المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقد يفلق الصخرَ .. قطرُ الدعاء..!



زهرة الوادي
22-02-04 ||, 06:52 PM
<font color='#000000'><P align=center><FONT face="arial, verdana,helvetica" size=4>" وقد يفلق الصخرَ .. قطرُ الدعاء..&#33; "

ما عادت تُطيق العيش معه..&#33;

سنة كاملة مرت عليها كأنها – لفرط نكدها – عُمرٌ من الشقاء والتعاسة.. لقد يأستْ من كل شئ.. ولم تعد تريد منه شيئًا أكثر من أن يؤدي الصلاة في المسجد القريب.. أو في المنزل حتى..&#33;

آاااه.. المنزل..؟&#33; .. بل هو القبر في ظلمته ووحشته.. هو جحيمٌ أحطابه البعد عن الله.. وتركُ الصلاة.. وقسوةُ القلب..

كانت تتمناهُ عش حب وهداية.. تُغرد فيه أطيار السعادة والهناء والنور.. لكن أحلامها تبخرت بأشعة الواقع..&#33;

هي تُحبه.. لكن حبها لله أقوى وأبقى وأولى.. فلم يعد في قلبها له مكان؛ إلا كما تبقى الأطلال بعد العمار..&#33;

نسمع بأمورٍ كثيرة ونحسبُ أننا نعلمها حقًا.. لكننا حين نذوقها على حقيقتها نُدرك أن الواقع يختلف كثيرًا عما نظنه ونتخيله.. كذلك كانتْ هي واليأس.. لما جربته فعرفتْ مرارتَه..&#33;

ما بقي لها إلا الدعاء واللجوء إلى كنف الرحمن الرحيم.. عّله أن يلطف بها فيجعل الحياة زيادة لها في الخير.. أو يُعجل بالموت الذي يُريحها من الشر.. كل الشر..&#33;

* * * * * * * *

قامتْ إلى صومعتها ( كما يحلو لزوجها أن يُسميها ) .. وانطرحت بين يدي مولاها وخالقها الرحمن الرحيم داعيةً متضرعة.. أن يحبب الله إليه الإيمان ويُزينه في قلبه.. ويُكره إليه الكفر والفسوق والعصيان.. ويجعلَه من الراشدين..

** " أين أنتِ أيتها الراهبة.. ؟&#33; .."

إنه هو ..&#33;&#33; عجلتْ ( س ) بأداء صلاتها.. ثم مضت إليه.. وهي تجر قدميها كأنهما مثقلتان بالأغلال..&#33;

** " ألا تملين من كثرة الصلاة.. إن ربي غنيٌ عنكِ وعن صلاتك.. هيّا.. أريدُ بعض الماء فقد جف حلقي من (( الشيشة )) .. هيّا..&#33; "

ذهبت لتُحضر كوب الماءَ.. وأذان الفجر ينساب في الأفق ليعطر الكون بروعته وجلاله..

ياااا الله..&#33;
كم هو جميلٌ ذاك الأذان.. حين ينزل على القلب القانط كما تنزل قطرات المطر على الأرض اليباب فتهتز وتُزهر..

ولكنْ..&#33;

لقد فقدتْ صوت مؤذن المسجد القريب..&#33;&#33;

" الحمد لله " .. قالتها ( س ) وابتسامةٌ متفائلةٌ تتراقص على شفتيها..&#33;

* * * * * * * * *

** " هل نضج الخروف..؟&#33; .. إنه كوب ماء فقط " .. هكذا صرخ ( ت ) بزوجته.. فعادت إليه وهي تحمل الكأس بيدها.. وعقلُها مشغولٌ بالفكرة التي خطرتْ لها..

مدت إليه بكوب الماء والابتسامة لم تفارق شفتيها.. فرمقها ( ت ) بنظرة متهكمة وقال :
** ماهذا التبسم؟&#33; .. مشوارٌ جديد.. أم نصيحةٌ معتادة..؟&#33;

** ليس هذا ولا ذاك.. إنما هو طلبٌ يسيرٌ .. لو فعلتَه فلن أطلب منك شيئًا آخر مدة أسبوع..&#33;&#33;

** ( ؟&#33;&#33;&#33; )

** صدقني ..&#33;

** لا لا لا لا .. لا أكاد أصدق.. ( س ) الملحاحة لا تطلب مني شيئًا مدة أسبوع..؟&#33; .. هاتي إذن..

قالت وهي تزدرد ريقها بتردد :
** ال .. ال .. المؤذن في مسجدنا لم يؤذن لصلاة الفجر.. ما رأ.. ما رأيك أن تؤذن بدلاً عنه..&#33;

** (؟؟&#33;&#33;&#33;&#33;&#33;&#33;&#33;)

** أرجوك يا ( ت ) .. أرجوك.. أحب أن أسمع صوتك وهي يملأ الكون بنداء الرحمة.. أرجوك يا حبيبي.. إنها أمنيةٌ طالما حلمت بها.. أرجوك ..&#33;

** اممممممممم .. ولا تطلبين شيئًا آخر مدة أسبوع..؟&#33;

** نعم .. نعم.. بل أسبوعان إن شئت..

** طيب طيب.. ولكني سأخرج بعد الأذان مباشرة.. لأن جماعة المسجد لن يستوعبوا منظر ( ت ) وهو يقيم لصلاة الفجر.. وهو الذي لم يدخل المسجد منذ جاورهم..&#33;

فقالتْ.. واليأس ينسج خيوطَه حولها من جديد :
** افعل ما بدا لك.. ولكن أسرع قبل أن يسبقك أحد..&#33;

* * * *

وارتفع صوت الحق من شفتي ( ت ) :

( الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ) .. ( أشهد ألا إله إلا الله .. أشهد ألا إله إلا الله ) .. ( أشهد أن محمدًا رسول الله .. أشهد أن محم............) وبدأ صوت ( ت ) يتقطع..&#33;

لم يقوَ ( ت ) على إكمال الأذان إلا بصعوبة.. فالمشاعر التي انتابته كانت أقوى من احتماله..

" يا إلهي.. أين كانت هذه السكينة والطمأنينة ؟&#33; .. أي ضنك كان يُحيط بي ؟&#33;.. أي شقوةٍ كنتُ أتردى فيها..؟&#33; .. أي حرمان..؟&#33; رحماك يا ربي.. رحماك..&#33; "

وظلت تلك الخواطر تجلجل في عقله فلا يُظهرها إلا الدموع..&#33;

* * * *

في مسجد ( .......) في شمال الرياض.. يصدح رجلٌ بالأذان خمس مراتٍ في اليوم والليلة.. رجلٌ يحفظ القرآن كاملاً عن ظهر قلب.. وشرع في حفظ الصحيحين.. ويُلازم الدروس في جامع ( .....).. ويُكنى بأبي معاذ..

إنه أخونا ( ت ) ...&#33;&#33;</FONT></P></font>