عايش وهم
06-02-07 ||, 07:30 PM
السلام عليكم
خويك ... : تبى نصيحة اخوك ؟ ... غيّر بطاقة تيلفونك ليلة عرسك .
بن عمك ... : تبى الشور ؟ ... احرق أي صوره لوحده كنت تعرفها .
شوف حبيبي ... : خذ مني الراي ... لو ياك رقم غريب عقب ما تعرس .. لا ترد عليه .
ولد الخاله ... : نصيحتي لك ... اتحمل ترمس حرمتك عن تجاربك ويا البنات قبل العرس .
حين تستمع لتلك النصائح ، و أنت مقبل على الزواج ، تشعر و كأن الهم و القلق المقبلان ، دائماً ما سيرتبطان بالأسرار ، التي لا تجني منها سوى الاشتباه ، و إن كانت تلك النصائح صادقة ، تدل على تجارب الآخرين ، إلا أنها في نظري ، لا تدل إلا على أن الغالبية ، تنظر للآخرين من منظار ضيق ، كذلك ينطبق ذاك المثل الشعبي ، على الناصحين متى خصوا النصيحة ، بشأن معين أو حالة خاصة ، ذاك المثل القائل : كلٍ يرى الناس بعين طبعه ، فأن تحكم عليَ أني في الخباء ، أتصرف كماك فذلك إجحاف بحقي ، و حكم لا أرضاه بتاتاً ، لكن لا ضير من الإستماع للنصيحة ، خاصة و أني أعتد بنفسي ، في أي مشكلة قد أواجهها ، إذاً I Can Handle It ... فلا ضير من الإقدام على الزواج ، بما أني معتد بنفسي ، و متسلح بنصائح متنوعة . الله يغنيكم عن هاييج النصايح ..
---------------
... قرص صلب و ملة رطب(1) ...
أطال الله بعمر أبي ، فمنذ أن وعينا على الدنيا ، و نحن نأكل من بلح ، زرعه و حصده أبي ، من حر ماله بتعبه و جهده ، كنا نحب اعتزاز أبي بالنخلة ، فقد كان احترامه لها ، يفوق احترامه لأي كان عائش على وجه الأرض ...
أذكر قصص كثيرة ، يسردها لنا أبي حين نكون مجتمعين ، فأذكر قصة اعتزازه بنفسه ، حين مر عليه جاره ، يحمل على ظهره "البكشه"(2) ، حين كان في طريقه للمحمل(3) ، ينوي الإبحار لأرض الكويت ، باحث عن لقمة عيش ، يستر بها نفسه و أبناءه الصغار ، فلما رأى أبي يغرس ، عند باب البيت "صرمه"(4) ابتسم ناصحاً و قال لأبي ، البشر يبحثون عن العز في الكويت ، و أنت تغرس "صرم" ؟ أظنك ستموت جوعاً ، و لن تثمر لك حتى "خلال"(5) فرد عليه أبي قائلاً : إذهب بحفظ الله و رعايته ، سنلتقي حين تعود ....
مرت السنين و عاد جار أبي من رحلته ، و حين إلتقيا لاحظ أن أبي يحمل "مله" بها بلحاً ، فأهداها له أبي قائلاً : هذه من تلك "الصرمة" و أملك اليوم مزرعة ، فماذا تراك جنيت من أرض الكويت ؟
أخذني حماس القصة ، تحدثت عن نظرة أبي ، لعدم مفارقة الأرض ، حتى لو أدى ذلك للجوع ، لأن الرزق رزق ، سواءاً كنت بوطنك أو بوطن آخر ، تحدثت كثيراً لدرجة أني لم أشعر ، أنه لا أحد هناك يتجاوب ، فحين إلتفت لأنثاي المعقدة ، رأيتها تنظر لــ"ملة الرطب" بابتسابة غريبة ، ابتسامة جديدة لم أعهدها ، ابتسامة ما وجدت لها صورة في ذاكرتي ، ابتسامة أحسبها مصطنعة ، ابتسامة فشلت نظرتي في تحليلها ، فإذاً هناك أمر جديد ، عقدة جديدة طارئة ، ابتسامة حائرة مضطربة ... الله يستر بس ...
