<font color='#728FCE'>طلاب جامعة الامارات عايشوا الزلزال ورفضوا أكل “السوثي”
الكاتب: أحمد غريب
رحلة صيف هدفها المعرفة ووسيلتها لمس الصخور باليد ومشاهدة طبيعية مختلفة والتعرف عملياً الى أساليب تكنولوجية جديدة.. هذه هي أهم ملامح رحلة أربعة من طلاب قسم الجيولوجيا في جامعة الامارات الى اليابان والتي استغرقت 24 يوماً بدعوة من شركة “جودكو” اليابانية التي تعمل في حقول نفطية بحرية في أبوظبي، لكن الاستماع الى حكايات الشبان الاربعة عن جولتهم بين مناطق متنوعة في اليابان وزيارة منطقة “نيجاتا” التي تتكون من سبع امارات يوجد بها بترول وتشبه دولة الامارات من عدة نواح يجعلك تتساءل عن سر الحماس الذي ملأهم بعد عودتهم من الرحلة رغم أنهم لم يتأقلموا مع الطعام الياباني، بل كانوا يتظاهرون في دعوات العشاء الرسمية بأنهم يأكلون حتى لا يسببوا حرجاً لمضيفيهم. ورغم ان انطباعهم عن الشعب الياباني أنه ميال للعزلة والوحدة وهي سمة لا يميل اليها الشاب العربي بشكل عام.
سر الحماس هو اكتشاف الذات والاطلاع على بوصلة تساعد على تحديد اتجاهات المستقبل، فهذه الدراسة بالنسبة لطلاب الجيولوجيا يوسف الحمادي وبشير القحطاني ومحمد احمد بن سعد وعبدالحميد الحوسني جاءت قبل التخرج ب”كورس” واحد، وبعدما درسوا لمدة اربعة أعوام دراسة نظرية وافية لكن الجانب العملي منها اقتصر على زيارات لمناطق داخل الدولة.. وهناك في اليابان فتحت امامهم أبواب التعرف الى الاستخدامات التقنية للنظريات والمعارف التي حصلوها، كما شاهدوا ولمسوا بأيديهم مختلف انواع الصخور ونماذج حية للتكوينات الطبيعية، كما تعرفوا عملياً الى اجهزة وقياسات واساليب للرصد حديثة، فاتخذ كل منهم قراره بالاتجاه الى نوع معين من العمل يناسبه، حتى ان احدهم قال: “لقد درست الجيولوجيا واخترت العلوم في السنوات الماضية لكن لم أكن راضياً عما درسته، وبعد هذه الرحلة عدت وأنا متشوق لإنهاء الفصل الدراسي المتبقي وانوي بإذن الله العمل في مجال الجيولوجيا والبترول”.
محطات الرحلة
يحكي يوسف الحمادي عن محطات الرحلة الجيولوجية الى اليابان “أول شيء قضينا يومين في طوكيو لمشاهدة المناطق السياحية كالمعابد، وزرنا برج طوكيو وهو أعلى بناء في المدينة، وجسر جرينبور وهو من الجسور العملاقة، بعدها قضينا 5 أيام في دورات عن مواضيع جيولوجية بدءاً بتاريخ التكوين الطبيعي لليابان ثم عن النفط الموجود في العالم، وقد وجدنا تعاوناً من المترجم سالم جمعة فيروز الذي سهل لنا التواصل، وتلقينا دورة في ال”سايزمك” أو اجهزة قياس الموجات وهي احدث طرق قياس واكتشاف الزلازل، ودورات في التحليل الحوضي الذي يفحص احواض تجمع البترول، وعدد آخر من الدورات”.
أما المحطة الاماراتية في اليابان فقد كانت زيارة منطقة “نيجاتا” التي تسمى “إمارات نيجاتا المتحدة” وعنها يقول يوسف الحمادي: هي عبارة عن سبع مناطق تدار بحكم يشبه الحكم الذاتي اتحدت مع بعضها وفيها نفط، وحالياً أصبحت اربع مناطق، وقد استقبلنا حاكم نيجاتا وألقى كلمة في العشاء والقيت كلمة الوفد من ناحيتي.
