود&#33;&#33;".

عندها تغيّرت ملامح &#39;مــــارثا&#39;... واصطبغ وجهها بالقلق..

قلت لها: "مـــــارثا&#39; .. ما بك؟&#33;".

&#39;مــــارثا&#39;: "شيء ما سيئ سيحدث؛ عندما يرى أحد ما المعطف الأسود في هذا المنزل فتلك إشارة إلى حدوث

مأساة لعائلة السّيد &#39; جلينفولن&#39;..... لقد رأيت المعطف ذاته عندما كنت صغيرة ..يومها مات السّيد الكبير

&#39;جلينفولن&#39;....شيء ما سيحدث الآن .. أنا أعلم ذلك&#33;&#33;".



نزلنا لتناول العشاء , شعرت بالخوف لما ذكرته &#39;مـارثا&#39;, ولكن لم أقل لزوجي شيئاً عن المعطف؛ أردت أن

أنسى ما حدث.. وأعود سعيدة مرة أخرى.

في اليوم التّالي, ذهبت بصحبة زوجي لنتمشّى سويّاً حول المنزل؛ لأنّني أردت أن أعرف منزلي عن قرب.

&#39;فـــــاني&#39;: " أحببت هذا المنزل بجميع من فيه, وأنا سعيدة لأنني معك هنا, إن هذا المكان افضل بكثير من

(تايرون)".


زوجي كان صامتاً طوال الوقت, يمشي ورأسه للأسفل... يفكّر.... بعدها فجأة التفت إليّ, وأمسك بيدي, ثم قال:

" &#39;فـــــــاني&#39;..أصغي إليّ جيّداً... هناك شيء ما يجب أن أنبّهك به, تستطيعين الذّهاب إلى الغرف الأمامية,

ولكن...إيّاك ان تذهبي إلى الغرف الخلفية للمنزل, أو أن تذهبي إلى الحديقة الصّغيرة بواسطة الباب الخلفي...

لا تفعلي ذلك.. هل فهمتي؟".



بدا غير سعيد, استوعبت كلماته ولكنّني لم أعرف السّبب الذي جعله يتحوّل إلى رجل آخر&#33;, فمنذ وجودنا في (

كاهيرجيلاغ) &nbsp;لم يبتسم ولم يضحك لأيّ شيء, ربما الجزء الخلفيّ للمنزل خطير... ولكنّه لم يشأ التّحدث عن

ذلك أكثر...

عدنا إلى المنزل.. مرّةً أخرى حاولت أن أنسى كلماته وأن أعود سعيدة كما كنت سابقاً...</font>