خوفاً ... قررت النهوض متجهاً ، نحو اللا أمر و اللا شيء ، عساني أستدرك أمر أتيت به ، قد سبب تلك الإبتسامة ، على وجه أنثاي المعقدة ، اتجهت للباب أولاً ، ثم عدت لألتقط مفتاح المركبة ، و كان ملقى بين إناء المكسرات و ملة الرطب ، فما أن هممت بتناوله ، حتى انتبهت الى يدى أنثاي ، و هن تهما بنية ، تحطيم كل شيء يعتلي الطاولة ، حدث كل ذلك بأجزاء من الثانية ، و لا أذكر سوى أني كنت أصرخ بها قائلا : نعمة الله يا حرمة ...!!
إناء المكسرات ملقي ، و ما يحتويه مبعثر ، "ملة الرطب" مرمية ، و البلح تناطر في أرجاء غرفة المعيشة ، مفتاح المركبة لم أعد أعلم أين اختفى ، و لكن هناك شيء غريب ، أين كانت تجلس بقربي أنثاي ، قطعة سوداء ليست بغريبة ، قطعة بها خبأت ماضي و ذكرياتي ، إنه القرص الصلب الخاص بي ، الأسرار .. الحكايات .. الذكريات .. المستندات .. الصور .. كل ما هو مهم في حياتي ، تحتويه هذه القطعة السوداء ... بحثت عن أنثاي في أرجاء المكان ، فلم أجدها و لم أعلم الى أين انطلقت .
... أونه ... I Can Handle It !!! ...
لأول مرة أشعر بثقل جسدي ، إذ شعرت أنني لا أقوى على حمله ، شعرت بتوهج و حرارة في صدري ، و أحسست بالدم يكاد يتدفق من مسام وجهي ، يداي ترتعشان و لم أعد أستطيع التحكم بقبضتاي ، شعرت و كأنه أحدهم يجرني من رقبتي للأرض ، فاستسلمت بسهولة لعلمي ، بنتيجة ارتفاع ضغط الدم النفسي ، فلابد من السقوط ، كي يستعيد الجسد توازنه من جديد ، و الإغماء مرحلة لا مفر منها ، و كأنها عملية إعادة تشغيل دينمو العقل ...
كنت أتمنى أن يحدث ذلك فعلاً ، أريد أن أكون في المشفى أتعافى ، لأني أريد للمعضلات ، أن تحل نفسها بنفسها ، دون تدخل مني هذه المرة ، دون حسابات و تدقيق و منطق ، باختصار دون أن يتدخل عقلي الذكوري ، في حل معضلة كهذه ، لأن هذا العقل لا يعرف سوى طريقان ، أحدهما (الهجوم أفضل وسيلة للدفاع) و الآخر (عرض حقوقي كقضية أساسية) ، و كلى الطريقان شائك ، لأن أنثاي معقدة .
نهضت بعد أن تمنيت أن يغمى علي فعلاً ، إلا أن النتيجة كانت حقاً ، كأني للتو ناهضٌ من الإغماء ، فالرأس يدور و لم أعرف لطريقي هداية ... كيف يا ترى سأتصرف !!؟؟
... أيام الملجه(6) ماشي أحلى عنها ...
أحاديث كثيرة و دعابات لا تنتهي ، كلى الطرفان يسعى لفهم الآخر ، في نفس الوقت يسعى لإبراز محاسنه ، اختبارات و استنتاجات ، تخطيط للمستقبل القادم ، سوء تفاهم بين ذويهما ، تبادل شبه أسرار ، خجل .. احترام .. إعجاب ، مشاعر قوية تبحث بفضول ، عن كينونة رفيق العمر ، أمور كثيرة لا يشعر بها ، سوى من مر بهذه التجربة ، و استمتع بتفاصيلها الجميلة ...
على الهاتف ....
رفيقة العمر : قالت لي أختك أنك دائم الخلاف مع أبيك .