وقد استضافتنا اليوم الاول حكومة نيجاتا، وفي اليوم الثاني تلقينا دورة عند أحد اساتذة جامعة نيجاتا عن “النفاذية والمسامية للصخور” وعن جيولوجيا اليابان، وزرنا المعامل الجيولوجية المتطورة، وتعرفنا الى استعمال أشعة إكس في الكشف عن النفاذية والمسامية. وهذه لم ندرسها في الجامعة.
وعن الزيارات التي تعرفوا منها الى التنوع الطبيعي يقول الحمادي: “من المناطق التي زرناها في نيجاتا الشلالات، وأول بئر نفطي حفر في اليابان حيث تعرفنا الى الطرق البدائية لاستخراج النفط والتي يحتفظون بها كذكرى متحفية حالياً، كما زرنا منطقة تختلط فيها المياه بالبترول وتسمى ينابيع نفطية، وتعرفنا الى طرقهم القديمة في فصل المياه عن النفط، بعد ذلك ذهبنا لجبل فوجي أعلى جبل في اليابان حيث تقع في اعلاه فوهة بركان خامد، وقد تسلقنا جزءاً منه لكن لم نصل للقمة، وكانت زيارتنا له مفيدة حيث تعرفنا الى الصخور النارية والبركانية، ولمسناها بأيدينا ثم ذهبنا بعد ذلك للمدينة الترفيهية وعدنا لمدينة طوكيو”.
مفاجأة الزلزال
في آخر يومين لرحلة شباب الجيولوجيا ضرب اليابان زلزالان قويان تناقلت اخبارهما وكالات الانباء والاعلام، ترى ماذا يقولون عنه؟
يقول بشير القحطاني: “كنت قد حضرت نفسي وأنا خارج من الامارات ان أتعرف الى الزلازل لكنها أتت في آخر أيام الرحلة.. يوم السفر، وكنت نائماً فوجدت السرير يهتز، وخرجت من الغرفة وأحسست فعلا بالزلزال”.
اما يوسف الحمادي فيقول: “في آخر يومين (24 و25 يوليو/تموز) وقع الزلزالان، ووقت وقوع اقواهما كنت في المصعد وهو اكثر مكان تحس فيه بالزلزال، وكانت هزة قوية، لكن نظراً لاستعداداتهم للزلازل ظل المصعد يعمل ولم يتوقف، وعندما نزلت للدور الارضي وجدت الناس عاديين على هدوئهم.. وهذه أول مرة أعيش تجربة الزلزال، كنت أظن انهم سيرتعبون، لكن المباني اليابانية مؤهلة لامتصاص الهزات والصدمات”.
وعن انطباع الشباب عن الشعب الياباني يرى الجيولوجيون الاربعة ان اليابانيين يميلون للعزلة او الوحدة ويتميزون بالهدوء الشديد “نحن كنا مصدر الصوت في كل القطارات التي ركبناها.. كما أنهم ليسوا مقبلين على الغرباء ولا يحبون الاحتكاك معهم”.
ويلخص محمد أحمد بن سعد استفادته من هذه الرحلة ب”المعرفة” ثم يعدد الجوانب التي تعرف اليها أول شيء ان الشعب الياباني انعزالي ويحتاج لأن تذهب اليه لتعرفه وهو شعب مسالم جداً، زيارة اليابان كدولة جديدة عليّ أول مرة اتعرف اليها، كما اني تعلمت بعض الكلمات اليابانية، وكذلك خبرة الزلازل.. اما من الناحية العلمية فقد تعرفنا الى أنواع عديدة من الصخور.. كل الانواع تقريباً، لأن الأرض عندهم فيها تغيرات بسبب الزلازل وكذلك تنوع الطبيعة من جبال الى شلالات.. هنا في الامارات أغلب الصخور رسوبية لكن تنوع الصخور هناك كبير، وقد تعرفنا في الجامعة الى عينات من مختلف الأنواع لكن رؤيتها مباشرة على الطبيعة أكثر فائدة، وكذلك تعرفنا في زيارتنا للمتحف الجيولوجي وجبل فوجي”.
