ناصر الخالدي
05-04-07 ||, 01:49 AM
ملاحظة : العدد الأخير لمجلة النهضة يحمل مفاجأة لأهل الإمارات أتمنى القراء والرد ص94
فقراء...
لم أجد في حياة الأثرياء شيء يعجبني إلا تواضع البعض وقد وجدت عند الفقراء حلاوة ليس لها مثيل وإن كانت ممزوجة بطعم المعاناة....
ذات مرة دعاني إلى الغداء رجل فقير أعتقد أنه على مشارف الستين ظروفه صعبة للغاية يسكن في بيت صغير يدفع إيجاره كل شهر ولك أن تتخيل الحال كان البيت مكون من غرفتان جلسنا بواحدة وأما الأخرى فكانت تجلس بها زوجته وبناته لم يكن في الغرفة التي جسنا فيها إلا قطعة واحدة على الأرض وقد كان الجدار يشتكي من الفقر والعوز ومن الحاجة تقادم عليه العمر فهو معرّض للسقوط لكن الذي رأيته جعلني استمتع بوجودي بينهم كان العم الفقير يرحب ويتهلل وجهه وكأنه يملك الدنيا أكملها دون اصطناع أو مجاملة هكذا كانت كلماته صادقة إلى أن جاء الغداء صحن صغير عليه ثلاث قطع من السمك مع الرز الأبيض الذي يعكس صفاء قلوبهم امتدت الأيدي وكلها حب وبدأنا نأكل لأول مرة اشعر بأنني مستمتع بدعوة غداء تأتيني ولأول مرة أشعر بأني أكل بسعادة وتلذذ ولأول مرة أشعر بأن الفقر مع القناعة وسيلة للوصول إلى السعادة
السعادة لا تأتي من فراغ كما أنها لا تباع ولا تشترى وقد تجد أحد الفقراء وهو سعيد مبتسم وصاحب ثروة وجاه وهو كئيب المنظر به شقاء العالم أكمله إذًا فالسعادة هي القناعة والرضا وأن نتذكر قدرة الخالق إذا دعتنا قدرتنا على ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل وأن نحسن معاملة الخدم في منازلنا التي لو نطقت لصارت تلعن معاملتنا وخلافاتنا الدائمة فكم من منزل له امتداد لا ينتهي وأنواره لا تنطفي وجدرانه مزخرفة بشتى الألوان والحركات ولكن القلوب مشتتة والنفوس متباعدة والعيون حاقدة والكلمات بذيئة والأصوات متعالية إما خلاف وإما اختلاف هذه حقيقة لا يمكن أن ننكرها وإن كانت هناك منازل على سعتها تجد بها الراحة والأمان المهم أن لا سعادة بغير أخلاق ولا أخلاق بغير إيمان ولا إيمان بغير عمل وتصديق...........
يحزنني مبدأ البعض فعندهم مجتمعات الفقراء مجتمعات منكوبة وأحاديثهم إما ضعيفة وإما مكذوبة فلا ينظرون إلى إنجازاتهم إذا كان لهم في الحياة إنجازات ولا يهتمون لمشاعرهم ولو رجعنا إلى التاريخ وقلبنا صفحاته وفتشنا في سيرة أعظم رجال الدنيا محمد صلى الله عليه وأله وسلم لو جدناه فقير الحال لم يكن يسكن في قصر ولم يكن يسير على مركبة من أحدث طراز إذا فكفانا غرور وكفانا تكبر.
وبعد أنا لا أتمنى إلا أن يموت الجوع وتنتشر الفضيلة ويصبح الناس سواسية لا ظلم ولا حسد ولا تفرقة هنا استطيع أن اعتزل الكتابة وإلا فلا بدّ أن أكتب ربما يأتي من بعدي من يقرأ كلماتي فيحترمني ويقف على قبري وقفة إجلال وتقدير .....
فقراء...
لم أجد في حياة الأثرياء شيء يعجبني إلا تواضع البعض وقد وجدت عند الفقراء حلاوة ليس لها مثيل وإن كانت ممزوجة بطعم المعاناة....
ذات مرة دعاني إلى الغداء رجل فقير أعتقد أنه على مشارف الستين ظروفه صعبة للغاية يسكن في بيت صغير يدفع إيجاره كل شهر ولك أن تتخيل الحال كان البيت مكون من غرفتان جلسنا بواحدة وأما الأخرى فكانت تجلس بها زوجته وبناته لم يكن في الغرفة التي جسنا فيها إلا قطعة واحدة على الأرض وقد كان الجدار يشتكي من الفقر والعوز ومن الحاجة تقادم عليه العمر فهو معرّض للسقوط لكن الذي رأيته جعلني استمتع بوجودي بينهم كان العم الفقير يرحب ويتهلل وجهه وكأنه يملك الدنيا أكملها دون اصطناع أو مجاملة هكذا كانت كلماته صادقة إلى أن جاء الغداء صحن صغير عليه ثلاث قطع من السمك مع الرز الأبيض الذي يعكس صفاء قلوبهم امتدت الأيدي وكلها حب وبدأنا نأكل لأول مرة اشعر بأنني مستمتع بدعوة غداء تأتيني ولأول مرة أشعر بأني أكل بسعادة وتلذذ ولأول مرة أشعر بأن الفقر مع القناعة وسيلة للوصول إلى السعادة
السعادة لا تأتي من فراغ كما أنها لا تباع ولا تشترى وقد تجد أحد الفقراء وهو سعيد مبتسم وصاحب ثروة وجاه وهو كئيب المنظر به شقاء العالم أكمله إذًا فالسعادة هي القناعة والرضا وأن نتذكر قدرة الخالق إذا دعتنا قدرتنا على ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل وأن نحسن معاملة الخدم في منازلنا التي لو نطقت لصارت تلعن معاملتنا وخلافاتنا الدائمة فكم من منزل له امتداد لا ينتهي وأنواره لا تنطفي وجدرانه مزخرفة بشتى الألوان والحركات ولكن القلوب مشتتة والنفوس متباعدة والعيون حاقدة والكلمات بذيئة والأصوات متعالية إما خلاف وإما اختلاف هذه حقيقة لا يمكن أن ننكرها وإن كانت هناك منازل على سعتها تجد بها الراحة والأمان المهم أن لا سعادة بغير أخلاق ولا أخلاق بغير إيمان ولا إيمان بغير عمل وتصديق...........
يحزنني مبدأ البعض فعندهم مجتمعات الفقراء مجتمعات منكوبة وأحاديثهم إما ضعيفة وإما مكذوبة فلا ينظرون إلى إنجازاتهم إذا كان لهم في الحياة إنجازات ولا يهتمون لمشاعرهم ولو رجعنا إلى التاريخ وقلبنا صفحاته وفتشنا في سيرة أعظم رجال الدنيا محمد صلى الله عليه وأله وسلم لو جدناه فقير الحال لم يكن يسكن في قصر ولم يكن يسير على مركبة من أحدث طراز إذا فكفانا غرور وكفانا تكبر.
وبعد أنا لا أتمنى إلا أن يموت الجوع وتنتشر الفضيلة ويصبح الناس سواسية لا ظلم ولا حسد ولا تفرقة هنا استطيع أن اعتزل الكتابة وإلا فلا بدّ أن أكتب ربما يأتي من بعدي من يقرأ كلماتي فيحترمني ويقف على قبري وقفة إجلال وتقدير .....