سرحت قليلاً .. و تخيلت أني أحدثها في مستقبلنا ، عن اعتزازي بأبي ، و اعتزازي بعصاميته و كيف أنه بدأ من الصفر ، كيف كانت تربيته لنا ، ..... كيف و كيف و كيف .....
رفيقة العمر : ألووووو
أنا : إنها خلافات عائليه تحدث في كل منزل ، تعلمين كيف يصعب التفاهم مع كبار السن .
رفيقة العمر : نعم و لكن يبقى رضاهم من أولوياتنا .
عدت للسرحان .. و تساءلت إذا ما كانت أختي ، قد ذكرت لها تفاصيل معينة ، عن تلك الخلافات ...
رفيقة العمر : ألووووووو ... أتراك مشغول بأمر ما ؟
أنا : بتاتاً .. كلي آذان صاغية .
رفيقة العمر : سأحادثك لاحقاً .. فقد حان موعد العشاء .. و أريدك أن تخبرني لاحقاً عن إدمانك للإنترنت و القراءة .. كما ورد على لسان أختك .
انتهت المحادثة و رحت أتساءل ، أتراها أنثى فضولية الطبع ، أم أنها تود أن تعرف عني الكثير لتفهمني ، أم أنها تسعى لمعرفة خبايايَ ، لتوجد طريقة ما للتعامل معي ، تلك اللهجة العاتبة عن رضى الوالدين ، أصابتني بقلق مربك ، فإما هي أنتقادية أو قد تكون صريحة معبرة عن رأيها بجرأة ، و أنا من النوع الذي لا يتحمل أن يحكم عليَ ، دون وعيَ عن ماهيتي و شخصيتي ، فلربما كانت تريد أن تريني ، جانبها الإيجابي و الطريقة التي تربت عليها ، أحسبني معقد للأمور ، و الأمر لا يتعدى جملة متفاعلة ، من ضمن الأحاديث العابرة ... علها أنثى يقضة تعرف كيف تتصرف معي بعناية ، يجب أن أتفاءل أكثر ، و حتماً يجب أن لا أتصورها معقدة .
... عالمي الصغير ...
عدت للمنزل و أنا أحمل أشياء ، جلبتها معي من السوق ، و من ثم دخلت لعالمي الصغير - غرفتي - و تخيلت أنثاي تنتظرني ، إذ ناولتها الأغراض و أنا أدعي الإرهاق ، فابتسمت و ضحكت من هذه الأفكار البريئة ، و قلت بصوت عالٍ ، لاااااحج .. عشو مستعيل ؟
وضعت الأغراض على جنب ، و هرولت لجهاز الكمبيوتر ، مسكت فأرة التحكم ، لأرى الجديد في منتدى واحات بن دبي ، و الجديد من الأفلام التي تم إنزالها ، و الجديد من رسائل البريد الإلكتروني ، و أنا في خضم هذا التصرف الطبيعي ، بعد كل عودة من الخارج ، رأيت القرص الصلب ، فأوصلته بالجهاز لأنسخ منه ، صورة لجواز السفر ، لحاجة ما في الغد الباكر ، و انتقلت من ملف لآخر ، فرأيت ذكريات و ذكريات و ذكريات ... غبت في سرحان عميق ...
و حين عدت من سرحاني .. عدت و أنا أعاني من ارتفاع في ضغط الدم
و بالكاد استطعت التحكم بالفأرة لأن قبضة يدي كانت ترتجف
فحذفت كل الذكريات الموجودة على القرص الصلب
لغدٍ أفضل .. لابتسامة ساحرة بدلاً من ابتسامة حائرة
حين أسرد حكاية أبي مع جاره لأنثى المستقبل
(1) ملة رطب = وعاء به بلح
(2) البكشه = شنطة السفر البدائية
(3) محمل = السفينة
(4) صرمه (صرم) = صغار النخل
(5) خلال = البلح قبل بلوغه
(6) الملجه = فترة ما بعد عقد القران و قبل الزواج
الحلقة السادسة من سلسلة ابتسامات
اخوكم عايش
خويك ... : تبى نصيحة اخوك ؟ ... غيّر بطاقة تيلفونك ليلة عرسك .