ويضيف محمد احمد بن سعد “دراستنا للجيولوجيا بشكل عام وتتضمن دراسة “الجيوفيزيا” التي تعرفنا الى جوانبها العملية خلال هذه الرحلة وهذا العلم يمارس من خلال الكمبيوتر بوساطة برامج خاصة تعرفنا هناك اليها، وقد شجعتني هذه المعرفة خلال الرحلة على التوجه للعمل في هذا المجال، وأتمنى العمل في احدى شركات البترول الاماراتية”.
ويقول بشير القحطاني عن أهل امارات نيجاتا “أناس طيبون ومتعاونون جداً ويعرفون دولة الامارات جيداً”.
وعن نفس المنطقة يقول عبدالحميد الحوسني: “منطقة نيجاتا هي أكثر المناطق التي احببتها، ربما لأن طوكيو غابة من الأبراج وانا من خورفكان، احببت نيجاتا التي لا ترتفع فيها طوابق البيوت كثيراً.. لكن أهم ما لفت انتباهي في هذه الرحلة هو الشعب الياباني فهو أطيب شعوب الدول الصناعية الكبرى.. يعطيك المعلومة ولا يبخل عليك بشيء، وقد كانت الرحلة كلها جواً جديداً ومفيداً للتعرف الى بلد صناعي متطور”.
وعن استفادته العلمية من الرحلة واختيار العمل بعد التخرج يقول عبدالحميد الحوسني:”الاستفادة العلمية كانت كبيرة من الناحية الجيولوجية، كما أن هناك فائدة من جانب آخر ان ترى عمل هذا الشعب وتتعرف الى دولة صناعية لا تملك طاقة، كل موارد الطاقة من الخارج لكن لديهم طاقة عمل هائلة، كما اكتشفت اشياء لم أكن اعرفها مثلاً ان معظم الاراضي اليابانية قائمة على اخاديد بركانية، وهو ما يجعل ارضها كلها خصبة، فبعد عشر سنين من التركيب البركاني تكون صالحة للزراعة، وبالنسبة للعمل سألت عن العمل مع الشركة صاحبة الدعوة وقالوا لي لو عملت في شركة بترول بالامارات ستكون لي زيارة ثانية لليابان، اما اذا جاءتني فرصة العمل بالتدريس فسأختارها”.
وعن استفادته من الرحلة يقول بشير القحطاني: “كل ما درسناه هنا في الدولة طبقناه أو رأينا جانبه العملي في هذه الرحلة وخاصة المعرفة التكنولوجية بأدوات البحث الجيولوجي. هنا درسنا نظرياً درجة جيدة لكن عملياً استفدنا هناك ورسخنا ما درسناه، كما تعرفنا الى تقنيات حديثة مثل قياس الموجات الجيوفيزيائية وقد درسناها هناك على الكمبيوتر اما هنا في الجامعة فلم نرها”.
وعن طرائف الرحلة يقول بشير القحطاني: “لما كنا نخرج خارج طوكيو كنا ندعى للطعام، وقضينا يومين أو ثلاثة دون أكل، حيث كنا نقضيها بالخبز لأن طعم الاكل صعب، جربنا السوثي ووجدناه صعباً”.
اما ما يميز الجيولوجي الياباني فيراه القحطاني الجانب العملي “هم دائماً في ميدان العمل.. طول الوقت”.
وعن فائدته من الرحلة يقول يوسف الحمادي: “قبلها كنت أفكر بالعمل في التدريس أو في البلدية لكن بعد الرحلة وتعرفي الى العمل في شركات البترول أتمنى أن أعمل فيها لأن فيها تطوراً دائماً”.
وقد تضمنت رحلة الجيولوجيين الشباب لليابان زيارة “منارة” تحت البحر لمشاهدة أسماء القرش وزيارة الكهوف الثلجية وجامعة فورجن وفيها قسم لدراسة اللغة العربية.
جريدة الخليج</font>
مواقع النشر (المفضلة)