بن عمك ... : تبى الشور ؟ ... احرق أي صوره لوحده كنت تعرفها .
شوف حبيبي ... : خذ مني الراي ... لو ياك رقم غريب عقب ما تعرس .. لا ترد عليه .
ولد الخاله ... : نصيحتي لك ... اتحمل ترمس حرمتك عن تجاربك ويا البنات قبل العرس .
حين تستمع لتلك النصائح ، و أنت مقبل على الزواج ، تشعر و كأن الهم و القلق المقبلان ، دائماً ما سيرتبطان بالأسرار ، التي لا تجني منها سوى الاشتباه ، و إن كانت تلك النصائح صادقة ، تدل على تجارب الآخرين ، إلا أنها في نظري ، لا تدل إلا على أن الغالبية ، تنظر للآخرين من منظار ضيق ، كذلك ينطبق ذاك المثل الشعبي ، على الناصحين متى خصوا النصيحة ، بشأن معين أو حالة خاصة ، ذاك المثل القائل : كلٍ يرى الناس بعين طبعه ، فأن تحكم عليَ أني في الخباء ، أتصرف كماك فذلك إجحاف بحقي ، و حكم لا أرضاه بتاتاً ، لكن لا ضير من الإستماع للنصيحة ، خاصة و أني أعتد بنفسي ، في أي مشكلة قد أواجهها ، إذاً I Can Handle It ... فلا ضير من الإقدام على الزواج ، بما أني معتد بنفسي ، و متسلح بنصائح متنوعة . الله يغنيكم عن هاييج النصايح ..
---------------
... قرص صلب و ملة رطب(1) ...
أطال الله بعمر أبي ، فمنذ أن وعينا على الدنيا ، و نحن نأكل من بلح ، زرعه و حصده أبي ، من حر ماله بتعبه و جهده ، كنا نحب اعتزاز أبي بالنخلة ، فقد كان احترامه لها ، يفوق احترامه لأي كان عائش على وجه الأرض ...
أذكر قصص كثيرة ، يسردها لنا أبي حين نكون مجتمعين ، فأذكر قصة اعتزازه بنفسه ، حين مر عليه جاره ، يحمل على ظهره "البكشه"(2) ، حين كان في طريقه للمحمل(3) ، ينوي الإبحار لأرض الكويت ، باحث عن لقمة عيش ، يستر بها نفسه و أبناءه الصغار ، فلما رأى أبي يغرس ، عند باب البيت "صرمه"(4) ابتسم ناصحاً و قال لأبي ، البشر يبحثون عن العز في الكويت ، و أنت تغرس "صرم" ؟ أظنك ستموت جوعاً ، و لن تثمر لك حتى "خلال"(5) فرد عليه أبي قائلاً : إذهب بحفظ الله و رعايته ، سنلتقي حين تعود ....
مرت السنين و عاد جار أبي من رحلته ، و حين إلتقيا لاحظ أن أبي يحمل "مله" بها بلحاً ، فأهداها له أبي قائلاً : هذه من تلك "الصرمة" و أملك اليوم مزرعة ، فماذا تراك جنيت من أرض الكويت ؟
أخذني حماس القصة ، تحدثت عن نظرة أبي ، لعدم مفارقة الأرض ، حتى لو أدى ذلك للجوع ، لأن الرزق رزق ، سواءاً كنت بوطنك أو بوطن آخر ، تحدثت كثيراً لدرجة أني لم أشعر ، أنه لا أحد هناك يتجاوب ، فحين إلتفت لأنثاي المعقدة ، رأيتها تنظر لــ"ملة الرطب" بابتسابة غريبة ، ابتسامة جديدة لم أعهدها ، ابتسامة ما وجدت لها صورة في ذاكرتي ، ابتسامة أحسبها مصطنعة ، ابتسامة فشلت نظرتي في تحليلها ، فإذاً هناك أمر جديد ، عقدة جديدة طارئة ، ابتسامة حائرة مضطربة ... الله يستر بس ...
خوفاً ... قررت النهوض متجهاً ، نحو اللا أمر و اللا شيء ، عساني أستدرك أمر أتيت به ، قد سبب تلك الإبتسامة ، على وجه أنثاي المعقدة ، اتجهت للباب أولاً ، ثم عدت لألتقط مفتاح المركبة ، و كان ملقى بين إناء المكسرات و ملة الرطب ، فما أن هممت بتناوله ، حتى انتبهت الى يدى أنثاي ، و هن تهما بنية ، تحطيم كل شيء يعتلي الطاولة ، حدث كل ذلك بأجزاء من الثانية ، و لا أذكر سوى أني كنت أصرخ بها قائلا : نعمة الله يا حرمة ...!!
إناء المكسرات ملقي ، و ما يحتويه مبعثر ، "ملة الرطب" مرمية ، و البلح تناطر في أرجاء غرفة المعيشة ، مفتاح المركبة لم أعد أعلم أين اختفى ، و لكن هناك شيء غريب ، أين كانت تجلس بقربي أنثاي ، قطعة سوداء ليست بغريبة ، قطعة بها خبأت ماضي و ذكرياتي ، إنه القرص الصلب الخاص بي ، الأسرار .. الحكايات .. الذكريات .. المستندات .. الصور .. كل ما هو مهم في حياتي ، تحتويه هذه القطعة السوداء ... بحثت عن أنثاي في أرجاء المكان ، فلم أجدها و لم أعلم الى أين انطلقت .
... أونه ... I Can Handle It !!! ...
لأول مرة أشعر بثقل جسدي ، إذ شعرت أنني لا أقوى على حمله ، شعرت بتوهج و حرارة في صدري ، و أحسست بالدم يكاد يتدفق من مسام وجهي ، يداي ترتعشان و لم أعد أستطيع التحكم بقبضتاي ، شعرت و كأنه أحدهم يجرني من رقبتي للأرض ، فاستسلمت بسهولة لعلمي ، بنتيجة ارتفاع ضغط الدم النفسي ، فلابد من السقوط ، كي يستعيد الجسد توازنه من جديد ، و الإغماء مرحلة لا مفر منها ، و كأنها عملية إعادة تشغيل دينمو العقل ...
كنت أتمنى أن يحدث ذلك فعلاً ، أريد أن أكون في المشفى أتعافى ، لأني أريد للمعضلات ، أن تحل نفسها بنفسها ، دون تدخل مني هذه المرة ، دون حسابات و تدقيق و منطق ، باختصار دون أن يتدخل عقلي الذكوري ، في حل معضلة كهذه ، لأن هذا العقل لا يعرف سوى طريقان ، أحدهما (الهجوم أفضل وسيلة للدفاع) و الآخر (عرض حقوقي كقضية أساسية) ، و كلى الطريقان شائك ، لأن أنثاي معقدة .
نهضت بعد أن تمنيت أن يغمى علي فعلاً ، إلا أن النتيجة كانت حقاً ، كأني للتو ناهضٌ من الإغماء ، فالرأس يدور و لم أعرف لطريقي هداية ... كيف يا ترى سأتصرف !!؟؟
... أيام الملجه(6) ماشي أحلى عنها ...
أحاديث كثيرة و دعابات لا تنتهي ، كلى الطرفان يسعى لفهم الآخر ، في نفس الوقت يسعى لإبراز محاسنه ، اختبارات و استنتاجات ، تخطيط للمستقبل القادم ، سوء تفاهم بين ذويهما ، تبادل شبه أسرار ، خجل .. احترام .. إعجاب ، مشاعر قوية تبحث بفضول ، عن كينونة رفيق العمر ، أمور كثيرة لا يشعر بها ، سوى من مر بهذه التجربة ، و استمتع بتفاصيلها الجميلة ...
على الهاتف ....
رفيقة العمر : قالت لي أختك أنك دائم الخلاف مع أبيك .
سرحت قليلاً .. و تخيلت أني أحدثها في مستقبلنا ، عن اعتزازي بأبي ، و اعتزازي بعصاميته و كيف أنه بدأ من الصفر ، كيف كانت تربيته لنا ، ..... كيف و كيف و كيف .....
رفيقة العمر : ألووووو
أنا : إنها خلافات عائليه تحدث في كل منزل ، تعلمين كيف يصعب التفاهم مع كبار السن .
رفيقة العمر : نعم و لكن يبقى رضاهم من أولوياتنا .
عدت للسرحان .. و تساءلت إذا ما كانت أختي ، قد ذكرت لها تفاصيل معينة ، عن تلك الخلافات ...
رفيقة العمر : ألووووووو ... أتراك مشغول بأمر ما ؟
أنا : بتاتاً .. كلي آذان صاغية .
رفيقة العمر : سأحادثك لاحقاً .. فقد حان موعد العشاء .. و أريدك أن تخبرني لاحقاً عن إدمانك للإنترنت و القراءة .. كما ورد على لسان أختك .
انتهت المحادثة و رحت أتساءل ، أتراها أنثى فضولية الطبع ، أم أنها تود أن تعرف عني الكثير لتفهمني ، أم أنها تسعى لمعرفة خبايايَ ، لتوجد طريقة ما للتعامل معي ، تلك اللهجة العاتبة عن رضى الوالدين ، أصابتني بقلق مربك ، فإما هي أنتقادية أو قد تكون صريحة معبرة عن رأيها بجرأة ، و أنا من النوع الذي لا يتحمل أن يحكم عليَ ، دون وعيَ عن ماهيتي و شخصيتي ، فلربما كانت تريد أن تريني ، جانبها الإيجابي و الطريقة التي تربت عليها ، أحسبني معقد للأمور ، و الأمر لا يتعدى جملة متفاعلة ، من ضمن الأحاديث العابرة ... علها أنثى يقضة تعرف كيف تتصرف معي بعناية ، يجب أن أتفاءل أكثر ، و حتماً يجب أن لا أتصورها معقدة .
... عالمي الصغير ...
عدت للمنزل و أنا أحمل أشياء ، جلبتها معي من السوق ، و من ثم دخلت لعالمي الصغير - غرفتي - و تخيلت أنثاي تنتظرني ، إذ ناولتها الأغراض و أنا أدعي الإرهاق ، فابتسمت و ضحكت من هذه الأفكار البريئة ، و قلت بصوت عالٍ ، لاااااحج .. عشو مستعيل ؟
وضعت الأغراض على جنب ، و هرولت لجهاز الكمبيوتر ، مسكت فأرة التحكم ، لأرى الجديد في منتدى واحات بن دبي ، و الجديد من الأفلام التي تم إنزالها ، و الجديد من رسائل البريد الإلكتروني ، و أنا في خضم هذا التصرف الطبيعي ، بعد كل عودة من الخارج ، رأيت القرص الصلب ، فأوصلته بالجهاز لأنسخ منه ، صورة لجواز السفر ، لحاجة ما في الغد الباكر ، و انتقلت من ملف لآخر ، فرأيت ذكريات و ذكريات و ذكريات ... غبت في سرحان عميق ...
و حين عدت من سرحاني .. عدت و أنا أعاني من ارتفاع في ضغط الدم
و بالكاد استطعت التحكم بالفأرة لأن قبضة يدي كانت ترتجف
فحذفت كل الذكريات الموجودة على القرص الصلب
لغدٍ أفضل .. لابتسامة ساحرة بدلاً من ابتسامة حائرة
حين أسرد حكاية أبي مع جاره لأنثى المستقبل
(1) ملة رطب = وعاء به بلح
(2) البكشه = شنطة السفر البدائية
(3) محمل = السفينة
(4) صرمه (صرم) = صغار النخل
(5) خلال = البلح قبل بلوغه
(6) الملجه = فترة ما بعد عقد القران و قبل الزواج
الحلقة السادسة من سلسلة ابتسامات
اخوكم عايش